أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبداللطيف النكادي - الغرب من الديمقراطية الى قمع الحريات بشهادات من أهله وطوفان ألأقصى















المزيد.....


الغرب من الديمقراطية الى قمع الحريات بشهادات من أهله وطوفان ألأقصى


عبداللطيف النكادي
كاتب وباحث

(Abdellatif Ngadi)


الحوار المتمدن-العدد: 7976 - 2024 / 5 / 13 - 18:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


توالت هذا الاسبوع تقارير دولية وأممية عن وضعية الاعلام وحرية التعبير في العالم. و كالعادة ظلت كثير من الكتابات مرتبطة بالمقارنة بين المرتبة المحصل عليها في سنة 2023 مع سنة 2024. وقليل منها حاولت تلافي تناول قضية حرية الرأي والإعلام كظرفية سنوية للوقوف على مسارها منذ بداية القرن الحالي للامساك بالخيط الناظم الاستراتيجي. فقد يسعفنا ذلك في استشراف الآفاق المستقبلية لانتقال وهمي يسيطر عليه أكثر فأكثر يمين فاشي متطرف وفاشل.
بقلم عبد اللطيف النكادي
أي منحنى ترسمه السياسات الوطنية على اختلافها؟
قمع الصحافة والحريات ظاهرة نشاز لا تليق بالحضارة الانسانية ولا بالإنسان كمخلوق مكرم في جميع الديانات والمذاهب. لكن الأخطر هو أن دول الليبرالية القائلة بحرية الصحافة تتنكر لدساتيرها و فترات تاريخها المشرق وتجر العالم كله الى حضيض قمع الحريات وإلغاء المواطنة وتحطيم الانسان.
عاشت حرية الرأي والصحافة في دول الرأسمالية الناهضة فترات مد وجزر حسب التاريخ والجغرافيا الى حد منتصف القرن الماضي حيث نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة عام 1948 أن: «لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير؛ ويتضمن هذا الحق حرية الفرد في تكوين آراء بدون تَدَخُل أحد، والبَحث عن واستقبال ونقل المعلومات والأفكار من خلال كافة وسائل الإتصال بصرف النظر عن حدود الدول».
لكن، اذا أخذنا العشرية الأخيرة (2013-2023) نجد أن:
• الدول ذات المرتبة الجيدة قد تقلص عددها من 26 الى 8
• الدول ذات الوضعية الصعبة قد ازداد من 38 الى 42
• الدول ذات الوضعية الجد خطيرة قد ازداد من 20 الى 31

وخلال جائحة كورونا تمت ملاحقة كل فكر أو رأي مخالف للتوجه العام سواء عبر عنه صحافي أو يوتوبر أو طبيب ولو كان مشهودا له بالكفاءة كالفرنسي " ديديي راوول Didier Raoult". والمفارقة أنه
تخرج علينا الآن اخبار ومعلومات عن النصب والاحتيال والأعراض الجانبية والرشاوى التي عششت في أعتى الاتحادات الاقليمية الغربية وبرلماناتها وحكوماتها وشركاتها المسوقة للقاح. وقد أدانت عدة منظمات حقوقية ادارة أزمة كوفيد وفضحت ممارسات مشبوهة في المتاجرة بآلام الناس طيلة فترة الوباء. ومنها رابطة الحقوق والحريات اللكندية التي أدانت النهج العقابي الذي اتبعته حكومة لوغو بكيبيك في إدارتها لجائحة كوفيد-19.كما اكدت اعتمادا على تقرير من مرصد التنميط او " the Profiling Observatory" أن قمع الشرطة لإدارة الوباء كان خيارا سياسيا وتعسفيا.
وسبق ان حذرت منظمة مراسلون بلا حدود، في سنة 2020 من أن “السنوات العشر المقبلة ستكون بلا شك عقدًا حاسمًا لحرية الصحافة بسبب الأزمات التي تؤثر على مستقبل الصحافة”. وقد رصدت ان فرنسا احتلت المركز 34 من بين 180 دولة. وفسرت هذه المرتبة المنخفضة بزيادة أعمال العنف وإجراءات الترهيب ضد الصحفيين، والقوانين القمعية واحتكار المجموعات الإعلامية الكبيرة من قبل حفنة صغيرة من أباطرة الأعمال.

وهذا ما تؤكده حتى بعض الاوساط الرسمية مثل الأمينة العامة لمجلس أوروبا ماريا بيجينوفيتش بوريتش، التي اعربت يوم 27 أبريل/نيسان 2022، عن أسفها لـ تآكل حرية الصحافة في القارة الأوروبية وعبرت عن ألمها إزاء "التكاثر المثير للقلق للتهديدات" ضد الصحفيين. وبالفعل فقد تم احصاء عدة اغتيالات لصحفيين اوروبيين أو سجنهم دون الحديث عن قمع فاضحي الفساد من الصحفيين وعلى رأسهم فضيحة التنكيل بجوليان أسانج.
مؤشر “السياق السياسي " هو الأكثر انخفاضا في عام 2024
إذا كان لا بد من تفسير لهذا التقهقر فالتقارير الدولية تقدم عمل رصد وتحليل جماعي وتحظى باهتمام ومصداقية رغم بعض الملاحظات المنهجية. فرغم ما رصدته مراسلون بلا حدود فان اعتمادها اغتيال الصحفيين كمؤشر متساو مع باقي المؤشرات (عوض استعمال معاملات رياضية تفضيلية) أدى بها الى مقارنة تكون فيها دولة كالكيان الصهيوني الفاشي في ترتيب أحسن من تونس رغم قتل الأولى لأكثر من مائة وخمسين صحفي فلسطيني أو لبناني وانعدام اغتيال أي صحافي في تونس. وبالمقابل فان امكانية أو حرية التظاهر والرأي في هذا الكيان الغاصب زمن الحرب تصبح من باب الخيال في دول قمعية تقتل أو تسجن الصحفيين زمن السلم والرخاء. وهذا ما يذكر بضرورة مراجعة منهجية الترتيب لمزيد من التقييم النوعي.
يشير التقرير السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود بمناسبة اليوم العالمي لحرية التعبير 3-5-2004 الى تدهور عام لوضع حرية الصحافة في العالم. وفيه يضع الاصبع على رصد حقيقة وواقع اساسيين بأن "الدول والقوى السياسية، أياً كان جانبها، تتراجع تدريجياً عن دورها في حماية حرية الصحافة. يسير هذا الافتقار إلى المسؤولية أحيانًا جنبًا إلى جنب مع التشكيك في دور الصحفيين، أو حتى استخدام وسائل الإعلام في حملات المضايقة أو التضليل. ". ومن بين المؤشرات الخمسة التي تشكل نتيجة المؤشر، يعد مؤشر “السياق السياسي” هو الأكثر انخفاضا في عام 2024، مع انخفاض إجمالي قدره 7.6 نقطة."
هذه التصريحات لمنظمة صحافيين بلا حدود تؤكدها منظمة فريدم هاوس (بيت الحرية). ففي سنة 2022 جاء في تقريرها السنوي أن الحرية العالمية تراجعت للعام السابع عشر على التوالي. كما أضافت أن السلطويين لا يزالون في غاية الخطورة وان انتهاك حرية التعبير كان منذ فترة طويلة محركًا رئيسيًا لتدهور الديمقراطية العالمية.
هذا ما يشكل مفتاح فك شفرة ما حدث. فعلى المستوى العالمي هناك مفارقة قوية أتت في جل التقارير وهي أن حرية الصحافة مهددة من قبل السلطات السياسية التي ينبغي أن تكون ضامنة لها. فلماذا هذا الربط بين السلطات والسياسة والحرية وانتهاك الحريات وقتل الصحافيين وهل نقف عند هذا التدخل الخارجي دونما غوص في مسارات بل التحولات الطبيعية (metamorphosis) للصحافة نفسها والإعلام بصفة عامة. عدة أسئلة تحاصر بشدة الصحافيين والمفكرين.
فما هو الاعلام وما هي الحرية وما علاقتهما بالسلطة السياسية والديمقراطية ؟
باختصار شديد يمكننا القول أن الحرية والتعبير الحر ضرورة لإنسانية البشر. ومع تطور الحضارات أصبحت مرتبطة بالمدينة والمدنية ثم عبر مناقشة الشأن العام والمساهمة في صنع القرار السياسي وبالتالي المشاركة في الحكم وتقاسم الثروة الوطنية بعدالة اجتماعية. لهذا تلقفتها الطبقات والفئات الصاعدة خصوصا المهمشة لانتزاع حقها فى صنع القرار فيما عارضتها الطبقات والفئات المسيطرة لإلغائها وقمع الحريات حتى تحافظ على الاستبداد السياسي و الحد من التقسيم العادل للثروة او التنافس الشريف للكسب.
حين تنعم الصحافة وينعم المواطن بالحرية يتم تداول المعلومات وتتم بلورة الأفكار والبرامج اللائقة للجميع مما يسمح بتكوين رأي عام مستنير. وهذا يمكن المجتمع من التقدم على درب الرفاهية للجميع بفضل الاجماع أو الأغلبية وبفضل مراقبة المسؤولين عن التنفيذ والحيلولة دون ارتكاب الأخطاء وكذا الحيلولة دون افلاتهم من العقاب اذا ما انحرفوا عن المصلحة العامة لفائدة الأقلية مقابل فساد ورشاوى.
في هذا الاطار يمكننا باستحضار السمات الأساسية للوضع العالمي للديمقراطية منذ بداية القرن أن نفهم تشخيص مراسلون بلا حدود حول العشرين سنة الأخيرة الذي ورد في تقريريها الأخيرين.
نعلم أن انهيار الاتحاد السوفياتي والغزو الهمجي للعراق كرس بداية الهيمنة الأمريكية على العالم في اطار قطبية أحادية تفرض قواعد كونية سواء من حيث الاقتصاد أو السياسة أو الاجتماع أو الثقافة. وقد سمى الكثيرون هذه الحقبة بانتهاء الحرب الباردة وما هي في الحقيقة إلا بداية الحروب الهمجية الساخنة اذ صرح دكتاتور العالم بوش "اما معنا أو ضدنا " وخطط للعنف الممنهج والحروب لإدارة السياسة الخارجية الامبريالية. بل انه حدد الدول المارقة وعزم على " دمقرطتها " بقوة ترسانته العسكرية أو بقهر المؤسسات المالية والنقدية. وأخذ ساسته ينشرون الخرائط الجديدة لمناطق من العالم مثل الشرق الأوسط الجديد لا مباليا لا برغبات السكان ولا ب "الديمقراطية الليبرالية " ولا بالرأي العام في أمريكا نفسها فمبرر محاربة الارهاب يحتم على الجميع الانصياع للسلطة التنفيذية ونسيان فصل السلط والنقاش وحرية النقد والاعتراض الى "حين". وسارع الكثيرون خارج الولايات المتحدة الى سن قوانين محاربة الارهاب للزج بكل من يعارض التوجهات العالمية الجديدة في السجون. بل تمت فبركة حروب وعمليات ارهابية وتم تأسيس مليشيات ارهابية ك "القاعدة" و"داعش" وغيرهما كذرائع للتدخل في شؤون الدول وتمزيقها بالحروب الأهلية وابتزازها بدعوى محاربة الارهاب.
في هذا الوضع اصبح الاعلام امام خيارين اما تلقي ضربات القمع والاضطهاد ان كان حرا أو صادقا وإما الخنوع " للقولبة " والتدجين عن طريق الاسترزاق أو سيطرة رؤوس الأموال التي ستسلب الرأي الحر لتحل مكانه التعليمات و الرقابة الذاتية. وهكذا توالت التقارير التي ترصد هاتين السمتين وتوجت في السنتين الأخيرتين بهيمنة التضليل الاعلامي والذباب الالكتروني الذي كرس الكذب منتصرا على الحقيقة وضرب كل ما تم مراكمته من تقدم على درب الحق في الاطلاع والوصول الى المعلومة. لقد تحدثنا عن قمع الصحافة بإيجاز فما هي التقارير التي تتحدث عن التدجين؟
لن نجد أفصح من تقريري اليونسكو و منتدى دافوس حول خطر التضليل الاعلامي الذي لا زال آخذا في التنامي وتصريحات مسؤولين دوليين كبارا عن تقهقر القيم والديمقراطية.
يستهل ميشيل بوري (Michel Beuret) دليل اليونسكو للتعليم والتدريب في شؤون الصحافة المتعلق بالصحافة و"الأخبار المزيفة" والتضليل والذي نشرته الأمم المتحدة في عام 2018 بما يلي: " أكثر من أي وقت مضى يتأثر مجتمع المعلومات، الذي هو جوهري مع الديمقراطية، بهذا الفيروس القاتل الذي صنفه العالم منذ انتخاب دونالد ترامب بهذا التعبير العالمي: “ news » « fake أو الأخبار المزيفة
حرفيا، أي "معلومات كاذبة. ومما يزيد الأمور تعقيدا أن منتقديه وصفوا "تغريدات" دونالد ترامب بأنها "أخبار كاذبة". لكن الرئيس الأميركي بدوره يرفض الكثير من المعلومات الدقيقة بنفس التوصيفات. حتى أصبح "المزيف" موجود في كل مكان."
أما تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي ليناير 2024 فيؤكد أولا على هيمنة الاستقطاب على النظام العالمي و معاناته من التوترات والأعمال العدائية وتآكل الثقة وانعدام الأمن. ثم يتناول المخاطر على المديين القصير (2024) وخلال العشرية المقبلة بادئا بانتشار المعلومات الخاطئة والمضللة في مجتمعات أضعفت سياسيا واقتصاديا في السنوات الأخيرة. ويضيف أن المعلومات الخاطئة والمضللة التي تحتل المرتبة الأولى في قائمة المخاطر العالمية في 2023- 2024، متفوقة على المشكلات الأخرى التي تتسبب في الاستقطاب العالمي ستأثر على ما يقرب من ثلاثة مليارات شخص ممن سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع في العديد من الاقتصاديات. وعلى المدى الطويل فإنها تحتل المرتبة الخامسة. ويحذر التقرير من أن الاستخدام الواسع النطاق للمعلومات الخاطئة والمضللة والأدوات اللازمة لنشرها، سيقوض شرعية الحكومات المنتخبة حديثا.
جاء في التقرير الإعلامي لمجلس الشيوخ الفرنسي رقم 125 (2019-2020)، المجلد الثاني، المودع في 14 نوفمبر 2020 "كانت الديمقراطية الليبرالية الغربية، وهي مزيج متناقض من الديمقراطية والليبرالية، مجرد وهم. في الواقع، من المستحيل، إلا على الورق أو بالكلمات، أن يتمكن النظام السياسي من اتباع إرادة السوق التي تعمل وفقًا لمنطقها الخاص ومنطق الشعب صاحب السيادة. إن الديمقراطية الليبرالية غير موجودة: لأنها لا يمكن أن تكون ديمقراطية، بل وحتى ليبرالية حقا."
ويقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن المعلومات المضللة وخطاب الكراهية والهجمات المميتة على الصحفيين تهدد حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم، و يدعو إلى مزيد من التضامن مع أولئك الذين يقدمون المعلومات.
وبالمقابل نجد قبل قرنين تقريبا هذا المثل الرائع الذي يعود لسنة 1854، حيث أن أول مراسل حرب وهو ويليام هوارد راسل (1820-1907) كتب في التايمز عن عدم كفاءة القيادة والخدمات الطبية للجيش البريطاني في حرب القرم، وكان هذا مناقضا للبيانات الرسمية لهيئة الأركان العامة في لندن. كتبها بدون خوف أو رقابة ذاتية من جهة وبفضل اخباره تم تحسين الأداء للطرف المعني من جهة ثانية.

وأسقط طوفان الأقصى ما تبقى من ورقة التوت
اتي طوفان الأقصى في حقبة من تاريخ العالم توشك على نهايتها و تنبئ بنقط تحول أو قطيعة كبرى.
في 80 سنة الأخيرة عرف العالم تغيرات مفصلية. فقد استعاد الغرب الديمقراطية والليبرالية بعد تهديد نازي فاشي خطير. ولقد تم التغني بهذا الإنجاز الهام الذي كرس فرز العالم الى ديمقراطيات تحت لواء أمريكا التي اعتمدت "حارسة الديمقراطية " وزعيمتها وباقي العالم الذي يتوزع بين شيوعيات شمولية وعالم ثالث متخلف. وبهذا اعتادت زعيمة المعسكر الغربي على تقديم مبادراتها في الخارج و حروبها العديدة على أنها أعمال "دفاعية" أو نشر للحرية والديمقراطية ( كثيرا ما لجأت للانقلابات والمؤامرات تماما كما كان الاستعمار ينشر الحضارة) في حين تتهم دولا أخرى ب «تصدير» الثورة أو التطرف أو المذهب الفلاني. وقد سيطرت هته المفاهيم عالميا رغم التمييز العنصري في قلب أمريكا واضطهاد المفكرين والمدافعين عن حقوق الانسان واغتيالهم ورغم الفضائح والرشاوى (اضطهاد : انجيلا دافيس وغيرها كثير. اغتيالات : مارتن لوثر كينج، كينيدي،مالكوم ايكس... فضائح: لوكهيد، ووترغيت ...).
وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي دخل العالم مرحلة القطبية الأحادية التي عاثت خلالها الدول الغربية استغلالا بشعا وحروبا طاحنة في الجنوب وتمزيقا للدول الى أن وعى الجميع ببعدها التام عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان . فلا يمكن أن ندين استعمال نظام عمر البشير للإبادة الجماعية وأن لا ندين دور فرنسا في الابادة برواندا ودول "فرانس أفريك". كما لا يمكن أن ندين نظام مبارك لاستعماله العنف ضد المتظاهرين السلميين وما تفعله أمريكا ضد السود أو ما فعلته دول شرق أوروبا من تنكيل ضد المهاجرين أو ما فعلته فرنسا ب"السترات الصفراء". ثم هناك الانتهاكات الكبرى ضد المدنيين في يوغوسلافيا والعراق وسوريا وليبيا والكيل بمكيالين سواء تعلق الأمر بجرائم الكيان الصهيوني أو فرنسا أو بريطانيا أو أمريكا والتلاعب بالقانون الدولي. وخلال هذه الجرائم توزع الاعلام بين فاضح يتم قمعه أو مضلل تم شراؤه. كما تم قمع الشباب المتظاهر ضد الحروب كشباب أمريكا ضد حرب الفيتنام.
والآن ومنذ ثمانية أشهر بليلها ونهارها يظهر طوفان الأقصى للعالم نفاق الغرب و تمسكه بقلاعه الامبريالية من دول مارقة (اوكرانيا زيلينسكي) وقواعد العدوان العسكري الارهابي (اسرائيل) وعدم تردده في انتهاك القوانين دولية كانت أم قومية وتهديد قضاة أمميين ومؤسسات سياسية ودبلوماسية. كما سجل العالم السكوت عن ادانة الصهاينة ومتابعتهم بجرائم ضد الانسانية وجرائم اغتيال الصحفيين بل وحتى عائلاتهم ( مع أن الكل رأى بالصوت والصورة فضيحة اغتيال اسر من عائلة الصحفي وائل الدحدوح). وهكذا سقطت جميع الأقنعة وثار الشباب الغربي ضد الحكومات " الديمقراطية " في أمريكا تمثال الحرية وفي فرنسا قلعة حقوق الانسان وفي الجامعات والشوارع ومنصات التواصل الاجتماعي. وعبر الغرب مرة أخرى عن " ديمقراطيته " و" ليبراليته " بقمع الطلبة والمحتجين ونشر الأكاذيب والتضليل الاعلامي.
ثلاثة أشعة نور في نفق الديمقراطية الغربية المظلم
في تسعينيات القرن الماضي تم سقوط قناعين هما أغرب نفاق في تاريخ البشرية. ألا وهما أولا التهليل بدحر النازية وانتصار الحرية والديمقراطية غداة الحرب الغربية الامبريالية الثانية من جهة واشتعال الحروب الظالمة والقمع والإبادة الجماعية ضد ارادة الاستقلال من طرف شعوب المستعمرات وثانيا إقامة نظام الأبارتايد او الميز العنصري في افريقيا الجنوبية غداة التغني بالديمقراطية وحقوق الانسان وقد استمر نفاق الحديث عن حقوق الانسان وتكريس الميز العنصري من سنة 1948 الى عام 1993. قد لا نجد توصيفا او صورة لهذا النفاق لا في الميثولوجيا ولا في الأمثال والأساطير. وقد افتضح هذا التضليل عند شباب الغرب خصوصا من المتعلمين وساسة الغد.
الشعاع الثاني هو ما أضاء به جيل أول من المفكرين وأبطال و شباب مسيرة الانسانية الى المساواة والعدالة. فقد سطرت الشعوب نقطة فارقة أخرى في الثمانين سنة الماضية عبر خطابات ومواقف منها: لوتر كينج في 1963 ( عندي حلم) وفي مايو 1968 (ثورة الطلاب بفرنسا)، وفي 1989 (سقوط جدار برلين). واليوم تزخر المكتبات والفضاء الأزرق بكتب هامة وفيديوهات وجيهة لمفكرين وساسة غربيين كبار عن نهاية الغرب وسقوط الامبراطورية الأمريكية. كثير من كتابات الجيو-استراتيجيين وعلماء الاقتصاد والأنتروبولوجيا والسياسة وغيرهم من الغربيين الصادقين تشير الى بداية نهاية عصر "الغرب الشامل" والأمريكي خاصة ونهوض الجنوب الشامل. والظاهر أن من يتأمل في الثمانين سنة الماضية بتحولاتها الكبرى سيقتنع أن أفول الهيمنة الأمريكية قريبة جدا. نذكر من بين هؤلاء المفكرين والكتاب والصحفيين : الأنتروبولوجي ايمانويل تود و نعوم تشومسكي وباتريك بوشنان و لوسيان بويا وباسكال بونيفاص وفريد زكريا وغيرهم كثير. وفكرة نهاية الامبراطوريات أصبحت حقيقة مسلم بها بعدما راكم الانسان الكثير من المعارف عن نهايات امبراطوريات وحضارات على مر التاريخ الانساني فلم تستبعد فكرة نهاية "الغرب الشامل " ؟ يبقى فقط مشكل التوقيت بعد تحديد بشائر التغيير ونقط وقرائن التحول والقطيعة. كما تجب الاشارة الى الجذور الداخلية والمنطقية في تطور الرأسمالية التي لم نتحدث عنها فمنطق العولمة الاقتصادية التي أطلقت عنانها أمريكا والغرب تضم بداخلها أضدادها وهذا المنطق الجدلي للتحولات لا يحبه المستثمر الرأسمالي الذي لا يهمه لا مصير الشعوب ولا مصير البيئة ولا مصير أمنا الأرض فتلك كما قال كينز أمور تتعلق بالمدى البعيد وإذاك سنكون جميعا قد متنا. وقد كالت وحدة الاضداد و فعل صراع الاضداد افعالهما طوال مسار العولمة الليبرالية المتوحشة الى نقطة تحول برزت فيها "البريكس" اقوى وأخطر من "حركة عدم الانحياز" أو "حلف وارسو"
وانبثق الشعاع الثالث ليسقط آخر الأقنعة غداة السابع من أكتوبر 2023 مع طوفان الأقصى. فرأى العالم كله بفضل الاعلام الحر " حقيقة " من مواطن صحفي ومناضل عالمي كيف يقتل الغرب بيد الكيان الصهيوني (رأس رمحه في منابع الطاقة)، الصحفيين والأطباء والمسعفين ويهدم المنازل على رأس ساكنيها ويهدد قضاة محكمة أممية. كما رأى الجميع كيف ينشر الاعلام المدجن الأكاذيب والتضليل الاعلامي. وعاين العالم بالصوت والصورة كيف تقمع "الحكومات الديمقراطية" في عقر الديمقراطية وعلى رأسهم الامبريالية الأمريكية ورأس حربتها "إسرائيل" الطلبة والأساتذة والمتظاهرين السلميين بل الوزراء والنواب والمفكرين.



#عبداللطيف_النكادي (هاشتاغ)       Abdellatif_Ngadi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى يحقق نصرا استراتيجيا في قضايا الضمير الانساني و ...
- يوم تضامنت فلسطين الحرة في 1930 مع المغرب ضد فرنسا و قبل تأس ...
- الطائرة من الحلم العربي الضائع الى الحلم الغربي النافع محن ل ...
- قطر2022 عودة الى الاقتصاد السياسي للرياضة
- ليوطي يرفض نشر اعلان حقوق الانسان والمواطن في المغرب ويرفض م ...


المزيد.....




- إيران.. تشييع رئيسي في مشهد
- ماكرون: قوات الأمن باقية في كاليدونيا
- بي بي سي توثق فرحة أم بابنها الذي لُقب بأصغر رسام في العالم ...
- شاهد: الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يُدفن في مسقط رأسه مشهد ...
- محكمة العدل الدولية تستعد لإصدار حكم بشأن رفح.. فما المتوقع؟ ...
- هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية تصدر تقريرها ال ...
- بوتين ولوكاشينكو يناقشان التدريبات على استخدام الأسلحة النوو ...
- بوتين يصل إلى بيلاروس في زيارة رسمية تستغرق يومين
- في رسالة لإسرائيل.. الجيش المصري يؤكد قدرته على مجابهة أي تح ...
- سموتريتش ينسحب من اجتماع الكابينيت الإسرائيلي إثر خلاف بسبب ...


المزيد.....

- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبداللطيف النكادي - الغرب من الديمقراطية الى قمع الحريات بشهادات من أهله وطوفان ألأقصى