أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد الزريبي - وداعا جوليا هل سيوقع الفيلم بداية جديدة للسينما السودانية في المهرجانات السينمائية العالمية ؟















المزيد.....

وداعا جوليا هل سيوقع الفيلم بداية جديدة للسينما السودانية في المهرجانات السينمائية العالمية ؟


سعاد الزريبي

الحوار المتمدن-العدد: 8036 - 2024 / 7 / 12 - 21:36
المحور: الادب والفن
    


وداعا جوليا فيلم مؤشر لبداية السينما السودانية

شهدت السينما العالمية في آخر الخمس سنوات الماضية بروز صورة سينمائية جديدة لبلد لم يعرف عنه العالم سوى حروبه ونزاعاته السياسية والاجتماعية. هي صورة جديدة مغايرة يمتزج فيها الواقعي بالخيال ،الفني بالاجتماعي ومأساوية الواقع بجمالية الفن وسحر السينما إنها السودان بلد لم يكن وقع ذكره على مسامع جمهور السينما العالمي ذو حظ كبير ككل أشكال السينما الافريقية إلى حدود ثلاثية سينمائية أشرت لبداية جديدة للسينما السودانية بصور مغايرة لواقع متأزم : ستموت في العشرين 2019 you will die at 20 للمخرج السوداني أمجد أبو العلا، حديث الأشجار Talking About Trees لصهيب البارى 2019 وداعا جوليا Goodbye Juliaلمحمد كردفاني 2023 .
لفيلم ستموت في العشرين لأمجد أبو العلا ،وهو فيلم من بطولة مصطفى شحاته و إسلام مبارك، خصوصية مميزة بالنسبة للسينما السودانية الجديدة لأنه الفيلم الروائي الطويل الأول منذ 20 سنة من إنقطاع الإنتاج السينمائي السوداني عرض فيلم أمجد أبو العلا ستموت في العشرين للجمهور العالمي في الدورة 76 لمهرجان البندقية السينمائي الدولي وحاز جائزة المهرجان "أسد المستقبل" لأفضل عمل أول وعرض في مهرجان الجونة السينمائي وحصل على جائزة نجمة الجونة الذهبية لمسابقة الأفلام الطويلة وحصل على جائزة التانيت الذهبي في مهرجان أيام قرطاج السينمائية 2019 وأشر أمجد أبو العلا كمخرج ومنتج لبداية جديدة للسينما السودانية. أما الفيلم الثاني فهو فيلم وثائقي للمخرج صهيب الباري يصور الفيلم جهود المخرجين إبراهيم شداد ،منار الحلو ،سليمان محمد ابراهيم والطيب مهدي من أجل بداية جديدة للسينما السودانية من خلال السعي الى إعادة فتح قاعة العرض وهو فيلم يسعى الى اعلان بداية جديدة للسينما السودانية وهو مواصلة لعمل بدأ فيه المخرج صهيب الباري سنة 2017 مع المخرجة الألمانية كاتارينا فون شرودر بعمل فيلم وثائقي عن تاريخ السينما في السودان بعنوان "أفلام السودان المنسية". عرض فيلم حديث الأشجار في مهرجان برلين وحاز الفيلم جائزتين من المهرجان وهما جائزة افضل فيلم وثائقي وجائزة اختيار الجمهور. أما الفيلم الثالث ،وداعا جوليا ،فهو الفيلم الذي لقي اهتماما كبيرا في الأوساط السينمائية العالمية ، حاز على جائزة الحرية في الدورة 67 لمهرجان كان وهو فيلم يأتينا من عمق السودان تدور أحداث الفيلم في فترة ما قبل انفصال جنوب السودان بقليل، حيث تسعى مغنية سابقة من سكان الشمال التخلص من الاحساس بالذنب بعد تسببها في وفاة رجل من الجنوب، عن طريق تعيين زوجته خادمة لها. الفيلم تحفة فنية تنشد السلام والحب ﺇﺧﺮاﺝ محمد كردفاني يشارك في بطولة الفيلم الممثلة المسرحية والمغنية إيمان يوسف وعارضة الأزياء وملكة جمال السودان السابقة سيران رياك. توج "وادعا جوليا" بأكثر من 20 جائزة عربية وعالمية منها بالخصوص الجائزة الكبرى لأفضل فيلم روائي طويل في الدورة الـ27 من مهرجان "سونوما" السينمائي الدولي في كاليفورنيا، وجائزة الحرية لمهرجان كان السينمائي 2023، إلى جانب جائزة أفضل فيلم أفريقي في جائزة سبتيموس الدولية بهولندا، وجائزة روجر إيبرت في مهرجان شيكاغو الدولي للسينما وجائزة السينما من أجل الإنسانية وجائزة أحسن فيلم في مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية في مصر وفي مهرجان بغداد السينمائي في العراق.

فتحت هذه الثلاثية ، ستموت في العشرين ،حديث الأشجار ،وداعا جوليا ،عيون جمهور السينما العالمي والمهرجانات السينمائية العالمية العريقة على خصوصية ثقافية وحضارية مغايرة وغير مستهلكة بصريا :السودان كبلد وثقافة كانت مغلقة على حدودها ومنغلقة على مشاكلها السياسية والاجتماعية. لكن هذا النجاح يقول محمد كردفاني نابع بالأساس من رغبة الجمهور العالمي في معرفة بلد كان يجمع بين الثقافة والهوية العربية والإسلامية والثقافية والهوية الافريقية والمسيحية، إن السودان هي منطقة مثيرة للإهتمام".
بدأ كردفاني عمله كمخرج سينمائي بفيلمه القصير ذهب ولم يعد وفيلم نيركوك ثم وداعا جوليا وهو أول فيلم طويل له . نشأت فكرة الفيلم بإنفصال الجنوب عن الشمال السوداني ومطالبة ب 99 بالمئة من سكان الجنوب الانفصال عن الشمال وهي نسبة صادمة كإجماع كلي لفكرة الانفصال يعتبرها محمد كردفاني نسبة يجب أن يعيد من خلالها الشمال التفكير في أسباب هذا الاجماع الكلي ورغبة سكان الجنوب الانفصال.
لقد شكل مفهوم العنصرية من الشمال تجاه سكان الجنوب و تعاطي الشمال مع موضوع انفصال الجنوب وانقسام السودان الى بلدين وإمكانية تفتت السودان أحد أهم المفاهيم التي شكلت صور فيلم وداعا جوليا . الفيلم يبرز الجوانب المتعددة للثقافة السودانية التي لم يسبق لها العرض على شاشة السينما من قبل .
نجح محمد كردفاني كمخرج لم يتبع تعليما أو تكوينا في الإخراج السينمائي وكمخرج شاب في التعبير عن واقع مجتمعه وتوظيف ذاكرته من أجل ابداع فيلما سينمائيا يتجاوز كل أشكال الصراع من أجل رسم رؤية فكرية مغايرة لبلد انهكته الصراعات والنزاعات . وداعا جوليا فيلم ضبطت صوره ضمن إيقاع مختلف عن أفلام الحروب والنزاعات ليحول الواقع الى اثر فني بعيد عن التوثيق المباشر للوقائع. لئن بدأ الفيلم بصورة صادمة "موت زوج جوليا" إلا أن محمد كردفاني يفاجئنا بقدرة هائلة في إمتصاص الغضب و تحرير الصورة السينمائية من التوتر الاجتماعي والسياسي ليحول الكاميرا الى مساحة أخرى إنها مساحة الإنساني أي ما يبقى عندما ينتهي كل شيء. إختار كردفاني تحويل وجهة فيلمه نحو مساحة المصالحة والرحمة والانسجام بين هويتين مختلفتين :الشمال والجنوب . بدأ فيلم كردفاني بتصوير عالمين وهويتين منفصلتين تعيشان في رقعة واحدة حيث تشكل بداية الفيلم تصويرا لتراتبية عالمين :عالم سلطوي ويتمتع برفاهة العيش وفي الجهة الموازية عالم فقير ومهمش يعيش تحت ضغط الفقر وسلطة المجتمع والهوية سكان الشمال. هما عالمين مختلفين من جهة الهوية ومن جهة الواقع لكن لم يكن كردفاني موضوعيا في تصويره للعالمين بل كان منزاحا الى جوليا وعالمها بكل تفاصيلها ولعل اختيار القدرة على الانجاب وعدمه هو النقطة الأساسية من أجل فهم موقف كردفاني من الهويتين بين هوية ولادة وهوية عقيمة: هوية محبة للسلام وهوية مليئة بمشاعر الآسى والشعور بالذنب وجلد الذات. يشكل الفيلم صراعا بين ثنائيتين :الأولى تعبر عنها شخصية جوليا والإبن والثنائية الثانية يعبر عنها شخصية منى وزوجها أكرم ولقد لعبت مهمة إختيار الممثلين دورا أساسيا في توظيف علامات دالة مشبعة بالمعاني والدلالات عن عالمين مختلفين منى وزوجها هما وجه هوية العرب المسلمين في شمال السودان وهي هوية منقسمة الى شعورين أساسيين :شعور بالذنب وجلد الذات وشعور بالرغبة في المحافظة على الهوية العربية الإسلامية والاحتكام الى السلطة من أجل الحفاظ على الأسرة بكل أشكال ووسائل الدفاع من رفض الغناء إلى إستعمال السلاح من أجل الدفاع عن النفس أما جوليا والابن فهما يعبران عن مشاعر الرحمة والتسامح الذي بدى واضحا في ملامح وجه جوليا البريء أما الابن فهو مواصلة لمكارم أخلاق والدته ووالده.
لكن لئن بدى هذا الانفصال عميقا ومغلفا في صور الفيلم فإن انسجام بدى واضحا في الفيلم حركات الرقص بين جوليا ومنى، الغناء منى في الكنيسة واختيار موفق للأزياء منسجم بين اللباس الافريقي واللباس العربي الإسلامي ، تتخلى منى على سيارتها في آخر الفيلم التي فصلت في بداية الفيلم عالم منى عن عالم جوليا وإعتذار أكرم ، انعدام التوتر في الحركة وفي اللقاءات بين الشخصيات وعوالمهم المختلفة حيث الفضاء مشحون بمسحة فنية ذكية وموفقة في اختيار الإضاءة والديكور سحبت عن زواياه كل تفاصيل الموت أو الصراع بل مثل المنزل أو الكنيسة فضاءا يحتوى الطرفين دون أن يخلق التقابل بينهما صداما أو اختلافا حادا. رغم الانتقادات التي واجهها الفيلم من إنزياح علني وواضح نحو سكان الجنوب والتي يمكن أن نعتبر أن هذا الفيلم هو شكل من الاعتذار لسكان الجنوب السوداني من رجل سوداني شمالي إلا أنه يمكننا أن نعتبر أن هذا الفيلم قد كسر أمرا أساسيا وهو التراتبية بين عالمين إجتماعيين وهويتين مختلفتين :الافريقية والعربية من أجل أن يعبر على إمكانية العيش المشترك في نوع من وئام ورفقة في الحياة من أجل بناء عالم إنساني أكثر إنسانية ورحمة . يقول محمد كردفاني "كل شيء يبدأ من خصوصيتي لقد نشأت محاطا بمجتمع محافظ للغاية ولم يكن لدي خيار آخر سوى اعتناق هذه الثقافة التقليدية ..ثقافة غارقة في العنصرية ..في هذا المجتمع ،نحن مجبرون على ان نعيش حياة مزدوجة ونكذب من أجل الوجود وهذا ما غذى شخصية منى"
ويقول محمد كردفاني في وصفه للفيلم "أنا لست سياسيّاً، لكنّ فيلمي "وداعاً جوليا" يتناول ويلات الحرب، التي اعتبرها "أمّ الابتلاءات"ويقول في تصريح آخر "عندما بدأت التجربة كنت أريد أن أغير المجتمع لكن أنا أكثر واحد تغير". هكذا هي السينما يجب أن تكون نداءا من أجل الدفاع عن الإنساني بيننا خارج كل اشكال الصراع الهووي. هاهنا يجب على الصورة أن تتكفل بسياسة مغايرة سياسية زرع إمكانية العيش المشترك بعيدا عن كل أشكال التطرف والعنصرية.



#سعاد_الزريبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السينما الافريقية بين حرية الابداع وضغوطات الدعم
- جماليات الألم في لوحات سيروان باران
- قصة النكبة
- كيف السبيل للتحرر من القمقم الرعوي؟ قراءة في كتاب صخب المؤنث ...


المزيد.....




- مصر.. وفاة الفنان بهاء الخطيب خلال مباراة والعثور على -تيك ت ...
- فيلم -درويش-.. سينما مصرية تغازل الماضي بصريا وتتعثّر دراميا ...
- شهدت سينما السيارات شعبية كبيرة خلال جائحة كورونا ولكن هل يز ...
- ثقافة الحوار واختلاف وجهات النظر
- جمعية البستان سلوان تنفذ مسابقة س/ج الثقافية الشبابية
- مهرجان الجونة 2025 يكشف عن قائمة أفلامه العالمية في برنامجه ...
- بيت المدى يحتفي بمئوية نزار سليم .. الرسام والقاص وأبرز روا ...
- الرواية الملوَّثة التي تسيطر على الغرب
- تركيا تعتمد برنامجا شاملا لتعليم اللغة التركية للطلاب الأجان ...
- مسرحية -طعم الجدران مالح-.. الألم السوري بين توثيق الحكايات ...


المزيد.....

- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد الزريبي - وداعا جوليا هل سيوقع الفيلم بداية جديدة للسينما السودانية في المهرجانات السينمائية العالمية ؟