أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - الجواهري: ضَوءٌ غيرُ قابلٍ للخُفوت - كلمة الشاعرة د. سعاد الصباح في تقريظ كناب د. شعبان -جواهر الجواهري-.














المزيد.....

الجواهري: ضَوءٌ غيرُ قابلٍ للخُفوت - كلمة الشاعرة د. سعاد الصباح في تقريظ كناب د. شعبان -جواهر الجواهري-.


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7861 - 2024 / 1 / 19 - 15:01
المحور: الادب والفن
    


كيف يستطيع أولئك الأشخاص، الذين يَبدون لأول وهلة أناساً عاديين، أن يُحلِّقوا عالياً فوق الجميع ليحققوا إنجازات رائعة تغيّر من شكل الحياة؟
كان يقود سرب أحلامه الكبيرة -والمستحيلة أحياناً- لتخرج من المراعي المحاصرة بالجفاف..
حفنة من الحلم في قبضة يده كانت كافية لأن يغمض عينيه على ختام النشيد الموجع.. نشيده الطويل للوطن..
كان يعلم أن الهوية الأدبية ليست إرثاً، بل هي ابتكار إنساني، ابتكرها المخلصون بعملهم وأفكارهم.. وأشعارهم.
ومن القصيدة إلى المظاهرة، ومن المظاهرة إلى الملاحقات.. إلى فضاء اللغة.. وافتراضات الغربة وفرضيات الاغتراب، ثم الأسئلة التي فرضت نفسها بقوة على المشهد الشعري، تلك الأسئلة المكتظّة بعصر الانقلابات المعرفية الكبرى، حين كان الشاعر يتورع عن ظلم القمر، ذلك النوع من الظلم الصارخ الذي يجعله صورة شعرية مجردة من دلالاتها النورانية.. لنشهد تشكّل عصر الشعر الذي تجاوز السردية العربية المكبلة، وتمرّد على السردية الغربية المهيمنة، ذاهباً إلى منطقة جديدة.. منطقة جوهرية أو جواهرية.. حيث تصير الكلمة أوسع وأعمق!
وهكذا ولد الجواهري كما لو أنه بمثابة عودة كلية إلى النص المشترك الذي يتحول فيه الشاعر من أنانية الصوت الذاتي إلى كونه صوت الناس، فيشرع في الكتابة معهم، يغنّي من أجلهم، يكتب لينهض بهم لا ليرضيهم، رافضاً أن يُقْدِم الشعر على تشويه نفسه بأن يتحول إلى مجرد أداة وآلة مهادنة أو مداهنة..
شرع الجواهري في إطلاق القصائد التي يفوق وقعها تأثير البيان السياسي في نفوس الناس.. مُشكلاً زمناً يفوح بعطر الشّعر ويليق بمدينة بغداد الأشبه بقصيدة كبرى، والنجف الأشبه بقافية معلقة بين الفرات ودجلة.. يمر عبرها التنوّع الثقافي الذي أسسته بلاد الحضارات، ورسّخه صوت شاعر الناس.. المخبوء في صوته.. صوت منشد الدهر: المتنبي.
وبينما نشاهد على الطرف الآخر من الفردوس المفقود قصور الحمراء متألقة وحزينة في آن، ليس فقط لأنها شاهدة على تاريخ عظيم، بل لأنّها أيضاً تحتضن بين جدرانها قصائد عبدالله بن زمرك، وأبي الحسن بن الجيّاب الغرناطي، ولسان الدين الخطيب، وابن سهل الإشبيلي، وعدد من شعراء الأندلس الذين حوّلوا القصيدة إلى قارورة عطر، وأخرجوها من أحزانها، وألبسوها فستان فرح، ليكتمل مشهد الفخر العربي الذي انتخب قصائد كتبها بالذهب وعلّقها قلائد في عنق الزمن.. منذ امرئ القيس.. وحتى لبيد.
ورغم قصائد الأندلس التي تألقت وتعلّقت في المكان الذي اغتيل فيه جلّنارة الشعر الإسباني فيدريكو غارسيا لوركا، ورغم السيوف التي نالت من شعراء المعلقات: امرئ القيس، طرفة، النابغة.. أو طاردتهم.. إلا أن قدر القصيدة كان الخلود.. وإن كان قدر الشاعر الموت مصلوباً بقصيدته!
وإذا كان ليس بمقدور الشاعر تغيير العالم، فإنه يمكنه تغيير رؤية الإنسان حيالَ هذا العالم، ونوعية علاقاته مع الآخرين.
لقد فجّر الجواهري المشاعر الوطنية داخل الوطن في دجلته وفراته وشطه وبحره، وفي الوطن والمنفى وفي الشتات، ليصبح شعره في أعلى قائمة المناسبات الوطنية.. وهو الذي تمسّك بخيط الحداثة على طريقته، ليقوي بها الموروث العريق، وليكوّن شعرية خاصة أعطت لتجربته معجماً خاصاً.
وجاء المفكر العربي الكبير الدكتور عبد الحسين شعبان ليقف بقلمه النازف حرقة ومحبة على وطنه في وجه تلك الأحزان القديمة كي يضيء عتمتها، حيث أدرك أن قصيدة الجواهري تكتب أشياء جديدة ومختلفة.. وهي تعبر الزمان والمكان، كنتاج مختلف من ذلك النوع التي يسرد سِيَر المميزين بصفتها أكثر الكتب إلهاماً، ليس لأنها فقط تعرض حياة رجل مليء بالآمال متفجّر بالتطلعات، بل لأنها نتاج فكر متأمل.. وقد تقاطع د. عبد الحسين معي أو تقاطعت معه في اهتمامات مشتركة بحقوق الإنسان ومآلات الفكر وأسئلة الشعر والوطن والهوية.
وقد سار في عمق المعنى وعمق المفردة وعمق الدلالات.. وهو الرجل الذي ركب القلق.. قلق الفكرة وقلق قبول الآخر.. وكان شاهداً حياً على تجربة الجواهري.. رصدها عن قُرْب وعن بُعْد.. ليخرج بهذا السِّفْر الذي تعتزّ دار سعاد الصباح للإبداع والثقافة بأن يكون ضمن قائمة إصداراتها.

نشرت في جريدة القدس العربي في 17 كانون الثاني / يناير 2024.
الكلمة الاستهلالية التي خصّت بها الشاعرة الكويتية الكبيرة الدكتورة سعاد الصباح كتاب المفكر والأديب العراقي عبد الحسين شعبان الموسوم "جواهر الجواهري"، والذي صدر في مطلع العام الجاري 2024 عن دار الصباح في الكويت.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزّة وميزان العدالة
- إضمامة: صلاح عمر العلي -تراويح المراجعة وامتحانات اليقين- - ...
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين - الحلقة ال ...
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (الحلقة الس ...
- عبد الحسين شعبان: لا بدّ من مصالحات تاريخية وإلا فنحن سائرون ...
- الاستخدام السياسي للدين
- لماذا يُستهدف مسيحيو الشرق؟ Why are Christians in the East t ...
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (الحلقة الر ...
- -الإسلاموية- و-العلمانوية-
- صلاح عمر العلي تراويح المراجعة وامتحانات اليقين ( الحلقة الخ ...
- العرقية ومرادفاتها في عالم اليوم
- على هامش الحوار بين القومية والأممية
- منصور الكيخيا في الثلاجة
- صلاح عمر العلي تراويح المراجعة وامتحانات اليقين / الحلقة الث ...
- صلاح عمر العلي تراويح المراجعة وامتحانات اليقين / الحلقة الث ...
- بصمة -الثعلب العجوز-
- المناخ والإنسان
- صلاح عمر العلي تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (الحلقة الأو ...
- غزّة في مجلس اللوردات البريطاني
- كذبة القرن الثانية


المزيد.....




- التمثيل الدبلوماسي العربي في فلسطين... أهلا وسهلا بالكويت
- معرض الدوحة الدولي للكتاب.. أجنحة ومخطوطات تحتفي بثقافات عُم ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- -نغم يمني في الدوحة-.. 12 مقطوعة تراثية بأسلوب أوركسترالي
- من حارات جدة إلى قمم الأعمال.. رحلة محمد يوسف ناغي في -شاي ب ...
- أم كلثوم بتقنية الهولوغرام في مهرجان موازين بمشاركة نجوم الغ ...
- انطلاق احتفالية شوشا عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2024
- أمسية -الارتحال والوداع في الشعر العربي- بمعرض الدوحة للكتاب ...
- “استمتع بمشاهدة كل جديد وحصري” تردد قناة روتانا سينما الجديد ...
- “بطوط هيطير العقول” نزل دلوقتي تردد قناة بطوط الجديد 2024 لم ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - الجواهري: ضَوءٌ غيرُ قابلٍ للخُفوت - كلمة الشاعرة د. سعاد الصباح في تقريظ كناب د. شعبان -جواهر الجواهري-.