ديار الهرمزي
الحوار المتمدن-العدد: 8058 - 2024 / 8 / 3 - 08:09
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
إمبراطورية تارتاريا العظمى، هي موضوع يثير الكثير من الجدل والنقاش بين الباحثين والهواة على حد سواء.
تارتاري كان مصطلحًا شاملاً مستخدمًا في الأدب ورسم الخرائط في أوروبا الغربية لجزء كبير من آسيا يحدها بحر قزوين وجبال الأورال والمحيط الهادئ والحدود الشمالية للصين والهند وبلاد فارس
.تعود التسمية الفعلية لتوبونيم الى الفترة ما بين القرن الثالث عشر والقرن التاسع عشر. في المصادر الأوروبية أصبح Tartary الاسم الأكثر شيوعًا لآسيا الوسطى التي لا علاقة لها بالأنظمة السياسية الحقيقية أو المجموعات العرقية في المنطقة حتى القرن التاسع عشر ظلت المعرفة الأوروبية بالمنطقة نادرة للغاية ومجزأة.
يتكون جزء كبير من هذه المنطقة من سهول قاحلة، كان السكان الرحل الرئيسيون فيها يعملون في الماضي في تربية الحيوانات .
في الوقت الحاضر ، تغطي منطقة تارتاري منطقة تمتد من وسط أفغانستان إلى شمال كازاخستان ، وكذلك مناطق في منغوليا الحالية والصين والشرق الأقصى الروسي.
يمكن تقسيم المعلومات المتاحة عنها إلى قسمين: التاريخ التقليدي والأساطير والنظريات غير التقليدية.
التاريخ التقليدي:
التتار: التتار هو مصطلح استخدمه الأوروبيون في العصور الوسطى للإشارة إلى الشعوب التركية والمغولية التي اجتاحت أجزاء كبيرة من أوروبا وآسيا في القرن الثالث عشر بقيادة جنكيز خان وخلفائه.
إمبراطورية المغول: الإمبراطورية المغولية، التي أسسها جنكيز خان، كانت واحدة من أكبر الإمبراطوريات في التاريخ وامتدت من شرق آسيا إلى شرق أوروبا. وتشمل هذه الإمبراطورية أجزاء من سيبيريا الحالية.
الروسيا القيصرية: في العصور الحديثة، سيطرت روسيا القيصرية على أجزاء كبيرة من آسيا الوسطى وسيبيريا، ودمجت هذه المناطق ضمن إمبراطوريتها.
النظريات غير التقليدية والأساطير:
تارتاريا العظمى: ظهرت بعض النظريات على الإنترنت ومصادر غير تقليدية تزعم وجود إمبراطورية ضخمة ومتقدمة تُسمى تارتاريا العظمى.
تقول هذه النظريات أن تارتاريا كانت تمتلك تكنولوجيا متقدمة وأن القوى الغربية والروسية تآمرت لإخفاء وجودها.
الخرائط التاريخية: يشير المؤيدون لهذه النظريات إلى خرائط قديمة تُظهر منطقة تُدعى تارتاريا كدليل على وجود هذه الإمبراطورية. ولكن المؤرخين يوضحون أن هذه الخرائط كانت تُستخدم أحيانًا بشكل غير دقيق للإشارة إلى مناطق غير معروفة في شمال ووسط آسيا.
سرقة واختفاء: تزعم بعض النظريات أن المباني والاختراعات التي كانت تُنسب لتارتاريا قد سُرقت وأُخفيت من قبل القوى الغربية والروسية، ولكن لا يوجد دليل علمي أو تاريخي موثوق يدعم هذه الادعاءات.
.كانت المعرفة حيال منشوريا وسيبيريا وآسيا الوسطى في اوربا قبل القرن الثامن عشر محدودة.
كانت المنطقة تدعى باسم تارتاري وسكانها بـالتاتار.
ازدادت المعرفة حيال جغرافيا المنطقة؛ بدأ الاوربين في تقسيم تاتاري الى أقسام ذات بادئات تشير الى اسم السلطة الحاكمة او على وفق الموقع الجغرافي.
هكذا، سيبيريا كانت تارتاري العظمة او تاتاري الروسية، وخانية القرم كانت تاتاري الصغيرة، ومنشوريا كانت تاتاري الصينية، وكان غرب آسيا الوسطى (قبل أن تصبح آسيا الوسطى الروسية) تُعرف باسم تاتاري المستقلة.
وبحلول القرن السابع عشر، وتحت تأثير الكتابات التبشيرية المسيحية الكاثوليكية إلى حد كبير، أصبحت كلمة تارتار تشير إلى المانشو والأراضي التي حكموها أشير اليها باسم تاتاري.
قد كانت الاراء الاوربية حيال المنطقة كانت غالباً سلبية، والتي تأثرت بإرث الغزوات المغولية التي نشأت في هذه المنطقة.
وقد نشأ هذا المصطلح في أعقاب الدمار واسع النطاق الذي نشرته الإمبراطورية المغولية.
وكانت إضافة حرف r الإضافي الى Tatar توحي بالكلمة "Tartarus" والذي هو عالم يشبه الجحيم في الأساطير اليونانية.
وفي خلال فترة القرن الثامن عشر، ارتبطت الافكار والمفاهيم المتعلقة بسيبيريا أو تارتاري وسكانها على أنهم همجيون.
والذي أشير اليهم بهذا المصطلح من قبل كتاب عصر التنوير بالمفاهيم المعاصرة للّحضارة والوحشية والعنصرية.
من الآراء الإيجابية أُعربت من طرف الاوروبين.
فقد رأى البعض أن تارتاري مصدر محتمل للمعرفة الروحية التي يفتقر إليها المجتمع الاوربي المعاصر.
في خلال خمس سنوات من الثيوصوفية، حرره الثيوصوفي والباحث G.R.S. ميد، العالم الموسوعي والعراف إمانول سفيدنبوري إقتبس كحصوله على النصيحة: بحث عن الكلمة المفقودة بين الهيرفنت التارتاري والصين والتبت.
المصادر التاريخية الموثوقة....
بما في ذلك أفكار تتعلق بالماضي المَخفي. وتُرجح مثل هذه النظريات الى كون تارتاري حضارة منقرضة ذات تكنولوجيا وثقافة متقدمة. كما وتوجد غيرها من النظريات التي تتجاهل بشكل واضح التاريخ الموثق لآسيا.
هذه المراجع والمصادر حول موضوع تارتاريا. سأحاول توضيح النقاط المستفادة منها:
1. Connell, Charles W. 2016: يناقش هذا العمل كيف أن الأساطير أثرت على وجهات النظر الغربية حول أصل التتار في النصف الثاني من القرن الثالث عشر.
هذا يشير إلى أن الكثير من الأفكار حول التتار كانت مبنية على أساطير أكثر من الحقائق التاريخية.
2. Elliott 2000: يمكن أن يكون هذا العمل قد تناول جوانب تاريخية أو أنثروبولوجية متعلقة بالتتار أو الشعوب الآسيوية في ذلك الوقت.
3. Vermeulen 2018: ربما يشمل هذا العمل دراسة حول السياقات التاريخية أو الإثنوغرافية المتعلقة بتلك المنطقة أو الشعوب.
4. Sela 2016: قد يكون هذا العمل تناول مواضيع متعلقة بتاريخ التتار أو الشعوب التركية والمغولية في سياق أوسع.
5. Dong 2020: يشير هذا المرجع إلى دراسات حديثة حول الشعوب الآسيوية وتأثيرها التاريخي، والذي قد يشمل التتار أو غيرهم.
6. Wolff 2006: قد يكون هذا المرجع تناول جوانب محددة من تاريخ التتار أو المغول وتأثيرهم على العالم في ذلك الوقت.
7. Mead, G.R.S. (2004): يمكن أن يكون هذا الكتاب قد تناول الموضوعات المتعلقة بالتأثيرات الروحية أو الفلسفية للشعوب الآسيوية.
8. Bloomberg.com (2021): تتناول هذه المقالة كيف أصبحت نظرية تارتاريا ما يشبه حركة QAnon في مجال العمارة، مما يشير إلى أن هذه النظرية تم تبنيها من قبل بعض المجموعات التي تؤمن بنظريات المؤامرة.
9. Skeptoid (2021): يناقش هذا المقال فكرة تارتاريا وفيضان الطين وكيف أصبحت هذه النظريات شائعة بين مجموعات المؤمنين بنظريات المؤامرة.
من خلال هذه المراجع، يمكن استخلاص أن تارتاريا هي موضوع مثير للجدل، يتراوح بين الأبحاث التاريخية التي تحاول فهم أصول التتار وتأثيرهم، وبين النظريات الحديثة التي تروج لفكرة تارتاريا كإمبراطورية مخفية ذات تقنيات متقدمة تم إخفاؤها من قبل قوى معاصرة.
النظريات الحديثة غالباً ما تندرج تحت فئة نظريات المؤامرة، وليس لديها دعم علمي أو تاريخي مؤكد.
#ديار_الهرمزي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟