أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح بشير - أشتاقك أبي..














المزيد.....

أشتاقك أبي..


صباح بشير
أديبة وناقدة

(Sabah Basheer)


الحوار المتمدن-العدد: 7877 - 2024 / 2 / 4 - 22:13
المحور: الادب والفن
    


عامان مرّا على رحيلك، لكنّ ذكراك ما تزال حيّة، يشفّني الوجد إليك ويغمرني الحنين، بتُّ ليلتي في سهاد أفكّر بك، ولا أعرف إن كانت دموع القلب قد انعقلت أم انسكبت! ما أفهمه في وصف الحالة، أنَّه شعور من الشّوق غريب، ونداء من الماضي يشدّني إليك، كما لو كانت روحك تُناجي روحي وتهمس في أعماقي، لتعود إليّ تلك اللّحظات البعيدة، كأنفاس دافئة تلامس شغاف قلبي، حاملة معها حكايات الأوقات الجميلة التي قضيناها معا.
بين ثنايا الرّوح أنت، أقلّب الصّفحات وأحيّي ذكراك العطرة، أحنّ إلى وجهك الوضّاء، وابتسامتك وصوتك الدّافئ، وحنانك الذي لا ينضب.
أتوق إليك وأشتاق إلى ألفة كانت، وذكريات تلوح إليّ من بعيد، أُعانقها في خيالي وأجد فيها الملاذ الآمن من حزن الفراق ووحشة الغياب.
أناديك يا نقيّ النّفس والسّجيّة، ما انفكّت روحك تحوم حولي وتحلّق في سماء أحلامي، كنسمة عابرة تنعشني وتحييني، كنبع صاف أرتوي منه، أشعر بك قريبا كأنّك ما زلت بيننا، أسمعك وأعلم أنّك لا تسمعني؛ فأنت الآن في عالم آخر، خفيّ غير مرئيّ، لا يصل إليه الشّوق ولا الحنين.
تدقّ مشاعري على أبواب اللّغة، فأطلّ عليك من نوافذ الذّكريات، حاملة بيدي باقة من تلك الأيام الخالية التي ستبقى شعلة متّقدة تثير شجوني، فقد كنت معلّمي الأول، غرست بي قيَم الحياة النّبيلة، كنت سندا ونبراسا يضيء دربي، وهبتَني إشراقات الرّؤى وعلمتني حبّ الكتاب، ذلك الرّفيق الذي يؤنسني ويثريني، معك اكتشفت سحر القراءة، وتذوّقت عذوبة الكلمات، تعلّمت أنّ الكتاب مفتاح للمعرفة، وشرعت التّنقّل بين صفحاته.
هنا كنت وكان عطاء الحبّ ينمو ويزدهر، تُزيّن حدود المكان بخطواتك، وتعلّق فرحا على شفاهنا، تحدّثنا ورنين صوتك يملأ الأسماع حكمة.
هنا كنت ونور وجهك النّورانيّ لا يخبو ولا ينطفئ، كنت نجما يهتدي به فكري، كنت شجرة وارفة ظلالها، وجبلا شامخا أستمدّ منه القوّة، وسأظلّ أسترشد بنورك ما حييت.
كطفلة أرتعش أمام صورتك بعد أن رحلت وغبت، تتجمّد دموعي وتتلعثم كلماتي وتخنقني المشاعر، وتعيدني إلى الزّمن الجميل والرّجل الأجمل، وكأنّ صورتك شعلة تضيء الدّرب المظلم، ينفث فيها اللّيل من روحه؛ لتستوي حيّا تنهمر على قلبي كلّ مساء، فأخبئ اللّوعة في حبّات المطر وأتعمّد بطهر الماء، علّه يرويني ويُنعشني ويعيد إليّ السّكينة والألفة المشتهاة، وطفولتي المتروكة على تخوم العمر المهاجر.
وأمام أتون الذّكرى، تشرق فيّ الرّؤيا، وأراك هناك في أزقّة القلب، فضاء من اليقين، تنهض في طيف المدى وتومئ إليّ بيد الحنين، تفرد لي جناح الحبّ؛ فيتهادى عليّ الصّبر ، وتخضرّ أيامي وأستكين، ويهدأ بركان النّفس ويسكن إلى وهج التأمّل، فأنتقل من حزن أشعلني حتى الذّروة، إلى التسليم بالقدر الذي يُطفئ اشتعالي، حين أدرك من جديد حقيقة الحياة.
ستبقى كوكبا لامعا في فضاء حياتي، تنبض بنورك الذي أوقدته بيديك، فحبّك ورعايتك لا يزالان يُحيطان بي، كجدار منيع يحميني؛ فأشعر أنّ حاضري آمن، وأنّني في حصن حصين، وأنّ أحلامي قد عادت إليَّ تسعى، ولا شيء مستحيل.
رحمك الله، وأسكنك فسيح جنّاته.



#صباح_بشير (هاشتاغ)       Sabah_Basheer#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -شقيقي داود- سيرة غيريّة وقصة صعود
- رواية -جبينة والشّاطر حسن- والموروث الشّعبي.
- -سبع رسائل إلى أمّ كلثوم- رواية تفور بالحياة والدّفء.
- فلسفة المتأمّل وشجن الإنسان في ديوان -صبا الرّوح-.
- استحضار الذّاكرة في رواية زمن القناطر.
- خطاب الحقيقة والهويّة ﻓﻲ رواﻳﺔ - ...
- الحقيقة والهويّة ﻓﻲ رواﻳﺔ -قناع بلون ...
- صدور ديوان -صبا الروح- للشاعرة سلمى جبران.
- سحر الرّواية وتاريخ المدن.
- حوار مع الإعلامي جاك خزمو
- أعيش الحلم الذي طالما أردته وتمنيّته
- ريشة فنّان
- إشهار رواية -رحلة إلى ذات امرأة- للكاتبة صباح بشير.
- قراءة في رواية -جمعة مشمشية-.
- رواية الأرملة تعالج قضايا المرأة
- عن رواية الأرملة
- قراءة في كتاب -أحلام فوق الغيم-
- رواية الليلة الأولى تهاجم الجهل والتّخلّف
- رواية الليلة الأولى تفضح الجهل والتّخلّف.
- عن رواية بدلة إنكليزية وبقرة يهودية


المزيد.....




- وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا ...
- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...
- -الدين المعرفي-.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى -عكاز- يعيق ...
- هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الأل ...
- رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا ...
- -بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر ...
- عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من ا ...
- يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح بشير - أشتاقك أبي..