أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - وجدان شتيوي - توقّف قليلا واختبر أفكارك














المزيد.....

توقّف قليلا واختبر أفكارك


وجدان شتيوي

الحوار المتمدن-العدد: 7971 - 2024 / 5 / 8 - 10:15
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


دعونا نترك أفكارنا الملتصقة بأذهاننا منذ زمن، فربّما صدأت، أو تعفّنت فلم تعد صالحة للحياة السّويّة القويمة. لكن مهلًا فلا بدّ أن أترك لكم الخيار أوّلًا لتتركوها طوعًا وقناعة، أو تحتفظوا بها إن صمدت في اختبار الصّلاحيّة والنّفع.
عزيزي القارئ ربّما بيئتك التي نشأت فيها، واعتدت على نمط حياتها وتفكيرها ليست بالمثاليّة بل ليست بالمستقيمة ولا السّليمة، لكن أهذا مبرّر لك لتظلّ على ما أنت عليه دون تفكّر، ولا تعقّل...دون اختبار صحة ما ورثته منها، وقياسه ووزنه وفق معايير من أوجدك على هذه الحياة، وأنزل لك دستورها؟
يمرّ علينا في الحياة من يفعل من الخطأ ما يفعل، ويتهاون بما لا يصحّ التّهاون به، وإن حاولنا نصحه، أو تذكيره بأحكام الله سارع بتبريره: "هذه بيئتي، هكذا تربّيت".
وهنا يكون ممّن شملتهم هذه الآية:
"وإِذا قيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ".
في كثير من الأحيان لا تورّث العائلة الأمراض المزمنة فحسب بل والأفكار والعادات السّيئة، والمفلح الذّكيّ من يحاول الوقاية من أسباب الأولى ورفض الثّانية، وعدم التّسليم بها، ومحاولة تقويم اعوجاجها.
إذن دعنا نتّفق أنّ تعوّدك على الشّيء لا يختم بالضّرورة على جوازه وإباحته...كما لا يمكن عبورك بجواز سفر منته الصّلاحية لا يمكنك التّقدّم في حياتك، وأنت تعيش في جلباب أبيك وقبيلتك دونما إمعان عقلك.
خدعوك حين قالوا أنّ الحياة دار شقاء وضنك كلّما اشتكيت من سوء حالك، أو أزمة ألّمت بك، ونسوا أن يقولوا لك أنّ الدّنيا محطّات، وأنّ مع كلّ عسر يسرا، أو أن يقولوا مثلا أنّ نفسك قويّة لدرجة قدرتها على إحداث المرض وقدرتها على الشّفاء منه.
أويعقل أن يخلقك اللّه الرّحيم ليعذّبك؟
خدعوك حين قالوا لا إنسان كامل، نعم لا إنسان كامل، لكن حين تتشبّث بها لمواراة عيوبك، والتّستّر على عجزك الذي مردّه قلّة حيلتك، ومكوثك في منطقة راحتك تصبح كلمة حقّ يراد بها أو يستخدمها باطل.
خدعوك حين قالوا لك ظنّا منهم أنّهم يطمئنوك في تعسّر ولادة أحلامك: لا شيء كامل، كلّنا لديه ما ينقصه، في حين كان عليهم أن يقولوا: اعمل بلا يأس وستصل حتما إلى ما تريد، لا بدّ لثمار سعيك وصبرك أن تنضج، فلكلّ مجتهد نصيب.
غاب عنهم أنّ طبيعة النّفس البشريّة لا تأنس بالحديث عن النّواقص، وأنّ التّركيز على أيّ شيء يجذبه لعقلك الباطن، وللعقل الباطن قدرة تحقّق أيّ شيء يصبو إليه.
فهم مغلوط للمفردات واستعمالها وأثرها في النّفس.
غاب عنهم أنّ الحياة أشبه ما تكون باختبار، وبقدر فهمك لها تحدّد مكانتك وإنجازك، فإمّا أن تكون عبئا على الحياة، وإمّا أن تكون إضافة جميلة لها.
وما الحياة إلّا رحلة بقدر امتلاكنا خريطة السّير فيها يكون استمتاعنا بها وبهذه الآيات الكريمة مفتاح هذه الخريطة:
"فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا".
"مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ"
خدعوك أيضا حين نصحوك بالرّضا بنصيبك وأنت بيدك أن تسعى لتغييره، فالرّضا يكون فيما ليس لك به اختيار كأن يخلقك اللّه طويلا أو قصيرا، أسمر البشرة أو أبيض، مبصرا أو كفيفا، فيما سوى ذلك القبيل ارض بما يمنحك الله بعد قطعك أشواطا من السّعي، لا بعد أن تمتهن التّراخي والكسل.
إنّ كثيرا ممّا تظنّه نقصا في حياتك مردّه التصاقك بقوقعة أفكارك، وقلّة رؤاك...كيف يمكنني أن أطمئن ذلك الفقير الذي أنجب عشرة أطفال وهو كان بالكاد يستطيع الإنفاق، وهم اثنان بأن أقول له: كلّنا هناك ما ينقصه وأكثر ما كان ينقصه وسائل تنظيم الحمل؟
كيف أربّت على كتف تلك المرأة التي صال الهمّ بملامحها وجال بعد إنجابها ستّة من الأبناء وزوجها يعنّفها منذ بداية الزّواج بكلمة كلّنا لديه ما ينقصه، في حين ما كان ينقصها هو وعيها، وتقديرها لذاتها.
كيف أهدّئ بذات العبارة من روع من فتكت به الأمراض من أكله المال الحرام وحقوق العباد؟
وأنسى قوله تعالى: "كلوا من طيّبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحلّ عليكم غضبي"
أو شابّ نام حتّى منتصف النّهار وشكا أن قُدّر عليه رزقه، ونسي أنّ الله يبارك في البكور...فما ينقصه ما فعله آخر بنفس عمره من طرق أبواب كثيرة للسّعي، بهمّة ونشاط، وتعلّم وتنمية للذّات، فليس الصّيّاد الماهر من يرمي شبكته خارج الماء إن لم يصطد من المحاولة الأولى، وما الحياة إلا اقتناص للفرص.
أقلقوك حين قالوا كلّما حصلت على شيء جميل: لكلّ شيء تملكه ضريبة، وكلّ لحظة سعادة سيأتي سريعا ما يعكّرها، دون أن يستشعروا وقع هذه الكلمة على مسامع الأمل حتّى بتّ لا تستمتع بأوقات سعادتك وتحقيق إنجازاتك، ونسوا أنّك دفعت مسبقا ثمن كلّ ما وصلت إليه بجدّك واجتهادك، وربّما جنيت عوض الله لك دفعة واحدة عن كلّ ما كابدته في السّابق، فلم الخوف إذن؟
لن أغطّي شمس الحقيقة بغربال الخداع، فجلّ ما نعانيه في حياتنا مرجعه جهلنا في مرحلة ما، وفي اللّحظة التي نتحرّر بها من ذاك الجهل تتغيّر حياتنا بل ويمكن أن تنقلب لجنّة لا يمكننا تخيّلها، فما ينقصنا حقيقة هو الوعي والغوص في أعماق المعرفة.
لكن حتّى في رحلة اكتشاف الوعي في داخلنا بعد جولات من أخطائنا نخرج بدروس وخبرة وحكمة في الحياة تؤول بامتلاكنا مفاتيح السّعادة، وخريطة دروبها.
فسارع باستغلال عقارب وقتك؛ لتلدغ كلّ مواطن الجهل في عقلك فتستفيق، ولا تَضع حدودا لحلمك، ولا تنس أنّ الله عند حسن ظنّ عبده به، فحسن الظّن عبادة قلبيّة هي من حسن العبادة، وكلّ متوقّع آت.
8-5-2024



#وجدان_شتيوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية المائق...كيف يصير المائق حليما؟
- حبّ في زمن الحرب
- حتّى يدوم أثر رمضان فينا
- أحلامنا.. كيف السّبيل إلى وصالها؟
- مع كثرة الفتن والشهوات.. كيف نتمسّك بديننا؟
- نصيحة تحذيريّة
- هواجس نفس ما بين الصّباح والمساء
- -الأرملة- بين مطرقة المجتمع وسنديان عاداته


المزيد.....




- أفيخاي أدرعي في قرى درزية بجبل الشيخ، فإلى أي مدى اقترب من ا ...
- جدل كبار السن والتيك توك في المغرب ومشروع قرار مرتقب
- قانون أوروبا الأخضر في مهبّ الغاز القطري
- بوتين: نريد سلاماً دائماً ومستقراً في أوكرانيا
- الغارديان: إسرائيل تدير الجوع في غزة عبر -حسابات بسيطة-
- العلماء يحلون لغزًا عمره ملايين السنين... هل يعود أصل البطاط ...
- -خمس ساعات في غزة-.. تفاصيل زيارة ستيف ويتكوف إلى القطاع
- رغم تحذيرات.. إسرائيل تؤكد مواصلة عمل سفارتها وقنصليتها في ا ...
- الكاتب الإسرائيلي ديفيد غروسمان يصف الحرب في غزة بـ-الإبادة ...
- -يأكلون مما نأكل-.. القسام تبث مشاهد أسير إسرائيلي بجسد هزيل ...


المزيد.....

- عملية تنفيذ اللامركزية في الخدمات الصحية: منظور نوعي من السو ... / بندر نوري
- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - وجدان شتيوي - توقّف قليلا واختبر أفكارك