أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكري شيخاني - لماذا أكثرنا نمل وصراصير؟؟














المزيد.....

لماذا أكثرنا نمل وصراصير؟؟


شكري شيخاني

الحوار المتمدن-العدد: 7882 - 2024 / 2 / 9 - 14:21
المحور: الادب والفن
    


النملة التي تسكن شق الحائط وتتجول في عالم صغير لا يزيد عن دائرة قطرها نصف متر وتعمل طول الحياة عملًا واحدًا لا يتغير هو نقل فتافيت الخبز من الأرض إلى بيتها تتصور أن الكون كله هو هذا الشق الصغير وأن الحياة لا غاية لها إلا هذه الفتفوتة من الخبز ثم لا شيء وراء ذلك.. وهي معذورة في هذا التصور فهذا أقصى مدى تذهب إليه حواسها.
أما الإنسان فيعلم أن الشق هو مجرد شرخ في حائط والحائط لإحدى الغرف و الغرفة في إحدى الشقق والشقة هي واحدة من عشرات مثلها في عمارة والعمارة واحدة من عمارات في حي والحي واحد من عدة أحياء بالقاهرة والقاهرة عاصمة جمهورية و هذه بدورها مجرد قُطر من عدة أقطار في قارة كبيرة اسمها أفريقيا ومثلها أربع قارات أخرى على كرة سابحة في الفضاء اسمها الكرة الأرضية.. والكرة الأرضية بدورها واحدة من تسعة كواكب تدور حول الشمس في مجموعة كوكبية.. والمجموعة كلها بشمسها تدور هي الأخرى في الفضاء حول مجرة من مائة ألف مليون شمس.
وغيرها مائة ألف مليون مجرة أخرى تسبح بشموسها في فضاء لا أحد يعرف له شكلًا.. وكل هذا يؤلف ما يعرف بالسماء الأولى أو السماء الدنيا وهي مجرد واحدة من سبع سماوات لم تطلع عليها عين ولم تطأها قدم ومن فوقها يستوي الإله الخالق على عرشه يُدبّر كل هذه الأكوان ويُهيمن عليها من أكبر مجرة إلى أصغر ذرة.
كل هذا يعلمه الإنسان على وجه الحقيقة.. ومع ذلك فما أكثر الناس أشباه النمل الذين يعيشون سُجناء محصورين كل واحد مُنغلِق داخل شق نفسه يتحرك داخل دائرة محدودة من عدة أمتار ويدور داخل حلقة مفرغة من الهموم الذاتية تبدأ وتنتهي عند الحصول على كسرة خبز ومضاجعة امرأة ثم لا شيء وراء ذلك.. رغم ما وهب الله ذلك الإنسان من علم وخيال واختراع وأدوات وحيلة وذكاء ورغم ما كشف له من غوامض ذلك الكون الفسيح المذهل.
أكثر الناس بالرغم من ذلك قواقع و سلاحف ونمل كل واحد يغلق على نفسه قوقعته أو درقته أو يختبيء داخل جحر مظلم ضيق من الأحقاد والأضغان والأطماع والمآرب
و نرى آخر مغلولًا داخل رغبة أكّالة في الانتقام والثأر يصحو وينام ويقوم في قمقم من الكوابيس لا يعرف لنفسه خلاصًا ولا يُفكّر إلا في الكيفية التي ينقض بها على غريمه لينهش لحمه ويشرب دمه.
و نرى آخر قد غرق في دوامة من الأفكار السوداوية أغلق على نفسه زنزانة من الكآبة واليأس والخمول.
ولكن العالم واسع فسيح.
وإمكانيات العمل والسعادة لا حد لها وفُرص الاكتشاف لكل ما هو جديد ومذهل ومدهش تتجدد كل لحظة بلا نهاية
فلماذا يسجن الإنسان نفسه داخل شق في الحائط مثل النملة ويعض على أسنانه من الغيظ أو يحك جلده بحثًا عن لذة أو يطوي ضلوعه على ثأر.
ولماذا يسرق الناس بعضهم بعضًا ولماذا تغتصب الأمم بعضها بعضًا والخيرات حولها بلا حدود والأرزاق مطمورة في الأرض تحت أقدام من يبحث عنها.
ولماذا اليأس وصورة الكون البديع بما فيها من جمال ونظام وحكمة وتخطيط موزون تُوحي بإله عادل لا يخطيء ميزانه.. كريم لا يكف عن العطاء.
لماذا لا نخرج من جحورنا.. ونكسر قوقعاتنا ونطل برؤوسنا لنتفرج على الدنيا ونتأمل.
لماذا لا نخرج من همومنا الذاتية لنحمل هموم الوطن الأكبر ثم نتخطى الوطن إلى الإنسانية الكبرى.. ثم نتخطى الإنسانية إلى الطبيعة وما وراءها ثم إلى الله الذي جئنا من غيبه المغيب ومصيرنا إلى غيبه المغيب.
لماذا ننسى أن لنا أجنحة فنجرب أن نطير ونكتفي بأن نلتصق بالجحور في جبن ونغوص في الوحل و غرق في الطين ونُسلّم قيادتنا للخنزير في داخلنا.
لماذا نُسلّم أنفسنا للعادة والآلية والروتين المكرر وننسى أننا أحرار فعلًا.
لماذا أكثرنا نمل وصراصير .. ؟!
..
منقول



#شكري_شيخاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قالوا....في الفساد
- اوجلان الاب والقائد 2 -
- اوجلان الاب والقائد....1 -
- فتش عن إيران ؟؟
- غذاء الروح
- هي ليليان ...ابنتي
- ليليان ..حبيبتي
- الثقافه البائسه.
- تساؤل مشروع
- عقلية متخشبة......متى تغادرنا ونغادرها
- التيار السوري الاصلاحي ....ومسد
- ..سلسلة حديث يوم الخميس
- سقف بيتي حديد..ركن بيتي حجر
- رواد الفنادق ....وقادة الخنادق
- الرفق بالحيوان
- وسائل التواصل الاجتماعي ؟؟؟.....
- سوريا السياسية 1946 وما بعد 6 .
- سوريا السياسية 1946 ومابعد 5
- سوريا السياسية 1946 وما بعد 4
- سوريا السياسية 1946 وما بعد 3


المزيد.....




- كيف قلب جيل زد الإيطالي الطاولة على الاستشراق الجديد؟
- نادر صدقة.. أسير سامري يفضح ازدواجية الرواية الإسرائيلية
- صبحة الراشدي: سوربون الروح العربية
- اللحظة التي تغير كل شيء
- أبرزها قانون النفط والغاز ومراعاة التمثيل: ماذا يريد الكورد ...
- -أنجز حرٌّ ما وعد-.. العهد في وجدان العربي القديم بين ميثاق ...
- إلغاء مهرجان الأفلام اليهودية في السويد بعد رفض دور العرض اس ...
- بعد فوزه بجائزتين مرموقتين.. فيلم -صوت هند رجب- مرشح للفوز ب ...
- حكمة الصين في وجه الصلف الأميركي.. ما الذي ينتظر آرثر سي شاع ...
- الأنثى البريئة


المزيد.....

- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكري شيخاني - لماذا أكثرنا نمل وصراصير؟؟