أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصار يحيى - رواية الحي الشرقي / منصور منصور















المزيد.....

رواية الحي الشرقي / منصور منصور


نصار يحيى

الحوار المتمدن-العدد: 8001 - 2024 / 6 / 7 - 14:29
المحور: الادب والفن
    


يأخذنا العنوان للسؤال: أين هذا الحي الشرقي؟
مكان متخيل سردي، يعتمد لعبة الإيهام التخييلي وكأنه موجود فعلياً؟
لربما يعانق تلك الأحياء "الغيتوات" الشرقية، التي تشكلت بعد الهجرات المتتالية إلى أوروبا والغرب الأمريكي..منذ منتصف القرن الماضي، ولم تزل تهرب من سياط الموت والقهر والفقر..
مرة أخرى أين هو هذا الحي الشرقي؟
"يقع على تخوم العاصمة السويدية ستوكهولم".
تُفتح الصفحة الأولى على مصراعيها:
مشهد سينمائي يصف غرفة السجين (ماهر): متهم بالقتل..تنتقل "الكاميرا" لتصوير الغرفة بتفاصيلها: السقف والجدار أبيضان، مصل يعلق بيديه؛ يدرك أنه بالمشفى..نقلَ من غرفته في السجن "فيها طاولة، تلفزيون، كرسي.."
الطبيب النفسي الذي قابله بالمشفى، يُصغي لقصته، يقتنع بأنه بريء؛ القارئ لا يعرف لماذا هو متهم..
يقترح عليه الطبيب، طريقة لتفريغ الشحنات العدوانية: آلية دفاعية تساعده في عودة "أناه" الخاصة، بما يعني ذلك الدفاع عن برائته..
العلاج: "عليكَ أن تكتب..عن حياتكَ..ارمِ حملكَ الثقيل..".
لعبة الحبكة تنطلق من النهاية: "الفاجعة"، المأساة الخاصة به:
الاتهام بالقتل..
هنا تبدأ الكتابة تتدفق عبر السارد (ماهر). اقتنع بنصيحة الطبيب العلاجية؟
تفريغ الشحنات العدوانية، كما التداعي الحر الفرويدي، باستباطها التطهير الأرسطي، وبعض مدارس علم النفس القديمة..
سنكون أمام أوراق تصل الى أربع عشرة ورقة، كل واحدة تتكلم عن مرحلة عمرية من حياة السارد (ماهر) المنكوب على خفي الاغتراب..
بداهة سيلجأ للاسترجاع، طريقة سرد تأخذ طابع الزمن الخطي، تعاقب منطقي للسيرورة الزمنية، للشخصية الرئيسية (ماهر)، برفقة الأنا المتكلم، من خلالها نتعرف على المكان والشخصيات الاخرى كضمير غائب..
يصف الحي: "نظام العائلات هو المسيطر. سكانه من أصول مهاجرة: من دول أفريقية، آسيوية "عربية"، أفريقية، أمريكا اللاتينية، وقليل لابد منه، من أوروبا الشرقية.."
هنا لاتحتاج إلى اللغة السويدية لغة البلد الأم؛ كل جالية تتكلم بلغتها الأصلية..
كيف تتواصل مع بعضها؟
لطالما كانت هناك مفردات سويدية على قارعة "الهجرة"!!
يحصل بين هذه المكونات الصراع على "الزعامة"؛ لذلك من الطبيعي، أن السائد هنا جلب الأقارب، كنوع من الحماية؟
"نظام العائلات" هو المبتدى والمنتهى؛ يستريح القانون السويدي خارج الحي، عجز عن فرض سيطرته.
يلومه (ماهر) لماذا تخلى عن دوره..؟!
بهذه الحالة تصبح الهويات ذات طابع مغلق. تبحث عن مسوغات عدم اندماجها، بحجج المظلوميات من البلد المضيف..
(ماهر) يولد هنا أواخر ثمانينات القرن الماضي 1989.
(الحاج قاسم) كان محامياً في سوريا، يفهم من سياق هروبه: أنه من وسط الإخوان المسلمين..
وصلَ السويد مع اشتداد الصراع الدامي 1979-1982.
هو جد (ماهر) من جهة الأم..رجل الإفتاء الأوحد "لاشريك له"؟
في أوروبا يجب التركيز على "الحلال"، أينما توجهت الأنظار:
الأكل حلال واللبس حلال و "دخول الحمامات" حلال.."الله يزيد ويبارك"..
لكن الأهم من ذلك، أن دلالة "سلطة الحلال"، تتضمن تلويحاً وتصريحاً، تكفير الآخر باعتباره "الحرام"..هنا هو المجتمع السويدي ..
جده الآخر اسمه (فاضل)، مؤمن، يمارس الطقوس والعبادات، لديه عقلية "منفتحة". إنما تأثيره ضعيف "لاحول ولاقوة".
صاحب الذراع الضارب بالحي، عائلة أبو عاصي. قدمت السويد عام 1970. سيكون شريف هو لسان حالها في القوة والبطش. زعامة المخدرات وشبكات الدعارة..
كيف انتزعوا "السيطرة"؟
لم يكن هناك منافساً لعائلة (البوغورومي) -من أصول أمريكية لاتينية- على زعامة الحي الشرقي: كل شيء مباح ومتاح، مافيا تتحكم بالبشر ورقابها. يحصل أن أحدهم تحرش جنسياً -هذا من روتينهم- بزوجة أبي عاصم (والده لشريف)؟
جن جنون أبو عاصم، بعدما سمع من زوجته؛ السكوت يعني التمادي من قبل هؤلاء، سيمشي مطأطأ الرأس أمام زوجته وأولاده.
سترميه "امرأته" بأبسط الكلمات التي تقال عادة: أنت مانك رجال، واحد داس على شرفك، واسكتّتْ..ياللعار..!!
يحملُ "سكينه" في جيبه، بضعة أيام برفقة زوجته، لتتعرف عليه، وكان اللقاء:
زرع السكين بوجهه، نصلا شوكيا، يشبه الصبار في بلده الأصلي..الزعيم يدرك من يتحداه:
كانت معركةٌ راح ضحيتها، الكثير من القتلى والجرحى من الطرفين. إنما "الانتصار" من نصيب أبي عاصي؛ جلب المزيد من العائلة، هناك في بلدها تراودها الاحلام: أوروبا الحياة والنساء "فردوس"، لكن ليست "حوريات" المؤمنين والمؤمنات.
-هنا الحي الشرقي (السويد)..كأنك في أحد أحياء شيكاغو-
بعد "الانتصار"، عائلة شريف "تتمدد" وكان لابد من التغطية "الشرعية"، عبر فرض "السيطرة كحليف للحاج قاسم"..
الحاج قاسم، هو من أسس المركز الاسلامي، وبداخله صالتين للرجال والنساء؛ مسجدين منفصلين.
كانت السعودية من يمده بالمال "الحلال"!!
يقضُّ مضجعَ (الحاج قاسم) ليل نهار ومع الصلوات الخمس: لماذا لا نعمل، على فتح روضة وحضانة للأطفال المسلمين والمسلمات؟
تتلقف "الرسالة" دولة قطر: ترسل مبعوثها، محملا بالوصايا مع "شوية ريالات، تصل للملايين "؛ تحت عنوان تربية الأطفال على قيم الإسلام..
/ حالة من الحسد اللامرئية، يعلق شريف بهمسات لماهر: "قناة من ذهب فُتحتْ لجدكَ"
(ماهر) بوعيه المغترب، هويته المتطلعة إلى ما بعد (الحي الشرقي)، يعلق:
هناك إصرار لزرع "التقوقع"، عبر تأسيس ثقافة الكراهية للآخر.. يتذكر إحدى المحاضرات في المركز الإسلامي، عن الطابع القدسي للسلف الصالح "الخلفاء الراشدين".
ثم متابعة المحاضر: "بالكلام عن الفتوحات الاسلامية التي وصلت إلى أوروبا..
وحينما يسأله أحد التلاميذ للمحاضر: أليس عمل سيء أن نحتل أرض الغير؟
لا ليس سيئاً لأننا ننشر دين الله، الاسلام، لأنه دين الحق.."
/ إحدى مكونات اللاشعور الجمعي الإسلامي، بماهي حاملة للدين الحق، بداهة تتشكل الأنا الأعلى الاسلامي، على قاعدة أن الإسلام الوريث الوحيد للرسالة الالهية
لكي تصبح الأموال شرعية لكلا "صاحبي السيطرة"، كان لابد من تأسيس (شركة حلال العالمية لتجارة المواد الغذائية)؛ غسيل أموال عائلة شريف ، المتكدسة نتيجية تجارة المخدرات والدعارة..
في هذه البيئة "الآمنة" تتأسس الهوية للاباء والابناء والاحفاد..
يختلج الضياع بين ثقافتين لايمكن أن يلتقيان، بصيغة حدية من الضمائر: نحن. هم..مع التأكيد أننا "نحن" حماة الرسالة وأصحاب "الحق" أينما توجهنا؟!
ستوحي هذه الصيغة الثنائية لماهر، الشعور بعدم الانتماء الى وطن..
تبدأ "رحلة المعاناة"، البحث عن "الهوية": يضعونه في مدرسة خارج الحي؛ أهله طلبوا من الادارة أن لايطعموه من "أكلهم الحرام".إدارة المدرسة كما القانون السويدي، تحترم معتقدات وطقوس الآخرين..
ينتبه (ماهر) لهذا الشرط..يسأل: لماذا لا نأكل لحم الخنزير؟..
بدأت الاسئلة تطرح نفسها عليه، انتبه جده قاسم، أن (ماهر) يخرج عن "شرعة الحي وسلطته الصارمة"..
من جهة أخرى، هناك الآخر السويدي في مدرسته:
"في الصف الثالث الابتدائي، طلبت المعلمة من تلميذ جديد، أن يجلس إلى جانبي..رفضَ..سمعته يقول..: لن أجلس إلى جانب هذا المهاجر..أنتَ ذو الشعر الأسود..عدْ إلى بلدكَ.."
سيواجه الموقف الأصعب، مع (ميلتون) السويدي العنصري، حبيب (ماريا) السابق:
تعرفت عليه ماريا، وهي مراهقة، كانت بمعنى ما قريبة من تجمع معادي للمهاجرين، تيار نازي بهوية سويدية.
(ميلتون) كان متميزا بحضوره الفعال، متحمس، وصاحب "قضية" كما يزعم، لكن الأهم أنه "مفتول العضلات"؛ "جايب الذيب من ذيله"، نشيط وضريب "بكس"..
-ماهر الآن حبيب ماريا-
يلتقي بهما في مقهى؛ يتلصص عليها، يراقبها كما ظلها. الآن مع حبيب عربي: تلك "طامةٌ كبرى"، لا مفر من العقاب المضاعف..
هكذا سيكون حاله ميلتون..يقوم باستفزاز (ماهر) يشتمه: "عدْ إلى بلدكَ أيها الحقير.."
..ثم "يتعاركان"، يحاول (ماهر) الدفاع عن نفسه، وحبيبته التي تهان أمام ناظريه.
إنما أكثر عبارة جرحت صميمه. سؤال ميلتون لماريا:"..بسخرية هل يمارس الجنس بشكل جيد".
بعد "المشاجرة"، يذهبان (ماري، ماهر) لبيتها. يمارسان الجنس لاول مرة. ينتبه ماهر أنه أظهر براعته بفنون الجنس؟
(ماهر) يعلق: "أحسستُ أنني أدخل امتحان مع ذلك المارد ميلتون..".
/ يظهر "النسق الثقافي" للحي الشرقي: اظهرْ "فحولتكَ"، "امتطيها"في عقر دارها. انتقمْ لنفسكَ عبر هذا الجسد؟/
-كانت تلك الفاصلة عن (ماريا وماهر)، حالة من المفارقة الزمنية، تقصدت ورودها، نوع من الاستباق-
كانت السنة الأولى من الجامعة بداية "الخروج" عن الولاء والطاعة لجده قاسم وبضاعته في الحلال والحرام..
يتجرأ ويناقش الجد (قاسم): "تريدون أن تكون ثقافتنا اسلامية خالصة. كيف ذلك ونحن نعيش في مجتمع غير إسلامي..تدفعونا الى كره الثقافة السويدية لأنها ثقافة علمانية.."..
يصرخ بوجوههم: "أنتم أنشأتم هذا الحي الغيتو"..
بعد التخرج من الجامعة (علم اجتماع)، يستطيع أن يسكن خارج الحي؛ الآن هو "حر".
تخطو الأوراق حبوها، تقترب من الاستقلالية التامة، عن "الحي الشرقي وثقافة الحلال"..
استطاع (ماهر) التعرف على مجموعة أصدقاء (شلة يوم السبت). كاظم السامرائي وحبيبته أنيتا. فيكتوريا وحبيبها جوان.
-ماهر كان وحيداً-
كل مساء سبت يسهرون ويشربون.
(كاظم) من العراق، مؤلف مسرحي، أحد حواراته مع (ماهر): نحن جيل التعساء يا ماهر..؟
تعكس الحالة العامة لهذا الجيل الذي ولد هناك، او هاجر مع أهله وهو صغير..
الا تعلم لماذا نحن جيل التعساء؟
"نحن لسنا عرب ولا مسلمون ولا سويديون.."
أنت تعيش مساكنة مع حبيبتكَ السويدية (أنيتا)؟
"نعم لكنني أغار عليها مثل اي رجل شرقي.."
/في سياق حوارهما ماهر وكاظم، يلفت انتباه القارئ: الإغراق بالفصحى. ربما يتكلمان هنا لغة سويدية، طبيعي أن يعبر عنها بالفصحى، كما سنرى معظم حوارات (ماهر) مع حبيبته السويدية (ماريا كارلسون)
هل كان هناك "مصيرا تراجيديا "كما المسرح الاغريق، يتحكم بماهر؟
(ماريا) مخرجة مسرحية، تلتقي بأحد نصوص (كاظم). تتعرف على صاحب النص وأصدقائه: (ماهر) ينفر منها في البداية، ظهرت متعجرفة وجدية؛ كان موجوداً بأحد البروفات..
تطرده في البداية؛ هو ليس من الكادر..
-يحز في نفسه أنها، تناستْ ذاك اللقاء الاول، بإحدى سهرات السبت-
تنتبه إليه، تدرك بخبرتها الاخراجية: تقول لنفسها هذا "بطلي المسرحي"!
تبادر: ماريا كارلسون.
يرد التحية: ماهر الغازي..
/هي لم تسأله ما معنى "الغازي"، هم ليس من عاداتهم ربط الاسم بمعانيه، عداك عن أن الاسم بكل اللغات، يبقى محافظاً على "هويته".
هل يظن أجداده ومن أعطاه الاسم: الغازي. أنهم يميطون اللثام عن رغبات دفينة، تعاودُ "الفتوحات الإسلامية" في قديم الازمان. ربما يظهر للذهن ذلك المحاضر، الذي كان يعطيهم الدروس في المركز الإسلامي.
(ماهر) وهو طفل بعد الانتهاء من المحاضرة، يعيش أحلام يقظة "الفاتحين"..يتخيل المشهد خارج سور الحي الشرقي: سيركّع ذلك الطفل (الكسندر). الذي قال له: صاحب الشعر الأسود، عدّ الى بلدك..
لكن (ماهر) بعد خروجه وتمرده على "الحي". حاول العيش بين الصيغتين: (نحن. وهم)./
بعد التعارف، ابتدأت رحلة "المصير" تأخذ صداها:
(ماريا) المخرجة الذكية، الجميلة بحضورها، أخذت زمام المبادرة:
ستمثل معي يا (ماهر)؟
يتبلكم، يتفاجئ: عمري ما مثلت، نعم أستمتع بقراءة المسرح. إنما أصعد على الخشبة، أمام "جمهرة"، مستحيل..
-إشارة تراجيدية: لا تترددْ..؟ هي تعكس مرآتك التي لم ترَها-
يوافق..يقرأ النص..ماريا أصبحت الممثلة أمامه؛ تنسحب صاحبة الدور..
يأتيه "الشغف" يخاطب الورق عبر (ماريا).
يعيش معها في بيتها"مساكنة" يسميها "سامبو"؟ ربما لفظ سويدي.
كانت أجمل فترات عمره لماهر؛ امرأة شغوفة بالحب، تتعامل بعطاء ودفء؛ تكبره سيع سنوات..؟
/ حالة معترضة دون الإغراق مع "فرويد": لطالما نرى ماهر يميل للمرأة،الأكبر سنا، الاولى مع ماريا، والاخرى مع اسمهان التي تنتظرنا بورقة أخرى..ربما يجد "فرويد" نفسه هنا محتارا؟..
لم يكن يفتقد الام كحضن دافئ، حتى يبحث عن مثيلا لها، تعوضه عن هذا الحرمان
هل يمكن خلع ثوب "الحي الشرقي" وبسهولة؟
جرتْ العادة بينهما، أن يلتقيا بعد انتهاء العروض المسرحية، يذهبان إلى أحد المطاعم أو المقاهي. لكن هذه المرة دخل الى غرفة المثلين -يبدلون ثيابهم- انتبه أنها تخلع ثيابها، "تتصرف بشكل تلقائي"..شبه عارية تظهر؟ّ
"شعرتُ بغيرة شديدة..جسدها اُنتهكَ من قبل عيون الآخرين..يشاركوني أشيائي الخاصة.."
ينفجر من الغضب.."يا للعار" صوت الحي الشرقي يناديه..؟
عندما تعرف (ماريا) سبب غضبه تقول له: أشيائك الخاصة؟!.."مازلت ترى نفسكَ كرجل حارس للقيم.."
يتدخل الراوي من وراء حجاب على لسان ماهر: " ليس من السهل أن يتخلص المرء من أفكار الأهل والمجتمع والدين..طيلة فترة مراهقتي وأنا أعاني من هذا الخلل..مجموعتين من القيم: المدرسة والمجتمع السويدي. ومن جهة أخرى البيت والعائلة والمركز الإسلامي.."
عاد "القدر" التراجيدي..حدثت الفاجعة:
(ماريا) باتت في حالة انهيار عصبي، نفسي؛ تهديدات دائمة من ميلتون و"جيشه الإلكتروني". خاصة بعد عرضها مسرحية، تحاكي حالة من الاندماج بين المهاجرين والسكان الأصليين؛ ستلاقي هجوم من كلا التيارين المتشددين: الحي الشرقي والتيار النازي العنصري..
كانت علاقتهما ضحية هذا التوتر:
تطرده من البيت..تصرخ..الجيران يفتحون أبوابهم..: "اسكتي وإلا سأقتلك إن عدت.."
-لم يدرك الساعة التراجيدية-
تكتمل المشهدية: تكتب له..أن يعود؛ هي تحبه. وإن لم يأتِ، ستقتل نفسها..
-كمين متكامل كما فيلم سينمائي قصير-
/ من هو المخرج والممثلين؟
الراوي يلعب لعبته الروائية: ماهر "بين حيص وبيص"..
القارئ من خلال سير الحالة الروائية، وأفق توقعاته: ميلتون وحده وعصابته
يعود (ماهر) تسبق خطاه قلقه وخوفه على حبيبته:
الصالون مضاء -على غير العادة- يصرخ: ماريا..؟
ماريا ملقاة على الأرض..بركة من الدم حولها..سكين مغروسة في صدرها.."..
يهرب؛ تلبسه الجريمة..أهل الحي الشرقي يسمعون، هو المتهم الوحيد..
الحاج قاسم وشريف القوي، يلعبان لعبتهما بابتزازه؛ هما من يستطيعان الحماية..لا تستطيع الشرطة الوصول إليه..إن قررا..
لكنهما يغدران به بعد أن، كشف حقيقة "شركة حلال العالمية.."، تلاعب بتاريخ الصلاحية: مواد انتهت مدتها، يغيرون التاريخ..نصب واحتيال على مستوى عالمي..عداك عن التهرب الضريبي..
يهددهما بنشر المعلومات بالصحافة: باتَ عبئاً عليهما؛ لأول مرة أحد ومن أهل الحي يتجرأ؟
لم يقتلاه كما تجري العادة: أرسلا له أن يلتقيا بأحد المطاعم..على الباب، تأتي الشرطة ومعها "الكلبجة"..
(اسمهان) تلك المرأة التي ستحميه، قبل عودته الأخيرة للحي.
زوجة جده قاسم الثالثة، كان يكبرها بسبع وعشرين عاماً، أتت من سوريا بعقد زواج، مع الحاج..
يحصل أن (ماهر)، يساعدها في إدراكها حقوقها وفق القانون السويدي؛ متزوجة بكتاب عرفي، غير مسجلة بالبلدية..يعني فيها تشتكي عليه: وتخلعه؟
خلعته بخفي استهتار..الجد: لن أنسى هذا الموقف يا "أفندي" يقصد ماهر..
(اسمهان) أيضا لن تنسى (ماهر) ووقوفه معها، ضد جده وأهله..
يدق الباب: بحرارة تستقبله..ست سنوات على آخر لقاء..عمره الآن ستة وعشرون..هي ثلاثة وأربعون..بينهما سبعة عشر سنة..؟
هي تسكن وحدها، لم تتزوج بعد الجد قاسم…من اللحظات الاولى توحي للقارئ: "ببعض الظنون"؟
بعد اهتمام أنثوي وحميمي، لطالما يفتقده (ماهر)، تجري "وسوسة الشيطان"..تحاول معه بحجة منشفة الحمّام؟
كان يرغب بها، لم نعرف من ردعه؟ ربما حضرت أمه في لاوعيه: معقول يا (ماهر) إنها بعمري تقريباًّ!!
ذهبت المحاولة سدى..لكنها لم تشعره أنها هُزمت..
مضت الايام. (ماهر) بدأ ينتفض جسده أمام هذه الانوثة الأربعينية..أحستْ بذلك؟
لن أكون "حُرمتكَ"، إلا برغبتي..
وكان يومٌ: تعالَ أيها "المقدام"..هامَ على جسدها..طافَ بها "الشهيق والزفير"..
تبكي..تلملمُ ثيابها..اخرج من غرفتي..
ارتدى ثيابه مطروداً على سرعة الخذلان؟
ماذا حصل لها..ماهر لم يستطع التفكير..:
يطلبُ من القارئ: فكر معي، أنا وأنت خُيبتْ توقعاتنا..
أطل الراوي ببصمته الخاصة السردية: عدم تقديم الاجابات..هنا براعته!
/ صوت اسمهان كان صارخاً بفصاحته: قبل "الخصام" يتحاوران، يدردشان، ربما اللغة المحكية تغيب لصالح الفصحى؟
قد يعترض القارئ هنا، أن صوتها -كشريك محاور- سيغيّب إحساسها بحرارة "الحديث"ودفئه، كما اعتادت الكلام..
إشكالية الكلام وتناوب نطقه، بين المحكي الدارج والفصاحة، قد تكون إشكالية عامة تعترض كبار الكتاب
البناء العام السردي للرواية:
(ماهر) كان السارد الرئيسي، من خلاله استطعنا معرفة الحي وأهله، ثم استطالات حياته ضمن المجتمع السويدي..
هل يعني أنه كان سارداً عليماً حتى بالتفاصيل، محجباً الآراء التي لا يريد؟
بين ثنايا الأوراق "فصول الرواية"، تجد لغة الوصف للمكان بما هي حاملة الدلالة، إنابة عن افتراض شخصيات أخرى ساردة:
مشهد المشفى..غرفة السجن بوسائل راحتها المتعددة..وصف الحي (المكان)، بفوضاه، بالضجيج..محلاته، ركن السيارات خبط عشواء، مقارنة مع الآخر على كتفه؛ تجعل القارئ يصغي ويفكر كأنما المكان "سارد" آخر يحاور "الاول"..!
وكانت متعةٌ للقراءة بظلال هذه الاوراق..لعبة السارد ما قبل الورقة الأولى: الاتهام بالقتل..تتابع الأوراق بسردية حميمية تجعلك تمضي قدما للورقة التي تلي..
منصور منصور بهذا الحي الشرقي، يترك الأبواب مشرعة: لا يحب أن يغلق شيء، بمافيه مآل الحدث والشخصيات..أعتقد أنه بهذه الطريقة يحاكي النصوص المفتوحة على كل الاحتمالات:
أنتَ القارئ ضع الاحتمال الذي ترغب..لا تتقيد بنصائحي وكلماتي: هي تبحث عن "شريك وجداني"، تراقصه و يراقص..
إشارة لم أتطرق إليها:
يذكر (ماهر) أن هناك حالات من الحي، استطاعت الاندماج، حصلت على فرصها بالعلم والعمل..لكنها "نزحتْ" عن الحي..



#نصار_يحيى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار المساء مع رواية القوقعة/ مصطفى خليفة
- قراءة لرواية وليمة لاعشاب البحر للروائي حيدر حيدر
- هي مديح الكراهية / خالد خليفة
- شذرات.. مع جورج طرابيشي
- منمنمات تاريخية للكاتب السوري سعد الله ونوس


المزيد.....




- اضبط تردد قناة روتانا سينما عبر الأقمار الصناعية لمتابعة أجد ...
- سكونية الثقافة وقلق الشعب والوطن
- العُثَّةُ… رواية جديدة للكاتب يوسف أبو الفوز
- موسيقى الاحد: هندل وثيودورا
- -فكيف ليلُ فتى الفتيان في حلبِ؟-.. مختارات القصيد من أشعار ا ...
- إشارة بث قوية.. تردد قناة وناسة كيدز 2025 لمتابعة أهم القنوا ...
- لافروف ينتقد منظم حوار -منتدى الدوحة- بسبب مقاطعته له بشكل م ...
- Yal? Capk?n?.. مسلسل طائر الرفراف الحلقة 86 مترجمة للعربية d ...
- دورة ثانية لمعرض كتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء بمشاركة 2 ...
- كاظم الساهر وجورج وسوف يفتتحان مهرجان -دبي للتسوق- برسالة سل ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصار يحيى - رواية الحي الشرقي / منصور منصور