أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - تأريخ الخرافة ح 9














المزيد.....

تأريخ الخرافة ح 9


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7970 - 2024 / 5 / 7 - 03:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من نقطة أخرى الدين الذي نتعامل به اليوم في شكله النهائي المدون أو المنقول لنا عبر أشكال التواصل الأخرى، ما هو إلا مجموعتين من الممارسات السلوكية الضابطة والمنضبطة بأطر محددة غير فوضوية، والأفكار النظرية التي تسوق الإنسان نحو المثل العليا أو ما يعرف بالفضيلة، وكلاهما يربطهما رابط في وحدة الرؤيا في إطار من القداسة والتعظيم ثم الرهبة من مخالفة المحتوى، لو أمنا إن هذا الدين جاءنا خارجيا فلا بد أن يكون للإنسان فكرة مسبقة عن معنى القيم وعن مفهوم النظريات حتى يستوعي ما جاءه، بمعنى أن تجربة الدين الخارجي لا يمكن أن تطبق خارج وعي الإنسان بما هو في جوهر الدين، وأول جواهر الدين القيم الأخلاقية ثم يأت مفهوم الخضوع الذي ينتهي بالتسليم بأن الدين حامل معرفي عال المستوى وضروري للوجود.
إذا منذ البدء نحن نحتاج إلى مقدمات الدين وأسس ومفاهيم عن روابط شراكة الغيب البعيد مع الحضور الراهن، هذه المقدمات والروابط لا يمكن أن تأتي تعليميا من الخارج بواسطة بشر مثلنا، والسبب أن هذا البشر أيضا يحتاج لمقدمات وروابط مسبقة حتى يستوعب ما ينقله لنا، وبالتالي نحتاج إلى سلسلة من أشكال وأنماط الوعي التدخلي الخارجي حتى تتم عملية أستلام وتسليم الدين من السماء للأرض، هذه العملية التي تبدو غير منطقية إلا في حالة واحدة، وهي أن التدين في الأساس مزيج من فطرة عقلية أولية تكوينية متعلقة بالعقل الإنساني الأول المطبوع، وبين أجتهاد العقل اللاحق المصنوع والمهيأ بتجربة حسية ومادية وتأملية ممتدة ومشتركة مع أخرين، ربما أمتدت طويلا حتى نضجت بالشكل الذي يمكنها أن تقبل وتفهم وتدرك التدخل الخارجي في وعي الإنسان الكلي بالوجود وقوانينه ومضمونه الحاضر والغائب والبين والخفي.
البعض يسمي العقل عموما دون ان يشير إلى كيفية تكوينه أو وجوده إلى عقل علمي وعقل خرافي، حتى أن البعض من المفكرين يرى أن العقل الخرافي عقل منحرف عن طبيعة العقل الأساسية (لّما وجدت مفهومًا ملتبسًا كمفهوم “الخرافة”. وكذلك لم أجد ما يناظره ضمن الحيثيات الشائكة، والمتداخلة، والمتنوعةِ المنطلقات والنوازع، الموجودة في ما سمّي “العقل الخرافي”. وهي التسمية التي يحلو للبعض إطلاقها على النزعة الأنحرافية في الشخصية الفردية وفي الاجتماع)، يقول الباحث الإيراني الشيخ محمد علي ميرزائي في بحثه المعنون (الخرافة بوصفها انحرافًا في العقل الإيماني الغيبي) ومكملا للإقتباس السابق أن العقل الخرافي شكلا من إنحرافات مشوهة لعمل العقل الطبيعي فيقول (أن المعضلة الكبرى في الخرافات لا تكمن في الاستحالة العقلية في إمكان وقوع ما يتصوره، أو يتخيله، أو يتكهنه أو يراه الإنسان في هذه الحالات، بقدر ما تكمن في الطبيعة الإنحرافية لهذه الطرق، فضلًا عن الأخطاء الفادحة التي تقع في أثناء تحليل هذه الأحداث، وطريقة وقوعها، وسلسلة العلل، والأسباب المنطقية والعقلية، في تكوّنها).
فعند هؤلاء ومن يشاركونه الرأي خلاف ما عندي أن الخرافة لا يمكن أن تصدر عن عقل سليم طبيعي، وبهذا المعنى يريد أن يقول هذا الكاتب أن العقل الأول الذي يسمى عند البعض بدائي على حالتين نوعيتين، أولا أما أنه كان عقل طبيعي في أول الأمر ثم أنحرف لاحقا، دون أن يبين ما هي أسباب الإنحراف وعلته ومظاهره العامة، أو يقول أن ذاك العقل الذي عاش الخرافة زمنا طويلا كان منحرفا طبيعيا بدويا، حتى جاء من هو خارجا عنه فصحح مساراته، في كلا التصورين لا يمكن القبول بهذا المنطق، العقل البشري بدأ سليما وطبيعيا وحاول أن يشق طريقه بما يملك من أدوات وأليات ومناهج ووسائل حسب الإمكان، فما نجخ منه كان علما ومعرفة نسبية وما فشل فيه كليا أو جزئيا فهو ليس إنحرافا حقيقيا، بقدر ما هو قصور أما موضعي وأما ذاتي في الطرائق وفي التصورات التأملية وقلة التجربة وحداثتها.
العقل الديني عندما يصنف العقول التي مرت بتجارب معرفية وتراكمت لديها أنواع شتى من المعارف والعلوم بحكم التجربة الطويلة لها في الوجود، وفقا لمقاساته الخاصة التي تجعل من عقله هو علامة دالة رئيسية وقياسية، فيصنف الخرافة بأنها أنحراف عقائدي فقط ومحاولة لخرق النواميس العقلية والمنطقية، وكأن ما يؤمن به من خلال التسليم بما وصله هو نهاية العلم ومطلق التجربة البرهانية، نعم قد يكون في إيماننا منطق عقلي وتسليم بأشياء قد لا تحتاج لبرهان عملي لأنها من أساسيات معادلات الوجود ومنها أن الفاعل الأكبر والأساسي وخالق الوجود واحد، لكن ها لا يعطيه أبدا أن يكون صاحب النظرية وبرهانها ونتيجتها في نفس الوقت.
هناك من يعتقد جازما ان الخرافة اقترنت بمرحلة الجهل الفكري الأفتراضي الأول بأعتبار أن الجهل هو القانون السائد في تحديدات الشخص الإنسانية، طبعا هنا الجهل لا يقصد به فقدان المعلومة المناسبة التي بها وبأستحصالها الطبيعي تحول إلى كائن معرفي أكتشافي فضولي تدخلي، بل يقصد به هؤلاء صفة الهمجية عندما لا يكون الإنسان أن يفترق بذاته عن البهائم والحيوانات، هذا التصور فيه غلو وتجني على الإنسان الأول الذي ولد بحد أدنى من العلم الذي يجعله قادرا على التعامل مع العالم الجديد، في جزء كبير منه مع الفطرة التكوينية والجزء الأخر هو ردة فعل الحواس عما يعيش أو يتعرض له من المحيط، من خلال هذين العنصرين تحول من إنسان فطري تام إلى إنسان يريد أن يعرف ليتخلص من الجهل الطبيعي بالأشياء وليس بالجهل الطبيعي الذاتي له، فهو كائن يجهل وليس كائن جاهل.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأريخ الخرافة ح 10
- تأريخ الخرافة ح 8
- تأريخ الخرافة ح 7
- تأريخ الخرافة ح 6
- تأريخ الخرافة ح 5
- تأريخ الخرافة ح 4
- تأريخ الخرافة ح 3
- تأريخ الخرافة ح 2
- تأريخ الخرافة
- أثر الجغرافية البيئية والبيئة الجغرافية في صياغة الشخصية الف ...
- هل الشخصية العراقية علمانية الجذور والتكوين؟.
- العلماني جذور نفسية وتأريخية في الشخصيى الفردية والعامة
- التناقض بين العلمانية ومفهوم الطاعة للمقدس... الحرية معيار
- إعادة تأهيل الروابط المشتركة للشعب العراقي، مسئولية النخب أم ...
- في دور المال في تشكيل مفهوم السلطة في بعض أوجه الشخصية العرا ...
- الجانب الأخر من التاريخ....
- تحول الدين من ظاهرة إلى مظاهرة
- الدين والطبيعة وفهم العلاقة بين الإحساس والوجود.
- الدرس العشرون والاخير من دروس شهر رمضان لهذا العام
- الدرس التاسع عشر من دروس رمضان لهذا العام


المزيد.....




- إسرائيل تقصف نازحي رفح.. وأوروبا تهدد بعقوبات
- ميدفيديف: روسيا تسعى إلى النصر في العملية العسكرية وسوف تحقق ...
- بوتين: منظمو الهجمات الإرهابية على أراضي روسيا أخطأوا في حسا ...
- هل افتعلت إسرائيل حادث المعبر مع مصر للهروب من مأزق رفح؟
- عاجل | القناة 13 الإسرائيلية عن مصادر: نتنياهو يستعد لحل مجل ...
- النفس الزكية -المهدي الثائر- الذي هدد عرش العباسيين وأيده ال ...
- محاولة قتل بفرنسا والدوافع مجهولة.. طالب يطعن معلمة في وجهها ...
- غوتيريش: لا مكان آمن في غزة ويحب وضع حد -للفظائع-
- دراسة -مرعبة-.. طفل من كل 8 في العالم ضحية -مواد إباحية-
- تقرير: إيران زادت مخزونها من اليورانيوم المخصّب 30 مرة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - تأريخ الخرافة ح 9