|
فوبيا الميثولوجيا أولياء الله وشفعائه
طلعت خيري
الحوار المتمدن-العدد: 7949 - 2024 / 4 / 16 - 11:01
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
قطعت الدعوة الشفهية شوطا طويلا مع قصار السور، في دعوة الفكر الوثني الشركي لأهل مكة ، ثم اتبعتها مرحلة تنزيل الآيات ، ثم اتبعتها مرحلة آيات الكتاب ، ففي سورة السجدة استوي القران على المرحلة النهائية ككتاب ، الم حروف مقطعة تشير الى السور التي نزلت في مكة بشكل كامل ، ما بعد سورة السجدة ، لن تشير السور الى الآيات ولا الى التنزيل ، إنما الى الكتاب ، تنزيل الكتاب ، بمعنى اخذ الكتاب منزلة نهائية ، مشابهة لكتابي التوراة والإنجيل ، لا ريب فيه لا يقبل الشك من رب العالمين ، مقدمة السورة ترد على ما طرحه المشركين من أهل مكة ، بخصوص منزلة الكتاب النهائية ، مفادها ان محمد افترى الكتاب من عنده ، رد الله عليهم، أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك ، لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك ، لعلهم يهتدون
الم{1} تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ{2} أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ{3}
أضاف الفكر الوثني الشركي لأهل مكة ، رهبانية أولياء الله ، وشفعاء الله ، الى ميثولوجيا الملائكة بنات الله ، للهيمنة الاقتصادية على مقدرات الإنسان المعيشية ، موزعا إياها على مفصلين ، الأول أولياء الله ، رهبانية الإنفاق على الآلهة كالنذور والقربان والهدايا ، على ان يخصص كل فرد جزء من كسبه المعيشي للآلهة ، ثانيا شفعاء الله ، رهبانية الجانب الأمني على اعتقاد ان بنات الله يشفعن في المحن والابتلاءات ، ويحافظن على المصالح الاقتصادية والتجارية من الانهيار ، ونتيجة لتغلل الأولياء والشفعاء بالمصالح الدنيوية ، اختفى اسم الله كخالق للسماوات والأرض ، الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، ثم استوى على العرش ، فرض سيطرته على المخلوقات والمسخرات ، هو الولي وهو الشفيع ، ما لكم أيها الناس ، من دون الله ، من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ{4}
الأصنام على الأرض ، هي تمثيل روحي للملائكة بنات الله في السماء ، وهذه الحركة الروحية ما بين السماء والأرض ، حسب اعتقادهم ، لها دور في تدبير أمور الناس ، كالرزق والسعادة والتجارة والزواج ، لم يتدخل الله في تدبير الأمر مباشرة ، إلا في مجال الرسالات ، لإحداث تغير مناخي أو جغرافي مفاجئ لصالح الرسالة بتسخير جنوده لنصرة الرسل والذين امنوا معهم ، أما تدبير الأمر على الأرض ينطلق من مسخرات السماء ، كنزول المطر واختلاف المناخ ، اللذان يساهمان في تنوع الإنتاج الزراعي والتكاثر الحيواني، وعلى الأرض أيضا مسخرات مادية تساهم بشكل كبير في بروز أنشطة معيشية واسعة ، كالعمل والوظيفة والتجارة والصناعة ، طمس الفكر الوثني الشركي لأهل مكة مسخرات السماء والأرض وعول تدبير الأمر على أوليائه وشفعائه الملائكة بنات الله ، صحح الله الاعتقاد ، قائلا ، يدبر الأمر من السماء الى الأرض ، ثم يعرج إليه ، يعرج إليه ، لا تعني يصعد إليه أي الى السماء ، إنما ارجع الله سبب تعرج الأمر أو تلكئه إليه ، وقد يستغرق التعرج أو التلكؤ وقتا لانفراجه ، وان ثقل اليوم على الإنسان المتعرج أو المتلكئ في أمره ، كألف سنة مما تعدون ، ولكي يبطل الله دور أوليائه وشفعائه الغيبي في تدبير الأمر، أكد على علمه الغيبي للحاضر والمستقبل ، فقال ، ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم
يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ{5} ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ{6}
يحتاج عالم الغيب والشهادة ، الى أدلة مادية تؤكد على علمه الشامل ، وعلى تدبيره للأمور المتحققة والمتلكئة ، فقدم للوثنيين بعض المزايا الكمالية للأشياء ، التي هيئها الله للإنسان قبل خلقه ، كالمسخرات المادية ، فالإنسان يعتبر مرحلة متقدمة على جميع الخلائق ، وبدا خلق الإنسان من طين ، والطين مزيج من التراب والماء ، ومنهما خلق ادم وزوجه ، ليخلق منهما مادة متجددة ، فقال ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ،
الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ{7} ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ{8}
من المزايا التي فضلت الإنسان على بقية الخلق ، استوائه على الشكل الذي يليق به ، وتكميله بالحواس والأفئدة ليشكر الله على فضله ، لا ليكفر به
ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ{9}
#طلعت_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من راحت الاشتراكية راحت البركة
-
سوسيولوجيا المسخرات وسيكولوجية المخاتلة
-
الأممية الاشتراكية والنضال ضد الصهيونية والإمبريالية.
-
السوسيولوجيا - بين الكتب التراثية والكتب المنزلة
-
غزة بعيون سليل ناجين من معسكرات الاعتقال النازية
-
السوسيولوجيا والسيكولوجية في وصايا لقمان لابنه
-
حرب الإبادة في غزّة، وانبعاث جيل جديد في الغرب
-
صيام الأطفال في شهر رمضان
-
الدورة الشهرية للمرأة في شهر رمضان
-
اليد العاملة في شهر رمضان
-
الحرب على غزة – ومستقبل الشرق الأوسط
-
سيسولوجيا الحكمة بين الدين والتراث
-
توقف فيسبوك وإنستغرام وماسنجر عن العمل
-
حرب غزة: كيف تغيرت مواقف اليمين واليسار في الغرب؟
-
تداعيات حرب غزة.. عزل الاحتلال وخروج دول عن السيطرة الأميركي
...
-
الاستغلال الرأسمالي للفطرة المكتسبة
-
حل الدولتين بين القول والفعل
-
الفينومينولوجيا - صنمية المادة والمادة المتجددة
-
الحرب على غزة في ميزان الجيوبوليتيك
-
لفينومينولوجيا - آلهة الأرض
المزيد.....
-
-عبر السعودية-.. لبيد يرسم مسارا لنتانياهو للإفلات من المحاك
...
-
هجوم إيران يطلق حربا عالمية في مواقع التواصل
-
العثور على خاتم رئيسي في موقع الحادثة، ما قصة الشيعة مع الخو
...
-
بعد أعمال العنف.. ماكرون يتوجه إلى كاليدونيا الجديدة
-
طيران سنغافورة: وفاة شخص وإصابات إثر تعرض رحلة بين لندن وسنغ
...
-
مظاهرة في اليونان ضد محاكمة 9 مصريين متهمين بإغراق سفينة مها
...
-
هذه المرة أوروبياً...ليفركوزن يسعى لمواصلة كتابة التاريخ
-
الماء الدافئ يذيب -نهر يوم القيامة الجليدي- ويثير قلق العلما
...
-
استخدام الأسلحة النووية: أحلى على قلب زيلينسكي من العسل
-
عواقب مقتل الرئيس الإيراني على بلاده
المزيد.....
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
-
آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس
...
/ سجاد حسن عواد
-
معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة
/ حسني البشبيشي
-
علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|