|
اقتحام مدينة رفح وخديعة المناطق الآمنة
إبراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 7932 - 2024 / 3 / 30 - 20:02
المحور:
القضية الفلسطينية
عندما كتبت أول أمس الخميس 28 مارس ملاحظة متسائلا عن صحة الأخبار التي ترد من القاهرة بتواصل قيادات من السلطة ببعض ملاك الأراضي في المنطقة الوسطى من قطاع غزة وتطلب منهم توفير ٤٠٠ دونم لإقامة مخيم لإيواء مهجري رفح قبل اقتحامها من جيش الاحتلال، استنكر كثيرون هذا التساؤل واعتبروه من باب التشكيك والطعن بقيادات فتح والسلطة. وبعد التواصل مع المعنيين مباشرة لم ينفوا الخبر ولكن طرحوا الأمر على الشكل التالي: إنهم وبعد الإصرار الإسرائيلي على اقتحام رفح المكتظة بالسكان وما يترتب على ذلك من إمكانية دفع الآلاف نحو سيناء وسقوط آلاف آخرين خصوصا من النساء والأطفال، وبعد ادعاء واشنطن عجزها عن دفع إسرائيل للتراجع عن الفرار وعجز المنتظم الدولي عن ذلك، ومن منطلق الإحساس بالمسؤولية الإنسانية والأخلاقية والوطنية تشاوروا مع الأخوة في مصر حول كيفية التقليل من التداعيات الخطيرة في حالة غزة رفح، فكانت فكرة إقامة مخيمات إيواء مؤقتة في المنطقة الوسطى، وسألني المسؤول الفلسطيني هل تعتبر محاولة منع التهجير إلى سيناء وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح المدنيين تنسيقا أمنيا؟ وانتهت المكالمة التليفونية حول الموضوع عند هذا الحد. كان كلامه مقنع من حيث المبدأ لأن لا أحد يريد تهجير الفلسطينيين الى سيناء أو مزيدا من معاناة قاطنة رفح، كما يجب الاعتراف بأن كل من يشتغل في مجال الإغاثة والمساعدات الإنسانية من دول ومنظمات دولية في القطاع لا بد أن يبسق مع جيش الاحتلال بشكل أو آخر وإلا لن يُسمح له بالعمل وسيدمر كل مشاريعه، ولا داع أن يدعي أحد البطولة وتحدي الاحتلال بعد كل ما لحق القطاع من موت ودمار. وحيث إن كل فلسطين خاضعة للاحتلال المباشر فإن ما يجري في غزة سيكون امتدادا مع ما يجري في الضفة وحتى ما جرى طوال سبعة عشر عاما من حكم حماس لغزة، فلولا التنسيق المباشر أو غير المباشر مع الاحتلال من خلال عراب الانقسام الوسيط القطري ما استمرت حماس بالسلطة طوال هذه السنوات. ولكن يجب الحذر من توظيف العدو لمسألة الغوث الإنساني لزرع بذور الفرقة والاقتتال الداخلي، كما أن العدو لا يعترف بحرمة لأي أماكن آمنة، ونُذكر هنا أنه في بداية الحرب طلب جيش الاحتلال من سكان الشمال ومدينة غزة الانتقال الى المناطق الآمنة جنوب وادي غزة وخصوصا الى رفح وخانيونس، بعدها بدأوا باقتحام خانيونس من أقصى الشرق لأقصى الغرب ولم يحترموا أيمكان آمن حتى المدارس والمستشفيات، وبعد أن عاثوا خرابا ودمارا وموتا فيها حولوا أنظارهم لرفح وقال كل قادتهم أنهم سيقتحمون رفح بذريعة أنها الحصن الباقي لحماس، فما الذي يضمن أن العدو لن ينتقل بعد اقتحام رفح، في حالة حدث ذلك، لاستهداف مخيمات الإيواء الجديدة التي بنيت بأيادي فلسطينية وتمويل عربي بحجة أن قيادات المقاومة تسربوا لهذه المخيمات؟ ألن توجه اتهامات في هذه الحالة أن السلطة ساعدت العدو في تنفيذ مخططه؟ هذا المشهد المرتبك ينطبق أيضا على موضوع الميناء الذي تبنيه إسرائيل بتنسيق مع دولة الإمارات ووكيلها في غزة محمد دحلان، حيث تقوم شركات فلسطينية وعمال فلسطينيون ببنائه في ظل صمت حركة حماس وبقية فصائل المقاومة وعدم استهداف مقاتليها للميناء والعاملين فيه مع أنها تعرف أن فكرة الميناء إسرائيلية وسابقة على قرار واشنطن والغرب ببنائه، وله أهداف تتجاوز الاعتبارات الإنسانية؟ ففي هذه الحالة لا يمكن تجاهل وجود تنسيق أمني إسرائيلي حمساوي دحلاني. نتفهم معاناة أهلنا في قطاع غزة وافتقارهم لأدنى متطلبات الحياة من غذاء ودواء ومياه، والحفاظ على حياتهم وحياة أسرهم أو ما تبقى منها، كما نقدر جهود ذوي النوايا الطيبة في مساعدة أهالي غزة، كما نقدر أن أي حديث الآن عن الوحدة الوطنية والصمود والبطولة لن يجد عندهم آذانا صاغية حبت رغيف الخبز والدواء والماء وضمان الأمان الشخصي بات أهم وسابق على أي حديث عن الوطن والوطنية، ولكن يجب الحذر من استغلال معاناة الناس في ظل استمرار الانقسام لتصبح الأطراف الفلسطينية عاملا مساعدا للعدو في تنفيذ مخططاته.
#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرار أراح اسرائيل
-
كيان قام على أساطير ويستمر بالأكاذيب
-
اسرائيل وسياسة كسب الوقت
-
حكومات أبو عمار وحكومات أبو مازن
-
غزة بدون احتلال ومنزوعة السلاح
-
حكومة انقاذ ما يمكن إنقاذه
-
نهج استعماري واحد من العراق الى فلسطين
-
غزة وسفينة التيتانيك
-
ممر إنساني أم ميناء لأغراض أخرى؟
-
الدبلوماسية الفلسطينية في مأزق
-
الحكومة الفلسطينية بين الضرورات الوطنية والاشتراطات الخارجية
-
عدو عدوك ليس بالضرورة صديقك
-
احزاب وجودها كعدمه
-
وما زال التواطؤ مستمرا
-
لا كرامة للفلسطيني إلا في فلسطين، ولكن
-
فلسطين وشعبها أهم من الأحزاب و قادتها
-
الإسلام منهم براء
-
أين منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي للشعب مما يجري؟
-
تحولات مهمة في الرأي العام، ولكن
-
مجرد سؤال
المزيد.....
-
برلماني روسي: الممولون الغربيون يدفعون بنظام زيلينسكي نحو تخ
...
-
المناظرة الرئاسية المرتقبة: هاريس ستستضيف مسؤولين سابقين في
...
-
في المناظرة التاريخية.. ما يحتاجه ترامب وهاريس للخروج بـ-انت
...
-
عقوبات غربية على إيران بسبب تزويد روسيا بصواريخ باليستية
-
بولندا ترفض قرار ألمانيا فرض إجراءات التفتيش على الحدود
-
مؤسس -تلغرام- بافل دوروف يتجول برفقة صديقته في شوارع باريس
-
سفراء أجانب لدى فرنسا يعربون عن استيائهم من ماكرون
-
بريطانيا تلغي العمل بنظام التأشيرة الإلكترونية للأردنيين
-
رئيس مجلس المستشارين في المغرب: الإسلاموفوبيا ظاهرة خطيرة ته
...
-
السعودية تدعو إلى تغليب مصلحة الشعب السوداني ووقف النزاع بين
...
المزيد.....
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
المزيد.....
|