أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور فهمي - انتحار عارية (قصة قصيرة)















المزيد.....

انتحار عارية (قصة قصيرة)


نور فهمي
كاتبة

(Noor Fahmy)


الحوار المتمدن-العدد: 7542 - 2023 / 3 / 6 - 18:34
المحور: الادب والفن
    


أعود لأتذكر جرمى. الموبقات التى اقترفت فى حياتى،
فلا أجد سوى استسلامى؛
استسلامى لسلطتهم ومنعهم وإحاطتهم.  استسلام جسدى  لزوج لم أعاشره يوما بإرادتى.
أهداه أبى إلى زوجى كجثة هامدة؛
يفرغ فيها طاقته الفائضة حينما تلح عليه الحاجة.
ظللت أمارس العهر باسم عقد مقدس لم يستشرنى أحد فى بنوده.
وهنا وصل بى الحال؛
منتظرة فى غرفة باردة، مظلمة، خالية من كل معالم الحياة، خاوية على عروشها. كراكيب وأجهزة صدئة مهملة تشبه روحى تماما..باب مغلق بأقفال حديدية، بلا نوافذ أو منفذ للهرب.
استمع إلى فتواهم .انصت إلى حيلهم. تنطلق اتهاماتهم كطلقات تطعن فى شرفى..خلقى..قيمى..تخزى كيانى كله.
صامتة هاهنا انزوى قهرا. تحولت بفضل ألسنة النساء، قبل الرجال، من فتاة لا حول لها ولا قوة، إلى امرأة تتلون كالحرباء وعلى حد قولهم: لعوب، مجرمة !

استرق السمع ليخترق أذنى سباق رجال العائلة على شرف (قتلى)؛
فاحدهم يقول: "اطعنها بخنجر فى صدرها"
ويبدى الثانى طريقة أكثر سادية؛ فيعلن عن رغبته فى حرقى (حية).
أما الثالث والأخير، فلا يقل عنهما ضراوة ووحشية، فيبادر قائلا:
"نرجمها حتى الموت"
***
"زوجة خائنة، استغفلتنى الحقيرة..طعنتنى فى شرفى!"

جرب فقط أن تنطق بهذه الكلمات والاتهامات فى مجتمعنا لتجد رصاصات تقتل المرأة قبل حتى أن تترافع  وتدافع. هو حكم نهائى لا راد لقضاءه، ولا تحقيق فى صحته!
لا شهود عليه إلا ضدها!
جرب وسيصدقون من فورهم، بل ويشفقون ويتعاطفون مع الزوج وليس مستبعدا أبدا أن يعاونوه  على قتلها.
فمن ذا الذى ينجد امرأة ملفقة لها تهمة خيانة عظمى؟!
من سيجير زوجة رميت بصفة (الخيانة)حتى ولو لم يوجد    أى دليل مادى سوى فى (خيال قائلها) وحيله الشيطانية المريضة؟

من ذا الذى يرحمنى الآن؟! ويستمع لأقوالى؟!
حتى النساء لم أرى فى وجوههن  أى تعاطف أو بادرة حنان؛
كأننى حمل وسينزاح عن طريقهن.
معلوم بالطبع؛ فكلما زاد عدد المتسابقات، كلما كانت نسبة الفوز ضعيفة!
وكم تمنيت أن تحظى احداهن  بزوجى، وأظل كما أنا فتاة عذراء لا يمسسنى انس ولا جن.
منذ اللحظة التى أعلنت فيها عن رغبتى فى الانفصال، حيكت قصص  عن الرجل الذى تقدم لخطبتى سابقا ورفضته عائلتى بسبب قلة ذات اليد،
فقالت احداهن محاولة تفسير سبب طلبى للطلاق :
" رأيتها بأم عينى وهى تتسلل ليلا لتلتقى بحبيها السابق"
وتقر أخرى، دفاعا عن زوجى قائلة: " مسكين  ..رجل طيب ونبيل.."
ثم تتهمنى بلذة تشبع كرامتها: "فاجرة..حلال فيها القتل!"
الغربب فى الأمر أن أحدا لم يرجع إلى ليسألنى حتى من باب الفضول، لا التحقق من الأمر!
سيق جسدى بالركل والسحل والصفعات من قبل زوجى إلى هذه الغرفة القاتمة. كنت أصرخ دفاعا عن نفسى:" أنا بريئة.. بريئة.."
لتزداد قبضته إحكاما على خصيلات شعرى، ويقاطع حديثى فى منتصفه آمرا:
"اخرسى ..وإلا اخرستك أنا للأبد "
ظللت أقرع على باب الغرفة،  وأركله بقدمى، .
أصرخ أن: "استمعوا إلى ..لا أريد أكثر من ذلك..فقط استمعوا إلى.. وافعلوا بعدها ما يرضى ضمائركم"
لم يحاول نجدتى أحد؛ وكأنهم وجدوا ضالتهم فى التسلى بفضيحة جديدة تشغلهم عن أنفسهم، وتعينهم على احتمال مصائبهم.
وبعد يومين من الحبس دارت الفكرة برأسى وانتويت على تنفيذها؛
فقد  قررت ألا  اترك هذا العالم بالطريقة التى أعدوها وتداولوها فيما بينهم .  يكفى أننى جئت إليه وعشت فيه مرغمة..
سأرحل بإرادتى وعلى الشاكلة التى تشفى غليلى وترضى كرامتى.
أريد أن يشهد الكون كله على فعلتى، ولتصبح جريمتى انتقاما، لا قتلا أو انتحارا.
سأؤذيهم مثلما آذونى..سأمطر بعد رحيلى تساؤلات مخزية، صادمة وجارحة. ليشقى أهلى واحدا تلو الآخر..لتنشر مواقع التواصل كلها صورى، ليفتضح أمرهم وأمرى. أريد أن اترك علامة تجردهم من الشرف(طوال حياتهم)؛
الشرف القابع سترا   فى جسدى الفانى،
الشرف الذى سجنتمونى باسمه..وسأستخدم نفس الأداة فى الانتقام منكم، نعم
سأستخدم جسدى  فى الدفاع علنا، سأستبدله بالرصاص كوسيلة للقتل الدامى البطئ. ستنزفون كما نزفت. ستبكون بقدر كل دمعة سقطت منى قبل الرحيل.
لن اترك عالمكم الدنئ إلا وقد شوهته ..سأودع  فيه كسرة  القهر تقتاتون عليها. لن أستسلم أبدا  للوسيلة التى ترتضوها لقتلى.

أعلم أن أكثركم مدمن للفضيحة. سادي، يتلذذ بمصائب الآخرين. ستكونون للمرة الأولى معاونين لى بأغراضكم الدنيئة. بكم أنتم، سأصفع أبى.. زوجى..أخوالى وأعمامى. سأصفع هذا العالم كله قبل رحيلى.
سيكون بأسرع الوسائل وصولا، وأكثرها انتشارا؛
سأقوم بتصوير فيديو لايف،
لن يتمكن أحد من حذفه بعدها. سينتهى أمرهم جميعا  وأتحرر أنا.
سأتطهر من كل هذه السخافات والعهر الشرعى الممارس تحت هذه  المظلة  : (زواج على سنة الله ورسوله)
سأخلع عنى ثيابى قطعة قطعة أمام الملأ..سأتجرد من هذه العادات والأحمال الثقيلة. سأخلع  هذا الذى ذللت بسببه، وتم قهرى باسم ستره!
سأتجرد من أداة كانت وسيلة لقمعى، واعتقالى..نوبات هلعى واشمئزازى..سأخلع عنى جلدى وهذا المدعو  شرفى..

انتحر عارية فى مقطع فيديو يشهد عليه جميع البشر!
ولأتشفى فى خيالى من صورة أبى وزوجى وأهلى جميعا، وهم منكسى الرأس من الفضيحة والعار.
ليس مستبعدا أن يموت أحدهم كمدا أو حتى ينتحر. إن مجرد تصور وجوههم الممقوتة الباهتة، تشفى غليلى وتنصفنى ولو زورا .
سأخلع عنى حيائى لبضعة ثوانى فقط، ثم ينتهى أمرى تماما بعدها. سيشارك الجميع هذا الفيديو بمنتهى العادية والسخف، ويتسابقون على الفضيحة والاسترسال فى تفاصيل جسدى.
سأنتقم  من مقدساتكم أنتم لا انا ..سأردمها ردما وأشعل فيها نيران الغضب والخزى!
  ما المشكلة فى التعرى أمام الملايين، وقد بيع هذا الجسد  من قبل فى سوق النخاسة، ليمارس الشارى ضده أسخف الممارسات!
ما المشكلة فى رؤية الناس لعوراتى، وقد تكشفت من قبل بقبول رجال عائلتى وبمقابل مادى يدعى: (مهرى)!!
هذا الجسد الذى يحملنى لم يشفع لى ابدا؛
فكلما ارتقيت بفكرى درجة، يأخذنى هو بتصورات الناس إلى الهاوية  ويصفعنى من ثم قائلا:
"انسيتى انك امرأة؟! هل تريدين أن تصبحى أكثر من قطعة حلوى لرجل؟! اتطمحين فى أن تنالى شرفا أكبر من كونك دمية(جنسية) يتلذذ بها ويمتطى جسدها؟!
  زوجونى رجلا لا اطيقه،  تتغذى ذكورته على تعنيفى واغتصابى، ثم بعد ذلك  لم يكتفى أو يشبع، بل تزوج باخرى لأننى فى نظره امراة ناقصة، لا تستطيع انجاب بنين أو بنات،
تبا وسحقا والف لعنة ولعنة تخزى شرفه!
لقد أصبحت مجرد أداة جنسية يتلذذ بها. لست شريكة ولا صديقة، لست عاشقة ولا ونيسة. كرهت عشرته ووجودى معه تحت سقف واحد، ولم أطلب سوى تحرير كرامتى،  كنت فى أشد الحاجة لمن يشبع انوثتى حتى الثمالة، ورغم ذلك لم اجرؤ على غدره أو خيانته.
لم يشفع لى حرمانى ومعاناتى  وسنين القهر والذل؛ لأجد نفسى متهمة الآن  بتمريغ شرف العائلة فى الوحل..آه يا أنجاس..فلتذهبوا  إلى الجحيم قبلى!

سأبدأ بخلع هذه الخرقة التى لطالما  دفنت رأسى وحجبت عنه النور والهواء. حالت دون رقص خصيلات شعرى  مع هزات الرياح .
لم يخيرنى أحد فى ارتداءها. بل منذ أن أغرقت ملاءتى بقطرات من الدم ألبسونى اياها، واشترطوا عدم الخروج اطلاقا إلا بها.
كنت فى الحادية عشر من عمرى، وكلما وضعتها حول رقبتى اختنقت.
كان شعرى تاجا تحسدنى عليه كل البنات، فواراه أهلى تحت الثرى،
كأننى أعاقب على (بلوغى) بالمنع..بالسجن المؤبد مع الشغل.. لا يحتوينى أو يدرك مطلبى أحد. كنت فى حاجة لمسكن بيولوجى ونفسى، ولم احظى
بكليهما!

جسدى هذا  الذى تأذيت بسببه فى طفولتى،
هو ذاته  الذى تأذيت باسمه فى مراهقتى،
والآن يقهر فى شبابى.
بسبب هذه القطعة التى تحمل عقلى وقلبى أدانونى،
اعتقلوا افكارى داخلى.. قهروها بين قضبان جسدى!

سأذكر أسماءهم واحدا تلو الآخر،  وأرفق صورهم بالفيديو حتى لا تتشابه أسماء آخرين معهم، لا أريد أن  يختلط أمرى على الناس فيتنصلون بعدها منى..سأرفق  ايضا صورة من بطاقتى..
نعم ..سأجعل وجهى واضحا وضوح الشمس، ولأشعل فيهم غضبى وثوراتى،
ثوانى ويبدأ العد التنازلى لانتقامى ورحيلى؛
سأقطع شرايينى طولا بأى آلة حادة وسط هذا الركام من  الأدوات المبعثرة فى الغرفة، وستسدى إلى أختى الصغرى معروفا وتناولنى هاتفا مع كوب الماء الوحيد المسموح به فى اليوم كله؛
سأفضحهم صارخة:
يا معشر الانس:
"أنا فلانة ابنة فلان، وزوجة فلان ..قررت بكامل إرادتى ووعيى أن اتخلص من حياتى، ومن هذا الحمل الثقيل الذى عشت داخله ثلاثين عاما..انظروا إلى  وشاركوا هذا المقطع قدر دناءتكم ، ملوا أعينكم  واشبعوا قذارة اخلاقكم من تفاصيل جسدى،
ولكن تذكروا جيدا  قبل أن تفعلوا  بأننى لست من تتعرى..بل أعينكم الوقحة  هى التى تنوب عنى، وتتلذذ بفضيحتى!
يا معشر الانس؛
لم يتبق لدى أى بادرة أمل فى النجاة؛  فأهلى يريدون قتلى لأنى امتنعت عن ممارسة العهر والبغى..تمنعت عن الرذيلة باسم الدين والعرف. منذ أن وعت نفسى متعة أن تبقى حرة لم يعد بإمكانى خيانتها، فلم يشفع لى إدراكى حينذاك، ولا أخذوا فى الاعتبار ثورتى ورفضى..يريدون لجسدى أن يمتطى بورقة وسياج أبدية مؤبدة رغما عنى وعن ارادتى. وأنا أعلن لكم  احتجاجى هذا، بفيديو لن يستغرق أكثر من دقيقتين، من خلاله أعلن  تحررى للأبد.
ثوانى وسأغادر دنياكم إلى دنيا أكون فيها إلهة..مالكة زمام أمرى . لا مملوكة مقهورة بحفل يقرعون فيه الطبول،  وزغاريد يطلقوها!

يا أحط وأنجس البشر
إليكم أهدى هذا الجسد..



#نور_فهمي (هاشتاغ)       Noor_Fahmy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمعة الكترونية (قصة قصيرة)


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور فهمي - انتحار عارية (قصة قصيرة)