أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب طلال - استحضار المسرحي جواد من زنبقة الياسمين















المزيد.....

استحضار المسرحي جواد من زنبقة الياسمين


نجيب طلال

الحوار المتمدن-العدد: 7926 - 2024 / 3 / 24 - 11:21
المحور: الادب والفن
    


نـجيب طــلال

رهانا ستبدو إطلالة اليوم العالمي للمسرح ( عندنا ) كالمعتاد ! إطلالته خجولة في مشهدنا ! خجولة لأسباب قيلت وقيلت، ولا آذان فعالة، لتفعيل ما يجب تفعيله، لبناء ثقافة الجمال، وسحر الإبداع بين العباد. عباد أغلبهم ( الآن) تشرنقوا في عنف الذات والحياة ، بحيث أغلب الفنانين والمبدعين يعيشون ( الآن) على إيقاع الآهات، المضمرة في أعماق أنفسهم، وبالتالي لنغير آهات هاته السنة المتزامنة مع شهر الصيام الفضيل. بآهات استحضار الإحراق والاحتراق، الذي وقع في اليوم العالمي للمسرح، بدون أنشطة مكثفة ، ومما يؤسف له ! بدون ترحم عن الذي احترق؟ لأن إحراق جَـسد باسم المسرح علامة بارزة ! تدفعنا في كل سنة : أن نتساءل أمام معبد ديونيزوس. لماذا أقدم الفنان قيد حياته [ أحمد جواد] على إحراق جسده؟ بعيدا عن تلك التأويلات والموتيفات السخيفة التي غلفت أسباب الاحتراق ! فلو كان هنالك إبداع متميز، وفن مائز، في سياقه تكافؤ الفرص ؟ على الأقل سيقلص نسبيا عنف الحياة من دواخل الإنسان... لكن رغم انهيار المشهد ـ وتفكك شبكته الجامعة ، لأشلاء ممارسي المسرح وفعاليته ومريديه وزبائنه ، إن كان هنالك مريدين، كأهل الزوايا والطرقية ؟ المنشرة بين القرى وأزقة المدن القديمة ! أو زبائن : مثل زبائن الحلاق الذي هو في الأصل "مزين" لغويا، والمسرح مزين بدوره فإن كان الأول يقص ويزين شعْـر الوجه والرأس ويعطره ، فالمسرح حلاق/ مزين النفس: من الأحقاد والأدران والإقصاء والكولسة والدسائس. كشرط عيسَى بْن هشامٍ في مواصفات حجام المقامة الحلوانية ( وحجَّاما نـستعْملهُ،،، وَليِكنْ الحَجامُ خـفِيفَ اليَدِ، حَـديدَ الموسَى، نَظيف الثيابِ، قَليلَ الفضولِ...) أليس للحلاقين أمين ينظم الحرفة ؛ ويفصل في الإشكاليات؟ ولهم ولي يتبركون باسمه سنويا؟ إنه سيدي علي بوغالب دفين "فاس" وليس ذاك دفين "القصر الكبير" فلماذا مسرحنا لا يمتلك على "أمين إبداع" ولا على "وليِّ "نتبرك به سنويا؟ ف"الديونيسوس" ليس [وَلـِيّا ] بل إله طرقي؟ ولا نحتفل بعادة "ديونيسيا" كاحتفال ما كان في "أثينا" ولا زال الإغريقيون الجُـدد يحتفلون به.
ربما ممن سيقرأ هاته السطور، سيعلن سرا أو علانية ، بأن هذا المخلوق الذي هو [ أنا ] يهذي، وقريب من شعْـرة الجنون؟ هكذا قالوا عـن "أحمد جواد" ؟ فحتى "حجام" (ابن هشَام ) وجَـده " يهذي" أي: ذاك (المزين) الذي لم يختره غلامه، بل اختاره شخص آخر، ولكن قال عيسى بن هشَام في حقه : فـبَقيْتُ مُتحـيِّراً مِنْ بـيَانِه ، في هَـذيـانـهِ ، وَخَـشـِيتُ أَنْ يَطول مَجْـلِسَه ، فـقـلتُ: إِلى غـدٍ إِنْ شَاءَ اللهُ ) إنها الأخلاقيات. أخلاقيات سامية جدا. فلو كانت أو بقيت هنالك قيم إنسانية ، لما اتهم الذي حرق نفسه بالحمق والجنون؟ فلو كانت هنالك أخلاقيات، لما تركته الجموع يحترق، وبعضهم يلتقط بنشوة صورا لجسد يحترق...مهزلة...هكذا أصبحنا ! ألم نـَرعبر "فيديوهات" مواطنين يغرقون في مياه جارفة، والبقية تلتقط صورا وفيديوهات، إما للتفكه أو للتجارة بها عبر تفاهة "تيكتوك " وقباحة "وإنستغرام" ؟ فكل شيء أمسى مستباحا، مستباحا ! إلا استرجاع الذاكرة ؟ الذاكرة الدينامية / الحية: لاستنطاق روح أحبتنا وأصدقائنا ورفاق درب الكفاح الفني ! فما حسبنا يوما أننا سنرقص طربا على أرواح أحبتنا ! رغم الاختلاف؟ والصراع ؟ والجفاء في بعض الأحيان؟ ففي نهاية المطاف كلنا إخوة وأحبَّة في الله و في المشهد الإبداعي والفني.
فإذا كان المسرح فن زائل وعابر ووقتي ، حسب تعبير "بيتر بروك" فكينونة الإنسان ليست عابرة ولا زائلة، وبالتالي ف(أحمد جواد) كينونة ، رغم رحيله الاضطراري ، ستبقى روحه كينونة مطلة ؛ ومشرئبة ؛ ومنتشرة ؛على الفضاء الذي ولد فيه ، ومارس المسرح فيه ( الجديدة ) فمن تربتها حمل زنبقة "الياسمين" لتفوح روائحها العبقة ، هنا وهناك. أو في فضاء عمله ( الرباط) التي غـرس فيها بذرة الياسمين، لتنمو حَـسب رؤيته . لأن زنبقـة الياسمين تساهم في تخفيف الكآبة. ويعتقد العطريون ( أي) المعالجون بالزيوت: بأن الياسمين زهرة فعالة خصوصاً للناس الذين يعانون من الصداع وآلام المفاصل والاضطرابات النفسية... أليست زنبقة الياسمين تستغل في مستحضرات التجميل ؟ لكن مهما حاولنا أن نجمل ذاكرتنا التي هي بمثابة ذاكرة "سمك" فمن الصعب ممارسة "المحو" لاسم كان اسمه" أحمد جواد" لأن الفعل الذي أقـدم عليه أمام البوابة التي كان يشتغل فيها " فمن الصعب محْـوه من الذاكرة ، رغم أن العَـديد يحاولون ذلك، هاته هي الحقيقة، فلماذا دائما نخفي باللغة ، المفارقات؟ لأن اللغة في تركيبتها وخطابها "زئبقية" وَلساننا حربائي/ زئبقي ! وخاصة أولئك الذين تعامل معهم ، وتعاملوا معه وكافح بعقله وجسده معهم ؟ في تنظيم بعض مؤتمرات اتحاد كتاب المغرب، بحكم علاقته ب( المثقفين) الذين كانوا ينشطون في [ نادي الأسرة ] الذي أسسه ببهو مسرح محمد الخامس. ومن "كواليسه" حققوا مكاسب وعلائق زمن الملاحق ( الثقافية) ! وكم تم استغلاله، وهضم حقوقه المالية والأدبية ! دون أن يبدي آهات معلنة، إلا في السنوات الأخيرة، قبل حَـرق ذاته العلوية ، لتلتحق بالسماوات العلا. آهات حينما تضاعفت مصاريف الحياة، ورغم ذلك لم يسلم من الدعاوي القضائية ، هنا وهناك، ومن الذعائر التي نطقت بها مقتضيات الأحكام القضائية : هل كان مذنبا أم لا ؟ هذا موضوع كان في أدراج المحاكم .
وبمناسبة اليوم العالمي للمسرح ، ففي أحَـد دورات أيام المسرح التي كانت تنظمه جمعية " أبينوم" بمدينة شفشاون، ولنتأسف في هـذا اليوم الذي يطل علينا[ عالميا ] ( تحديدا) عن ضياع تلك الآيام والملتقيات والمهرجانات المسرحية ، ذات طابع صادق إبداعيا وثقافيا ...ليس بالمطلق طبعا .
حضر الراحل ك( تقني) رفقة أحَـد المسرحيين، ففي صبيحة الغـد (سافر) ذاك المسرحي، إلى وجهة أخرى وترك " أحمد جواد" تائها ، بدون اعتمادات مادية، كما تم الاتفاق عليه . فلولا بعض الإخوة في الجمعية وغيرهم، لما رجع لعمله. وللعلم فهؤلاء الإخوة كلهم لازالوا أحياء، وحتى ذاك المسرحي، وإن كنا نعلم مسبقا أنه لن يقرأ هَـذا ! لأنه لا يقـرأ ؟ تلك هي وضعية أغلب ( المسرحيين) عندنا !! لله في خلقه شؤون.
فلوكان للمسرح في المغرب حلاقـون / مزينون، مهرة، ولنتذكر أيها القارئ المفترض، مسرحية ( الرأس والشعكوكة) تأليف: سعيد الصديقي إخراج: الطيب الصديقي ، والتي قدمت في سنة 1970 لكان[الرأس] إلى حـد ما ، نظيفا من الخزعبلات والترهات ومن أفعال العصابات، التي تهدم نفسها بهدم مسار رفاقها وخلانها في مشهد "فـن الآداء" ، كنا نتمنى أن يكون لدينا حجامون ؟ ليسوا - ك" حلاق بغـداد " في ألف ليلة وليلة، بل - ك"حلاق الإمبراطور" لكاتبها [ ألبير مطلق] والتي استغلها سعد الله ونوس في إحدى مسرحياته؟ لا يهمنا الموضوع هاهنا ، لأننا أمام استذكار خاص. أمام من حمل باقة الرياحين والياسمين: في كل يوم عالمي للمسرح وفي كل يوم عيد الحب! نحن اليوم أمام من وقف ضد هَـدم مسرح البلدي الذي أمسى اسمه مسرح " عفيفي" طبعا لن نجعله بطلا أو أسطورة زمانه، بل هو واحد منا، على الأقل نضعه في ذاكرتنا كشرط وجوب. ومعيارا لما آل إليه مسرحنا، من انهيار وشبه شلل في المخيلة والتخييل والإبداعية؟ ومن خلال فعله ( الحرق) الذي اعتبره البعض جرما وجريمة في ( حقه) فكيف السبيل لإعادة قوام مسرحنا واسترجاع قوته ووهجه الذي كان، هذا إن كانت لدينا نوايا بنائه فعلا؟ وتصحيح مساره حقيقة ؟
لنحمل جميعنا زنبقة الياسمين لكي تفوح منها نسائم ربيعية ، ورقصات ديونيزوسية وطيب عاطر فواح... فرحمه الله في هاته الليلة المباركة .وفي هذا الشهر المبارك والفضيل .



#نجيب_طلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيــنك يا مسرح الـهواة,,, أينك ؟
- وداعا: لنجاح المسرحي البسيط .
- بين نهضة المسرح العـربي ومسؤولية المؤرخ !
- لسفراء المسرح المغربي
- الناسخ والمنسوخ في عروض المهرجان !!
- انتهى مهرجان المسرح ،فأين السؤال ؟
- زيارة مفاجئة !!
- راهنِيَّة مسرحية- لُكعْ بن لُكعْ -
- المسرحي أكريطيط : الأثيري والمكافح
- التماهي بحالات رجل سبعـيني !
- النقـد المسرحي الفايسبوكي !!
- المسرحي آ يت حاكي الَمغْبون !!
- أي الكــوارث أفــظــع ؟؟
- هَـل مرثية تكفي لضحايانا ؟؟
- بـوحـديد مسرحي لا يعـوض
- شـذرية في حق ابن سينا
- لاعبون أم مَسرحيون ؟؟
- بين الهُوية والتناسج في المسرح
- متْ أو انتحر أيها المبدع !!
- عناد رجل مسرحي


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب طلال - استحضار المسرحي جواد من زنبقة الياسمين