أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نوري أبو رغيف - هل أور التوراتية هي مدينة حقا أم شيء آخر















المزيد.....

هل أور التوراتية هي مدينة حقا أم شيء آخر


نوري أبو رغيف

الحوار المتمدن-العدد: 7961 - 2024 / 4 / 28 - 23:23
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


قلنا يا "أور" كوني بردا وسلاما على إبراهيم
*
المستشرقون ومن يمولهم لأسباب سياسية واقتصادية ودينية متنوعة ومتغيرة كانوا يضعون بابل كلّ مرة في موقع مختلف من الأرض فنحن نجد بابل في مصر وأكثر من بابل في أفريقيا. ثم حاولوا نقلها الى المناطق التي جاء منها يهود الخزر قرب بحر قزوين Caspian Sea ومن تلك المناطق أيضا منشأ عرقهم الآري كما يزعمون، وفي نهاية الأمر استقر أمرهم على أن موقعها في وسط العراق وجنوبه ويسمونها توسعا أرض الكلدانيين رغم أن زينفون يقول في كتابه (تربية كورش Cyropedia ) إن الكلدانيين كانوا يعيشون عند جبل قرب أرمينيا، ورغم إن حزقيال النبي يقول في التوراة إنه كان مسبيا عند نهر الخابور في أرض الكلدانيين.
على أية حال بقيت عندهم مسألة توراتية مهمة وهي تحديد المدينة التي هاجر منها إبراهيم أي أور الكلدانيين.
في القرن التاسع عشر ما كانوا يريدون لإبراهيم أن يهاجر من العراق وإنما من موطنهم الأصلي بحر الخزر وما يحيط به فكل شيء يجب أن يعود إليهم، لذلك رسموا طريقه الى ارض كنعان عبر حرّان. وظلت أور مشكلة صعبة حتى تم حلها في القرن العشرين بحيلة أخرى ترجع الأصل لهم أيضا.
إن الرحّالة الأوائل ومن أرسلهم، ثم البعثات المكلفة بالبحث عن الآثار واستكشاف المنطقة، كانت تُطرح للرأي العام الغربي على أنها بعثات تبشيرية بالديانة المسيحية، أما في بلدان الشرق فهي بعثات إنسانية خيرية تكبدت كل هذه المشقات لتقدم المساعدات الطبية لعالم متخلف كي تنقذه من الأمراض المتفشية. وبعد أن استتب كلّ شيء جاءت فرق التنقيب الأركيولوجي. وكانت مهمتها الرئيسية هي إثبات صحة ما جاء في التوراة وكانوا يسمون هذا التنقيب علم الآثار الكتابي Biblical archaeology
لو قرأنا كتب الرحالة المستشرقين في القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر سنراها تبدو وكأنها وصف لرحلات عادية وما من غرض مبيّت وراءها، وإن ما شاهدوه من أماكن عُدّت بعد ذلك مواقع تاريخية مهمة، إنما هو بمحض الصدفة وإن ما كتبوه عنها لم يكن معدا سلفا وإنما هم مجرد شهود عيان لاحظوا أن بعض الأماكن التي مروا بها تتطابق مع جغرافيا الكتاب المقدس.
هؤلاء الرحالة سواء كانوا من الإنكليز أو من الفرنسيين أو الألمان أو من جنسيات أوروبية أخرى كلهم كانوا يعملون لدي شركة الهند الشرقية وهي التي كانت تموّل رحلاتهم وتحدد مهامهم. أود أن أشير هنا الى أن هذه الشركة كانت تسيطر على الكثير من بلدان الشرق وهي تمتلك من الأسلحة والجنود والسفن ما يفوق دول أوروبا مجتمعة وهي ليست خاضعة للتاج البريطاني إلا شكليا. فهل تعتقد أن شركة مثل هذه همها التنقيب عن الحضارات القديمة أو الدين؟
أحد الرحالة الفرنسيين التابعين لشركة الهند الشرقية نشر عام 1845 كتابا اسمه "رحلات في لُرّستان وعربستان Travels In Luristan and Arabistan" في هذا الكتاب يقول إنه زار قرية اسمها بالفارسية تشون Tashun تقع في مقاطعة اسمها في الإنكليزية Babol County ولكنها في الفارسية شهرستان بابل وهذا الاسم أطلق عليها في القرن التاسع عشر وقبل ذلك كان اسمها دارفوروش. هذا يعني أنهم أرادوا بابل أن تكون هناك لأن هذه المقاطعة تقع تماما على ساحل بحر الخزر، ومما يؤكد أن المقصود بالتسمية هي بابل التوراتية نفسها ما يحكيه المؤلف عن قرية تشون فيقول: أن هناك اعتقاد عند سكان المنطقة بأن تشون هي المكان الذي القى النمرود فيه النبيَّ إبراهيم في النار.
قصة القاء النبي إبراهيم في النار هي قصة قرآنية وليست موجودة في التوراة. لكن المؤلف يفاجئنا بتفسير أخر فيقول: ان اسم مدينة تشون مأخوذ من اتش وتعني نارا بالفارسية. وان ميجر رولينسون (مستشرق آخر) ذكر نفس الحكاية عن مكان آخر اسمه منجنيق (قريب جدا من تشون) ومما يسترعي الانتباه أن في جوار تشون وليس ببعيد عن منجنيق، حيث بقيت حكاية إبراهيم ونمرود حية كما لاحظنا، توجد قرية اسمها أور وهي كما تقول التوراة مسقط رأس إبراهيم في ارض الكلدانيين.
انهم يتحدثون عن هذه الخرافات وكأنها فعلا من معتقدات سكان تلك المنطقة وليس هم الذين أشاعوها بينهم من خلال عملائهم من أئمة الطرق الصوفية. هذه الحكايات التي يسردها المؤلف يستقيها المستشرقون من كتب التراث الإسلامي حتى يصدقها الناس. فنحن نلاحظ في حكاية هذا المؤلف مكانا اسمه منجنيق ومكانا اسمه تشون ويعني النار، وفي كتب التراث العربي إن النمرود أوقد نارا هائلة ليحرق إبراهيم وهذه النار تحرق كل من يقترب منها لشدتها. لذلك ابتعد عنها النمرود كثيرا ووضع إبراهيم بالمنجنيق ورماه في النار، وبما أن في الجوار قرية اسمها أور فإن المشهد رسم هكذا: أتت شرطة النمرود الى مدينة أور التي يسكنها إبراهيم واقتادوه الى مكان المنجنيق ثم رموه في تشون.
إن هذه الحكاياتِ إسلاميةٌ تُقنع سكان المنطقة المسلمين بلا شكّ فهم يتبركون بأن تكون أرضهم مسقط رأس إبراهيم، ولكن كيف لها أن تقنع الأوربيين وليس في عقيدتهم نجّاة إبراهيم من النار؟ هنا توجب عليهم الكشف عن الترجمة الأصلية للكتاب المقدس فيما يتعلق بقصة إبراهيم ولكن ليس دون الاحتيال عليها.
تشون عند المؤلف مشتقة من اتش وتعني النار ثم يقول إن "أور" تعني في اللغة العبرية حرفيا "النار" وربما هذا هو السبب الذي جعل القديس جيروم Saint Jerome في ترجمته لسفر نحميا بدلا من أن يقول (أنت هو الرب الاله الذي اخترت ابرام وأخرجته من أور الكلدانيين) يترجمها (أنت الذي أخرج إبراهيم من نار الكلدانيين)

for Ur in Hebrew, literally means fire. This, therefore, may be the reason why St. Jerome, in his translation of Nehemiah ix. 7, instead of saying, "Thou art the Lord the God, who didst choose Abram, and broughtest him out of Ur of the Chaldees" translates, "Thou broughtest Abram out of the fire of the Chaldees."

إنه يريد أن يقول كما هو واضح إن جيروم يعني: إن الله أخرج إبراهيم من مدينة اسمها معناه النار التي هي تشون، حتى يقنع الأوربيين إن أور الكلدانيين هي في تشون على ساحل بحر الخزر.
القديس جيروم ينسبون إليه ترجمة الكتاب المقدس الى اللاتينية وترجمته هي التي تعرف بفولگیت Vulgate وهي التي كانت تعتمدها الكنيسة الكاثوليكية ولا تسمح بأية ترجمة سواها حتى القرن السادس عشر إلى ما بعد احتجاج مارتن لوثر، وهذا يعني ان ترجمة جيروم هي الأصل الأساسي لجميع الأناجيل الموجودة اليوم. وبما أن أور اليوم هي في الناصرية في العراق واسمها لا يعني النار إذن فجيروم كان يقصد النار الحقيقية فلماذا استبدلوا نار الكلدانيين بأور الكلدانيين؟
كلمة أور في القواميس العربية جمعٌ ومفردها أوار وتعني النار واللهب، ومن كلام للإمام علي " فإنَّ طاعةَ اللهِ حِرْزٌ من أُوَارِ نيرانٍ مُوقَدَةٍ " وكذلك تعني وهج الشمس وشدة العطش ومعان كثيرة أخرى نجد بعضا منها في القاموس العبري كالنار واللهب.
لنترك الآن صاحبنا الرحالة وما قاله عن ترجمة القديس جيروم ونذهب إلى مترجم آخر عثرت على عراك حوله في الأنترنت بين موقعين احدهما إسلامي call to monotheism وآخر مسيحي answering islam هذا الرجل هو حاخام يهودي اسمه يوناثان بن اوزيل يزعمون أنه عاش في بداية القرن الثاني الميلادي ترجم أيضا "أور" الى "نار" وليس نفس الآية التي ترجمها جيروم من سفر نحميا وإنما الآية السابعة من الصحاح الخامس عشر من سفر التكوين (أَنَا الرَّبُّ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِيُعْطِيَكَ هذِهِ الأَرْضَ لِتَرِثَهَا) وترجمها أيضا نار الكلدانيين ولكن ليس الى اللاتينية وإنما من العبرية الى الآرامية. وكان تبرير المسيحيين أو بالأصح اتهامهم لأنهم هم الذين بدأوا الشجار. إن الحاخام يوناثان حين ترجم التوراة الى الآرامية ووصل الى كلمة "أور" التي تعني مدينة في اللغة البابلية وهو لا يعرف اللغة البابلية فالتبس عليه الأمر وظنها نفس كلمة "أور" العبرية التي تعني النار فترجمها الى نار. وهذا الخطأ تناقله الكتاب اليهود معتقدين إن الرب أخرج إبراهيم من النار. وهذه القصة كانت شائعة بين يهود جزيرة العرب في زمن محمد (كيف عرف ذلك؟) فأخذ محمد هذه القصة وضمنها القرآن مدعيا إنها وحي من الله، ولكننا نعرف من التاريخ (أي تاريخ؟) أن قصة نجاة إبراهيم من النار بنيت على ترجمة خاطئة:

In the Bible Genesis 15, we re told that God called Abraham out of "Ur of the Chaldeans". In Babylonian language, "Ur", just means city. But in the first century, Jewish Rabbi named Jonathan Ben Uziel was translating Genesis 15 into Aramaic. He came across the word "Ur", now Jonathan did not know Babylonian so he confused the Babylonian word "Ur", which means "city" with the Hebrew word "Ur", which means "fire". This caused him to mistranslate the passage. Instead of saying that God delivered Abraham out of "Ur, city of the Chaldeans", Jonathan s mistranslation said that God delivered Abraham out of "the fire of the Chaldeans". Now why is this important? Well, Jewish writers ran with this idea of Abraham escaping from the fire and soon the Talmud contained all kinds of stories of Abraham being thrown into the fire by the Chaldeans and being miraculously rescued by God and these stories were quite popular in Arabia during the time of Muhammad among the Jews living there. And this is crucial because in Surah 21 we read about Abraham being delivered from the fire. Now Muhammad claimed that he was getting this story from God, but we know from history that this entire idea of Abraham being delivered from a fire was based on a mistranslation. So what makes more sense here? That God also mistranslated the word "Ur"?´-or-that Muhammad was getting his information from the people around him?

واضح من خلال النقاش الحاد بين المسلمين والمسيحيين إن الطرفين لا يعرفان أن القديس جيروم هو الآخر ترجم أور الى نار وفي آية أخرى وليس الآية نفسها أي انه لم يترجمها متأثرا بيوناثان ومع ذلك دعونا نطرح على من يزعم أن يوناثان أخطأ في الترجمة بعض الأسئلة المنطقية البسيطة:
قبل أن يترجم يوناثان الصحاح الخامس عشر كان قد ترجم حتما الصحاح الحادي عشر وفي هذا الصحاح آيتان تدلان على أن أور مدينة وليست نارا وهما الآية 28 (وَمَاتَ هَارَانُ قَبْلَ تَارَحَ أَبِيهِ فِي أَرْضِ مِيلاَدِهِ فِي أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ.) والآية 31 (وَأَخَذَ تَارَحُ أَبْرَامَ ابْنَهُ، وَلُوطًا بْنَ هَارَانَ، ابْنَ ابْنِهِ، وَسَارَايَ كَنَّتَهُ امْرَأَةَ أَبْرَامَ ابْنِهِ، فَخَرَجُوا مَعًا مِنْ أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. فَأَتَوْا إِلَى حَارَانَ وَأَقَامُوا هُنَاكَ.) فهل التبس عليه الأمر أيضا وترجم أور الى نار؟ فمادام لا يعرف البابلية فلابد إذن أن يترجم كل أور تمر عليه الى نار فمن غير المعقول أن يجعلها مرة مدينة ومرة نارا. أم أن أور الكلدانيين في آيتي الصحاح الحادي عشر دُستا في التوراة في القرون المتأخرة لتأكيد أن أور مدينة وليست نارا وأن كلمة أور لم تذكر في الحقيقة إلا في الآيتين التي اخرج بهما الرب إبراهيم من النار وهما اللتان في الصحاح الخامس عشر من سفر التكوين والصحاح السابع من سفر نحميا؟ وإذا كان الأمر كذلك فما هي أور التي في ناصرية العراق وهي ما وجدت إلا لتؤكد صحة ما جاء في التوراة؟



#نوري_أبو_رغيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكاية الغريبة للسيد جورج سميث


المزيد.....




- -نسخة متوترة- من -يورو فيجن- احتجاجاً على مشاركة إسرائيل وتف ...
- -نحن نُقتل في صمت- في غزة.. أب فلسطيني يرعى طفلته حديثة الول ...
- خبراء مصريون يعلقون على تصريح سيناتور أمريكي حول ضرب غزة بقن ...
- تظاهرات ضد إسرائيل بجامعة لوفن البلجيكية
- كيف يتعلق مصير ترامب الآن بشهادة مايكل كوهين؟
- آبل تستعد لبيع نظارة -فيجن برو- للمرة الأولى خارج أمريكا
- معارك عنيفة في شمال وجنوب غزة وفرار المدنيين من رفح يتواصل
- هل زلزلت غزة الغرب؟
- لافروف: سنواجه الغرب إذا أصر على القوة
- السلطات تواصل دعم متضرري بيلغورود


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نوري أبو رغيف - هل أور التوراتية هي مدينة حقا أم شيء آخر