أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان شتيوي - قراءة في رواية المائق...كيف يصير المائق حليما؟














المزيد.....

قراءة في رواية المائق...كيف يصير المائق حليما؟


وجدان شتيوي

الحوار المتمدن-العدد: 7962 - 2024 / 4 / 29 - 09:33
المحور: الادب والفن
    


رواية "المائق للفتيات والفتيان" صدرت مؤخّرا للأديب المقدسيّ جميل السّلحوت، عن مكتبة كلّ شيء الحيفاويّة، وتقع في مئة وخمسين صفحة من القطع المتوسط.
في تحليل العنوان...المائق لغة يعني الأحمق أو السَّريع البكاء، القليل الحزم والثَّبات، وفي ذلك إشارة لماجد الابن البكر لمسعود شيخ العشيرة، الذي كان يأمل منذ ولادته أن يهيئه للمشيخة من بعده، لكنّ أمله خاب في ذلك حين رأى قدراته تقلّ عن أقرانه منذ صغره، ورغم أنّ زوجته صفيّة ظلّت تنجب كل عام طفلا بناء على توصية والدتها؛ لتعلّق قلب زوجها وتصرفه عن الزّواج بغيرها، لكن ما كانت تخشاه حدث في أحد الأيّام، إذ قرّر الزّواج من امرأة أخرى غريبة من البادية السّورية، لتحسين نسله، رغم أنّ زوجته صفيّة أنجبت بعد ماجد ابنة طبيعيّة القدرات، بل حاذقة الذّكاء، ثمّ ولدا لكنّه لم يكن يضمن أن يكون بذكاء أخته.
وحين أصبح في عمر الزّواج زوّجه هو وشقيقه سلطان بشقيقتين حتّى يواري بذكاء سلطان ما يعيبه بماجد. بعد الزّواج يلتزم ماجد وعروسه البيت، ولا يشارك في المناسبات الاجتماعيّة، فتشكو زوجته لأمّها من التصاقه بها، فتطلب منها أن تستر عليه قائلة: "يكفيك أنّك زوجة لابن الشّيخ مسعود صاحب السّمعة الطّيبة التي تسبقه". ولم يمرّ الكثير من الوقت على زواجه حتّى غضب أبوه يوما من تصرّفاته فصرخ: "ما عدت قادرا على احتمال حماقات هذا الولد، ولن يبقى في ديرتي، فلينصرف حيث يشاء وإلّا سأقتله". ولم تشفع له توسّلات أمّه، أو تثنه عن قراره، وطلب منه أن يغادر وينتحل اسما آخر، وألّا يخبر أحدا عن اسم أبيه أو عشيرته، فترك مضارب عشيرته وهو يبكي كالأطفال، بعد أن طلبت منه أمّه أن يذهب وينام يومين أو ثلاثة في مسجد أريحا حتّى يهدأ أبوه. وفي الطّريق التقى رجلا مسنّا يعيش وحيدا فأخذه ليعيش معه، ويبّدد وحدته، وعرفّه على شيخ القبيلة "سعيفان" الذي تبيّن له انّ ماجد ابن عزّ وشيوخ، فعامله كأبنائه، وهناك صقلت شخصيّة ماجد، وتعلّم الفروسيّة، وتوسّعت مداركه، وتحسّنت قدراته، وشعر برجولته في مجالس الرّجال.
وبعد خمسة عشر عاما عاد ماجد لعشيرته وأهله، لكنّه عاد شخصا آخر، ووجد زوجته سلمى التّي يحبّها في انتظاره، وابنهما صار صبيّا يافعا، فابتهج الجميع وأقيمت الأفراح، وحاز ماجد على لقب المشيخة الذي كان يحلم به أبوه منذ ولادته.
"المائق" رواية اجتماعيّة موجّهة لفئة الفتيان والفتيات، لغتها سلسة بعيدة عن التكلّف والتّعقيد، إنسيابيّة مشوّقة احتوت على العديد من القيم، والعادات العربيّة المتأصّلة من أهمّها:
* إكرام الضّيف والكرم الذي ظهر في الكثير من المواقف كإهداء الشّيخ متعب للشّيخ ماجد فرسا أصيلة عند تأديته فريضة الحجّ، وذبح الشّيخ مسعود الكثير من الذّبائح عند ولادة أولاده وبناته.
‌* أهميّة ومكانة الخيل وخاصّة الأصيل منها عند العرب.
* تيسير المهور والاهتمام بالأخلاق بالدرجة الأولى كما حدث عند خطبة الشّيخ مسعود لابنيه ماجد وسلطان، حين سأل والد الفتاتين عن المهر الذي يطلبه، فأجابه مهر البنات كمهور بناتكم فقدّر الشّيخ مسعود له ذلك، ولأنّه وضع مهر ابنتيه في رقبته حدّد لهنّ مهرا يفوق مهر بناته.
* ردّ المعروف والجميل لأصحابه حين أثنى الشّيخ مسعود على الشّيخ مسعود لاحتضانه ابنه ماجد لسنين، وإحسانه إليه.
* الوفاء بالنّذر الذي ظهر في مواطن عدّة منها وفاء الحاجة زبيدة بنذرها لولادتها ذكرا بتخضيب جدران مسجد مقام النّبي موسى.
* الوفاء كما تجلّى في انتظار سلمى لزوجها ماجد خمسة عشر عاما، وفي رفض ماجد عرض الشّيخ سعيفان بتزويجه وفاء لزوجته سلمى رغم طول فراقهما، إذ كان يحسّ أنّها بانتظاره، وهذا كسرٌ للصّورة النّمطيّة للرّجال في قلّة وفائهم.

* قيمة النّصيحة، وبدا ذلك في الثّلاث نصائح التّي قدّمها الشّيخ سعيفان لماجد قبيل مغادرته وعودته لعشيرته التي قال له عنها أنّ النّصيحة منها بمائة رأس من الغنم، وكيف أنقذته تلك النّصائح من المخاطر في رحلة عودته.
كما قدّمت الرّواية الكثير من العبر المستخلصة من أهمّها:
* على العائلة أن تكون سندا لأولادها، وألّا تتخلّى عنهم مهما كان حتّى لا يصيبها النّدم، كما حصل مع الشّيخ مسعود حين ندم على طرده لماجد، وظلّ يبحث عنه.
* إنّ الإنسان كائن قابل للتّغيير والتطوّر إذا وجد البيئة الحاضنة والمحفّزة له، وأنّ قدراته لن يحدّها شيء إذا وجد الاحتواء، في حين سيظلّ مكانه دونما تقدّم إذا ألصقنا به صفات تنقص من قدره وشخصيته
* قد يحتاج الإنسان أحيانا لبيئة جديدة يجد ذاته بها، لكنّه حتما سيحنّ لأهله وبلده مهما ابتعد عنهم، كما تجلّى في قول ماجد للشّيخ سعيفان "البلاد طلبت أهلها".
ومن الجميل في الرّواية ذكر الأماكن الدّينية كمقام النّبيّ موسى، والمسجد الأقصى ومسجد قبّة الصّخرة، وحضور الأمثال الشّعبيّة مثل: "البنات مثل خبيرة المزابل"، "حبل الكذب قصير"، "فرحنا للأقرع حتّى يؤنسنا، كشف عن قرعته وخوّفنا"، "الضّرة مرّة"، "أولاد المجالس غلبوا أولاد المدارس "، "الجود من الموجود"، "كون نسيب ولا تكون قريب"، "إذا كان صاحبك عسل لا تلحسه كله "، "لو صبر القاتل على المقتول مات لحاله"، "النّساء أكثر من الهمّ على القلب".
وفي تقسيم الرّواية إلى فصول قصيرة ما يناسب فئة الفتيان، إذ يساعدهم على متابعة التطوّرات والأحداث بشكل منظّم، كما يساعد في إيجاد نقاط توقّف طبيعيّة للقراءة، وتعزيز التّشويق بوجود توقّفات مثيرة في نهاية كلّ فصل.
بلا شكّ إنّها رواية قيّمة وإثراء للمكتبة الفلسطينيّة، إلى جانب سابقاتها من أعمال الأديب السلحوت.
29-4-2024



#وجدان_شتيوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبّ في زمن الحرب
- حتّى يدوم أثر رمضان فينا
- أحلامنا.. كيف السّبيل إلى وصالها؟
- مع كثرة الفتن والشهوات.. كيف نتمسّك بديننا؟
- نصيحة تحذيريّة
- هواجس نفس ما بين الصّباح والمساء
- -الأرملة- بين مطرقة المجتمع وسنديان عاداته


المزيد.....




- يوسف اللباد.. تضارب الروايات بشأن وفاة شاب سوري بعد توقيفه ف ...
- بصدر عار.. مغنية فرنسية تحتج على التحرش بها على المسرح
- مع حسن في غزة.. فيلم فلسطيني جديد يُعرض عالميا
- شراكة مع مؤسسة إسرائيلية.. الممثل العالمي ليوناردو دي كابريو ...
- -الألكسو- تُدرج صهاريج عدن التاريخية ضمن قائمة التراث العربي ...
- الطيور تمتلك -ثقافة- و-تراثا- تتناقله الأجيال
- الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم
- الممثل الإقليمي للفاو يوضح أن إيصال المساعدات إلى غزة يتطلب ...
- الممثل الإقليمي للفاو: لا يمكن إيصال المساعدات لغزة دون ممرا ...
- عائلة الفنان كامل حسين تحيي ذكراه الثامنة في مرسمه


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان شتيوي - قراءة في رواية المائق...كيف يصير المائق حليما؟