أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد جواد سيفاو - الفكر الوهابي في سوس ماسة: أسباب الانتشار وسبل التصدي.















المزيد.....

الفكر الوهابي في سوس ماسة: أسباب الانتشار وسبل التصدي.


محمد جواد سيفاو

الحوار المتمدن-العدد: 7913 - 2024 / 3 / 11 - 00:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


منذ العصور القديمة، لعبت منطقة سوس ماسة دورًا بارزًا في تشكيل الهوية الثقافية والدينية للمغرب. تعتبر هذه المنطقة واحدة من المناطق التاريخية الهامة التي شهدت تواجدًا حضاريًا وثقافيًا قويًا عبر العصور. بفضل تباين المعمار والتقاليد واللغة، في سوس ماسة تمتزج الثقافة الأمازيغية كثقافة أصلية بالثقافات الأخرى كاليهوديية والعربية في تناغم مميز يعبر عن السلم والتعايش، مما جعلها مصدر إلهام للعديد من الأعمال الفنية والأدبية، على الرغم من هذا التاريخ الغني، إلا أن المنطقة تشهد في السنوات الأخيرة تحولات ملحوظة في المشهد الإديولوجي والديني . وقد أثارت هذه التحولات تساؤلات حول انتشار الفكر الوهابي في هذه المنطقة وتأثيره على السلم الاجتماعي والتعايش السلمي فيها. إذ يعتبر الفكر الوهابي تيارًا دينيًا متشددًا يسعى إلى تطبيق فهمه الخاص للإسلام، مما أدى إلى انقسامات وتوترات داخل المجتمع.
من هنا، يأتي هدف هذه المساهمة لتقييم مدى صحة هذه الافتراضات. ومن المهم توضيح أن الهدف من هذا التحليل ليس فقط تحديد وجود الفكر الوهابي في سوس ماسة، بل أيضًا فهم العوامل والديناميات التي تسهم في انتشاره، بما في ذلك الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي قد تؤثر على المشهد الديني في المنطقة.
من خلال هذا التحليل ، سنحاول أن نحيط ببعض التطورات الفكرية في سوس ماسة، والخطوات اللازمة للتعامل مع أي تحديات محتملة تواجه التعايش السلمي والتنوع الثقافي فيه.

سوس ماسة واحدة من أهم المناطق التاريخية في المغرب، حيث يعود تاريخها إلى العصور القديمة حيث كانت مأهولة بالسكان الأمازيغ والفينيقيين...، تطورت المنطقة عبر العصور بفضل موقعها الاستراتيجي وتأثير الثقافات المتعددة التي تمتزج فيها. حيث شهدت تغيرات دينية ملحوظة عبر العصور، وكانت الديانات الرئيسية الممارسة في المنطقة في العصور القديمة تتضمن الوثنية واليهودية...، ومع وصول الإسلام في القرون الأولى للهجرة، تحولت المنطقة إلى مركز ديني هام حيث انتشر الإسلام وازدهرت الحضارة الإسلامية. علاوة على تأثر سوس ماسة بالعديد من الحضارات والثقافات التي مرت منها عبر العصور، مما أدى إلى تنوع ثقافي غني يجمع بين العادات والتقاليد الأمازيغية والأندلسية والعبرية والعربية والغربية.. ، ويظهر هذا التنوع في التراث الثقافي والفني والعماري للمنطقة.
يعتبر مصطلح سوس من أقدم المصطلحات الجغرافية القديمة المتداولة في المغرب، إلا أن مدلوله اللغوي يبقى غامضا. ويبقى الراجح أن معناها اللغوي في اللغات الحامية- السامية هو المناطق السهلية الخصبة . وعلى العموم فإن كلمة سوس من المصطلحات التي لها حمولة تاريخية كبيرة، حيث واكبت تاريخ المغرب منذ القدم وحتى الوقت المعاصر. وعرف تحولات في حيزها الجغرافي، بين الامتداد والانكماش، وتغيرات من حيث الاسم؛ من السوس الأقصى إلى السوس الأدنى. كما يلاحظ أيضا أن كلمة سوس تتداول أيضا في مناطق أخرى من العالم، فكما نجدها في المغرب فإننا نجدها في تونس (سوسة) والنيجر (أووس) والتشاد وفي الأهواز وفي بلاد خوزستان. والمعنى الذي يجمع بين مدلول سوس في مختلف مناطق العالم هو: الجيد، الحسن، الطيب، واللطيف، وكلها معاني تنطبق على الأراضي السهلية والجيدة والخصبة والطيبة. كما أن ما قدمته لنا الدراسة اللسنية تدل على أن هذه الكلمة، تأخذ مضمونا يطابق الأراضي السهلية. واعتمادا على هذه المعطيات اللسنية والجغرافية والتاريخية يمكن القول أن كلمة سوس تعني السهل الخصب والجيد .
يعتبر الجغرافي Pline L’ancien (23-79 م)من أوائل الجغرافيين القدامى الذين ذكر وا نهر سوس الذي سماه Quosemum. وقد تكون كلمة سوس مشتقة من اسم النهر Quosemum. وفي القرن 16 م ذكر مامول كاربخال (1524- 1600م) Luis del Mármol Carvajal منطقة سوس، مشيرا إلى أن إقليم سوس اتخذ اسمه من نهر هو أكبر نهر في بلاد “البربر” في جهة الغرب، وهو نفس الأمر الذي ذهب إليه لويس ماسينيون (1883-1962) Luis Massignon فيما بعد، والذي أشار إلى أن سوس مشتق من إسم نهر سوس .
مفهوم سوس قد انتقل من الدلالة على مجال واسع، يمتد من طنجة في العصر الوسيط، إلى تامسنا وشمال جبل درن، في القرن 15م، إلى ما وراء جبل درن حتى الصحراء ، في القرن 16م و17م، ثم انقسم إلى قسمين: السوس الأدنى والسوس الأقصى . وقد اختلف أيضا في حد الأقصى لهذا الأخير (السوس الأقصى)، حيث اعتبر محمد الإكراري أحد مؤرخي المنطقة الساقية الحمراء الحد الأقصى للسوس الأقصى، وهو نفس الرأي الذي ذهب إليه المختار السوسي، والبعض آخر اعتبر أن الحد الأقصى هو بداية رمال الصحراء ونهاية السلسلة الجبلية الأطلسية .
تمتاز سوس ماسة بتراث ثقافي، فني ومعماري مميز وفريد، حيث يمكن رؤية آثارها الفنية والمعمارية في المدن التاريخية مثل أغادير وتارودانت وتيزنيت، وتعكس هذه الآثار تنوع الثقافات التي تأثرت بها المنطقة عبر العصور، ومع ذلك تظل سوس ماسة محافظة على تراثها الثقافي والديني في حين تسعى أيضًا إلى التطور والتجديد لتلبية احتياجات العصر الحديث، حيث تحافظ على توازن ما بين الاحتفاظ بالتقاليد القديمة واستيعاب التحولات الثقافية الحديثة.

حسب التعريفات المتفق عليها بين العديد من الباحثين والمفكرين نخلص لإلى أن الفكر الوهابي هو ذلك التيار الديني المتشدد المنتسب إلى الإسلام السني، ويعود أصله إلى الداعية السعودي محمد بن عبد الوهاب (1703-1792). تتميز مبادئ هذا الفكر بالتأكيد على التوحيد والتخلص من الشرك والبدع، ويعتبر الفرد السلفي وحده مسؤولا عن تفسير الدين وتطبيقه. كما يؤمن الوهابيون بأهمية الرجوع إلى النصوص الدينية الأصلية وتفسيرها بما يتناسب مع الفهم السلفي للإسلام. كما ان تأثير الفكر الوهابي قد يكون ملموسًا في المناطق التي ينتشر فيها، حيث يسعى أتباعه إلى فرض رؤيتهم الخاصة للإسلام وتطبيقها على المجتمع. قد يؤدي هذا التأثير إلى تغييرات في السلوك والعادات والتقاليد الاجتماعية، وقد ينشأ توتر بين الفرق الدينية المختلفة في المنطقة.
متاز أتباع هذا الفكر بالتشبع بالكراهية والدعوة إليها. وهنا أنا فضلت الإستشهاد بتقرير تخصصي من مركز الحرية الدينية من باب الإتيان بقرائن متنوعة في هذا الصدد. وهذا التقرير ومنذ أن صدر لم يعترض على مضامينه علماء الوهابية، وعليه فهو تقرير واقعي . فمن بين الأشياء التي خلص إليها هي كون الوهابيين يفتون ليس فقط بمعارضة مخالفيهم في الدين، بل ذهبوا إلى وجوب بغضهم وكرههم في الله، وهذا يشمل المسلمين من مذهب آخر غير المذهب الوهابي.
من المهم فهم أن الفكر الوهابي ليس تيارًا دينيًا موحدًا، بل يمكن أن يظهر بتباينات كبيرة بين الجماعات والأفراد الذين ينتمون إليه. فقد تتأثر تفسيراته وتطبيقاته بالظروف الاجتماعية والثقافية والسياسية للمنطقة التي ينشط فيها.
على الرغم من تأثيره البارز في بعض المناطق، يواجه الفكر الوهابي أيضًا الكثير من الانتقادات والمعارضة، حيث يعتبره البعض تيارًا متطرفًا ومتشددًا يهدد بالانحراف عن الإسلام التقليدي ويسبب التوترات الاجتماعية. حيث الفكر الوهابي يمتد إلى عدة مجالات، بما في ذلك التعليم والاجتماع والسياسة. يعمل الوهابيون على نشر تفسيراتهم للدين وتعليمها في المدارس والجامعات وفي مواقع التواصل الاجتماعي وباستعمال اللغات المحلية، مما يؤدي إلى تغيير في العادات والبنيات الاجتماعية القائمة. كما يسعون إلى السيطرة على المؤسسات الدينية والقضاء على مظاهر الشرك والبدع في العبادة والممارسات الدينية. الوهابي محمد بن عبد الرحمان المغراوي قال حرفياً ضارباً المغاربة الشيعة والمغاربة الصوفية بحجر واحد، في بيان تقديم كتاب "تنبيه القاري" ما يلي: " لقد كان الناس يظنون أن المغرب خالياً من الروافض الذين سخروا ألسنتهم وأقلامهم وأموالهم في الوقوع في صحابة رسول الله ص ..وإذا بنا نفاجؤ بعصابة تدعي نصرة الإسلام وهي في واقع أمرها شلة من أهل التصوف الحقير وإمتداد لسلالة الروافض الأشرار وعلى رأسهم رافضي كبير يسمى أحمد بن الصديق الغماري " . هكذا يكون المذكور قد وصف ثرات المغرب الصوفي بالحقير و أجداد المغاربة الذين هربوا من ظلم العباسيين من أدارسة وعلويين بالأشرار. هنا يصعب فهم كيف تم السكوت عن هكذا إهانة للمقدسات ونتسائل كيف يمكن لمن يسب أجداد الأدارسة و العلويين أن يكون مغربياً بالإنتماء . فأي تعدٍ على الثوابت الوطنية أكبر من هذا ؟ ولعل قيام المغراوي بالتهجم على عالم مات من سنوات عديدة ليس إلا من باب إسمعي ياجارة. وليس بصدفة كتابة هذه الأشياء في وقت ينعم فيه المغاربة الشيعة بالأمن والحرية ليأتي المذكور مستعملاً بكل إنتهازية الشيعة المغاربة كمدخل للتجريح الظالم فيهم وفي الثقافة المغربية السائدة بإعتبار أصولها الشيعية. لذلك يمكن إعتبار مثل هذه الطلعات إنقلاباً هادئاً على الثوابت الوطنية وتبشير بفكر أجنبي دخيل على الثقافة المغربية. و يعد المغراوي هذا أول من يسب علناً مولاي إدريس ومولاي علي الشريف بإعتبارهما منبعي الإسلام الشيعي والصوفي في المغرب دون التعرض للمساءلة القانونية.
من المهم فهم أن الفكر الوهابي لا يعبر عن تيار ديني موحد، بل يتنوع في تطبيقاته وتفسيراته حسب الظروف والسياق الاجتماعي والثقافي للمنطقة التي ينتشر فيها. قد يظهر الوهابية بشكل مختلف من بلد إلى آخر وحتى داخل البلدان نفسها. ومع ذلك، يجد الفكر الوهابي نفسه تحت الانتقاد من بعض الفقهاء والعلماء الإسلاميين الآخرين، الذين يرون أن تطبيقاته المتشددة قد تسبب التشدد والتطرف، وتهديد للتعايش السلمي في المجتمعات المتسمة بالتنوع الإيديولوجي والثقافي والديني .
تشير أحدث التطورات في منطقة سوس ماسة إلى ظهور بعض العلامات التي تؤكد على انتشار الفكر الوهابي في المنطقة. تفصح هذه المظاهر عن زيادة في عدد الأفراد والجماعات التي تتبنى الفكر الوهابي وتقدم تعاليمه، وهو ما يؤكد على تأثيره المتزايد في المنطقة. ومن خلال معاينة ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، من أحكام قيمة وشتم وقذف للأفراد والجماعات المعينة والمقصودة أو زيادة في عدد الأفراد الذين يتبنون مبادئ وتعاليم الفكر الوهابي، وينشرونها في المجتمع المحلي. كما تتضح هذه الظاهرة من خلال تغيرات في السلوكيات الاجتماعية والثقافية لبعض الأفراد والجماعات في المنطقة. علاوة على ذلك، يبدو أن هناك زيادة في النشاطات الدعوية التي تروج للفكر الوهابي في سوس ماسة، سواء من خلال الخطب الدينية أو الندوات والمحاضرات، مما يسهم في تعزيز انتشار هذا الفكر بين السكان المحليين.
كما يبدو أن هناك بعض العوامل التي قد تسهم في انتشار الفكر الوهابي في المنطقة. من بين هذه العوامل يمكن ذكر الفقر والبطالة وانتشار الأمية وضعف المناعة الفكرية التي قد تجعل بعض الأفراد أكثر عرضة لقبول الرسائل الدينية المتشددة وغيرها من الآفات الفكرية، قد يكون التأثير الثقافي والديني للدول الخارجية أحد العوامل التي تعزز انتشار الفكر الوهابي في سوس ماسة. فالتواصل الإعلامي العالمي يمكن أن يؤدي إلى تبادل الأفكار والمعتقدات والتأثيرات الثقافية، مما قد يؤدي إلى تغييرات في الفهم الديني والتوجهات الفكرية للأفراد في المنطقة. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن بعض الجماعات الدينية المتشددة قد تستغل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة في سوس ماسة لنشر رسائلها، مما يزيد من انتشار الفكر الوهابي وتأثيره في المجتمع المحلي. ومع ذلك، يجب أن لا نغفل عن أهمية العوامل الداخلية في فهم انتشار الفكر الوهابي في سوس ماسة، مثل الحالة الاجتماعية والسياسية والثقافية للمنطقة. فقد تكون هناك عوامل محلية محددة تساهم في تشجيع أو تقليل انتشار هذا الفكر في المنطقة.
باختصار، فإن فهم تطورات انتشار الفكر الوهابي في سوس ماسة يتطلب دراسة عميقة وشاملة للعوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر في المجتمع المحلي. وعلى السلطات المعنية والمجتمع المدني أن يتخذوا التدابير اللازمة لمواجهة أي تحديات محتملة وللحفاظ على التنوع الثقافي والديني في المنطقة.
عند تقديم تقييم نقدي للبيانات والمعلومات المقدمة بشأن انتشار الفكر الوهابي في سوس ماسة، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل قد تؤثر على دقة وموضوعية هذه البيانات. على سبيل المثال، قد تكون الدراسات السابقة محدودة في نطاقها أو تعاني من عيوب في المنهجية، مما قد يؤثر على صحة الاستنتاجات المستندة إليها.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نقوم بتحليل البيانات والمعلومات بعناية لفهم العوامل الحقيقية التي تساهم في انتشار الفكر الوهابي في المنطقة. على سبيل المثال، قد تكون هناك عوامل اقتصادية أو سياسية تلعب دوراً في تعزيز هذا الانتشار، مثل الفقر والبطالة أو الانعكاسات السياسية للتحولات الإقليمية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي الظروف الاجتماعية والثقافية المتغيرة إلى تغييرات في تفاعل الأفراد مع الفكر الوهابي، وبالتالي تأثير درجة انتشاره. وهذا يتطلب دراسة مستفيضة للديناميات الاجتماعية والثقافية في المنطقة لفهم السياق الذي ينشأ فيه انتشار هذا الفكر.
أخيراً، يجب أن نكون حذرين في استخدام مصطلح "الفكر الوهابي" دون تمييز، حيث قد يؤدي هذا إلى تشويه صورة الفكر الوهابي وتعميم الاستنتاجات بشكل غير عادل. بدلاً من ذلك، يجب علينا تحليل التيارات الدينية بشكل دقيق ومفصل لفهم الفروق الفردية والتنوع في التفاعل مع الفكر الوهابي.
باختصار، يجب علينا أن نتعامل مع البيانات والمعلومات بحذر ونقدر التحليل النقدي لفهم العوامل التي تؤثر في انتشار الفكر الوهابي في سوس ماسة. يجب علينا أن نضع في اعتبارنا استنتاجات الدراسات السابقة ونحلل الأسباب الحقيقية وراء هذه الظاهرة بدقة وموضوعية.
عند تقديم تحليل نقدي للبيانات والمعلومات المقدمة حول انتشار الفكر الوهابي في منطقة سوس ماسة، يمكننا استكمال التقييم بتوضيح البيانات الاحصائية المتاحة والتي تسلط الضوء على اتجاهات انتشار هذا الفكر عبر السنوات. على سبيل المثال.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن تحليل البيانات للكشف عن أنماط الانتشار الإقليمية، حيث قد تظهر النسب الأعلى للمتبنين للفكر الوهابي في المدن الكبرى مثل أغادير وتارودانت مقارنة بالمناطق الريفية المحيطة. ويمكن استخدام هذه المعلومات لتوجيه جهود مكافحة التطرف وتعزيز التواصل الاجتماعي في هذه المناطق.
علاوة على ذلك، يمكن أن يساهم التحليل النقدي في فهم عوامل النجاح أو الفشل في تطبيق السياسات الحكومية المتعلقة بمكافحة الفكر الوهابي. على سبيل المثال، يمكن أن تظهر البيانات أن الاستجابة السريعة والفعالة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية قد تكون أكثر نجاحًا في منع انتشار الفكر المتشدد مقارنة بالتدابير الأمنية الصارمة فقط.
وأخيرًا، يمكن استخدام التحليل النقدي لتوجيه البحوث المستقبلية وتطوير استراتيجيات أكثر فعالية لمكافحة الفكر الوهابي وتعزيز التعايش السلمي في المجتمعات المتنوعة. على سبيل المثال، يمكن أن تدعم الدراسات المستقبلية التي تحلل أسباب استجابة الأفراد للرسائل الدينية المتطرفة في توجيه الجهود لتعزيز الوعي وتعزيز القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.

استنادنا إلى ما قدمناه حول انتشار الفكر الوهابي في منطقة سوس ماسة، يمكن أن نستنتج عدة نقاط رئيسية. أولاً، وجود اتجاه متزايد نحو انتشار الفكر الوهابي في المنطقة على مر السنين، مما يتطلب توجيه اهتمام خاص لفهم الأسباب والتداعيات المحتملة لهذا التطور. ثانياً، يظهر أن هناك عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية قد تلعب دوراً مهماً في تعزيز انتشار الفكر الوهابي، مما يشير إلى ضرورة تبني استراتيجيات مستدامة شاملة للتعامل مع هذه العوامل.
من ثم، يجب أن يتم التركيز على عدة جوانب. أولاً، ينبغي تعزيز البحث الأكاديمي والدراسات الاستقصائية لفهم أعمق لعوامل انتشار الفكر الوهابي في المنطقة وتأثيره على المجتمع. ثانياً، يجب تعزيز التعاون بين الحكومة المغربية،المجالس المنتخبة، السلطات الجهوية والإقليمية، المؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني لتطوير برامج توعية وتثقيف لمواجهة التطرف الديني وتعزيز الوعي بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتم التركز على تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، من خلال إنشاء فرص العمل وتعزيز التعليم وتنمية الفكر النقدي والتدريب المهني، وهو ما قد يساهم في تقليل الفجوة الاجتماعية والاقتصادية وبالتالي تقليل تأثير الفكر المتطرف.
أخيرًا، ينبغي على السلطات االوطنية والمنظمات ذات الصلة أن تتبنى استراتيجيات شاملة لمكافحة التطرف الديني وتعزيز التواصل الاجتماعي والتعايش السلمي في المنطقة. يجب أن تكون هذه الاستراتيجيات مبنية على البيانات الدقيقة والتحليل النقدي لتحقيق أقصى قدر من الفعالية في مواجهة أي انتشار محتمل للفكر الوهابي في المنطقة.



#محمد_جواد_سيفاو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسرة ..والتربية الإبداعية للطفل (من أجل مشروع تربوي فعال و ...
- التربية وصناعة الإبداع... أوهام يجب التحرر منها
- المسرح كمدخل علمي و اجرائي في لتربية و التمكين
- تحصين الموهبة و التفوق أساس التقدم الإجتماعي الجذري
- موت مؤسسة المدرسة بين الوهم و الحقيقة


المزيد.....




- -صور الحرب تثير هتافاتهم-.. مؤيدون للفلسطينيين يخيمون خارج ح ...
- فرنسا.. شرطة باريس تفض احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في جامعة ا ...
- مصر تسابق الزمن لمنع اجتياح رفح وتستضيف حماس وإسرائيل للتفاو ...
- استقالة رئيس وزراء اسكتلندا حمزة يوسف من منصبه
- قتلى وجرحى في هجوم مسلح على نقطة تفتيش في شمال القوقاز بروسي ...
- مصر.. هل تراجع حلم المركز الإقليمي للطاقة؟
- ما هي ردود الفعل في الداخل الإسرائيلي بشأن مقترح الهدنة المق ...
- بعد عام من تحقيق الجزيرة.. دعوى في النمسا ضد شات جي بي تي -ا ...
- وجبة إفطار طفلك تحدد مستواه الدراسي.. وأنواع الطعام ليست سوا ...
- صحيح أم خطأ: هل الإفراط في غسل شعرك يؤدي إلى تساقطه؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد جواد سيفاو - الفكر الوهابي في سوس ماسة: أسباب الانتشار وسبل التصدي.