|
تعددت الأنواع و الزواج لم يعد زواج
رشا أرنست
(Rasha Ernest)
الحوار المتمدن-العدد: 1772 - 2006 / 12 / 22 - 11:49
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
بعصر التكنولوجيا الحديثة و الانترنت المفتوح على العالم من كل الاتجاهات ، أضحت حياتنا تتحرك هي أيضاً بالكليك مثل جهاز الكمبيوتر الذي نتحكم فيه بكليك يمين و كليك شمال عن طريق هذه الفأرة الصغيرة أو الماوس كما نقول عنها بالانجليزية كل شيء في حياتنا صغار و كبار أصبحت كليك يمين و كليك شمال ، حتى أهم المواقف و القرارات بحياتنا أصبحت هكذا ، وصلنا كبشر لمرحلة الاستخدام ، فلم يقتصر الاستخدام و الاستغلال على كل ما هو مادي و مستهلك بل أيضاً تحولنا نحن أيضاً كبشر إلى مواد مستهلكة كنوع أيضاً من التمدن الحديث . و الأكبر من ذلك إننا نكاد نكون من ارخص المواد و لسنا أغلاها . هذا ما اكتشفه كل يوم و أنا أقرأ و أتابع كل ما هو جديد في نشرات الأخبار و الجرائد و على صفحات الانترنت . تفاجأت كثيراً عندما قرأت عن نسب الطلاق في العالم العربي فلقد كشفت دراسة أعدها مركز الأمير سلمان الاجتماعي بالرياض أن نسب الطلاق بلغت 34% في البحرين و40% في مصر و38% في قطر و46% في الإمارات في عام 2003، كما توضح إحصاءات صدرت عن إدارة التوثيقات الشرعية بوزارة العدل الكويتية أن نسبة الطلاق في الكويت بلغت 40% خلال النصف الأول من العام نفسه ، أما في السعودية فقد أورد موقع (محامو المملكة) أنه يتم طلاق 33 امرأة يومياً ، و بدول الخليج تتراوح النسبة ما بين 30% إلى 38% . لقد تحولت المرأة في زمن العولمة إلى سلعة مستهلكة بنسبة تفوق استهلاك سلع أخرى ، ربما يوما ستكون استهلاكها اكبر من استهلاك القهوة أو ربما ستفوق مقدار استهلاك الأوراق التي نكتب عليها مقالاتنا . و الأكثر من ذلك أن نسب الزواج الغير شرعي بأنواعه تُعادل و تفوق نسب الطلاق . فالزواج الذي نعرفه بين رجل و امرأة تعاهدوا فيما بينهما أمام الله و الناس بأن يكونوا أسرة واحدة على السراء و الضراء لم تعد هي نموذج للحياة الطبيعية و الأسرة السوية الآن . فهذا الزواج و الذي نعرفه بالزواج الشرعي هو أول زواج بحياة الرجل العربي ، و بعد ذلك يبدأ بتجربة كافة أنواع الزواج الأخرى . فهو يتزوج بفتاة يعرفها نسباً و أصلاً و تكون هي الشرعية و الظاهرة أمام الجميع و من بعدها يُتيح لنفسه زيجات أخرى لمتعته الخاصة و هي بالطبع لن تفرق كثيراً معه من ستكون هذه الزوجة و كأن الله خلق بنات ناس يتزوجهن في العلن و خلق بنات شوارع يتزوجهن في الخفاء . و كثيراً من هؤلاء الذين يتزوجون بأكثر من واحدة غالباً ما لا يكتفون بمثنى و ثلاث و رباع كما جاء بالقرآن الكريم و إنما الزواج بالنسبة لهم عملية تبادلية مرحلية ، فما المانع أن يكون هناك خماس و سداس طالما انه يوجد الحل و هو الطلاق . لقد تعدت التكنولوجيا الحديثة مجرد تقدم عقولنا و اختراعاتنا الكثيفة كل يوم ، لقد وصلت التكنولوجيا إلى داخل الإنسان ، جعلته يعرف كيف يبحث عن متعته و كيف يجدها بأقل التكاليف و في أقصر وقت ممكن ، فأصبح كفأرة الكمبيوتر كليك يمين يتزوج و كليك شمال يُطلق و المسألة لا تستحق العناء . و بالفعل أصبح الزواج الحديث بأنواعه و الطلاق أيضاً هما مشكلة متضخمة في مجتمعنا العربي ، و خاصة بعد أن تعددت الأنواع و الطرق . و أصبح كل شيء مُباح و الفتاوى هنا و هناك . و لم يعد الشاب الآن ملزم بأن يكون اتمم دراسته أو حصل على مؤهل أو وظيفة و بدأ في تكوين بيت حتى يتزوج ، يكفيه أن تُشاور يديه على أي فتاة ، حتى يحصل عليها و بدون تكلفة أو وجع دماغ بتفاصيل الحب و تكوين أسرة و زفاف و غيره من العادات البالية التي ذهبت مع القيم و أصبحت موضة قديمة . فهو يختار أي فتاة و النوع الذي يليق عليها من أنواع الزواج و يناسبه هو أيضاً . فمن الرجال ما يناسبه الزواج العرفي و يأتي الزواج العرفي على قائمة أنواع الزواج الحديث حيث انه الأكثر انتشاراً بين شباب الجامعات ، الذين علموا قبل أن ينهوا دراساتهم أن السبيل للزواج الشرعي المعترف به من الصعب تحقيقه في القريب العاجل في ظل ظروف البطالة التي تفشت في اغلب الدول . و المعروف أن القانون لا يحفظ للفتاة في هذا الزواج و لا في أي زواج آخر غير الشرعي أي حقوق . هذا غير الآثار النفسية التي يتركها هذا الزواج في نفس الفتاة ، بالإضافة للمشكلات الاجتماعية و القضائية التي تتعرض لها نتيجة لزواجها بشاب زواج عرفي غير معترف به . و للزواج أنواع أخرى منها زواج المتعة ( متعة التجربة ) و هذا النوع له فروع كثيرة فمنه زواج المتعة من اجل الإنجاب ، زواج المتعة من اجل النفقة المادية ، زواج المتعة بين السيد و الخادمة ، زواج المتعة من اجل الاختلاط ، و أخيراً زواج المتعة للمتعة غير الجنسية . هذه الزيجات جميعاً تندرج تحت مسمى زواج المتعة . و دون أن نخوض في تفاصيل و شرح لكل هذه الأنواع ، لابد أن نعرف أن هذا الزواج هو أيضاً غير شرعي و من مسمياته العديدة ندرك أن هذا النوع هو إهدار جزئي و كلي لكرامة البشر سواء للرجل أو المرأة ، فالإنسان الذي يصل لمرحلة استخدام إنسان آخر لمتعه محددة الزمن هكذا لم يعد إنسان طبيعي مهما اختلفت المبررات . مع العلم أن زواج المتعة هو نوع قديم من أيام الجاهلية حتى مجيء الإسلام الذي حرمه و لكنه أباحه تحت الضرورة و لا نعلم ما هي هذه الضرورة ! كما انتشر أيضاً في الآونة الأخيرة و خاصة في دول الخليج ما يسمى " بزواج المِسيار" و هو أن يتزوج رجل امرأة مطلقة أو أرملة - في الغالب - على أن يأتيها مرة أو أكثر في الشهر، وغالباً ما تكون في منطقة بعيدة عن سكنه الأصلي، ويكون ذلك برغبة منها فتتنازل عن حقها في العدل بينها وبين زوجته الأولى و هناك أيضا نوع آخر و هو الزواج بنية الطلاق وهو انتشر في هذا الزمن بين الشباب المسلم وخاصة من هاجروا للعمل خارج بلادهم ، و هو أن يضمر في نيته طلاق من يرغب زواجها بعد انتهاء دراسته أو عمله . و هناك أيضاً زواج الفريند نسبة إلى العلاقة المتعارف عليها في الغرب و ما تسمى " boy friend – girl friend " فأصبح هناك زواج الفريند و يستند إلى جوانب و أركان الزواج الشرعي من حيث المأذون و الشاهدين و صيغة العقد و المهر المتراضي عليه و الاختلاف انه لا يشترط وجود منزل للزوج . و هذا الزواج فتوى أطلقها الشيخ " عبد المجيد الزنداني " و قد حلله أيضاً شيخ الأزهر " محمد سيد طنطاوي " و أشار انه زواج حلال و صحيح و من حق المرأة التنازل عن حقها في السكن و النفقة برغبتها . نأتي لأخر نوع و هو الزواج السري و الذي بدأ ينتشر في السنوات الأخيرة و عرف في البداية باسم الزواج العرفي ثم وجد الشباب أن الورقة التي يكتبونها في الزواج العرفي تسبب لهم بعض المشاكل مع وجود شهود . فقرروا أن يغيروا قليلاً فأصبح الزواج بورقة أو تسجيل صوتي لهما دون وجود شاهد واحد . و هنا اختفت كل معالم الزواج المتعارف عليه و أصبح سرٌ بين اثنين إذا غاب إحداهما و غالباً ما يكون الغائب هو الرجل أصبح الطرف الثاني في حكم الزاني . و هذا الزواج غير مكتمل الأركان جميعاً فهو بالتالي غير شرعي و مُحرم ، هذا ما أصدرته إدارة الفتوة بالأزهر الشريف و عدد من كبار علماء الدين . المشكلة الحقيقية لا تكمن في مدى شرعية هذا الزواج أو عدم شرعيته ، فالجميع يعلم جيداً ما هو حلال و ما هو حرام بغض النظر عن تشككهم كل يوم بالفتاوى الجديدة التي تطل علينا عبر الفضائيات من قلة من الشيوخ . فالمشكلة الحقيقية هي تلاشي قيمة الإنسان في نظر نفسه و في نظر الآخر . أصبحنا نختار نوع الزواج كما نختار نوع الطعام من القائمة في أي مطعم . تحولت أذواقنا و مشاعرنا إلى أجهزة تعمل و تنطفئ و تستجيب للمتعة عندما يأتي ميعاد المتعة ليس إلا . أين ذهبت القيم و الرحمة و المودة بين البشر ، وصلنا لطريق أوله من سيستغل الآخر أولاً ، و آخره من سيخرج خاسراً بأقل الخسائر من هذا الزواج الذي أصبح لعبة بطرق مختلفة .
#رشا_أرنست (هاشتاغ)
Rasha_Ernest#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشحاذ بين الماضي و الحاضر
-
وقت بلا عنوان
-
دعوة للحبّ
-
الصعيد ضحية إعلامنا المستنير
-
إعاقات متنوعة
-
أطفال يحملون الأثقال
المزيد.....
-
المرأة التي ترعى 98 طفلا من ذوي الإعاقة
-
“رابط فعال” خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت 2025
...
-
سحر دليجاني المعارضة الإيرانية: الحرب على إيران ليست دفاعًا
...
-
أهم تدخلات وزارة شؤون المرأة خلال العام الأول لتولي حكومة د
...
-
النساء لا يتملّكن.. مصريات محرومات من حيازة الأراضي الزراعية
...
-
فارسين أغابكيان.. أول امرأة تقود الدبلوماسية الفلسطينية
-
دراسة: تدمير آثار الملكة حتشبسوت لم يكن بسبب كونها امرأة
-
الناشطتان الإيرانيتان نرجس محمدي وشيرين عبادي تطالبان بوقف ف
...
-
بليز ميتروويلي أول امرأة تقود جهاز الاستخبارات الخارجية البر
...
-
جلسة نقاش عن حلقة بنلف في دواير من بودكاست راقات
المزيد.....
-
الجندر والجنسانية - جوديث بتلر
/ حسين القطان
-
بول ريكور: الجنس والمقدّس
/ فتحي المسكيني
-
المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم
/ رشيد جرموني
-
الحب والزواج..
/ ايما جولدمان
-
جدلية الجنس - (الفصل الأوّل)
/ شولاميث فايرستون
-
حول الاجهاض
/ منصور حكمت
-
حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية
/ صفاء طميش
-
ملوك الدعارة
/ إدريس ولد القابلة
-
الجنس الحضاري
/ المنصور جعفر
المزيد.....
|