أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رانية عبيد احمد - بين عنف الدولة وعنف المجموعات ……. هل يمكن بناء سلام مستدام















المزيد.....

بين عنف الدولة وعنف المجموعات ……. هل يمكن بناء سلام مستدام


رانية عبيد احمد
كاتب وباحث

(Rania Obead Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 7863 - 2024 / 1 / 21 - 11:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ظاهرة العنف من الظواهر المعقدة في مجتمعنا الإنساني وقد يطرح ظهورها المستمر في حياتنا العديد من التساؤلات حول اسبابها وهل يمكننا كبشر الفكاك من ظاهرة العنف. وعند تتبع تاريخ بداية ظهور ظاهرة العنف يتفق كل من فريدريك انجلز و ماريلان باتو-ماتيس في ان العنف لم يظهر في المجتمعات البدائية ولكن ظهر في المجتمعات المستقرة ومع ظهور الزراعة والملكية الفردية. ويذهب انجلز ابعد من ذلك في كتابه دور العنف في التاريخ الى ان العنف هو وسيلة لبلوغ الغاية التي تتمثل في المنفعة الاقتصادية ويسوغ عدد من الامثال لفرضيته ابتداءا من العصور البدائية المشاعية التي لا يوجد فيها تنافس والكل يتعاون للبقاء لم تشهد ظواهر عنفيه. اما عند ظهور الملكية الخاصة وبداية التراكم فقد ظهر العنف للحفاظ على هذا التراكم وايضا لزيادته باستخدام الحروب لجلب العبيد الذين تحولوا لأداة اساسيه لمراكمه الثروات. كما تؤكد باتو ماتيس ان الاكتشافات الاثرية تبين ان العصور الاولى للبشر تكاد تكون خالية تماما من العنف، ولكن مع تغير بنيه المجتمعات الاقتصادية بظهور الملكية الخاصة وفائض الانتاج وعدم المساواة بين البشرادى ذلك الى ظهور العنف سواء داخل المجموعات السكانية المعينة او ضد مجموعات أخرى. وتخلص الى ان العنف ليس جزءا من الطبيعة البشرية كما يذهب عدد من الكتاب، ولكن هو ينتج عن اسباب اقتصادية واجتماعية.
اما في ظل النظام الرأسمالي فان بنية الدولة تكون مصممة لخدمه مصالح الطبقة المسيطرة او ما عرف عليه باللغة الانجليزية (ruling class) . اولا اود ان اعرف ماهي الطبقة المسيطرة هي عبارة عن الافراد وفى بعض الاحيان المؤسسات التي تسيطر على الواقع الاقتصادي والسياسي بالتالي تسيطر على الواقع الاجتماعي. وهذه الطبقة تضم العديدين منهم رجال الاعمال، السياسيين، جنرالات الجيش، وغيرهم. وتستميل لها العديد من افراد المجموعات الاخرى لخدمه مصالحها مثل المثقفين، الاعلاميين رجال الدين وغيرهم. وعبر تاريخ طويل تمكنت هذه الطبقة من بناء نفسها والعمل في إطار خدمة مصالحها (التي يمكن ان تكون متضاربة فى بعض الاحيان، ولكنها رغم ذلك يمكنها ان تتعاون ضد الطبقات الاخرى) وبناء قوة لا يستهان بها تستخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة في احيان كثيرة لضمان استدامة هذه المصالح. لذلك في إطار النظام الرأسمالي فان كل مؤسسات الدولة التي يقال او يعتقد البعض انها محايدة او على الاقل يجب ان تكون محايدة فإنها في الحقيقة منحازة انحياز واضع للطبقة المسيطرة. بل الاخطر من ذلك انها تعمل على حماية مصالح هذه الطبقة ضد الطبقات الاخرى وتستخدم كل الاساليب لتحقيق هذه الغاية ومنها التلاعب بالجماهير، السيطرة على الاعلام ونشر الاكاذيب واكيد اهم وأخطر هذه الوسائل هو العنف.
قد يغفل الكثيرين عن عنف الدولة التي تم تقنينه عبر سنوات طويلة من تحكم الطبقة المسيطرة. يتمثل عنف الدولة في المؤسسات التي تبنيها الدولة الرأسمالية وتركز على استخدامها كوسائل ضغط وعنف ضد الطبقات الاخرى. السبب الاساسي للحوجة لهذه المؤسسات ان المجتمع الرأسمالي الذي يكرث لكل اشكال المظالم والقهر يجد معارضة كبيرة من الطبقات المسحوقة التي ترزح تحت الفقر والعوز والحاجة. وهذه المعارضة التي تقوم على اسباب عادلة جدا لابد من قمعها بكل الوسائل لضمان عدم تمددها والا فإنها ستطيح بكل النظام القائم. لذلك يستخدم النظام العديد من الوسائل لقمع الجماهير واضعاف قوتها ومنها العمل على تقسيمها لمجموعات قد تتناحر بدلا من ان تعمل مع بعضها البعض وايضا التلاعب به واستخدام الاعلام للدعاية المضللة وايضا الهاءها بقضايا جانبية تستهلك طاقتها وقدراتها. ولكن عندما لا تنجح كل هذه الوسائل في اضعاف حركة التغيير فان الأنظمة تلجأ لسلاحها الاخير وهو العنف.
تتمثل مؤسسات العنف في النظام الرأسمالي اولا في الشرطة وهي عبر تاريخها الطويل كانت اداة طيعه فى يد الطبقات المسيطرة وقد كانت دائما قامعة لكل الحركات المطالبة بالتغيير والاصلاح. المكان هنا لا يسع للحديث عن كل الانتهاكات التي تمارسها الشرطة ولكن سأذكر امثلة قليلة جدا ووقعت في اوقات قريبة. اولا حادثة مقتل جورج فلويد الذي وضح مقتلة المأساوي مدى الظلم وعدم الحيادية التي يعانى منها كل قطاع الشرطة، كما وضح العنصرية البغيضة والتمييز الذى تعانى منه هذه المؤسسة كما نلاحظ ان مقتل فلويد اظهر العديد من الحالات التي استخدمت فيها الشرطة القوة المفرطة اتجاه العزل الذين دائما ما ينتمون للطبقات المسحوقة وبالتأكيد الطبقات المسيطرة لا تطالها أيدى الشرطة ليس في امريكا وحدها بل فى كل العالم فهي ترتكب كل الجرائم ولكن لا تتم محاسبتها. المثال الثاني القمع المفرط للحركات الاحتجاجية ومثال لذلك حركه الاحتجاجات في فرنسا والحركات الداعية لحماية البيئة. هذه المجموعات تعرضت امام اعيننا وفى شاشات التلفزة للضرب والركل والاعتقال. وهذه المجموعات مجموعات سلمية وتمارس حقها فى الاعتراض والاحتجاج، ولكن نمو هذه الحركات وتوسع رقعه نشاطها مهدد حقيقي للأنظمة لذلك كان لابد من قمعها وضمان عدم تمددها. المثال الاخير التعديل الاخير لقوانين الشرطة في بريطانيا الذي اعطى الشرطة صلاحيات جديدة للتحكم والسيطرة على التظاهرات. وهذا يأتي بعد مرور عام من بداية الاعتراضات العمالية على غلاء المعيشة وتنظيمها للعديد من التظاهرات التي غطت اغلب المدن البريطانية. كما نلاحظ ان الحركات التي تعمل في مجال البيئة وحقوق الانسان وتناهض العنصرية اصبحت صاحبة صوت اعلى وتنظم العديد من الفعاليات. فهذه الخطوة من حكومة المحافظين البريطانية ينظر لها فى إطار هذا الحراك الشعبي الكبير وهي خطوة المطلوب منها الحد من التظاهر وقمع هذه المجموعات التي تطالب بحقوقها. هذا جزء بسيط ويسير جدا من قمع الشرطة في النظام الرسمالي ولم اتطرق هنا لأى من الدول الافريقية او العربية او الصين وغيرها التي اظن اننا نعلم كل العلم ما تمارسه شرطتها، ذكرت فقط نماذج مما يقال له الدول الديمقراطية التي هي في نظري ديمقراطية الاقلية ديمقراطية الطبقة المسيطرة التي تقمع غيرها من الطبقات.
ايضا من مؤسسات قمع الدولة الجيوش. المؤسسات العسكرية ومنظومه الخدمات الدفاعية في أي دولة هي من أكبر المنظومات التي يتم صرف الملايين عليها. هذه المؤسسات لا تخضع لأي رقابة شعبية ولا تتم محاسبتها بالقوانين المدنية الشيء الذي يعطيها صلاحيات واسعه. الصرف البذخي على هذه المؤسسات حولها لقوة ليس عسكرية فقط، بل اقتصادية ايضا. والجيوش هى اداة قمع إذا لم يكن للشعوب داخل حدود الرقع المسماة دول فإنها تستخدم لقمع الشعوب الاخرى. والامثلة هنا عديدة ولا يمكن حصرها فالماسي التي ارتكبتها جيوش الحلفاء في العراق وأفغانستان وسوريا وغيرها لا يمكن ان توصف. مقتل الملايين من المواطنين المدنيين والتهجير والتشريد وتدمير مدن بأكملها. اما فى دول اخرى مثال السودان وسوريا فان الجيوش كانت اداة لقتل المواطنين العزل واستخدمت التها العسكرية الضخمة من الضرب بالطيران والقنابل والاسلحة الثقيلة لمواجهه مواطنين لا يحملون سوى ارواحهم. جيوش قتلت شردت اغتصبت ومارست أبشع الجرائم.
كل هذا بخصوص عنف الدولة، ولكن هنالك عنف اخر تقوم به مجموعات. ففي تاريخ البشرية هنالك العديد من الجماعات التي مارست العنف بكل اشكاله ضد جماعات اخرى وأحيانا في حربها ضد الدولة. هذه المجموعات تنظر الى ان التغيير لا يمكن ان يحدث بدون عنف. هذه الجماعات التي تحارب عنف الدولة الممثل في مؤسساتها من جيوش وشرطة ترى انها مضطرة لهذا الوضع وذلك لان الدولة تمارس اسوا اشكال العنف الذي لا يمكن السكوت عليه بالتالي هي لابد ان تستخدم نفس الوسيلة للتغلب على عنف الدولة. وهنالك مجموعات اخرى تمارس العنف لأسباب مختلفة قد لا يمكن التطرق لها كلها في هذا المقال، ولكن منها مجموعات تحارب لأسباب اثنية وعرقية واخرى لأسباب سياسية وغيرها ورغم الاختلافات الواسعة بينها، ولكنها تشترك في انها تمارس اشكال مختلفة من العنف ضد مجموعات اخرى.
رغم ان ظاهرة العنف سواء عنف الدولة او عنف المجموعات هي ظاهرة قديمة في تاريخ البشرية، ومتأصلة، والتعامل معها معقد وحساس. ولكن في المقابل فان الدعوة للسلام والتعايش في ظل مجتمعات لا عنفيه هي دعوة حقيقية وهامة، بل اساسية إذا كنا نأمل ان نعيش في مجتمعات صحية. ان العالم يشهد أكبر المهددات وهي الحرب النووية التي يمكن ان تؤدى الى فناء البشرية لذلك فان الدعوة لنبذ العنف هي دعوة للحفاظ على الجنس البشري. لابد ان ننتبه الى ان دعوتنا لبناء سلام مستدام يعنى نبذ كل اشكال العنف سواء التي تقوم بها الدولة او المجموعات او الافراد. يبقي السؤال هل هذا ممكن وهل هو متاح وكيف يمكن بناءه. اعتقد اولا ان الحركة الداعية للسلام يجب ان تكون دعوة اممية لكل البشرية وذلك لان العنف متمدد ويصل الى كل البشر كما ان التخلص منه فى منطقة قد يعنى تمدده وانتشاره ليصل الى الكل. ثانيا لابد من القضاء على النظام الرأسمالي الذي في نظري هو الذي يغذى كل اشكال العنف السابقة وهو المستفيد من ظاهرة العنف سواء عن طريق استخدامها كأداة لقمع الطبقات الاخرى او الاستفادة مما يسببه العنف من خلل في النظم. ثالثا العنف ظاهرة اقتصادية سياسية مجتمعية في الاساس ولبناء أي حركة مناهضة لها لابد من بناء مؤسسات سياسية مجتمعية لمحاربتها. الحركات المجتمعية هي حركات قوية قادرة على التغيير يمكن ان تستلم زمام المبادرة ويمكن ان تصارع أعتى الانظمة. حركات التغيير هي حركات شعبية تتحرك في واقع معقد ومتشابك، ولكن يمكن ان تبنى حركة مؤمنه بالسلام قادرة على بنائه من أسفل وقادرة على تغيير مجتمعنا لمجتمعات مختلفة تماما.



#رانية_عبيد_احمد (هاشتاغ)       Rania_Obead_Ahmed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسابقات الجمال بين تشيئ وتسليع النساء وتسويق صناعه التجميل
- المرأة وقضايا اعادة الإنتاج الاجتماعي ..... اما ان لهذا القي ...
- قراءه في كتاب الاشتراكية او الفناء معنى الثورة في زمن الكارث ...
- ديمقراطية اشتراكية ام ديمقراطية ليبرالية
- قراءة في كتاب روزا لوكسمبرج إصلاح اجتماعي أم ثورة


المزيد.....




- بعد مظاهرات.. كلية مرموقة في دبلن توافق على سحب استثماراتها ...
- تل أبيب.. اشتباكات بين الشرطة وأفراد عائلات الرهائن في غزة
- مقتل رقيب في الجيش الإسرائيلي بقصف نفذه -حزب الله- على الشما ...
- دراسة تكشف مدى سميّة السجائر الإلكترونية المنكهة
- خبير عسكري يكشف ميزات دبابة ?-90? المحدثة
- -الاستحقاق المنتظر-.. معمر داغستاني يمنح لقب بطل روسيا بعد ا ...
- روسيا.. فعالية -وشاح النصر الأزرق- الوطنية في مطار شيريميتيف ...
- اكتشاف سبب التبخر السريع للماء على كوكب الزهرة
- جنود روسيا يحققون مزيدا من النجاح في إفريقيا
- الأمور ستزداد سوءًا بالنسبة لأوكرانيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رانية عبيد احمد - بين عنف الدولة وعنف المجموعات ……. هل يمكن بناء سلام مستدام