أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح بشير - -شقيقي داود- سيرة غيريّة وقصة صعود















المزيد.....

-شقيقي داود- سيرة غيريّة وقصة صعود


صباح بشير
كاتبة

(Sabah Basheer)


الحوار المتمدن-العدد: 7869 - 2024 / 1 / 27 - 00:16
المحور: الادب والفن
    


صباح بشير:

تُعدّ السّيرة الغيريّة سجلّا لحياة إنسان، يخطّه قلم غير صاحبه، فهي رحلة عبر الزّمن تُعيد إحياء قصة إنسانيّة بكلّ تفاصيلها، من لحظة الولادة إلى لحظة كتابتها.
تُشبه رحلة استكشافيّة، ينطلق فيها الكاتب باحثا عن خيوط حياة شخص آخر، مستعينا بالوثائق والمخطوطات، وروايات الشّهود وصور الماضي.
تُبنى السّيرة الغيريّة على قاعدة من الحقائق، مستخدمة أسلوبا أدبيّا يضفي عليها سحرا خاصّا، فهي ليست مجرّد سرد للأحداث، بل هي رحلة عبر أفكار ومشاعر بطلها، تسلّط الضّوء على تجاربه وتأثيرها على مسار حياته، وتشكل جسرا بين الماضي والحاضر، تعرّفنا على شخصيّات مؤثّرة وتلهمنا الدّروس من قلب التّجارب، وتُساعدنا على فهم العالم من حولنا بشكل أفضل.
إذن، فالسّيرة الغيريّة نوع أدبيّ جميل، يجمع بين الدّقة التّاريخيّة والسّرد الأدبيّ، ليُقدم لنا قصة إنسانيّة ملهمة تثري حياتنا وتوسّع آفاقنا.
كتاب "شقيقي داود- سيرة غيريّة" للأدب جميل السّلحوت، يقع في (200) صفحة.
يكتب السلحوت في مقدّمة كتابه: لفت انتباهي أديبنا الكبير محمود شقير في تقديمه للسّيرة الغيريّة التي كتبتها سابقا بعنوان "ابن العمّ أبو شكاف" عندما كتب: "وإذا كان مألوفًا ظهورُ سِيَر ذاتيّة أو غيريّة للمثقّفين والأدبا ء والفنّانين ورجال السّياسية، فلماذا لا يكون مألوفًا بل مطلوبًا ظهور سِيَر لرجال الأعمال النّاجحين، الّذين صنعوا نجاحهم بجدّهم واجتهادهم، وليس عن طريق الغشّ والتّزوير والسّرقة والاستغلال، وكذلك لغيرهم من الكفاءات في حقول العلم والتّجارة والاقتصاد، وغيرها من الحقول التي تميّزت فيها فلسطينيّات، وتميّز فلسطينيّون يستحقّون أن تُذكر أسماؤهم، وأن تُدوَّنَ تجاربهم للاقتداء بها، فلا يطويها النّسيان".
يشار إلى أنّ الأديب السّلحوت قد كتب من قبل سيرته الذاتيّة في كتابين هما "أشواك البراري-طفولتي" و" من بين الصّخور-مرحلة عشتها".
سيرة داود المتميزة:
يُقدّم لنا الأديب السلحوت سيرة شقيقه داود الولود عام 1963، مُسلّطًا الضّوء على تميّزه اللافت منذ ولادته، وصولا إلى مسيرته الحياتيّة الحافلة بالإنجازات.
يصرّح الكاتب: أنّ اختياره لكتابة سيرة داود لا ينبع من تحيزه لشقيقه دون إخوته الآخرين، بل لِما يمتلكه من معرفة عميقة بتفاصيل حياة داود منذ ولادته.
لقد عاش السّلحوت مع داود في بيت واحد حتى سفره إلى أمريكا عام 1988م، فكان بمثابة الأخ الأكبر المُسؤول الذي تابع مسيرة داود الحياتيّة عن كثب. وقد زاره وشقيقه الأصغر "راتب" في أمريكا أكثر من خمس وعشرين مرة، كما حرص على زيارته في الوطن بشكل متكرّر. وما زال التّواصل بينهم حميميّا بعد عودة داود للاستقرار في الوطن عام 2021م.
يُركّز الكاتب في سيرة داوود على تميّزه اللافت منذ ولادته، ونجاحه في حياته العمليّة بفضل جدّه واجتهاده، فهو يُمثّل قدوة يُحتذى بها، مما يُضفي أهميّة بالغة على تدوين سيرته.
يتطرّق في سرده إلى جذوره العميقة، يتناول البيئة التي نشأ فيها بكلّ تفاصيلها، يرسم صورة حيّة للواقع الاجتماعيّ والاقتصاديّ والعلميّ الذي عاشه وأخيه في طفولته، يُقدم رحلة عبر الزّمن يمضي بها إلى مسقط رأسه، حيث نشأ وترعرع. يعرّفنا على عائلته وأصدقائه، ويشاركنا ذكرياته، مبرزا تأثيرها عليه وعلى أخيه، يحلّل الواقع الاجتماعي الذي عاشه، مشيرا إلى التحدّيات والعقبات التي واجهها وأخيه داوود، كما يركّز على القيَم والتّقاليد التي سادت في تلك الفترة، يناقش أيضا الواقع الاقتصاديّ متطرقا إلى الأوضاع المعيشيّة للنّاس، وفرص العمل المتاحة، ومستوى المعيشة بشكل عام، ولا يغفل عن الواقع العلميّ وتأثيره على حياتهم.
يعقد داوود العزم على السفر إلى أمريكا، مُؤمنا إيمانا راسخا بأنّه سيحقق هناك أحلامه وطموحاته. كان يدرك أنّ العمل الجادّ والاجتهاد هما مفتاح النّجاح، وأنّ المثابرة تؤتي ثمارها في نهاية المطاف.
كان حلمه الأساسيّ هو الاستثمار في مشاريع داخل البلاد، فهو يُريد أن يوفّر فرص عمل لأبناء العائلة؛ ليساعدهم على تحقيق استقلاليتهم الماليّة والوصول إلى حياة كريمة.
لم يكن ذلك الحلم مجرّد رغبة في الثّراء، بل كان مرتبطًا برغبته في مساعدة عائلته وتحسين ظروفهم المعيشيّة. كان يريد أن يُؤمّن لهم حياة كريمة تُحقّق لهم الاستقرار والسّعادة. وكان على دراية بالتحدّيات التي ستواجهه في أمريكا، لكنّه كان مؤمنًا بقدراته وإمكانياته، فهو يدرك تمام الإدراك أنّ العمل الجادّ والمثابرة هما السّبيل الوحيد لتحقيق أحلامه.
الوجه الآخر للمهاجرين العرب، رحلة بين النّجاح والضّياع:
يكتب السّلحوت: في حواراتي مع شقيقي داود حول أوضاع المهاجرين العرب في أمريكا، كشف لي عن صورة مزدوجة للواقع هناك، فبينما تعدّ أمريكا إمبراطورية غنيّة ومتطورة، تتيح فرصا لا حصر لها للجادّين، تخفي أيضا وجها قاتما لمن يفرّط في طاقاته.
يؤكّد داود على أنّ أمريكا تمثّل حلما للكثيرين، فهي بلد الفرص لمن يحسن اقتناصها، فالنّظام الرّأسمالي فيها يكافئ العمل الجادّ والمثابرة، ولا مكان فيه للكسالى أو المتواكلين، ويشير أيضا إلى وجود العديد من العرب النّاجحين في أمريكا من متعلّمين وغير متعلّمين، فهؤلاء اتّخذوا من العمل الجادّ والمثابرة نهجا، وحقّقوا النّجاح والرّخاء.
لكنّ الصّورة لا تخلو من الجانب المظلم، ففي أمريكا أيضا سبل الضّياع موجودة بجانب سبل النّجاح؛ فالمخدّرات والملاهي تشكل خطرا على كلّ من يفرّط في طاقاته ويهمل نفسه.
يروي داود قصة فلسطينيّ ثريّ أرسلته عائلته لحضور حفل تخريج ابن شقيقته، لكنّ الأمور لم تجرِ كما هو مخطط لها، فبعد تخرّج ابن شقيقته وعودته إلى البلاد، ضاع الخال في متاهات أمريكا. باع أملاكه وترك زوجته وأبناءه، وأضاع كلّ ما يملك على موائد القمار والمخدّرات.
يذكر الكاتب أنّ بعض العرب ينجرفون وراء أحلام الثراء السريع، فيلجأون إلى تجارة المخدّرات، ممّا يؤدّي إلى ضياع أعمارهم في السجون. وينتقد ظاهرة زواج بعض العرب من أمريكيات بقصد الحصول على الجنسيّة، ثمّ تطليقهم بعد تحقيق هدفهم متخلّين عن أبنائهم دون أيّ مسؤوليّة. يتحدّث عن ظاهرة إنجاب بعض العرب من أمريكيات دون الاعتراف بأبنائهم، ممّا يؤدّي إلى ضياعهم وسط صخب الحياة الأمريكيةّ. كما يقدّم قصة ستيف جوبز مخترع الأيفون، كنموذج مؤلم لطفل عربيّ ضاع وسط المجتمع الأمريكيّ، فقد تركه والده العربيّ السّوريّ عبد الفتاح الجندلي، مع والدته الأمريكية جوان شيبل؛ لينشأ في كنف عائلة أخرى.
خلاصة القول: تؤكّد هذه الظّواهر على أهميّة الوعي بالمخاطر التي تهدّد العرب في أمريكا، والتّمسّك بالقيم الأخلاقيّة والمسؤوليّة الاجتماعية، للحفاظ على استقرار العائلة والمجتمع.
كما تقدّم رحلة المهاجرين العرب في أمريكا نموذجا مزدوجا، فبينما يحقّق البعض النّجاح والرخاء، يواجه آخرون خطر الضياع. وتؤكّد هذه الصّورة على أهميّة العمل الجادّ والمثابرة، والابتعاد عن كلّ ما يؤدّي إلى الضّياع والانهيار.
ختاما، تُمثّل هذه السّيرة رحلة مثيرة عبر صفحات حياة حافلة بالإنجازات والذّكريات، تقدّم للقارئ معلومات كثيرة عن حياة السّلحوت وشقيقه داود، وتعرّفه على شخصيتهما معا ومبادئهما وأفكارهما. ولا شكّ أنّ هذه العجالة لا تغني عن قراءة السّيرة كاملة، ففيها الكثير من التّفاصيل والمشاعر التي لا يمكن حصرها في بضعة أسطر.
إنّ قراءة هذه السّيرة تتيح للقارئ فرصة التّعرّف على تجربة إنسانيّة مختلفة، وفهم العوامل التي ساهمت في تكوين شخصيّة داود ونجاحه في حياته.
أُوصي بقراءة هذه السّيرة لمن يودّ أن يتعرّف على قصة إنسان مثابر واجه التّحدّيات وحقق أحلامه.
27-1-2024



#صباح_بشير (هاشتاغ)       Sabah_Basheer#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية -جبينة والشّاطر حسن- والموروث الشّعبي.
- -سبع رسائل إلى أمّ كلثوم- رواية تفور بالحياة والدّفء.
- فلسفة المتأمّل وشجن الإنسان في ديوان -صبا الرّوح-.
- استحضار الذّاكرة في رواية زمن القناطر.
- خطاب الحقيقة والهويّة ﻓﻲ رواﻳﺔ - ...
- الحقيقة والهويّة ﻓﻲ رواﻳﺔ -قناع بلون ...
- صدور ديوان -صبا الروح- للشاعرة سلمى جبران.
- سحر الرّواية وتاريخ المدن.
- حوار مع الإعلامي جاك خزمو
- أعيش الحلم الذي طالما أردته وتمنيّته
- ريشة فنّان
- إشهار رواية -رحلة إلى ذات امرأة- للكاتبة صباح بشير.
- قراءة في رواية -جمعة مشمشية-.
- رواية الأرملة تعالج قضايا المرأة
- عن رواية الأرملة
- قراءة في كتاب -أحلام فوق الغيم-
- رواية الليلة الأولى تهاجم الجهل والتّخلّف
- رواية الليلة الأولى تفضح الجهل والتّخلّف.
- عن رواية بدلة إنكليزية وبقرة يهودية
- عن قصة الأطفال -جدّي يعشق أرضه- / صباح بشير:


المزيد.....




- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح بشير - -شقيقي داود- سيرة غيريّة وقصة صعود