أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سنية الحسيني - هل تتراجع ألمانيا عن موقفها تجاه الحرب في أوكرانيا؟















المزيد.....

هل تتراجع ألمانيا عن موقفها تجاه الحرب في أوكرانيا؟


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 8105 - 2024 / 9 / 19 - 13:37
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، حث المستشار الألماني أولاف شولتز على تكثيف الجهود لإنهاء الحرب في أوكرانيا من خلال المفاوضات، فأكد على أنه "يتعين علينا مناقشة كيفية الخروج من حالة الحرب هذه بشكل أسرع". وأكد شولتز على اعتقاده بأن روسيا لا بد أن تكون حاضرة في مناقشات السلام المستقبلية، وقد أشار إلى ذلك أيضاً خلال لقائه بفولوديمير زيلينسكي الرئيس الأوكراني مطلع الشهر الجاري. إن هذه الدعوة بمشاركة روسيا في مناقشات السلام، والتي تأتي من أحد المانحين الرئيسيين للمساعدات العسكرية لأوكرانيا، تمثل تحولاً كبيراً عن توجهات قمم السلام السابقة، وآخرها تلك التي عقدت في سويسرا قبل أشهر، ولم يتم دعوة روسيا إليها. قبل يومين من مقابلة المستشار الألماني، أظهرت بيانات جديدة انحداراً أسوأ من المتوقع في الإنتاج الصناعي في بلاده، حيث سجل انخفاضاً بنسبة 2.4% على أساس شهري في تموز الماضي. فضعف الصناعة الألمانية يعني أن الاقتصاد الألماني يعاني من حالة ركود هذا العام. وتخلف هذه المشاكل الصناعية تأثيراً متتابعاً على مختلف أنحاء المنطقة، حيث سجلت الاقتصادات المعتمدة على ألمانيا أيضاً مثل المجر وجمهورية التشيك على سبيل المثال نتائج صناعية مخيبة للآمال أيضاً.

إن حرب روسيا وأوكرانيا لم تتسبب في ارتفاع أسعار الطاقة فقط، وتبعات ذلك اقتصادياً، وتأثير ذلك سلبياً على الإنتاج الصناعي، بل تفاقم ذلك بمنافسة الصين. فأثرت خطوة بكين لمواجهة ثورة الطاقة الخضراء في الاتحاد الأوروبي، حيث تعتبر نفسها قائدة في إنتاج المركبات الكهربائية الرخيصة ومكونات المركبات الكهربائية، على قطاع السيارات المهم والمركز في أوروبا الوسطى. إن العجز التجاري للاتحاد الأوروبي البالغ 8.8 مليار يورو مع الصين في المركبات الكهربائية وحدها يعرض الوظائف في أوروبا للخطر، حيث تقوم شركات تصنيع كبرى مثل فولكس فاغن الآن بإغلاق إنتاج المركبات الكهربائية في مصانعها الأوروبية. ويتوقع الخبراء فقدان آلاف الوظائف في الصناعة الألمانية وحدها. إن ذلك يجعل القادة الأوروبيين بمن فيهم شولتز في وضع سيئ، وليس لديهم الوقت للانتظار حتى يؤتي التخطيط الاستراتيجي الطويل الأجل ثماره.

وتحتاج ألمانيا كبلد صناعي مهم للطاقة من روسيا، بينما تحتاج روسيا إلى السوق والاستثمار الألماني، لذلك كانت ألمانيا من طلائع الدول التي شجعت الانفتاح الروسي الأوروبي. منذ تسعينيات القرن العشرين وحتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تقدمت العلاقات الألمانية الروسية بشكل مطرد، في ظل تقارب للعلاقات الروسية الغربية، في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي، وتوجه روسيا باتجاه الغرب، وقناعة الغرب باقترابها منه. فتبنت ألمانيا منذ عقد التسعينات مفهوم الشراكة من أجل التحديث، وعملت باعتبارها الشريك التجاري والاقتصادي الأكثر أهمية لروسيا في الاتحاد الأوروبي، كوسيط بين روسيا والغرب.

ودعمت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، التي شغلت منصبها ما بين عامي 2005 و2021، الشراكة الألمانية الروسية، وتعرضت بسبب ذلك لانتقادات أميركية. وخلال فترة ولايتها، خفضت ألمانيا إنفاقها العسكري إلى الحد الأدنى، ورفعت اعتمادها على الطاقة من الغاز الروسي إلى مستوى قياسي، فازداد استيراد الغاز الروسي من 36 في المائة في العام 2010 إلى 65 في المائة بحلول عام 2020. ورغم تأثر العلاقات بين ألمانيا وروسيا في أعقاب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في العام 2014، ودعوة برلين لفرض عقوبات اقتصادية على موسكو، لم تقطع ألمانيا شراكتها مع روسيا.

قامت ألمانيا ببيع العديد من مخازن الغاز، بما في ذلك واحدة من أكبر مخازن الغاز في أوروبا، إلى شركة الغاز الروسية جازبروم في العام 2015، ووافقت ميركل في ذلك العام على تشييد خط أنابيب للغاز نورد ستريم 2، الذي عارضته الولايات المتحدة، والذي يجعل أوروبا أكثر اعتمادًا على الغاز الروسي، من خلال مضاعفة كمية الغاز التي ينقلها خط أنابيب نورد ستريم 1. وأنشأت ألمانيا، إلى جانب فرنسا وروسيا وأوكرانيا، صيغة نورماندي للسعي إلى حل سلمي مع روسيا، إلا أن اتفاقيات مينسك التي أنتجتها صيغة نورماندي لم تنجح، فجاءت الحرب في العام 2022.

بعد اندلاع الحرب عام 2022, لم يتبن المستشار الألماني أولاف شولتز، الذي وصل للحكم في العام 2021 سياسة ميركل المستقلة عن الولايات المتحدة، وانخرط مع غالبية نظرائه الأوروبيين بفرض عقوبات على روسيا، فدفعت ألمانيا، بعد دخول الحرب عامها الثالث ثمناً باهظاً لها. ترتبط تلك النتائج بعاملين من المهم وضعهما في الاعتبار.

ارتبط تطور العلاقات الأوروبية الروسية منذ بداية تسعينيات القرن الماضي بالتزامات غربية، أميركية – أوروبية، لروسيا ضمن معادلة استراتيجية، تتعلق بعدم انضمام دول أوروبا الشرقية للكتلة الغربية، والتي كانت تتبع في الماضي للاتحاد السوفييتي. فقد يشكل انضمام تلك الدول إلى الكتلة الغربية، خصوصاً لجناحها العسكري الممثل بحلف الناتو، خطراً أمنياً مباشراً على الأمن القومي الروسي. ويزداد الأمر تعقيداً بالنسبة للأمن الروسي عندما يتعلق الأمر بدول أوروبا الشرقية التي تقع على الحدود مع روسيا، والتي تعرف بـ Buffer States)، ) مثل جورجيا وأوكرانيا، فشكلت محاولات انضمام دول مثل جورجيا وأكرانيا لحلف الناتو رد فعل روسي مختلفاً.

فخاضت روسيا حرباً مع جورجيا في العام 2008، الأمر الذي اعتبر رسالة من روسيا تعني استعدادها لخوض الحرب للدفاع عن مصالحها. وجاء ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في العام 2014، على خلفية وصول حكومة موالية للغرب في أوكرانيا، وتوقيعها على اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي. وفي الأسابيع التي سبقت الحرب المشتعلة حالياً، طالبت روسيا الولايات المتحدة وحلف الناتو بالتوقف عن توسيع التحالف، ونشر أسلحته بالقرب من حدودها وإزالة الأسلحة النووية الأميركية من أوروبا. وفي تحدٍ صريح لروسيا وبدعم أميركي صريح أيضاً، طورت أوكرانيا علاقاتها مع حلف الناتو في السنوات التي سبقت الحرب عام 2022، فأجرت تدريبات عسكرية دوريه مع التحالف، وأصبحت واحدة من بين الشركاء الستة الأقرب للحلف من الدول غير الأعضاء. ولم تخفِ كييف هدفها وسعيها للحصول على العضوية الكاملة في حلف الناتو، وهي التي لم تكن حتى أوائل العقد الجاري مستبعدة فقط من الانضمام للحلف، بل ومن الاتحاد الأوروبي أيضاً.

ويعود العامل الثاني للسياسة الخارجية الاستراتيجية الأميركية في العام 2021، أي قبل الحرب الروسية على أوكرانيا، والتي تركزت لمواجهة الصين وروسيا تحديداً، ووجهت دعوات إلى أوروبا للتعاون معها في ذلك. وتعود أسباب تلك السياسة لما حققه البلدان، وإن كان بنسب متفاوته من تطورات اقتصادية وعسكرية وسياسية ملحوظة. وقد حققت روسيا على وجه التحديد نتائج إيجابية على المستوى الاقتصادي والسياسي من خلال علاقتها المميزة مع أوروبا، والتي تسبب بالقلق لواشنطن.

ان ما تعاني منه أوروبا اليوم على أصعدة مختلفة، أهمها الاقتصادي، في ظل حرب أوروبية مستعرة ومستمرة، تجعلنا نطرح سؤالًا مهماً، إلى أي مدى يمكن يمكن لحلفاء الولايات المتحدة الثقة بالرؤية والاستراتيجية الأميركية؟ اليوم، تعاني أوروبا من تبعات حرب أرادتها وأشعلتها الولايات المتحدة، وتدفع أوروبا ثمناً لها. في الأمس، شنت الولايات المتحدة حرباً على العراق، قضت فيها على نظام صدام حسين، فأدى ذلك لتخلخل معادلة التوازن في المنطقة، لغير صالح حلفائها فيها. فالحسابات الأميركية لا تكون في العادة لصالح حلفائها، بل على العكس قد يدفع شركاؤها ثمن أفعالها، كما حصل في الشرق الأوسط سابقاً، وفي أوروبا حالاً. وقد يقدم ذلك معطىً مهماً لدول المنطقة لإعادة التفكير في طريقة اعتمادها على مخططات واستراتيجيات واشنطن خصوصاً تجاه سياسات دولة الاحتلال في المنطقة.



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المناظرة بين هاريس وترامب: دون الضربة القاضية
- حرب في الضفة أيضاً بأبعاد أخطر
- حرب حقيقية في الضفة: نتنياهو يستكمل حروبه
- محور صلاح الدين مفجر المفاوضات
- هاريس والانتخابات والعرب
- مفاوضات الخميس: هل تغيرت المعطيات؟
- في انتظار الرد
- من يكبح جماح إسرائيل؟
- العدل الدولية في رأي إستشاري تطيح بإسرائيل
- هل تتجه إسرائيل لاشعال حرب واسعة مع لبنان؟
- معطيات مهمة وواقع فلسطيني معقد
- التصعيد يلوح في الأفق …وصيف ساخن في المنطقة
- لم تنضج ملامح الصفقة بعد؟
- العدالة لفلسطين قادمة
- أميركا والفلسطينيون وأزمة مستعصية (2– 2)
- أميركا والفلسطينيون ومعضلة مستعصية
- هل تتحكم إسرائيل بالقرار السيادي الأميركي؟
- غزة في قلب الجامعات الأمريكية
- ملاحظات على هامش هجوم إيران الأخير
- هل أصبحت الحرب الاقليمية وشيكة؟


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي: 320 صاروخًا أطلقها حزب الله خلال عطلة -عيد ...
- حزب الله يستعيد قوته وإسرائيل أمام مواجهة ليست بالسهلة
- -حزب الله- يستهدف ثكنة وقاعدة وقوات إسرائيلية بالصواريخ
- تمزق عجلة طائرة تركية أثناء هبوطها في أنطاليا (فيديو)
- إيران مستعدة لإنشاء جسر جوي لإيصال المساعدات الإنسانية إلى ب ...
- تونس والمغرب.. مظاهرات غاضبة ومنددة بالصمت العربي والدولي تج ...
- القبض على رجل تركي يدعي أنه -المهدي المنتظر- ويؤسس طائفة
- 200 ألف فلسطيني يواجهون الموت في شمال غزة
- مكافحة الإرهاب الفرنسية تحقق مع أفغاني للاشتباه في تخطيطه له ...
- مسيرة حاشدة في روما دعما لفلسطين ولبنان (فيديو)


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سنية الحسيني - هل تتراجع ألمانيا عن موقفها تجاه الحرب في أوكرانيا؟