أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقي الموسوي - التشكيل الكردي .. أقنعة وأختام وبشر















المزيد.....

التشكيل الكردي .. أقنعة وأختام وبشر


شوقي الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 7921 - 2024 / 3 / 19 - 00:09
المحور: الادب والفن
    


التشكيل الكردي .. أقنعة وأختام وبشر
ثقافة التحديث في رحلة البحث عن الغائب

ثمة انزياح واضح نحو الأثر في التشكيل العراقي المعاصر بشكل عام والتشكيل الكردي شكل خاص، قد تمثل بمناهضة الشكل الكلاسيكي القديم المتمسك بالمعنى الواحد حيث تجاوز الفنان التشكيلي الكردي بنصوصه الاخيرة بعد عصر الحروب هذه المحدودية في المعنى باتجاه تعددية الاصوات، عل اعتبار ان النص الفني مزيج متنوع تتعدد فيه الاصوات فلا وجود لنص تشكيلي نقي معزول عن النصوص الغائبة، لان كل نص صدى لنص اخر الى ما لانهاية ويمثل كل نص من وجهة نزر جوليا كرستينا لوحة فسيفسائية من الاقتباسات، كونه نصا متحولا عن نصوص اخرى، بمعنى ان اي نص تشكيلي سواء كان نصا ام حرفا ام رسما لايمكن ان يكون مكتفيا بذاته، بل متناغما مع مجموعة نصوص استقر عليها النص الاخير المنجز، وبالتالي يصبح النص في الفن الكردي انذاك بمثابة ترسبات ثقافية متعددة الاصوات. يتم تحريكها من قبل الفنان من خلال تكثيف الاقتباسات، فيطفو على السطح الشكل الجديد، بفعل الامتصاص او الحوار او حتى الاجترار. فالصورة الفنية لدى التشكيليين الكرد قد تمرحلت بحدود قوانين التناص والاجترار والامتصاص والحوار من الطبيعي الى الثقافي فالمجرد فقد تواجدت بعض المساحات مشتغلة على قانون الاجترار الذي يشابه الى حد ما فكرة التكرار او الاستنساخ للتكوينات القديمة دون اجراء تغييرات جوهرية عليها والتي تجعل من المشهد الجديد مجرد استذكارات للواقع الخارجي وهو بمثابة تناص مباشر كما في النتاجات الفنية ذات الأسلوب الانطباعي والواقعي بينما هنالك بعض الاعمال الكردية قد ابتعدت عن هذه المباشرة واتجهت بالاشتغال على القانون الآخر وهو الامتصاص الذي يقترب من عمليات اعادة صياغة الأشكال المقتبسة اي اعادة الحياة للنص القديم من جديد حيث يتم تعامل الفنان مع المقتبس تعاملاً تحولياً لا يمحو الأصل، فما يجده يساعد على استجلابه المعاني الجوهرية برداء معاصر جديد، في حين تواجدت بعض الاعمال الاخيرة التشكيلية المحتفلة بالتناص الذاتي (الحواري) دون الاعتماد على اليات التأمل فحسب وانما الاجتهاد في تعبير المباديء الثابتة وبالتالي يؤدي إلى تعرية المثاليات او المقدسات فلا وجود للثوابت في قواميس الحوار الشفاف. وفيما يلي بعض التجارب التشكيلية الكردية المشتغلة على قوانين التناص قد تواجدت بين ثنايا أرشيف موسوعة الفن التشكيلي العراقي الخاص بي.
محمد عارف:
خطاب المركز في رحاب السرد
ثمة سرديات في النص التشكيلي الكردي العراقي، وضعت الموروث الحضاري والفلكلوري والمتمثلة بالعديد من العلامات والرموز التراثية وبعض اشارات الواقع الجديد وخاصة في نتاجات الفنان الرائع الاستاد (محمد عارف). اذ حاول الفنان من خلال طروحات السرد الذاتي ان يفصح الى حد ما عن مكنوناته الذاتية المتمثلة بذاكرة الفنان الفكرية وذاكرة التلقي على مر العصور، على وفق رؤى واساليب فنية محددة تتيح لذهن التلقي استيعاب الموضوعات الانثروبولوجية والجمالية وبالتالي يصبح موضوع السرد متموضعا في محنة الارتداد نحو الزمن القديم. فقد تواجدت بفعل التلقي، الكثير من التقابلات الوجدانية الحاصلة بين نصوص الفنان محمد عارف والمرجع (الذاكرة)، اذا ما عرفنا ان السرد يقارب الفعل الانساني في تصوير الازمنة المتعددة ومن ثم اعادة تشكيل المنظومة السايكولوجية للفنان ودمجها مع عوالم الحياة الانسانية من وجهة نظر ريكور، حيث اشتغل الفنان على اشكالية التراث والمعاصرة المتمثلة في اغلب مفرداته التشكيلية (ادم وحواء- الحصان- الحمامة- الازقة- بيوت قديمة- الشجرة) المقترحة والمستعينة بذاكرته التاريخائية للاشياء وفق جدلية ذهنية بين اثر تلك الاحداث فينا واستجابتنا لها. فالفنان (محمد عارف) وفي اكثر من لقاء جمعني به في بغداد الحبيبة، كان يؤكد لي في كل المرات انه يريد انه يحقق ويتحقق من هوية اشكاله المقترحة سرديا والتي تشكلت بفعل عمليات الانصهار الحاصلة بين قصص السرد وملكة الخيال، بمعنى ان الفنان قد اطلق العنان لخياله كي يبحر بذاكرة التلقي الى الاعماق، حيث اعاد الفنان صياغة الواقع على وفق مخزونه الثقافي والتقني والجمالي المتراكم... بحدود سياقات وتناصات ممتصة من الموروث العربي لدى الفنان، اعتقد ان ما انجزه من تمثيل سردي ذاتي لموضوعاته المتنوعة (العاشق والمعشوق- الفارس البطل- المدينة الفردوسية- الشجرة المثمرة- الجبل- الشلال- الربيع- المطر) يقترب من الاسلوب التعبيري والرمزي المحتفل بالماضي الجميل المحمل بالاطلال والاحلام والصور الشعرية العاشقة للوطن.
إسماعيل الخياط:
كائنات في طقوس
اجتهد الفنان اسماعيل الخياط في انتاج تكويناته المقترحة ذهنيا، على تشفير موضوعاته المختارة (الحلم – الحب والحرب- الجسد الانثوي- المدينة) في لغة مصرية تقترب من التعبيرية والرمزية من اجل استنطاق المعنى الغائب داخل السياق الدلالي العام للتكوين حيث اجد ان اغلب تكوينات الفنان اسماعيل الاخيرة المحتفلة بالمفردات التراثية والاسطورية (طير ابيض- شبابيك- ابواب من التراث – اشكال هندسية- اجساد- رموز فرعونية) قد تالفت مع بعض المباديء التواصلية الاساسية اهمها المرجع الانثروبولوجي والثقافي، فضلا عن السرد الحكائي المتخيل الذي يقترب الى حد ما من الادائ الانطباعي، بجانب مهمة النص المتحمورة بالبث (الابلاغ) عن معنى المعنى (المسكوت عنه).
حيث وجدت هنالك تحولات عديدة لاشكال الفنان اخذت بالتحول شيئا فشيئا الى مجموعة كائنات روحية في مشهد بانورامي طقوسي بفعل عمليات التسطيح والتحزيز والترميز، كتمفصل الجسد الانثوي مثلا مع النهر او الطير مع السلام او مع الارض الطيبة.
ولهذا نرى الفنان (اسماعيل) بعطى اهتماماً بالغاً لتفاعلات العلاقات الفنية من وحدة وانسجام وتضاد وتوازن، على حساب العناصر الرئيسية، اذا ما اعتبرنا ان الكل لايساوي الاجزاء، بل هو مجموع تفاعل الاجزاء مع بعضها بعضا بحسب الفكر الجشطالتي...! اذ تميزت اعمال الفنان (اسماعيل الخياط) بحدود موضوعتي الحلم الضائع والمدينة القديمة، بانفتاحها على مجموعة من المرجعيات الانثروبولوجية اجتماعية كانت ام تاريخية فهو يقوم بتفكيك عناصر الطبيعة ومن ثم يهتم بتحليلها ذاتيا بهدف اعادة صياغتها وطرحها في تكوين اخر، سمح باظهار الجانب الجوهري لمرئياته (الطير والمدينة والعناصر المعمارية) معتمدا على تفاعل عناصر ومباديء التكوين الفني فيما بينها وخاصة عنصر اللون وما يحويه من دلالات رمزية ووجدانية، تختزل الذاكرة الى خطوط ومساحات لونية (احمر- اصفر -اخضر) متوشحة باشارات رامزة تحقق التوازن الروحي والتناغم اللوني والخطي الديناميكي فيتمظهر المشهد التصويري بنسق لوني مجرد.
سيروان شاكر:
التنقيب في سرائر الحلم
ثمة نتاجات في التشكيل الكردي المعاصر، تحاول ان تستقطب بطريقة ما طاقات وجدانية مسكوت عنها، من خلال الولوج الى عالم الرمز والسريرة والحلم. الفنان (سيروان شاكر) احتفل بمظاهر الوجود الانساني والكوني تعبيريا، حيث اجد تكويناته قد توجهت صوب فكرة تحطيم واقعية المشهد المرئي لونيا وخطياً بفعل التسطيح والتحوير من اجل التعبير عن ذاتيته المغيبة في الامس والتي تحاول ان تستقصي الاثر (الالم) الحاصل من ظلام الماضي، هذا الجرح الاحمر العميق قد اوحى للمتلقي دلالات وجدانية متمظهرة هارمونيا بهيئة مدينة بفعل المعالجات اللونية الثائرة ذات العائلة الواحدة التي تسبح بذهن المتلقي الى الحدث. اصبح الفنان (سيروان) مهتما بالتنقيب عن سرائر مدينته القديمة، يفصح عن بعض المساحات الصغيرة من الحرية الغائبة، بفعل الالم المسكوت عنه، وبالتالي تواجدت خاصية سحرية تعبيرية مشحونة بالالم اخترقت المالوف لصالح التلقائية التي تستعيد شيئا من الذاكرة الجمعية، اسطوريا كان ام خياليا، فتظهر مشاهدة البانورامية بمثابة مدن تحترق بفعل الاستذكار- وفي سمائها تخاصمت الغيوم السود بعضها عن بعض.
الفنان (سيروان شاكر) وجد في اللون تعبيرا عن الحياة الداخلية والوجود الانساني، بل هو ضرورة روحية للتواصل مع الاخر على الرغم من دراماتيكية مشاهده التصويرية فقد كانت محنة الانسانية هي الموضوعة التي تستحوذ على اهتمامه، كونها تتجاوب مع الامة المتكررة، فاجده يحاول ان يحاور حزن الطبيعة المحتفلة بالالم وحالات الاغتراب والتغييب المتكررة في مشاهده العطشى الى شيء من السلام فالمدينة (الوطن) هنا قد اصابها الطوفان الاحمر ومازالت تنتظر السلام والاحلام والهيام، فيتمظهر اللون برنينه المتعالي والمتواصل بالانفتاح على الاعماق.

دارا حمه سعيد رشيد:
الصورة الجدار... اقنعة الماضي
ان الاسلوب التعبيري للفنان (دارا حمه سعيد) قد اعتمد على تجزئة ملامح العمل الفني ومن ثم تطهيره من بعض اللواحق التشريحية (التفاصيل)، من خلال اهتمامه الواضح باللون الرومانسي المنفعل وبالخط المنحني المموه لاشكال اجساده المتهالكة، المعذبة والحالمة بالاتي، هذا الاسلوب المعتمد على تفعيل المساحات اللونية المسطحة فيما بينها والمؤتلفة مع حساسية الخطوط المنحنية والمتقاطعة والملتقية والمتحركة بفعل التحريز قد عبر عن احاسيس الفنان بما فيها من افكار واحلام والام وذكريات مؤجلة، منعكسة في اغلب موضوعاته الانسانية (الجسد الانثوي- الطبيعة المنفعلة- الحلم- الاقنعة- المدينة) فتلاحظ مثلا ان موسيقية الالوان (الايقاع) في اغلب مشاهده التصويرية كانت بمثابة المحتوى الدرامي الاساسي لاشكاله، كون الفنان حاول جاهدا ان يستبطن اشكاله واجساده من خلال التركيز على ذاتيته المغيبة في الامس- من اجل التواصل وايصال الصفاء الى الاخر الداخلي. ويلاحظ من الوهلة الاولى ان الفنان لم يكتف بالتعبير عن مظاهر اجساده فحسب، وانما وجدناه قد توغل في اعماق اشكاله باتجاه المخفيات ليعبر عن احاسيسه الداخلية القابعة في ذاكرته الفكرية والجمعية.
هذه السياحة في الذات الانسانية المعذبة لم يكن الفنان دارا ليصلها فقط بحدود موضوعة الجسد وانما وجدناها قد احتوت مظاهر الكون، سواء في تناوله للاشكال الحيوانية (الثور المجنح- البقرة- الطير- الخيل) او للاشكال النسائية او المفردات الكونية (الشمس- القمر- النجمة- الرعد- المطر) فالفنان يحاول ان يبلور ما يشعر به كونه شديد الصلة بالحياة الروحية وقد استذكرت لحظة اشتباكي مع نصوص الفنان (دارا حمه سعيد) الاخيرة باحدى عبارات الناقد الرومانسي الرائع سانت بيف نصها (ان الاسلوب هو الانسان) فوجدت ان المنتج للاسلوب التعبيري للفنان سوف يلحظ ان العاطفة متسيدة لديه على حساب العقل- وبالتالي يظهر لنا الفنان حالات السايكولوجية الشديدة التكاثر والتنوع والتناقض (دارا حمه سعيد) احد الفنانين العراقيين المهتمين بالتلقائية بانواعها فهو ينحت ويرسم ويتحدث دون ادنى تفكير، مع الانتقائية التي تحتفل والتي تزيد في قدرته على مشاهد عديدة تتميز بالمرونة والشفافية المتعدية المألوف.



#شوقي_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التشكيل الكردي .. أقنعة وأختام وبشر


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقي الموسوي - التشكيل الكردي .. أقنعة وأختام وبشر