أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان رشيد محمد الهلالي - لماذا يحب الناس الاموال ؟؟














المزيد.....

لماذا يحب الناس الاموال ؟؟


سلمان رشيد محمد الهلالي

الحوار المتمدن-العدد: 8063 - 2024 / 8 / 8 - 02:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قد يجد البعض هذا السؤال ساذجا ومبسطا , فكيف لايحب الناس الاموال , وهى تقضي حوائجهم وتحدد مكانتهم الاجتماعية بين الاهل والاقارب والاصدقاء والمجتمع , وتجعلهم يعيشون بعز وسعادة ويسر ودون اذلال العوز والفقر والحرمان والمرض , ويمارسون الترفيه والسياحة , واقتناء الضروريات من المأكل والملبس والمنزل , والكماليات من السيارات والسفريات والدراسات , والشعور بالامان من طوارق الزمان والامراض , وتحقيق الامنيات الاجتماعية والتعليمية والتجارية , وتوفير الضمانة الاقتصادية لاولادنا وعوائلنا واهلنا , وتأمين مستقبلهم وحياتهم .
وبالطبع هناك الفرد (المتوازن) في حبه للمال بشكل يجعله لايفقد الثوابت من القيم والعادات والسلوك والاخلاق والعائلة وغيرها , وهناك (المهووس) بحب المال الذي يجعله يفقد تلك القيم والثوابت , حتى يصبح عنده هاجسا مرضيا يصل لدرجة البخل والفساد. وكما قال احدهم (هناك العديد من الناس من يحبون المال بإفراط ، إلى درجة الهوس . لا يتصورون الحياة بدون مال ، ولا السعادة بدون مال ، ولا الصداقة بدون مال ، ولا رضى الوالدين بدون مال ، ولا مواطنة بدون مال. ويقصد بالمال، (الثروة) وليس القدر القليل الذي تلبى به الحاجة اليومية . فمن له مليار يريد ملياران ، ومن له عشرة مليارات يريد أربعين مليار وهكذا..)
فالاموال اليوم هى سمة العصر الحديث , وهدف الانسان المعاصر . بل انها مسعى الدول ومشروعها الاساسي , والدول التي عندها اموال هى الدول المتقدمة والقوية , والعكس , فالدول التي ليس عندها اموال , هى الدول المتخلفة والضعيفة . فسبق ان اكد ماركس (ان المال اصبح دين الرأسمالية والعصر الحديث) بعد ان كان سابقا (دين اليهودي فقط) . حتى اصبح الهوس بالمال هو سمة الرجل العصري , واصبح الاقتناء ليس للحاجات والكماليات فحسب وانما للذات .
في الواقع ان هذا الجواب الذي ذكرناه عن سبب حب الناس للمال هو الجواب العقلي او الواعي , وليس الجواب النفسي المقصود بالسؤال . اي ان تلك الاجوبة يعرضها اليك الانسان بوعي عندما تسأله عن سبب حبه للمال , فيما ان المقصود بالسؤال هو الجانب النفسي , اي عن سبب حب الانسان للمال لذاته , وليس لقضاء حوائجه . بمعنى ان محبتنا للمال تتخذ جانبين :
الاول : هو اننا نحب الاموال لانها (وسيلة) لقضاء الحوائج - كما ذكرنا سابقا .
الثاني : اننا نحب الاموال (لذاتها) وليس لانها تقضي الحوائج . وهذا المقصود بالسؤال الذي لم نجد له سببا عقلانيا او موضوعيا .
ونستطيع ادراج عشرات الامثلة عن حب الانسان للمال لذاته منها مثلا : لماذا الرجل الذي يصل لاواخر ايام العمر , او الذي قارب التسعين عاما , وتنهشه الامراض والضعف والهوان , لماذا يفرح فرحا جما عندما يحصل على الاموال , ويحزن حزنا مريرا عندما يفقدها , او عندما يجد اولاده مبذرين ومسرفين , ويحرص اشد الحرص على البخل والاقتناء والتقتير , رغم انه يمكن ان يعيش بتلك الاموال اكثر من مائة عام اخرى , حتى قيل (كل الرذائل تشيخ , الا البخل يبقى شابا) .
بل اننا نفرح اشد الفرح عندما نحصل على اموالنا من الافراد الذين اقرضناهم سابقا , رغم انها اموالنا بالاصل !!!! . فيما اسرى لي احدهم بانه يفرح فرحا كبيرا عندما تاتيه اشارة الراتب , رغم انه يملك المليارات والعقارات والمحلات وغيرها . ولايعرف السبب !! وقد يفسر البعض ذلك بان هؤلاء من (الجوعية) الذين لايشبعون , او انهم عاشوا الفقر والعوز والحرمان , وبالتالي تكون سلوكياتهم اقرب للهوس والبخل بالاموال . ونحن في الوقت الذي لاننكر الفروق الفردية بالنظرة للاموال والهوس بها , وتأثير الجانب النفسي والعائلي في التعامل معها , الا ان موضوعنا مختلف تماما , ويتناول حالة عامة تشمل جميع الناس - او الاغلبية المطلقة منهم - وهو لماذا نحب الاموال لذاتها ؟ اي في لحظة اقتنائها وحصولها , وليس بمقدار ماتوفره لنا من حاجات كما ذكرنا .
اي ان محبة البشرية للاموال مرت بثلاث مراحل :
الاولى : تحب الاموال لفائدتها المتحققة . وهى المرحلة التي يعيش فيها الانسان الفقر والعوز , وبالتالي يحب الاموال لانها تقضي حوائجه , وتخلصه من ذلك الحرمان .
الثانية : تحب الاموال لفائدتها وذاتها . وهى المرحلة التالية التي يجمع فيها الانسان بين الاكتفاء وقضاء الحوائج ونهاية العوز والحرمان , وبين الفائض منه والادخار واقتناء الكماليات .
الثالثة : تحب الاموال لذاتها فقط . وهى المرحلة التي يتجاوز فيها الانسان تلك المرحلتين , من حيث قضاء جميع الحوائج والكماليات والادخار والفائض الى مرحلة اقتناء المال للمال . وليس من اجل السببين الاول والثاني , اذ قد تصل كمية تلك الاموال عند الانسان الى درجة انها تكفي ليس لحياته وحياة اولاده فحسب , بل واحفاد احفاده .
في الواقع لا اجد تفسيرا لهذه الاشكالية الا نظرية الانساق او النسق . فسبق ان ذكرت في دراستي في موقع الحوار المتمدن (نحو تفسير جديد للشخصية والمجتمع العراقي – نظرية الانساق العراقية) ان الفرد العراقي تحركه الانساق التي تراكمت عبر التاريخ , وان الهوس بالمال هو احدى تجليات تلك الانساق , اي ان محبتنا للاموال اصبحت نسقا مستقلا بذاته . فبعد ان كان محبتنا للاموال قد تبلورت على مدى قرون طويلة بسبب قضائها لحاجاتنا الضرورية اولا والكمالية ثانيا وتأمين مستقبل اولادنا ثالثا , اصبح الامر بعد ذلك (نسقا مستقلا) , اي منفصلا عن سببه الاول بحسب نظرية الانساق . فنظرية الانساق تؤكد ان هناك سلوك اجتماعي معين , او فكرة اجتماعية او نفسية او ثقافية معينة تنتشر في المجتمع لسبب معين , ومع مرور الزمن والتكرار المستمر , تستقل تلك الفكرة بذاتها وعن سببها الاول , وتصبح نسقا قائما ومستقلا لذاته . اي تستقل من سببها الواعي الى خانة اللاوعي ومن الشعور الى اللاشعور , وهو الامر الذي جعل محبتنا للمال لذاته تكون لاشعوريه , فبعد ان كانت بسبب فائدته المتحققة والمتحصلة , اصبحت مع مرور الزمن لاشعوريه ونسقا مستقلا بذاته .



#سلمان_رشيد_محمد_الهلالي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفرق بين المذهبية والطائفية
- رؤية عبد الكريم سروش في نزول القرأن
- حول تقييم العهدين الملكي والجمهوري في العراق
- كتاب (شيعة العراق بعد 2003 الرؤى والمسارات)
- موقف المثقفين العلمانيين العراقيين من ثورة تموز 1958
- انت ايها العلماني العراقي .. انت (فولتير) في المكان الخطأ
- محمد شرارة ومساراته السياسية والفكرية في العراق حتى عام 1958
- حسين مروة ونشاطه السياسي والثقافي في العراق (1908 - 1949)
- الماركسيون المستقلون في العراق 1945 - 1958
- استلاب الشجاعة عند العراقيين
- الفرق المبسط بين الحكومة والدولة والمجتمع
- حكم الترويكا الانتقالي (نظام سياسي جديد بين الديمقراطية والد ...
- نظرية النسق العراقي (نظرية جديدة في تفسير الشخصية والمجتمع ا ...
- كيف يتكون الرأي العام في العراق ؟؟
- ساطع الحصري ودوره في تاسيس منهج التلقين في المدارس العراقية ...
- لماذا تحول علي الوردي الى المذهب الزيدي ؟؟
- الايرانيون ودورهم في انبعاث الهوية الشيعية في العراق خلال ال ...
- الطقوس الحسينية والهوية الشيعية في العراق (اسباب الطوفان الك ...
- استلاب الحرية عند العراقيين .... هل ان كل علماني عراقي هو حر ...
- الدولة في العراق المعاصر (التأسيس – الفشل – التداعيات - الحل ...


المزيد.....




- أفعى برأسين تزحف في اتجاهين متعاكسين.. شاهد لمن الغلبة
- بعد توقيع اتفاق المعادن مع كييف.. ماذا قال نائب ترامب عن نها ...
- تساقط الثلوج يسجل رقما قياسيا في موسكو خلال شهر مايو
- دبي.. منصة -تلغرام- تنظم عرضا مميزا للطائرات المسيرة
- قبرص.. انهيار هيكل معدني ضخم خلال مهرجان للطيران
- مسيرات روسية تستهدف موقعا أوكرانيا في مقاطعة خاركوف
- فولغوغراد.. سائق سكوتر يتعرض لحادث مروع
- أول رحلة ركاب روسية لمطار سوخوم الأبخازي بعد عقود من التوقف ...
- الرئاسة السورية تعلق على القصف الإسرائيلي لمحيط القصر الرئاس ...
- هجوم على قافلة أسطول الحرية في مالطا قبل توجهها إلى غزة واته ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان رشيد محمد الهلالي - لماذا يحب الناس الاموال ؟؟