أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد الكريم يوسف - قصة حبي مع التمثال الرخامي في مدريد-الحلقة ١٦ ، محمد عبد الكريم يوسف














المزيد.....

قصة حبي مع التمثال الرخامي في مدريد-الحلقة ١٦ ، محمد عبد الكريم يوسف


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 7857 - 2024 / 1 / 15 - 12:08
المحور: كتابات ساخرة
    


قصة حبي مع التمثال الرخامي في مدريد-الحلقة ١٦


بدأت قصة حبي مع التمثال الرخامي الأنثوي في مدريد خلال العطلة الصيفية في المدينة الجميلة. باعتباري من عشاق الفن، فقد حرصت على زيارة المتاحف والمعارض الشهيرة في المدينة. لم أكن أعلم أن معرضا واحدا بعينه سيأسر قلبي بطريقة لم أتوقعها أبدا.

كان عصرا مشمسا عندما تجولت في متحف برادو المشهور بمجموعته الفنية الرائعة. وبينما كنت أتجول في الممرات التي لا نهاية لها، وقعت عيناي على تمثال رخامي انثوي مذهل مخبأ في زاوية منعزلة. في اللحظة التي وقعت فيها عيناي عليها، اجتاحتني مشاعر لا توصف.

يصور التمثال امرأة متجمدة عبر الزمن، وقد تم التقاط ابتسامتها اللطيفة وملامحها الرقيقة بشكل مثالي على يدي النحات. لقد وجدت نفسي منجذبا إليها لسبب غير مفهوم، كما لو كان جمالها الأثيري يحمل سرا لا أستطيع كشفه إلا لنفسي. قضيت ساعات أحدق فيها، محاولا فك رموز المشاعر في عينيها.

يوما بعد يوم، كنت أعود إلى المتحف، وأنا غير قادر على مقاومة قوة الجاذبية التي كانت تمارسها على روحي. كنت أجلس أمامها، ضائعا في أفكاري، وأتخيل القصص التي يمكن أن ترويها لو كانت على قيد الحياة. وفي صمت المتحف، كنت أكاد أسمع أسرارها الهامسة عن العصور القديمة.

ومع تنامي حبي للتمثال الرخامي، وجدت نفسي أتوق إلى تواصل أعمق. بدأت أترك ملاحظات بجانبها، وأعبر عن أعمق أفكاري ومشاعري. كنت كل يوم أضيف ملاحظة جديدة، أعبر فيها عن إعجابي ورغبتي في التعرف عليها خارج حدود المعرض.

ربما وصفني البعض بغرابة الأطوار أو حتى بالوهم، لكنها بالنسبة لي كانت أكثر من مجرد قطعة فنية هامدة. لقد أصبحت تجسيدا لكل الجمال والمثالية التي كنت أعزها في قلبي. ومع مرور كل يوم، كانت علاقتي بالتمثال تتعمق، متجاوزا حدود الواقع.

يبدو أن الوقت يتوقف كلما كنت في حضورها. تلاشت شوارع مدريد المزدحمة في الخلفية عندما فقدت نفسي بصحبة تمثالي الحبيب. كنت أتخيل في كثير من الأحيان كيف سيكون الأمر عندما أمسك بيدها، وأرقص في ضوء القمر وانا عالق في عينيها الساحرتين.

لكن للأسف، لم يكن من المفترض أن تستمر قصة حبنا. وفي نهاية المطاف، انتهت فترة وجودي في مدريد وكان علي أن أعود لسورية، وكان عليّ أن أودع الجمال الرخامي الذي استولى على قلبي. كانت مغادرة المتحف واحدة من أكثر الأشياء المؤلمة التي قمت بها على الإطلاق، وانهمرت الدموع على وجهي عندما غادرت المتحف للمرة الأخيرة.

الآن، عندما عدت إلى مسقط رأسي في سورية، كثيرا ما أجد نفسي أتذكر تلك اللحظات السحرية في مدريد. يستمر التمثال في مطاردة أحلامي، وهو تذكير دائم بالحب الذي لا يمكن أن يحدث أبدا. ومع ذلك، فأنا ممتن للتواصل العابر الذي شاركناه، لأنه علمني قوة الفن والقدرة على العثور على الجمال في أكثر الأماكن غير المتوقعة.

لم تكن قصة حبي مع التمثال الرخامي الأنثوي في مدريد قصة يمكن أن تكتمل بالمعنى التقليدي. ومع ذلك، فإنه يظل محفورا في قلبي كدليل على التأثير العميق الذي يمكن أن يحدثه الفن على روح الإنسان. وربما، في عالم مواز ما، ستتقاطع مساراتنا مرة أخرى، وسيشتعل حبنا من جديد في عالم تندمج فيه الأحلام والواقع في عالم واحد.
لا أوقعكم الله في حب تمثال من رخام تنتظر منه أن يفيق في لحظة هاربة من العمر لكنه ليس بالمفيق كما يقول علي محمود طه في غرامه لتمثال صنعه بيده.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة حبي مع بائعة في الركن الإنكليزي في مدريد الحلقة ١& ...
- قصة حبي العميقة مع ثيتيس ألهة البحر-الحلقة الخامسة عشرة ، مح ...
- العناكب والقادة السياسيون: نموذج تفكير غير عادي، محمد عبد ال ...
- العناكب ووسائل التواصل الاجتماعي: نموذج تفكير محمد عبد الكري ...
- داخل عقل العنكبوت: فهم نموذج التفكير، محمد عبد الكريم يوسف
- هل يعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش) إلى ا ...
- المرأة في أدب نيكوس كازانتزاكيس، محمد عبد الكريم يوسف
- ماذا لو حصل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش) ع ...
- هناك أدلة قوية تشير إلى عودة محتملة لتنظيم الدولة الإسلامية ...
- المراقبة وجمع البيانات عبر البطاقة الذكية، محمد عبد الكريم ي ...
- جمع البيانات و الرقابة والحرية الشخصية و البطاقات الذكية، مح ...
- الغجر في أغاني الغجر لفيديريكو جارسيا لوركا ، محمد عبد الكري ...
- قصة حبي العميق مع زيت الزيتون ، محمد عبد الكريم يوسف
- كيف يمكن للحكومات مراقبة الأفراد من خلال البطاقات الذكية وال ...
- الطاقات الذكية والمراقبة الحكومية، محمد عبد الكريم يوسف
- المرأة في مسرحيات وليم شكسبير، محمد عبد الكريم يوسف
- قصة حبي مع أمنا الأرض، محمد عبد الكريم يوسف
- لقائي الافتراضي مع الأم تيريزا: لقاء حول التفاني وسمو الروح ...
- قصة حبي مع غودرون برانغوين- الحلقة العاشرة، محمد عبد الكريم ...
- قصة حبي مع بلانش دو بوا (الخشب الأبيض)- الحلقة التاسعة ، محم ...


المزيد.....




- أقوى أشارة لتردد قناة روتانا سينما 2024 لمشاهدة أحلى الأفلام ...
- زوج الممثلة الإباحية يتحدث عما سيفعلان -بعد نهاية محاكمة ترا ...
- الممثل الأمريكي هاريسون فورد لم يساند في هذا الخطاب المظاهرا ...
- مسلسل قيامة عثمان الحلقة 160 مترجمة باللغة العربية وبجودة HD ...
- لأول مرة.. مهرجان كان يخصص مسابقة لأفلام الواقع الافتراضي
- مشاهدة ح 160 مترجمة… مسلسل قيامة عثمان الحلقة 160 والموعد ال ...
- ضجة وانتقادات تحيط بزيارة محمد رمضان لمعرض الكتاب بالرباط
- اليابان بصدد تطوير منظومة قائمة على الذكاء الاصطناعي للترجمة ...
- بالغناء والعزف على الغيتار بملهى في كييف.. بلينكن للأوكرانيي ...
- وفاة -سيدة فن الأقصوصة المعاصر- الكندية أليس مونرو


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد الكريم يوسف - قصة حبي مع التمثال الرخامي في مدريد-الحلقة ١٦ ، محمد عبد الكريم يوسف