|
إعاقات متنوعة
رشا أرنست
(Rasha Ernest)
الحوار المتمدن-العدد: 1768 - 2006 / 12 / 18 - 09:50
المحور:
حقوق الانسان
منذ أكثر من ستة سنوات تعرضت لحادث قطار نتج عنه جلوسي على كرسي متحرك مدى الحياة . و يومها لم اشعر بأسى أو حزن و لو لحظة واحدة لما حدث لي ، و رغم أن كل آلامي و طموحاتي تبدلت على الفور إلا أن ثقتي بوجود الله معي في كل لحظة ، فهو لم يُعطيني الفرصة للبكاء على الأطلال . و دائماً كان السلام و الأمل يملأ قلبي الصغير و استطعت أن احلم من جديد و رغم انه حتى الآن معظم أحلامي لا استطيع أن أحققها - ذلك ليس لضعفي - إلا إنني مازلت قادرة على أن احلم . أحداث غريبة أمر بها كل يوم و مفاجآت و الغريب فيما يمر بي من أحداث أنني اقبل ما أنا عليه برضا تام و أكيف نفسي حسب قدراتـــي و إمكانياتي و هذه بالتأكيد نعمة خاصة من الله و لكن للأسف بعضاً ممن حولي لا يستطيعــون ذلك و كأنه من المفروض أن اغضب و أتمرد و أعلن اعتراضي على ما يحدث لي . منذ الحادثة التي تعرضت لها و أنا في التاسعة عشر من عمري و أنا لا اكف عن التفكير في مَن هم في مثل ظروفي . و ما يدهشنـــي أننا نحن ذوي الاحتياجات الخاصة محذوفين من قائمة القادرين على فعل أي شيء . حتى إذا استطعنا أن نفعل كل شيء . كل ما يتردد عن حقوق الإنسان ليست سوى شعارات نملأ بها الجزء الفارغ في صُحفنا و مجلاتنا كما نملأ بها الجزء المتبقي من وقتنا للكلام عنها . و من يقول غير ذلك يخدع نفسه قبل أن يخدعنا . فأنا واحدة ممن أجلستهم الدنيا على مقعد مدى الحياة . أقول لكم أن الكرسي الذي اجلس عليه يتحرك باستمرار و عقول من حولي ساكنة لا تتقدم خطوة واحدة ، فبالرغم من أننا في القرن الواحد و العشرين إلا أن هنـــــــــاك مَن مازالوا لا يعرفون الكثير و أولها كيف يقبلون الآخر و خاصة من به إعاقة خارجية ظاهرة ، و لا يدرون إنهم بذلك يملكون بداخلهم إعاقة خفية . و للأسف هذه أعاقة اخطر بكثير من الإعاقة الخارجية لأن مَن به إعاقة ظاهرة ليس مضطراً أن يخفيها طوال الوقت خوفاً أن تنكشف كما يفعل مَن به إعاقة خفية في داخله . حتى الآن و رغم كل الإعلان العام و الخاص بشأن ذوي الاحتياجات الخاصة و احترامهم و دمجهم مع الآخرين و معاملتهم معاملة الأسوياء . إلا أن أغلبية البشر يطلقون علينا أسم مُعاقين . حتى النخبة المثقفة منهم ، لن أقول الجميع فهناك بعضا و هم قلة قليلة يتمتعون ببصيرة تجعلهم يعرفون و يدركون معنى كلمة معاق . فمعنى " ذوى الاحتياجات الخاصة " المقصود منها أن هؤلاء الأشخاص يحتاجون لاحتياجات تزيد قليلاً عن احتياج الآخرين و لن أقول أسوياء لأن ذوى الاحتياجات الخاصة أيضاً أسوياء فيما عدا الذين تكون احتياجاتهم ذهنية ، فهؤلاء يقل ذكائهم بحيث لا يستطيعون الإدراك . أما المقصود بكلمة مُعاق هو الشخص الغير قادر على الحب ، الغير قادر على العطاء أو التضحية ، المعاق هو من يعشق الحرب و يكره السلام ، هو مَن لا يرى غير نفسه و هذه الاحتياجات لا يستطيع احد غيره مساعدته في انجازها دون أن يرغب هو . فذوى الاحتياجات الخاصة احتياجاتهم معروفة و محددة يستطيع أي شخص مساعدتهم بها و لكن المعاق كيف نساعده أن يحب و هو لا يرغب في يحب ، كيف نساعده أن يُعطي و هو لا يرغب في العطاء . فمفهوم المعاق مجهول بأغلب العقول . تدور بذهني عاصفة تساؤلات كثيرة جدا ، أحاول أن أجد لها رد و لكن دائماً الجواب مفقود و من هذه الأسئلة : كيف أكون معاق و أنا أفكر ؟ كيف أكون معاق و أنا أحب ؟ و أنا أتحرك و أتابع و أصغى ؟ كيف أكون معاق و أنا ابتكر و أبدع ؟ كيف أكون معاق و أنا استطيع محاورتك ؟ و أنا استطيع أن اعمل ما تعمله و أتفوق عليك ؟ كثيراً ما قدمت أعمال مع مجموعة أصدقاء لي و لكن رؤية الناس لي تثيرهم أكثر مما يثيرهم ما اعمله و أقدمه . فالكل ينتبه إنني افعل و لكن لا ينتبهون لما افعله و لا يدركون قيمته . مازال هناك مسافة كبيرة بين ما نراه بعيوننا و ما نراه بعقولنا أو قلوبنا . أحلامي كبيرة و مداها طويل ، منها أن استطيع تغيير مفهوم الإعاقة لدى الناس ، أن اجعلهم يعرفون الفرق بين من لديه احتياجات شخصية أكثر قليلا من غيره و من هو معاق في داخله . يا ليتنا نفتح عقولنـا و قلوبنـا لا عيوننــا حتى نعرف أنفسنا و الآخرين و وقتها نستطيع أن نواجه كل شيء متأكدين أن كل إعاقة لها ما يُعوضها لأن الله قــــادر على كل شيء . و لأنه أعطانا هذه القدرة على عمل أي شيء . – مصر
#رشا_أرنست (هاشتاغ)
Rasha_Ernest#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أطفال يحملون الأثقال
المزيد.....
-
-أكسيوس-: الولايات المتحدة ستصدر قريبا تدابير جديدة تخص طالب
...
-
رايتس ووتش: إسرائيل تستهزئ بأوامر العدل الدولية بإغلاقها معا
...
-
-شهادات مرعبة- ودعوات لوقف الحرب.. عشرات آلاف النازحين يفرون
...
-
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات في الضفة
-
ما الذي يعيق عودة اللاجئين السوريين من لبنان لبلدهم؟
-
رائد فضاء في مهمة لفتح الفضاء أمام ذوي الاحتياجات الخاصة
-
أكسيوس: تدابير جديدة تخص طالبي اللجوء في أميركا تصدر قريبا
-
انعكاسات الأحداث الجارية على الوضع الإنساني في غزة؟
-
مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يبعث رسائل لمسؤولين أمميين حو
...
-
اقتحام رام الله والبيرة واعتقال 3 فلسطينيين بالخليل وبيت أمر
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|