أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور فهمي - بين العهر والحج -رحلة-














المزيد.....

بين العهر والحج -رحلة-


نور فهمي
كاتبة

(Noor Fahmy)


الحوار المتمدن-العدد: 7881 - 2024 / 2 / 8 - 02:38
المحور: الادب والفن
    


ماذا لو كان طريقك الأوحد للنجاة؛ هو القيام باحدى هذه الجرائم؛ السرقة أو النصب؟!
أيهما ستختار، وأيهما أقل فى تأثيره السلبى على من حولك؟!
ماذا لو صعبنا الاختيار أكثر؛ فطرحنا هذا السؤال على "امرأة"،
وكان "جسدها" خيارا ثالثا متاحا؛
فإما النصب، أو السرقة، أو
"العهر".
ترى حينها، أى جرم ستختار؟!
هذه تحديدا معضلة بطلة فيلم
(رحلة ٤٠٤ )_(القاهرة_مكة)سابقا!
فهى تسعى لتوفير نفقة علاج أمها،
وفى طريق سعيها لسد تكاليف العملية الجراحية؛ تظهر لها عدة عقبات تجبرها على أن تختار بين السرقة والنصب، وبين أن ترجع إلى تجارتها القديمة: "العهر".
تضعف وتنضب حيلها حتى تجد نفسها فى مواجهة مباشرة مع كل ذيول ماضيها البائس؛ مع كل ما عزمت فى قرارها على اجتيازه!
تلتقى من جديد بأناس كانوا ضمن أسباب انحلالها فى الماضى،
وكأن طريقها الذى أجبرت عليه _جزئيا_ فى الماضى، يأبى إلا أن يظهر لها فى كل حين، وفى أشد لحظاتها يقينا بظلمته وبؤسه!
تجارة قديمة أتقنتها، وأجبرتها الظروف على ممارستها، بل وكانت تدعمها أمها، ويبارك ذلك أبيها!!
تخيلى معى؛ لو أنك مكانها؛ وأهلك _ الأقرب والأشد حرصا على سلامتك وحياتك ومستقبلك _
هم نفسهم "من يباركون عهرك"؟!

فى بداية الفيلم تظهر البطلة وهى تعمل فى إحدى شركات الاستثمار العقارى، محجبة، وتتجهز لرحلة (الحج) و مع أزمة علاج أمها، يظهر لنا تاريخ البطلة وماضيها البائس!!
تظهر بالحجاب(حجاب مودرن)؛ وقد تبين لى من خلال أحداث الفيلم وصراع بطلته، قصديته ورمزيته،
فالحجاب بالنسبة للبطلة لم يكن مجرد (ايشارب) تضعه على رأسها، ولا كان شكلا من أشكال الالتزام الدينى، على قدر ما كان حجابا بينها وبين حياتها القديمة، بمصائبها وذلها وقهرها ورخصها!!
حجابا يمنعها من العودة لما كانت عليه قبل أن ترتديه،
حجابا بينها وبين الليالى التى باعت فيها جسدها بارخص الأثمان!!
حجابا بينها وبين الرجال الذين استمتعوا سابقا بجسدها بمقابل مادى!!
ودفعت الثمن من سمعتها وشرفها وحتى مستقبلها!!
أما أغلبهم؛ فتزوج وأنجب وعاش حياته دون وصم،
وكأن شيئا لم يكن!!
ورحلة الحج التى وفرت ثمنها بشق الأنفس ، واستماتتها عليها بإصرار غريب طوال الفيلم؛ لم تكن مطروحة بمفهومها الظاهرى، والسطحى كإسقاط لفريضة، أو إقامة لشعائر !!
والدليل أنه كان بإمكانها أن تسترجع المبلغ الذى دفعته نظير الرحلة، وتسديد ثمن العملية الجراحية لأمها دون الخوض فى كل هذه(الصراعات النفسية) والمشاحنات والتذلل واستجداء العطف، ومحنة الاختيار بين السرقة والنصب، أو بين الرجوع لممارسة العهر!!
بل كان إصرار البطلة على رحلة (الحج)؛ هو إصرارا "رمزيا" على رحلة "التطهر "من كل بقايا الماضى العالقة بقلبها وبأعمق خلجاتها، وليس مجرد تأدية "فريضة من الفرائض!
ولكى تتطهر تماما، فعليها أن تختبر بكل الطرق الصعبة..
القاسية، كما نختبر جميعا لتتجلى أعظم مواهبنا وقدراتنا ورغبتنا الحقيقية فى تحقيق حلم أو هدف ما!!
هو صدى صوتها الداخلى، جوهر ذاتها، الذى تختبره الحياة، صافعة بسؤالها، متحدية قدراتها، صارخة:
هل بالفعل تخليتى عن هذا السبيل..هل حقا لن ترجعى مهما جرى؟!
فبين العهر والحج.."رحلة"؛
"اختبار" لمدى صلابتها وقوتها أمام الإغراءات!!
اختبار درجة الصدق فيما تنوى القيام به والإقدام عليه؛
ففى طريقها للبعد عن خطيئتها القديمة،
تكتشف، ونكتشف معها، أنها تقرر استبدالها بخطايا أخرى ربما أكثر منها ضلالة وظلما للنفس والغير معا؛ اعتقادا منها ومنا (بوعينا الجمعى) أن السرقة أو النصب أقل ضررا للمجتمع من ممارسة البغاء!
وبدلا من استرداد ثمن رحلة الحج!! تسرق..وتنصب فى المقابل!
وكأنها تابت فقط عن العهر! ولم تتب عن ظلم"الناس"
فجميعنا مثلها؛ يدعى الفضيلة والطهر، معلنا أحيانا بفخر:
" انا بعمرى، لم اسرق، ولم انصب، ولم ازنى، ولم أذق الخمر!!"
وكأن جرائم الدنيا وموبقاتها كلها، تتلخص فى هذه الأفعال دون غيرها!!
نرتكب أخطاءا وذنوبا، ونعتقد أننا بمأمن من الفجور والفواحش!
فنكتشف بعدها أن "كلمة" تفوهنا بها لاحدهم، طعنته آلاف المرات حتى أمرضته!!
وآخر ربما نكون سببا فى "انتحاره"!!
ذنوبا لا تنتهى، مظالم لا ترد لأصحابها، وفسادا فى نفوس الآخرين، لا تصلحه كلمة اعتذار، أو إبداء لندم أو توبة.
أثناء محادثات البطلة مع بعض الرجال الذين كانوا فى حياتها السابقة؛ يعايرها أحدهم بأن زوجته أطهر منها ولذلك فضلها عليها وتزوجها ، ونسى تماما أن العلاقة الجنسية التى أفقدت البطلة عذريتها فى المقام الأول، كانت"معه" وبسبب حبها الجارف له ..
وآخر يعايرها بسلوكها فى الماضى، ثم نكتشف أن ذاك الشخص "قتل أمه عامدا متعمدا"!!
تخيلوا "قتل أمه" ، ومع ذلك يشير بأصابع الإتهام والوصم عليها هى!
وكذا جميعا نفعل، دون قصد أو بقصد أحيانا ، ننتقص من قدر الآخرين بقدر الأخطاء التى يقترفوها، والفشل الذى يحيق بدنياهم ويعكر صفو حياتهم، وننسى أنفسنا بكل مصائبها وغرورها وأحيانا ازدواجيتها فى الحكم..
ننسى ذنوبنا عبر "تذكير الآخرين بذنوبهم"
ونعدد "خطاياهم"حتى نتستر على "جرمنا"!!
فصراع البطلة هو صراعنا جميعا منذ الأزل
فأى شر نختار، وأى ذنب نقترف..وأى بشاعات نرتكب فى سبيل ألا نقدم على الأبشع والأظلم والأكثر وحشية؟!
أى طريق ننوى السير فيه، لنتخلص من كل أوجاعنا وأحقادنا وعطب أرواحنا؟!
أى درجة "إصرار" تصل إليها إرادتنا فى سبيل تحقيق "الأحلام والأهداف والآمال"؟!
وكم يساوى ثمن ما نصبو إليه؟
بل؛
هل بإمكاننا سداد أقساط الحلم الذى نتمناه؟!



#نور_فهمي (هاشتاغ)       Noor_Fahmy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأستاذ -إله-
- ورم الجنس (مقال)
- بردا وسلاما على المبدعين (مقال)
- براءة الرب (مقال)
- علاقة(إحسان عبد القدوس) بمسلسل -أزمة منتصف العمر-
- وجه لا يشبه صاحبه!
- شاهينية الهوى
- (منتهى اللذة..منتهى الألم) مقال
- آيات سينمائية..تلاوة امرأة
- حرية موقوتة (نص نثرى)
- انتحار عارية (قصة قصيرة)
- سمعة الكترونية (قصة قصيرة)


المزيد.....




- الإعلان الأول ضرب نار.. مسلسل المتوحش الحلقة 35 مترجم باللغة ...
- مهرجان كان: -وداعا جوليا- السوداني يتوج بجائزة أفضل فيلم عرب ...
- على وقع صوت الضحك.. شاهد كيف سخر ممثل كوميدي من ترامب ومحاكم ...
- من جيمس بوند إلى بوليوود: الطبيعة السويسرية في السينما العال ...
- تحرير القدس قادم.. مسلسل صلاح الدين الأيوبي الحلقة 25.. مواع ...
- البعثة الأممية في ليبيا تعرب عن قلقها العميق إزاء اختفاء عضو ...
- مسلسل روسي أرجنتيني مشترك يعرض في مهرجان المسلسلات السينمائي ...
- عيد مع أحبابك في السينيما.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك أ ...
- في معرض الدوحة للكتاب.. دور سودانية لم تمنعها الحرب من الحضو ...
- الرباط تحتضن الدورة ال 23 لجائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور فهمي - بين العهر والحج -رحلة-