أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - لمحة عن النبات فى القرآن الكريم















المزيد.....

لمحة عن النبات فى القرآن الكريم


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 7893 - 2024 / 2 / 20 - 02:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مقدمة
1 ـ ليس القرآن الكريم كتابا فى التاريخ أو فى العلوم أو القانون ، بل هو كتاب فى الهداية ، والآيات التى تتعرض للتشريع والقصص أو تتضمن إشارات علمية تأتى فى معرض الهداية والوعظ .
2 ـ نأخذ مثالا من حديث القرآن الكريم عن النبات :
أولا : فى موضوع النبات تتكرر الدعوة القرآنية للتفكر والتعقل والتبصّر والايمان وشكر الخالق جل وعلا.
نرجو تدبر قوله جل وعلا :
1 ـ ( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) النحل )
2 ـ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (27) السجدة )
3 ـ ( وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) الرعد ). التربة واحدة والماء واحد ولكن النبات مختلف فى اللون والمذاق والشكل .
4 ـ ( وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ) (141) الانعام ). هنا التشابه وغير التشابه والاختلاف فى مذاق الأكل .
5 ـ ( وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً وَمِنْ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99) الانعام )
6 ـ ( أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلَلْتُمْ تَتَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) الواقعة )
ثانيا : الأسلوب القرآنى لا مثيل فى روعته فى وصف جمال النبات .
جنّة الدنيا هى الزروع . فى وصف الجنة للبستان والمزروعات قال جل وعلا :
1 ـ ( وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) ق ). لم يقل فأنشانا به زروعا .!
2 ـ ( وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ ) (141) الانعام ). هى جنات معروشات ومكشوفات .
وصف النبات بالبهجة ، أى يُبهحك حين تنظر اليه .
قال جل وعلا :
1 ـ ( وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) الحج )
2 ـ ( وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) ق )
وصف رائع للنبات فى قوله جل وعلا : ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً (33) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً (34) الكهف )
تخيل : جنتان من أعناب ـ والأعناب وصف يشمل الكثير ، ثم يحف بهما النخيل من الخارج ، وبين النخيل وبين الأعناب زروع ، وهناك نهر بين الجنتين ، وأثمرت الجنتان مختلف الثمرات .
وصف رائع للنخيل ولثمرة النخيل . قال جل وعلا :
( وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) ق ). النخل باسقات ، أى مرتفعة فيما يشبه الخيلاء . و( قنو النخل ) قد تراصّ البلح فيه بشكل مُنضّد .
ثالثا : دلالة النبات على حال الدنيا
قال جل وعلا :
1 ـ ( أَلَمْ تَر أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ (21) الزمر ). أولو الألباب يفهمون ويتذكرون المعنى المراد . حال الدنيا والبشر فيها مثل النبات ، كلاهما مختلف الألوان والنشأة والظروف ، وكلاهما يصل للشباب والصحة ثم الذبول والموت !.
2 ـ ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ) (45) الكهف ). هنا المثل واضح ، نبات يزدهر ثم يندثر . وكذلك نحن البشر .
3 ـ ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) الحديد ). هنا خطاب إلهى صريح لنا ، يبدأ بقوله جل وعلا لنا ( اعْلَمُوا ) فهل نعلم ؟ ثم بعده وصف الحياة الدنيا باسلوب القصر والحصر بأداة ( إنّما ) : ( أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ ) ثم الاتيان بمثل ( الكفار ) والذى يعنى هنا الزُّرّاع الفلاحين ، لأن ( كفر تعنى غطى ) وهم يغطون البذور بالتربة وبالماء لكى تنبت : (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً ) يزدهر ثم يندثر ، والنتيجة فى الآخرة إما نعيم وإما جحيم ( وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ) والمحصّلة النهائية وصف الدنيا باسلوب القصر والحصر : ( وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ ).
هل نقول : صدق الله العظيم ؟!
رابعا : دلالة النبات على البعث والنشور للبشر
1 ـ فى وصف البشر بالنبات فى الميلاد والموت والبعث : ( وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا ( 17 ) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا ( 18 ) نوح ). بالتالى فالبعث للبشر يشبه دورة النبات ، فى الحياة بعد الموت .
2 : هناك قبور للأنفس الميتة فى البرزخ . عند البعث تخرج الأنفس من قبورها البرزخية أو الأجداث . نرجو تدبر قوله جل وعلا :
2 / 1 : عن النبات ثم عن قبور البرزخ : ( وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7) الحج )
2 / 2 : ( أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) العاديات )
2 / 3 :( إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5) الإنفطار ).
2 / 4 : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنْ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) يس ) .
2 / 5 : ( يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8) القمر )
2 / 6 :( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ (42) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44)
3 ـ وهذا كالنبات يستلزم الماء ، ولكنه ماء برزخى . وهذا ما جاء فى الربط بين إحياء النبات بعد موت وبعث البشر بعد الموت . قال جل وعلا :
3 / 1 : ( وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقاً لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11) ق ). نرجو تدبر قوله جل وعلا : ( كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ).!
3 / 2 : ( وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) الاعراف ) . نرجو تدبر قوله جل وعلا : ( كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى ).!
3 / 3 : ( وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9) فاطر ). نرجو تدبر قوله جل وعلا : ( كَذَلِكَ النُّشُورُ ). !
3 / 4 : ( وَالَّذِي نَزَّلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (11) الزخرف ). نرجو تدبر قوله جل وعلا : ( كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ). !
3 / 5 : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) فصلت ). نرجو تدبر قوله جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى ).!
خامسا : مأساة البشر وليس النبات :
1 ـ سافر الى دولة خليجية عمل فيها كادحا ثلاثين عاما ، ثم رجع لبلده وإشترى أرضا بورا إستصلحها وأنفق فى الشراء والاستصلاح معظم ماله ، وتذكر أنه لا بد أن يتزوج ، فتزوج وهو فى خريف العُمر، وأنجب عدة أطفال. وفجأة إشتعلت النار فى مزرعته وبيته وأحرقت كل شىء وزوجته ، ونجا بصعوبة هو وأطفاله الصغار . نظر الى كل شىء فوجده ترابا . نظر لأولاده ورآهم صغارا ، نظر لنفسه فرآى شيخا عاجزا متهدما . هل يستطيع أن يعيد بناء البيت وإستزراع المزرعة وتربية الأطفال ؟ . مأساة بلا شك .!
2 ـ هذه القصة مستقاة من قوله جل وعلا : ( أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266) البقرة ). الآية الكريمة تبدأ بسؤال رب العزة جل وعلا لكل واحد منا ( أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ ) ، وطبعا لا يودُّ أحدنا أن يحدث له هذا . وتنتهى القصة بدعوة للتفكير : ( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ) . فهل تفكّرنا ؟
3 ـ لم نتفكّر، ولم نتّعظ . مع إن هذه القصة الرمزية تتكرر على مستوى الأفراد العاديين ، وعلى مستوى الحكام المستبدين . لكل ( مزرعته ) ، و ( ممتلكاته ) و ( أمواله )، ويتصارع لتكبير مزرعته وممتلكاته ، ثم ينتهى أمره : يترك ممتلكاته بالموت ، وإما أن تتركه ممتلكاته بالخسارة ، أو بهذا وذاك فى وقت واحد . الخيبة الأفظع للمستبد صاحب المزرعة الكبرى والذى يملك الوطن وما عليه ومن عليه . تفكروا فى نهاية صدام والقذافى وزياد برى وعلى صالح والبشير ومبارك وزين العابدين بن على وبوكاسا وعيدى أمين وضياء الحق وشاه إيران ..الخ .
4 ـ الحاضر الغائب فى هذا المثل القرآنى هو ( النبات ).
أخيرا :
1 ـ كذب هيرودوت فى قوله ( مصر هبة النيل ) ، يقصد أن الحضارة المصرية هى هبة من النيل . ولكن النيل يمرُّ ببلاد كثيرة ، ولكن مصر وحدها هى صاحبة الحضارة ، أى إن الصحيح أن مصر هبة المصريين وليس النيل .
2 ـ فرعون موسى عقد مؤتمرا عاما يفخر فيه بإنجازاته ومنها أنهار شقّها تفرعت من النيل ، ويفتخر بهذا على موسى عليه السلام : ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) الزخرف ). هذا الفرعون الفاسد الطاغية إنتهى بقومه وجيشه غريقا فى البحر الأحمر ، وترك خلفه الجنات والعيون والكنوز . قال جل وعلا :
2 / 1 : ( فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) الشعراء )
2 / 2 : ( كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ (28) الدخان ) .
3 ـ كانت مصر طوال تاريخها سلّة الغذاء لمن حولها ، ونتذكر قصة يوسف والمجاعة وكيف كانت مصر هى كنوز الأرض : ( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) يوسف ).
4 ـ ظلت مصر منبع الخير لمن حولها إلى أن حكمها العسكر من عام 1952 . بإختصار : هم الجراد الأصفر الذى إلتهم ويلتهم الأخضر واليابس . !



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن ( الدعاء المستجاب ، ودعاء الرسول ، والدعاء الكافر )
- عن ( تدبر القرآن / مؤخر الصداق / الواقى الذكرى / الزنا واللم ...
- الأرملة الطروب .. هل تتوب ؟
- عن ( باسط كفيه / غواش / الشهيد والحتميات )
- القاموس القرآنى : ( النور )
- عن ( عثمان المستحى )
- عن ( طوبى وطوباك / جرحتم / تغمضوا فيه / البنات لا يحجبن الأع ...
- لمحة عن : ( الفقيه الحزين الخائف ) الحسن البصرى ( 21 : 110 ه ...
- عن ( قُرّة العين / التيسير فى الطهارة / مفاتح الغيب )
- القاموس القرآنى : ( فَمَنْ أَظْلَمُ ) ، ( وَمَنْ أَظْلَمُ )
- إستعجالهم العذاب ... وهل إقترب العذاب ؟
- عن ( ماهية الدولة الاسلامية / خطيب قرآنى فى مسجد ضرار / إستر ...
- عن ( التكفير فى الاسلام / التفضيل والتفريق بين والرُّسل ، ول ...
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
- عن ( الأكل فى بيت الصديق والصاحب / أخ طمّاع / أشفق / المستبد ...
- عن ( معاناة مع أب صوفى / وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِين ...
- عن ( إستغراب زكريا / الايمان بالنبى / صعاليك الانترنت وأسئلة ...
- القاموس القرآنى : ( بصر ) ومشتقاتها
- عن ( البطش / ملك / فاطر )
- القاموس القرآنى : سكن / مساكن / سكينة


المزيد.....




- حجة الاسلام شهرياري: -طوفان الاقصى- فرصة لترسيخ الوحدة داخل ...
- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...
- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - لمحة عن النبات فى القرآن الكريم