أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الوهاب بن البشير خطاط - منظمة التّجارة العالميّة والتكافؤ المختل بين الدول.















المزيد.....

منظمة التّجارة العالميّة والتكافؤ المختل بين الدول.


عبد الوهاب بن البشير خطاط

الحوار المتمدن-العدد: 7928 - 2024 / 3 / 26 - 10:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة:
لقد ودعت الإنسانية القرن العشرين، متطلعة إلى قرن جديد يحدوه السلام والأمن، والطمأنينة، والعدل بين الدول، والمساواة بين الشعوب... ولكن خاب أمل الإنسانية بتواصل الحروب وسيطرة القوى العظمى أو هيمنتها... ذلك ما يمثل خطر واضح على حياة البشرية، والعلاقات الدولية على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وتعتمد الدول الكبرى سياسة الهيمنة وفرض النفوذ إما بالقوة أو عبر منظمات عالمية تدعي المساواة بين الدول في الحقوق والواجبات ومنها اقتسام الثروات الطبيعية، والأسواق... وعلى رأسها منظمة التجارة العالمية التي تعكس سيطرة الدول المتقدمة على الثروات الطبيعية والأسواق العالمية تحت غطاء هذه المنظمة، وفي المقابل عجز الدول النامية على مجارات هذه السيطرة مما يعكس الاختلال القائم بين الدول من حيث اقتسام الثروات الطبيعية واقتسام الأسواق، رغم أن قوانين هذه المنظمة تنص على خلاف ذلك.
-منظّمة التّجارة العالميّة، وهيمنة الدول الكبرى على الاقتصاد العالمي
من الواضح أنّ "منظّمة التّجارة العالميّة" قائمة على طرفين، ليس بينهما تكافؤ أي دول صناعيّة متقدّمة قادرة على السّيطرة على الأسواق ودول نامية غير قادرة على المنافسة وهو ما يُنبّئُ باختلال التّوازن بين أعضاء المنظّمة. "لعلّ من الآثار المهمّة لهذه الجولة (تأسيس المنظّمة) على الصّعيد العالمي، أنّه تولّد عنها نظام تجاري متعدّد الأطراف ليشكّل إطارًا للتّجارة العالميّة. ففي الأجل البعيد يتوقّع أن تُسهم نتائج هذه الجولة في تعزيز أواصر العولمة بين البلدان النّامية والبلدان المتقدّمة وتسمح بوصول صادرات كلّ مجموعة إلى المجموعة الأخرى بدون حواجز وقيود. إلاّ أنّ المُلاحظ أنّ هذا التّبادل يقوم بين طرفين غير متكافئين، فقد بلغت حصّة الثّالوث (الو.م.أ واليابان، أوروبا) إلى ستّين في المائة تقريبا من الواردات العالميّة من المصنوعات وأكثر من ثُلثيْ صادرات العالم من المصنوعات عام 1994" وهو ما يؤكده (عبد الله، محمّد شاهين، 2018، ص. 217).
بسبب القوانين التي سنّتها "منظّمة التّجارة العالميّة" والتي تضمن انسياب السّلع بين الدّول ولا تعترف بالحدود بين الدّول تجعل من الدّول وخاصّة النّامية منها غير قادرة على التحكّم في انسياب المنتوجات الخارجيّة ورؤوس الأموال، وبالتالي العجز عن التحكّم في اقتصادها، وهو ما أكّده "أنطونيو نيغري" و"مايكل هاردت" عند قولهما "... باتت عناصر الإنتاج والتّبادل الرّئيسيّة، المتمثّلة بالمال والتّكنولوجيا والنّشر والسّلع، تنتقل بقدر متزايد من السّهولة عبر الحدود القوميّة، أصبحت أقلّ قدرة على التحكّم بتنظيم عمليات التدفّق هذه وعلى فرض سلطتها على الاقتصاد" وهو ما نعثر عليه لدى (نيغري، أنطونيو، هاردت، مايكل، 1423 هـ، 2002 م. ص. 11). والأبعد من ذلك فإنّ الدّولة القوميّة ضمن قوانين منظّمة التّجارة العالميّة تفقد سلطتها وسلطة تسيير مجالاتها الاقتصادية وخروج التّسيير الاقتصادي عن سلطة الدّولة القوميّة وهو ما أكّده (هابرماس، 2002) بالقول: "ويبدو أنّ تحويل الأهميّة من السيّد الإقليمي إلى السيّد المُسيطر على السّرعة، يهدّد الدّولة القوميّة بانتزاع السّلطة منها" (ص. 130)، وبناء على ذلك فإنّ الدّولة تصبح عاجزة عن الوقوف أمام سلطة التدخّل الاقتصادي الخارجي بسبب القوانين التي تُبيح التدخّل الأجنبي في إطار بُنود "منظّمة التّجارة العالميّة".
ومن الآثار السّلبيّة لـ "منظّمة التّجارة العالميّة" أنّ عديد الدّول غير قادرة على التصدّي لإغراق أسواقها بالسّلع أو البضائع بسبب عدم قدرتها على المنافسة من حيث الجودة والأسعار "صعوبة تصدّي الدّول النّامية لمنافسة المنتجات المستوردة من الخارج التي تكون بتكلفة أقلّ وجودة أعلى" ذلك ما أشار إليه (عبد الله، محمّد شاهين، 2018 ، ص. 291).
يساهمُ تفوّق سلع الدّول المتقدّمة من حيث الجودة والأسعار على سلع الدّول النّامية في تردّي الوضع الاقتصادي أي عجز الدّول النّامية على المنافسة وبالتّالي إفلاس عديد المؤسّسات غير القادرة على المنافسة وبالتالي إغلاقها وهو ما يؤدّي إلى انتشار البطالة، وبالتالي انتشار الفقر وانتشار الفقر يؤدي إلى تردي الوضع المعيشي بصفة عامة والوضع الصحي بصفة خاصة وبالتالي انتشار الأوبئة والأمراض.
تساهم "منظّمة التّجارة العالميّة" باعتبارها وسيلة من وسائل "العولمة" في بسط نمط عيش موحّد يُزيح الفروقات المميّزة للمجتمعات والدّول إلى أن تسود ثقافة ولغة واحدة ونمط عيش واحد تفرضه القوى الكبرى وقد أشار إلى ذلك (هابرماس، 2002) بالقول: "... مُوض البُوب والتِّكنُو والجِينز تطبع ذهنيّة الشّباب حتّى في الأصقاع البعيدة من العالم، وثمّة لغة واحدة، هي الأنكليزيّة مدعّمة باللّغة المحلّيّة، أيًّا كانت، صارت وسيلة التّفاهم بين اللّهجات المتباعدة جدًّا ... ولا يُعطي طلاء الحضارة الواحدة المعدّلة أجزاء غريبة من الأرض فقط، بل هو يظهر في الغرب نفسه ماحيًا الفروقات القوميّة إلى درجة تدفع بقسمات التّقاليد المحليّة القويّة تضمحلّ أكثر فأكثر" (ص.138). وبالتّالي تتحوّل عديد الدّول وخاصّة النّامية منها إلى العيش ضمن نمط موحّد ينفي خصوصيّتها الثّقافيّة والاجتماعيّة إلخ... إلى حدّ أنّ سيادة الدّول أصبحت مهدّدة أو هي على المحكّ، إذ أصبحت عاجزة عن ممارسة بعض مهامّها والمحافظة على بعض مميّزاتها الخاصّة.
لقد عجزت "منظّمة التّجارة العالميّة" على الوقوف أمام سيطرة الدّول الكبرى التي تتمتّع بطاقات اقتصاديّة كبرى وتحكّمت في المنظّمة دون أن تخضع لقوانينها، وذلك بأن أصبحت الدّول المتقدّمة تتحكّم في الاقتصاد العالمي حسب مصالحها الخاصّة دون مراعاة الدّول الفقيرة، وتصل الأمور حتّى فرض عقوبات على الدّول المنافسة، والتّرفيع في الأداءات الجمركيّة على بعض السّلع دون استشارة الدّول الأعضاء في المنظّمة والدّليل على ذلك أنّ أكثر الدّول التي قدّمت شكاوي تظلّم إلى نظام تسوية النّزاعات هي دول نامية بسبب تجاوزات الدّول المتقدّمة "خلال الستّ أعوام الأولى من نظام تسوية النّزاعات لمنظّمة التّجارة العالميّة (1995-2000) في 26 في المائة من كافّة الحالات التي عُرضت على نظام منظّمة التّجارة العالميّة لتسوية النّزاعات للحلّ من البلدان النّامية كانت شكاوي وفي 40 في المائة كانت من الدّعي عليهم. 137 في 2000 و2001 قدّمت البلدان النّامية نزاعات أكثر لنظام تسوية النّزاعات لمنظّمة التّجارة العالميّة عن الدّول المتقدّمة" ( الأمم المتّحدة، 2003، ص. 56). وبالتّالي يمكن القول أنّ "منظّمة التّجارة العالميّة" كانت أداة بيد القوى العظمى لتحكم العالم اقتصاديّا، وتحرس مصالحها لا غير.
لقد سيطرت الشّركات العابرة للقارّات على أهمّ القطاعات الاقتصاديّة في مختلف أنحاء العالم، والتي تعدُّ ما يقارب 470 شركة وقد احتكرت هذه الشّركات أهمّ القطاعات الاقتصاديّة:
- التّكنولوجيا الرّفيعة وتستخدمها لإدارة مختلف الميادين الاقتصاديّة والتحكّم فيها.
- احتكار المؤسّسات الماليّة ذات النّشاط العالمي وهو ما يدعم هيمنتها الاقتصاديّة، ذلك أنّ هناك شركات كبرى لها ميزانيّة دولة بأكملها ممّا يجعلها تُدير القطاعات الاقتصاديّة كما تُريد ضاربة عرض الحائط مصالح المؤسّسات الصّغرى.
- تحتكر الشّركات العابرة للقارّات الموارد الطّبيعيّة والتحكّم في أسعارها وذلك بشراء موادّ خامّ بأسعار منخفضة وتكريرها وبيعها بأسعار مرتفعة، وتركيز أدوات الاستخراج والتّكرير في الأماكن التي تتوفّر فيها هذه الموارد الطّبيعيّة لتحقيق أرباح أكثر وتجنّبا لتكاليف النّقل.
- تستحوذ الشّركات العابرة للقارّات على وسائل الإعلام في العالم وذلك للتّرويج لسلعها وخدماتها والسّيطرة على الرّأي العامّ في مختلف أنحاء العالم. ذلك ما يجعل عديد الدّول خاصّة الدّول النّامية منها عاجزة عن التحكّم في أموالها أو السّيولة النّقديّة والدّوائر المعلوماتيّة باعتبار أنّ الشّركات العابرة للقارّات أصبحت تُسيطر تقريبًا على كلّ المعلومات الاقتصاديّة أو غيرها ولها القدرة على اختراق بنك المعلومات المتعلّق بالدّول المنافسة (النّامية) في أيّ لحظة، وتُجبر الدّول النّامية على التّخلّي عن ميادين متعلّقة بسيادتها كي تلتزم بقوانين "منظّمة التّجارة العالميّة".
خاتمة:
تُعدُّ "منظّمة التّجارة العالميّة" الوجه الشّرعي والمُقنّنن لـ "لعولمة" وهو يُخفي الكثير من التّجاوزات، التي ترتكبها في الغالب الدّول الكبرى، حيث تمكّن قوانين هذه المنظّمة من فتح كلّ المجال العالمي، وتسهّل السّيطرة على المنابع الأساسيّة للطّاقة وكلّ الموارد التي توجد في العالم. وكان ذلك في صالح الدّول الكبرى لا غير حتّى تتحكّم في الاقتصاد العالمي وتُديره حسب مصالحها، وهي التي تضع هذه القوانين لتتجاوزها.
هذه الهيمنة التي تمارسها الدول الكبرى تهدّد "الطبيعة بالسّير بها نحو الهاوية وقد استوجب ولادة أعمال لمنظمات عالمية لحماية "الطبيعة"، مشروع ينظر في مخلّفات "الهيمنة" وتأثيرها على الطبيعية، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه وعلى وجه الدقّة ينظر في المخلّفات الكارثيّة المرتبطة بإلحاق الأضرار بالطّبيعة، وذلك قصد التصدّي للكوارث المُحدقة بـها، وسنّ قوانين وعقد مؤتمرات واتّفاقيّات ورسم نماذج اقتصاديّة تتماشى ومكوّنات الطّبيعة بصفة عامّة... وهو ما يستوجب تحول العلاقة بين الإنسان والطبيعة من علاقة "سيد" عليها إلى "محافظ عليها". ذلك ما يجعل من الطبيعة بصفة عامة هدفا وجب المحافظة عليه عوضا أن يكون هدف اقتصاديا أي استغلاليا واستهلاكيا...


المراجع:
André, Pierre, Delisle, Claude, Revéret, Jean-Pierre, )2010( L évolution des impacts sur l environnement, Presses internationales, Polytechnique, Québec, Canada.
خبراء صندوق النّقد الدّولي، (2005) آفاق الاقتصاد العالمي، تمّت التّرجمة في شعبة اللّغة العربيّة التّابعة للقسم العربي الرّوسي غدارة التكنولوجيا والخدمات العامّة، صندوق النّقد الدّولي، واشنطن، الو. أ. م.
عبد الله، محمّد شاهين، (2018) اتّجاهات التّجارة الدّوليّة وأثرها على التّجارة الخارجية العربيّة، دار الأكادميّون للنّشر والتّوزيع، عمّان، الأردن.
الأمم المتّحدة ، (2003)، مؤتمر الأمم المتّحدة حول التّجارة والتّنمية، تسوية النّزاعات، نيويورك وجينيف.
نارليكار، أمريتا،، (1428هـ/ 2008م.) الوجيز في منظمة التّجارة العالميّة، ترجمة عبد الإله الملاّح، الطّبعة الأولى، العبيكان للنّشر، الرّياض، السّعوديّة.
نيغري، أنطونيو، هاردت، مايكل (1423 هـ، 2002 م.)، إمبراطورية العولمة الجديدة، ترجمة فاضل جنكر، ومراجعة رضوان السيد، الرياض، السعودية، مكتبة العبيكان .
هابرماس، (2002) الحداثة وخطابها السياسي، ترجمة جورج تامر ومراجعة جورج كتورة، بيروت، لبنان،، دار النهار للنشر.



#عبد_الوهاب_بن_البشير_خطاط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منظمة التّجارة العالميّة والتكافؤ المختل بين الدول.


المزيد.....




- أين يمكنك تناول -أفضل نقانق- في العالم؟
- ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع ...
- بلينكن: إدارة بايدن رصدت أدلة على محاولة الصين -التأثير والت ...
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث -عدوان الإمارات ...
- أطفال غزة.. محاولة للهروب من بؤس الخيام
- الكرملين يكشف عن السبب الحقيقي وراء انسحاب كييف من مفاوضات إ ...
- مشاهد مرعبة من الولايات المتحدة.. أكثر من 70 عاصفة تضرب عدة ...
- روسيا والإمارات.. البحث عن علاج للتوحد
- -نيويورك تايمز-: واشنطن ضغطت على كييف لزيادة التجنيد والتعبئ ...
- الألعاب الأولمبية باريس 2024: الشعلة تبحر نحو فرنسا على متن ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الوهاب بن البشير خطاط - منظمة التّجارة العالميّة والتكافؤ المختل بين الدول.