|
تأثير النظام الحاكم علي بناء أركان الدولة
ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك
(Majid Ahmad Alzamli)
الحوار المتمدن-العدد: 8094 - 2024 / 9 / 8 - 18:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الشعب ركنا أساسيا البد منه لقيام الدولة ، يقصد به مجموعة الأفراد الذين تتكون منه الدولة ، وهم الذين يقيمون على أرضها ويحملون جنسيتها و لا يشترط عددا معينا كحد أدنى من الأفراد لقيام الدولة. والدولة هي الإطار السياسي والتظيمي والمرجع الأعلى الذي يشرف على كافة أمور الحياة في المجتمع، وهي بذلك تتمتع بالسيادة التي تمثل الإرادة الحقيقية لها والشخصية المعنوية التي تحتويها. ولا يكفي وجود مجموعة مترابطة من الأفراد لقيام دولة معينة ، إذ لابد من وجود بقعة محددة من الأرض يستقرون عليها ويمارسون نشاطهم فوقها بشكل دائم حتى تتكون تلك الدولة ، وهذا ما يطلق عليه إقليم الدولة .والإقليم مصدر قوة الدولة ومنعتها ، بما تنتجه أرضه من زراعة ، وما يستخرج من باطنها من ثروات معدنية ومواد أولية ، وما يؤخذ من شواطئه وبحيراته وأنهاره من ثروات بحرية ومائية ومساحته اذا كانت صغيرة مثل قطر الكويت البحرين او مترامي الاطراف مثل روسيا الولايات المتحدة الاميركية فمساحة الاقليم يؤثر على قوة الدولة كما هو بالنسبة للدولتين الاخيرتين. طبيعة حق الدولة على إقليمها هو حق السيادة ، وهذه السيادة تتحد بنطاق الإقليم . ولوجود الدولة أن يتوافر الركن الثالث وهو وجود شعب يستقر على إقليم معين ، إذ يتعين علاوة على ذلك توافر ركن ثالث يتمثل في وجود هيئة حاكمة تمارس السلطة السياسية بحيث يخضع الأفراد لها. الدستور يسمو على سائر السلطات العامة في الدولة، ولا يجوز خرق أو انتهاك أحكامه، فالسلطة التنفيذية ملزمة بالتقييد به، والسلطة التشريعية بدورها مطلوب منها احترام مقتضيات الدستور عن طريق إعمال مبدأ تدرج القواعد القانونية، بألا تصدر تشريعات تخالف روح الأحكام الدستورية النافذة، وإلا اعتبرت تلك النصوص غير مشروعة، يترتب عن ذلك الحكم بعدم دستوريتها لمخالفتها سلطة التأسيس (أي الدستور) كوظيفة يتولاها القضاء الدستوري. يعتبر الدستور القانون الأسمى في الدولة و هو الذي يحوز على أعلى سلطة فيها، و لهذا وجب احترامه من طرف الجميع. والتشريع الدستوري تسمو قواعده على قواعد القانون العادي، وبناء على قاعدة تدرج القوانين فالتشريع العادي لا يمكنه أن يعدل أو يلغي مقتضيات تضمنها الدستور لسبب بسيط هو أن الدستور يتم إقراره عن طريق الإستفتاء. يعرف القانون بأنه كل تشريع يصدر عن البرلمان ، لأن كل تشريع هو بالضرورة قانون. إن التأكيد على هذه المبادئ الدستورية و القانونية الغاية منها محاولة تبيان التعارض القائم بين القواعد الدستورية و القواعد القانونية فيما يتصل بإعمال مبدأ الرقابة على دستورية القوانين من طرف المحاكم، فالدستور لم يقرر بأنه يحظر عليها فحص دستورية قانون معين عند الدفع بها من طرف أحد أطراف الدعوى المعروضة عليها. وكون الدستور هو الأساس لأي نشاط تقوم به الدولة والمصدر القانوني لكل السلطات أو جميعها، وهو أعلى من السلطة المكلفة بتطبيقه، وهو مرآة لتطور الأمة ومقياس حضارتها وضميرها في مرحلة راقية من تطورها، فيتحقق باحترامه والتقيد بأحكامه احترام الشخصية الإنسانية، لأن الإنسان هو محور كل الحقوق ولا تكون إلا له، وإن كانت مقيدة لمصلحة المجتمع. تُعد الدولة القانونية السمة الأساسية للمجتمعات المعاصرة، التي يتم فيها تنظيم العلاقات والروابط بين أفرادها الذين ارتضوا العيش المشترك بينهم في ظل نظام قانوني يجسد الحق والعدالة، ويهدف إلى تحقيق المصالح العامة والأهداف الجماعية والغايات المشتركة، وإذا كانت الدولة هي الإطار الذي يتحقق داخله المظهر السياسي لهذه المجتمعات، وهي مجتمعات سياسية بالدرجة الأولى، فإن القانون هو أداة هذه الدولة ووسيلتها لكفالة تحقيق المقاصد والأغراض العامة للمجتمع، لذلك يذهب الفقه إلى أن المجتمعات في الدول الحديثة على وجه الخصوص لا تقوم دون قانون، ومفهوم القانون الحقيقي أنه الحد الفاصل ما بين إطلاق السلطة ومتطلبات حقوق الإنسان، وغايته الرئيسية استقامة التعاطي بين السلطة والمجتمع. اختلفت الدول في تحديد أساليب الرقابة على دستورية القوانين رغم اجماعها جميعاً على أهمية الرقابة بما تكفل ضمان احترام الدستور والقوانين من قبل السلطات العمومية فهناك من أسندها إلى هيئة سياسية مستقلة تختلف تسميتها من دولة إلى أخرى، وهناك من أوكلها إلى الهيئات النيابية، وهناك من أوكلها إلى المحاكم. فالسمو الموضوعي للدستور هو نتيجة طبيعية لما يتضمنه من تنظيمٍ لمختلف السلطات في الدولة وتحديد اختصاصاتها وعلاقاتها مع بعضها بعضاً، أما سموه الشكلي فمستمد من صدوره عن هيئة تأسيسية تعد أعلى من أية هيئة يقيمها الدستور لأنها تمثل الإرادة الشعبية وتنطق باسم الأمة. لاشك إن الحقوق والحريات العامة تحتل قيمة اجتماعية رفيعة في النفوس باعتبارها أسمى القيم الإنسانية إن لم تكن اسماها على الإطلاق، فهي ترتبط بهم وجوداً وعدماً، فأصرت البشرية في أطوارها المختلفة على الإيمان والتمسك بها، كما إنها من مقومات الإنسان نفسه ولا يمكن أن تكون ترفاً، إذ لابد من صيانتها، فجميع الثورات والانتفاضات التي قامت بها الشعوب ضد تعسف السلطات الحاكمة، كان الهدف منها انتزاع هذه الحقوق والحريات ومن ثم فانه في النتيجة تم تسطيرها في نصوص دستورية وقانونية تكفل ممارستها وحمايتها. هناك نقص يشوب عملية البحث من أجل إيجاد إطار نظري محدد للتنمية السياسية، وذلك بسبب توجه الباحثين إلى خدمة مصالح حكومية وليس لأغراض علمية ومعرفية، لكن هذا لا يعني فشل عملية الدراسة لأن باحثي العالم الثالث قد تداركوا الخلل وبدأوا بدراسة هذا المجال من أجل ظهور مجتمعات جديدة في العالم الثالث معتمدة على طاقتها الخاصة وخصائصها المنفردة دون الرجوع إلى النظريات الغربية السياسية الخاصة بالديمقراطية. وترتكز التنمية السياسية على مجموعة من الأسس أهمها نشر ثقافة سياسية واعية مخطط لها من قبل الحكومة من خلال عملية التنشئة السياسية مع ضرورة مراعاة التقاليد السائدة عند بناء ثقافة جديدة لتحقيق المشاركة السياسية للجماهير. تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم، وبالتالي تحقيق الديمقراطية. عدم النظر إلى الدولة من زاوية المصالح الشخصية ومدى قدرة الأفراد على الاستفادة منها، من دون أن يقوم الفرد بتحمل مسؤولياته الكاملة اتجاه دولته. إطلاق الحريات بين جميع فئات المجتمع الواحد بعيدا عن الخوف والإرهاب الفكري، وتحقيق الاتصال بين الجماهير. وجود تعددية سياسية وفكرية ضمن الثوابت القائمة عليها، أي مجتمع من دون إدعاء طرف امتلاكه الحقيقة أو حماية المصلحة الوطنية على حساب طرف آخر. قيام أحزاب وطنية قوية، لديها القدرة على العمل في بيئة ملائمة ، ومشاركة المواطنين في صنع القرارات ديمقراطيا من خلال المؤسسات الدستورية. تفعيل دور المجتمع المدني بإنشاء مجموعة من المنظمات النقابية وحقوق الإنسان وغيرها. ولتحقيق التنمية السياسية يتطلب مراعاة الحريات الفردية والعامة، واحترام حقوق الإنسان والمحافظة عليها عن طريق سن قوانين تنظيمية عادلة على كل الأصعدة. وأن تكون هناك قنوات اتصال بين النظام أو النخبة الحاكمة والشعب لكي تكون الرسائل بينهما. وعملية بناء الإنسان عملية شاقة جداً وتتطلب العديد من الجهود، ولا يمكن الاستفادة القصوى من الطاقات البشرية في الوطن العربي، إلا من خلال بناء الإنسان عن طريق، التعليم وتطويره، وهذا يتضمن محاربة الأمية والقضاء عليها، وتطوير ملكات النقد والتعبير والإبداع، إضافة إلى ذلك يحتاج بناء الإنسان إلى رفع المستوى الصحي، توفير الغذاء الكامل، تأمين الوقاية والعلاج من الأمراض، أي بصورة إجمالية تأمين الحاجات الإنسانية الضرورية التي تحفظ كرامة الإنسان. إن المواطن حينما يكون مشاركاً في القرار، سواء من خلال الرأي أو مؤسسات المجتمع المدني كالمؤسسات التمثيلية أو السياسية، يتحمل تبعات القرار، أما حينما يُحرم من المشاركة ويعيش حالة فقر سياسي فإنه يعيش حالة غُرْبة قد يوفر بيئة ملائمة لخطفه من فئات قد تستثمره لتحقيق أجندتها الخاصة التي قد تكون ضد الصالح العام. لا شك أن الفقر سبب، والبطالة سبب آخر.إن مفهوم الأزمة السياسية يرتبط بالعلاقة بين المدخلات والمخرجات في إطار (النسق) أي النظام وتكون الأزمة عندما يحدث خلل في هذه العملية، وبمعنى آخر تحدث الأزمة إذا ما تغير بناء المطالب والمدخلات بشكل يفوق الموارد المتاحة أو بسرعة اكبر مما هو متوقع ولا تستطيع مؤسسات التمويل مواجهته أو التكيف معه. وكذلك غياب الديمقراطية كأسلوب عمل وقيمة سياسية عليا تضع محددات على القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتعمل على إرساء الحكم الديمقراطي، وتشرك الأغلبية البرلمانية في تداول السلطة، وتفتح قنوات للحوار والتفاوض وتبادل الرأي باتجاهين بين النخبة الحاكمة والشعب وبالعكس، وتمنع الانغلاق السياسي على اسر محددة في تولي المناصب العامة في مؤسسات الدولة، وكذلك رفض الدولة القبول بتمثيل الشرائح الاجتماعية والثقافية والسياسية والتعامل معها وإشراكها في عملية صنع القرار وعدم الانفراد به. وتحقيق السيادة إنما يتأتى من مدى قدرة السلطات كافة على حماية الأرض وسلامة الحدود وتأمين مستلزمات الحياة الحرة الكريمة لأبناء الشعب. ومجتمعات دول العالم تتميز ببعض الخصائص؛ حيث التطور الداخلي فيها لم يجرِ بشكل طبيعي نتيجة السيطرة الاستعمارية؛ كما أن هناك عناصر متداخلة ومتناقضة ومتجاورة مع عناصر أخرى؛ ووجود أشكال وأنماط متنوعة للإنتاج والطبقات والشرائح الاجتماعية؛ مع تعدد القيم وتناقضها وتداخلها؛ وتعدد الايديولوجيات وعدم وضوحها وتحددها؛ وعدم استقرار البناء الاجتماعي والسياسي؛ والنزعة العسكرية والسلطوية القمعية؛ ووجود مظاهر الانشقاق وتعدد التناقضات والخلافات في البناء الاجتماعي. في ظل حالة عدم الاستقرار في الأوضاع السياسية التي أدت إلى تشوهات في المؤشرات الاقتصادية الأهمية النسبية للإنفاق على المتطلبات العسكرية والأمنية، وتبوؤ الأنشطة الاستهلاكية والخدمية مراتب متقدمة في مجال الإنفاق الاستثماري الخاص، فضلا عن العوامل الخارجية التي أخذت بالعمل على تغييب الهوية الوطنية واستبدال ثقافات غربية بالوعي القومي, سيأخذ هذا التراجع الذي تشهده البلدان العربية بالاستمرار مع الزمن, وسيقود إلى فقدان السيادة على مستوي الدولة، وتراجع مؤشرات التنمية. تداخل مفهوم التنمية السياسية مع مفاهيم أخرى كالتحديث السياسي والتغير السياسي، فالأول يعني عملية تجديد تمكن النظم السياسية من مسايرة التغير الاجتماعي والاقتصادي السريع من خلال تبنيها لثقافة سياسية ذات طابع عقلاني ونابعة من بيئة غير محليّة أي خارجية كالدول الغربية، أما الثاني وهو "التغير السياسي" يعني الإنتقال البطيء من التوازن الموجود، وهذا التحول يحدث في كل أجهزة الدولة السياسية والذي يصاحبه تغيرات اجتماعية مماثلة في مؤسسات المجتمع والثقافة السائدة، أما التنمية السياسية، فهي عملية مقصودة وتعد خروج عن التوازن الموجود في كل المجالات وتنطلق من فكر جديد تتميز بالعقلانية في التخطيط وهدفها الوصول إلى أفضل مستوى على المدى البعيد. وبالتالي فالتنمية تتضمن وتحتوي على التحديث لأنها شاملة. الولاءات والانتماءات القبلية هي التي تجعل النسق السياسي في الوطن العربي نسقًا انقساميًا، وإن كانت هذه الانقسامية تقوى وتضعف أمام قوة الانتماء الفكري والسياسي أو ضعفه، ووجود عصبيات أقوى وأكثر فاعلية من عصبية قربى الدم. أن الأنظمة السياسية العربية في أغلبها إما قائمة على أساس الحزب الواحد، أو العائلة الواحدة، او أبناء جهة واحدة. ومن هؤلاء وهؤلاء تتكون الأجهزة القيادية والرئاسية. وعلى رأس هذه الأجهزة مجموعة من الأشخاص يرتبطون بتلك الانظمة السياسية بصلات قربى كثيرة. وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية تزايد الاهتمام بدراسة أوضاع الدول حديثة الاستقلال، حيث كانت تعيش في حالة من التخلف . واعتبر علماء الاجتماع والسياسة الغربيين أن المجتمع الصناعي في الدول الغربية المتقدمة يشكل نموذجا يحتذى به .وتم النظر إلى عملية التحديث على أنها عملية انتقال نحو الأنماط والنظم الاجتماعية والسياسية التي تطورت في أمريكا وأوروبا الغربية، ثم انتقلت إلى بقية القارات . حيث أن عملية التحديث تطال في تأثيرها مختلف جوانب المجتمع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. والتحديث في علم اجتماع التنمية يعني حسب اغلب المنظرين لهذا العلم نقل للنموذج الغربي ,واعتبار الديمقراطية بمفهومها الواسع، خاصية رئيسية للمجتمع الحديث في المجال السياسي. أن التنمية السياسية من المواضيع الحديثة التي إستنبطها العلم السياسي في أعقاب الحرب العالمية الثانية؛ ودخل في الإستخدام الأكاديمي - إذا جاز التعبير - وخاصة في مراكز الأبحاث والدراسات السياسية التطبيقية، حيث وظف مفهوم التنمية السياسية من قبل الجامعات الاوروبية والامريكية تحت شعارات التطوير والتحديث السياسي وتم إجراء العديد من الدراسات بهذا القصد تحت إطار المشاريع التنموية والتحديثية، من أجل إستمرار تحقيق مصالحهم الإقتصادية والإستراتيجية ودفع الأنظمة السياسية للإقتراب الشكلي من النموذج الغربي؛ لأنه على حد زعمهم يشكل النموذج الذي يحتذى به في العالم، والقائم أصلا على الديمقراطية والليبرالية السياسية القائمة على التعددية السياسية، وحرية الفكر وإنتقال السلطة عبر صناديق الإقتراع ونظام البرلمان . إن التنمية الإقتصادية والإجتماعية هي في الغالب عملية غير متوازنة. فبعض المناطق وبعض الطبقات الإجتماعية والجماعات الأثنية أو الدينية/ أو المذهبية تكون مهيّأة أكثر من غيرها لاستثمار العملية التنموية والإفادة منها، وهي بالتالي أكثر إلحاحاً على المشاركة السياسية، إمّا لكونها قد سبقت غيرها في ميدان التعليم والنمو الإقتصادي والخدمات الإجتماعية فتكونت لديها الحاجة واما عندها التطلّع وتهيأت لاستثمار الفرص المتاحة أمامها نحو المشاركة السياسية، وإما بسبب عكسي تماماً، أي أنها قد تكون أكثر حرماناً وأكثر التصاقاً بهويّاتها الخاصة (مناطقية أو قبلية أو طائفية) وتجد في موضوعة التنمية السياسية مخرجاً لها من وضعها الثانوي، ومعاملتها الدونيّة، وهي بالتالي تصرّ في المطالبة من أجل رفع مستواها الى مستوى الجماعات والمناطق الأ وفي المجال السياسي أيضا هناك من يرى أن عملية التحديث السياسي هي التحولات والتغييرات السياسية التي حدثت في أوروبا وبقية أنحاء العالم منذ النهضة الأوروبية. وهذه التغييرات يشار لها كخصائص لعملية التحديث السياسي، وتشمل: تحقيق مزيد من المساواة وإعطاء فرص للمشاركة في صنع السياسة، وقدرة النظام السياسي على صياغة وتنفيذ السياسات، والتنوع والتخصص في الوظائف السياسية، وعلمانية العملية السياسية وفصلها عن الدين. تم معالجة ودراسة التنمية السياسية من الدارسين الغربيين في بدايات الاهتمام بالموضوع على أنها عملية نقل للنموذج الغربي في بناء المؤسسات والأنظمة السياسية، والتخلص من الانظمة والقيم التقليدية التي تعيق تطور المجتمع بشكل عام. وكانت النظرة إلى التنمية التي حدثت في الغرب، على أنها عملية ذات صفة عالمية يصلح تطبيقها أو نقلها إلى كل دول العالم الثالث. وكان التركيز والاهتمام في دراسات التنمية السياسية الأولى منصب أكثر على التعرف على الخصائص التي تميز المجتمعات المتقدمة وتطورها عن الخصائص التي تميز المجتمعات المتخلفة. كما جرى التركيز على المراحل التي تمر بها المجتمعات نحو التطور، والقوى والعوامل التي تعجل من عملية التنمية . كما اعتبرت عملية التنمية والتحديث بأنها تمر بمراحل متعاقبة باتجاه واحد صاعد، وأن كل المجتمعات البشرية لا بد أن تسير في هذا الاتجاه الذي مرت به الدول الغربية. رغم الصعوبات التي واجهت الباحثين في مجال التنمية السياسية في تحديد مفهوم محدد وواضح، إلا أنهم حاولوا وضع بعض التعاريف التي قد تؤدي إلى تقريب الرؤى حول هذا المفهوم. وآليات التنمية السياسية هناك مجموعة من الآليات التي لابد من توفرها لضمان نجاح عملية التنمية في مجتمع معين وخاصة في دول العالم الثالث ومن أهمها, المعايير الاجتماعية عن طريق مختلف مؤسسات المجتمع، بما يساعده على التفاعل معه. ومنه فإن التنشئة السياسية تهتم بشخصية الفرد وتطويرها وصياغتها وفق نموذج معياري مسبق لتعميق القيم والتوجهات السياسية الشائعة المستقرة في المجتمع، كما تسعى إلى تنمية مدركات الفرد وتعزيز قدراته السياسية بحيث يستطيع التعبير عن ذاته من خلال سلوكات ينتهجها في الحياة السياسية خاصة إذا كان النظام السياسي غير عقلاني وغير رشيد ومنه إمكانية خلق مجتمع مدني منظم قادر على القيام بدوره الفعال. ألانظمة السياسية التي تتمتع بنوع كاف من الاستقرار السياسي، هي تلك الأنظمة التي تمكنت من بناء آليات ومؤسسات تتيح أكبر قدر ممكن من الحراك الاجتماعي وتداول القوة الاقتصادية والسياسية بين أفراد المجتمع، لذلك فإن الديمقراطية التي ينادي بها أي نظام سياسي لا تقاس من خلال عدد الأحزاب التي أجيز لها أن تمارس العمل السياسي، وإنما من خلال التداول السلمي والفعلي للسلطة بين الجميع، وعبر الطبقات الاجتماعية المختلفة، مما يترتب على ذلك من آثار على المستوى الواقعي بحيث تتاح المشاركة الشعبية، وتكافؤ الفرص لكافة إفراد المجتمع دون تمييز. وإذا كان ينظر الى التنمية بمفهومها العام على أنها عملية شاملة ذات مضامين اقتصادية واجتماعية وسياسية، أي انها عملية لا تقبل التجزئة ، وأن أي تحوّل في أحدها يقود دون مناص الى تحوّل وتغيير في البقية، وهذا ما استقرّ على تعريفه معظم الباحثين.. لكن التنمية السياسية كنشاط يقوم به المواطن العادي من أجل التأثير في صناعة القرار الحكومي، ظلت الغائب الأكبر لدى صانع القرار، ولدى الباحثين والكتاب، الأمر الذي أدى الى التشكيك في حتمية (شمولية) التنمية، بالنسبة لبعض الدول، خاصة الريعية منها، أي تلك الدول التي تعتمد على مصادر دخل غير (الضرائب) وتقوم بصرفها على التنمية. وتباين السياسات الاقتصادية في دول العالم الثالث صاحبه اختلاف في البناء المؤسسي الاقتصادي لهذه الدول، إعادة تقسيم المجتمع إلى طبقتين,أغنياء وفقراء، ويتلازم مع ظاهرة الفقر والتي تعد تحديا جديا أمام الدول العربية إعادة تقسيم المجتمع إلى طبقتين، أغنياء وفقراء، مع تلاشي الطبقة الوسطي التي كانت عماد المجتمع الغربي في مسار تطوره الاقتصادي ويتلازم مع ظاهرة الفقر ظاهرة البطالة. والتي تعد تحديا جديا أمام الدول العربية بشكل عام. وقد شهد الربع الأخير من القرن المنصرم اتجاهات لتفكك الدولة القومية وإعادة دمجها بالاقتصادات الرأسمالية، إلا أنه يصعب الاندماج من دون إزالة وتغييب الهوية القومية ومكوناتها. وقد بدأت هذه التحولات من منطلقات اقتصادية، وفقا لتوجهات برامج المؤسسات الدولية البنك والصندوق الدوليان إلاأنها واجهت صعوبة لاختلاف أنماطها السوقية والبني الاقتصادية للنظام الدولي الجديد. فاستقرار الدولة والمجتمع الوطني رهن برسوخ مؤسسات ذلك المجتمع وخصوصا الاقتصادي منها , وثقافة هذا المجتمع الحديثة في الحياة الوطنية , و رسوخ لمؤسساته في ظل أنظمة سياسية لا تملك اقتصادا قويا ومتوسعا يشعر فيه الأفراد بالطمأنينة والأمن والاستقرار , فلا تساورهم المخاوف والشكوك من قدرة حكوماتهم على تحقيق أمالهم وتطلعاتهم المستقبلية , وخصوصا من الناحية الاقتصادية.
#ماجد_احمد_الزاملي (هاشتاغ)
Majid_Ahmad_Alzamli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما يكون هناك عدم يقين بين الحكومة والمواطن ينتشر الفساد
-
الولايات المتحدة الاميركية وسلاح العقوبات الاقتصادية
-
وظائف السلطة التشريعية
-
سيادة الدولة على أقليمها والمشكلات التي تواجه النظام السياسي
...
-
النظام الفردي عاجز عن نقل الصلاحيات الإدارية والسياسية بسلاس
...
-
حماية المال العام وايرادات الدولة من التعرض غير المشروع
-
التعددية القطبية لعالم مستقر أقتصادياً و عسكرياً
-
التكامل المعرفي والاجتماعي وأثره على التنمية البشرية
-
الإستثمار الخارجي في الاقتصاد الوطني
-
سياسات العراق في تعزيز الاقتصاد
-
النظام الإقليمي العربي يمتلك من الإمكانيات المادية والبشرية
...
-
الذكرى السادسة والستين لثورة 14 تموز
-
السيادة الوطنية بعد التحولات الدولية
-
وحدات الأمن الداخلي لتحقيق الاستقرار الأمني
-
ألإنتخابات النزيهة مشاركة سياسية شعبية تمنع التجاوز على حقوق
...
-
العوامل الاقتصادية ومؤسسات الدولة تلعبان أدواراً هامة في تصن
...
-
الاقتصاد العالمي بعد إنهيار جدار برلين واستيلاء الرأسمالية و
...
-
تفعيل الأجهزة القضائية المختصة بقضايا المال العام والأجهزة ا
...
-
الجهد الإستخباري لضبط المجرمين
-
تحقيق المساواة امام القانون يتطلب قانون أساس
المزيد.....
-
إخلاء نحو 200 راكب من طائرة بوينغ اشتعلت النار فيها على مدرج
...
-
عاجل: قتيلة وعدة إصابات في عملية إطلاق نار ببئر السبع
-
إقبال متفاوت في انتخابات ينافس فيها سعيد اثنين أحدهما بالسجن
...
-
السفير التركي يقارن الجيش المصري بالجيش التركي
-
الدفاع الروسية حول تطورات محور كورسك: تحييد 200 جندي أوكراني
...
-
فيتسو يكشف سبب استمرار النزاع الأوكراني
-
وزير خارجية رواندا: الكونغو رفضت توقيع اتفاق لإنهاء صراع حرك
...
-
البن الأوغندي.. شهرة عابرة للحدود ومذاق يكتسب شهرة عالمية
-
-لن أذهب إلى كانوسا-.. تبون يستبعد زيارة فرنسا
-
من واينستين إلى -ديدي- الجرائم الجنسية تهز قطاع الترفيه مجدد
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|