أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بديعة النعيمي - رواية -الصائل- تاريخية ما بين التوثيق والخيال  للكاتب محمد سرسك















المزيد.....

رواية -الصائل- تاريخية ما بين التوثيق والخيال  للكاتب محمد سرسك


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 7896 - 2024 / 2 / 23 - 14:39
المحور: الادب والفن
    


 
 
              بديعة النعيمي
"في أحد الأيام تفاجأ الجميع بوافد جديد، أقام له خيمة من الصوف على سفح الجبل قريبا من الشجرة..لم تحملهم ظنونهم بعيدا ،وغضوا الطرف عن تواجده قريبا من شجرتهم ومقامهم ،لكنهم أصبحوا في حذر إزاء أي تصرف جديد بهذا القادم الغامض" ص١
كان هذا المشهد من رواية الصائل بمثابة المحور الذي ستدور حوله أحداث العمل.
الصائل هي مرافعة تاريخية تقوم على تتبع أحداث تاريخية مهمة منذ بدايات الاستيطان على أرض فلسطين وحتى بدايات الانتداب البريطاني وما بين هذين الحدثين من مفاصل دقيقة ،اعتمد سرسك في توثيقها على العديد من المراجع كما أخبرني وكما يخبر بها العمل. ومن هنا فقد نهض الصائل على أساس مادة تاريخية اعتمدها الكاتب وقدمها وفقا للخطاب الروائي القائم على البعد التخييلي .
ومن الطبيعي أن كُتب التاريخ منهجية وموضوعية وقد تجعل التاريخ صارماً جامداً يبتعد عن الهزات النفسية والمحن الإنسانية، فيترك الفراغات التي يأتي الروائي ليملأها ويستنطق سطورها. فالتاريخ لا غنى عنه لكاتب الرواية التاريخية ،غير أنّ الرواية تحرك هذا التاريخ وتعيد قراءته. والروائي يؤسس عالما من عالَم، محللا ومؤولا لعلاقات اجتماعية وإنسانية بحوارات داخلية وخارجية يستنطق من خلالها الحدث التاريخي وفضاءاته.
ومن المعروف أنّ الرواية التاريخية تجمع بين التاريخي والفني. وقد طغى التاريخي على الفني في رواية الصائل لذلك جاء قسم كبير منها على شكل الكتابة التقريرية وخاصة الحوارات التي أجراها على لسان الشخصيات الصهيونية، فهذه الحوارات لم يكن بالإمكان أن ترد على لسان غيرهم، فكان لا بد من نقلها على تلك الطريقة بهدف المصداقية والأمانة في نقل الحدث كما هو التوثيق التاريخي.
 رواية الصائل عمل سردي تداخل فيه شخصيات متخيلة وأخرى تاريخية.
بالنسبة للشخصيات المتخيلة التي أسهمت في تسيير الأحداث نستطيع أن نجد الرئيسية والثانوية. أما الرئيسية فمنها برزت:
 _شخصية "أبو إسحاق" تلك الشخصية اليهودية التي حلّت في القرية الفلسطينية. والتي جذبت النساء عن طريق ما يجلبه صاحبها من أقمشة وزينة وعطور. أما ما كانت الشخصية تشكله بالنسبة للرجال فقد كانت المتنفس الذي يهربون إليه من الزوجات والأطفال. شخصية تجيد فن الحديث كما وصفها الكاتب.
_"المختار" الذي لم يدرك حقيقة أبي إسحاق بالرغم من تحذير الأستاذ "عماد"
_"عطية" رجل القرية المسكين الذي احتواه المختار ذات يوم طفلا تائها لا أهل له. والذي سيصبح فيما بعد اليد التي يضرب بها أبو إسحاق أهل القرية. عطية الذي لفتت نظره بندقية أبي إسحاق فتعلق بها وكانت مدخل الأخير لاحتوائه والسيطرة عليه ففي ص٤ عن عطية على لسان السارد" ما جذبه كثيرا في متاع أبي إسحاق هو تلك البندقية".
_الأستاذ "عماد" يمثل الوعي حيث يتنبه منذ البداية لخطر أبي إسحاق ،ويتجلى هذا ص٦ عن عماد على لسان السارد"ما لفت انتباهه هو أن أبا إسحاق قد كسب ثقة الرجال وعطفهم عليه دون تكبدهم عناء السؤال عنه ،من هو؟ وماذا يريد؟
ويحذر سرسك من بساطة التفكير وحسن الظن من طرف المختار وأهل القرية وتصدي هذه البساطة لوعي عماد، ففي نفس الصفحة وعلى لسان السارد "لم يكن المختار قلقا ولم تفلح تساؤلات عماد في إثارة مخاوفه، أجابه بأن الرجل لا بد أنه راحل، إنه تاجر فلا داعي للتفكير كثيرا في هذه الأمور". لكن هذا الغريب "الصائل" الذي أوحت خيمته التي نصبها بالقرب من شجرتهم ومقامهم أنه راحل ،أصبح مقيم بعد أن أغرى أهل القرية بالتراكتور الذي اشتراه وأوهمهم بأنه سيساعدهم في زيادة إنتاجهم عن طريق تأجيره لهم. وبزيادة الديون استطاع الحصول على قطعة أرض فأصبح ملاكا. هذه عواقب البساطة في التفكير وانعدام الوعي وقصر النظر التي حذر منها الكاتب ،فما حصل حصل لكنه يحذر من القادم.
أما الشخصيات الثانوية فهي كثيرة مثل علي ابن المختار وزوجته وغيرهم.
أما الشخصيات التاريخية الواردة في الرواية فقد وظفها الكاتب لنقل الأحداث التاريخية المهمة التي تتعلق بالدسائس والمخططات التي هدفت إلى الاستيلاء على فلسطين. فكانت هذه الشخصيات تجتمع في مبنى صوره العمل أنه ناء ذي طلاء أحمر يحيط به الحراس من كل جانب ويقع في القدس. وكان عدد هؤلاء إثني عشر صهيونيا ،ففي ص٢٨ على لسان السارد "كانوا قد قدموا من مختلف أنحاء العالم ،كل واحد يرتدي بدلة أوروبية فاخرة ،بعضهم يدخن الغليون أو السيجار وبعضهم يحتسي المشروب" وكما ذكر الكاتب كان هؤلاء يقومون بتلاوة مقتطفات من نصوصهم الدينية التي تبيح لهم أرض فلسطين وتعطيهم الأحقية في الاستيلاء عليها كونها أرض الأجداد. ومن خلال الحوارات الطويلة التي تدور بينهم نستنتج التناقض في التفكير الذي قامت عليه الصهيونية من حيث أنها حركة علمانية تتمرد على الدين لكنها تضطر إلى اللجوءإلى الدين واستغلاله لتحقيق غاياتها في فلسطين. كل هذا يلمح إليه الكاتب ويترك للمتلقي فرصة الوصول إليه.
ويتنقل الكاتب من خلال الشخصيات من القرية إلى مدينة فرانكفورت إلى تل أبيب ويافا ثم إلى اسطنبول ثم يعود إلى القرية وقد تم ما خطط له أبو إسحاق من الاستيلاء على المقام لأنه يرجع إلى أحد ملوك اليهود فيصبح مزارا لهم ،ويتضح هذا ص٩٩ فيتحدث الكاتب عن زيارة اليهود في شهر آب للمقام حيث أصبح سوقا يعرضون فيه منتجاتهم ويقومون بعد ذلك بأداء طقوس غريبة عند المقام. وقد عمد الكاتب إلى هذه الرمزية حيث ينقل لنا سرسك محاولات اليهود إثبات جذورهم في فلسطين من خلال الحفريات التي يقومون بها في عرض البلاد أملا في إيجاد جذر واحد .. لكن هيهات فهم لا يمتلكون سوى جذور اصطنعوها هم ،مصيرها الاقتلاع السهل، فشتان ما بين الأصلي والمزيف.
 ويكمل الكاتب عملية التنقل بالمتلقي من مكان إلى آخر ،يختارها بعناية حيث يركز كاميرته على أماكن الصفيح الساخن منها والذي كان أرضية خصبة لأحداث وتفاصيل مهمة جدا لا يسعنا حصرها في هذا المقال ،ليكشف الكثير من الملابسات والحقائق والأسباب والمسببات التي أدت في النهاية إلى ضياع فلسطين كل هذا من خلال حوارات كان أكثرها حوارات خارجية أجراها على شخصياته التاريخية.
ثم في الصفحات الأخيرة من الرواية يتناول ما حصل بعد دخول اللنبي البريطاني فلسطين وانتدابها الذي مهد لوطن يهودي وردة فعل أهل فلسطين إزاء هذا الاستعمار الذي جاء تحت ستار الانتداب.
وأخيرا تعتبر رواية الصائل من الأعمال الشاقة التي تطلبت من الكاتب الكثير من البحث والتمحيص ومطابقة المعلومات ،تم توظيفها في النص بتقنيات سردية.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب على غزة_النساء والحرب
- الحرب على غزة_ما الذي حصل؟؟
- نصوص -ماجد الغرباوي- ما بين المراوغة والرمز
- الحرب على غزة_سياسة فاشلة
- الحرب على غزة_ التعذيب، انتقام أم انتزاع
- الحرب على غزة_تكميم أم تواطؤ
- الحرب على غزة_وبات القطاع حقل تجارب
- الحرب على غزة_عدوان أسقط المواثيق
- الحرب على غزة_اختفاء قسري
- الحرب على غزة_ الاعتقال اللاشرعي
- الحرب على غزة_بين فكي كماشة
- الحرب على غزة_إنسانية عارية
- الحرب على غزة_ الملكية المدنية
- الحرب على غزة_لعبة الموت
- الحرب على غزة_التحريض على الإبادة
- الحرب على غزة_الأعراض الجانبية..ذريعة أم جريمة؟
- الحرب على غزة_إنهيار القوانين الدولية والإنسانية ١ ...
- الحرب على غزة_عقوبات جماعية
- الحرب على غزة_دروع بشرية
- الحرب على غزة_جذور حماة الأمن


المزيد.....




- شباب سوق الشيوخ يناقشون الكتب في حديقة اتحاد الأدباء
- الجزيرة 360 تشارك في مهرجان شفيلد للفيلم الوثائقي بـ-غزة.. ص ...
- النيابة تطالب بمضاعفة عقوبة الكاتب بوعلام صنصال إلى عشر سنوا ...
- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بديعة النعيمي - رواية -الصائل- تاريخية ما بين التوثيق والخيال  للكاتب محمد سرسك