أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم حجازين - صحراء ورمال














المزيد.....

صحراء ورمال


ابراهيم حجازين

الحوار المتمدن-العدد: 1744 - 2006 / 11 / 24 - 10:11
المحور: الادب والفن
    


1) السراب مرات ومرات

زحف وهو يلهث مغمضا عينيه من شدة القيظ إلى طرف الواحة يمني نفسه برشفة ماء، بعد أن طال بحثه عنه في ذلك اللهب القاتل بعد ذلك سأغادر هذا المكان اللعين إلى الأبد حتى ولو كان كل أجدادي قد دفنوا فيه … شعر أن الماء كان لا يزال بعيدا فتح عينيه لبرهة… كانت الرمال تمتد حوله من جميع الجهات …
قال أحد المنقبين مستنتجا بعد أن عثر على هيكل عظمي في أعماق الصحراء : يبدو أن الإنسان قد عاش في هذا الجزء من العالم .

2) العاصفة مرات ومرات

لما اقتربت العاصفة من تلك القبيلة المتوغلة في الصحراء أصر الشيوخ على البقاء في بيوت الشعر.قال الشباب : كان علينا أن نرحل عن الصحراء ونبني بيوتا من طين، وبما انه فات الأوان، علينا لمواجهة العاصفة أن نصنع حلقة بشرية نضع في داخلها النساء والأطفال والعجائز لتحميهم من الاقتلاع زند الشباب القوية . نظر الشيوخ باستنكار وهزوا رؤوسهم رافضين ، عندها تكلم شيخ القبيلة قائلا : أما النساء فتبقى في المحرم وأما الرجال فيصنعون الحلقة وخرج من مجلسه.

3)النهاية

غضب شيخ القبيلة عندما ولدت إحدى زوجاته طفلا ميتا كسائر نسائه وبقي دون وريث فقطع رأس الداية .
وفي بيت ساحر القبيلة هرب المولود الجديد ذو الذيل الشبيه بذيل الضب وانطلق إلى أعماق الصحراء ، فبقر الرجل بطن زوجته .
في الفجر قام رجال الشيخ بذبح كل أطفال القبيلة .

4) هلوسات رجل يموت من العطش

لماذا تعودون إلى الصحراء وقد غادرها أجدادكم من قبل ؟ كان بنفسك أن تطرح هذا السؤال على الأقل... لكنك جبنت ، وعدت معهم وأنت الذي لم تكن ترغب في ذلك ، تصرفت بالضبط كما كانوا يتوقعون منك . لم تكن تستطع منعهم من العودة ومع ذلك كان بإمكانك أن تقول لهم ماذا تعني العودة إلى هناك . وها أنت تعاني الآن من مرارة العودة وتعتبر نفسك المسؤول عما حدث . كنت تعرف ماذا يمكن أن يحصل. وسارت الأحداث كما كنت تتوقع .
عادوا إلى الصحراء وأنت معهم ، ونصبوا بيوت الشعر وساهمت أنت بذلك ، بل إنك أصريت على وضع الواسط في شق شيخكم بعد أن أصبحتم قبيلة ، ولم تعارض عندما طالب البعض بعودة الحريم إلى المحرم لأن هذا ما يعنيه العيش في الصحراء ، وعندما اقترحت تخصيص مكان لتعليم الأطفال، طنشوك بعد أن قال أحدهم أن المجالس مدارس واقتنعت ، فما الحاجة للعلم في الصحراء ، لقد أصبحت مثلهم تماما بالضبط كما يريدونك أن تكون .
ولما بسط الوهم نفسه وانغلقت عليك الدائرة ، أصبحت هزيمتك فعل اختراق في حاضرك ومستقبلك ، لتتكرر مع كل خطوة تخطوها على نحو أكثر عمقا ، وهكذا عادوا وأنت معهم مختزلين القرون ، وأصبحت مساحات البقع الجرداء داخلكم أكبر وأكبر من الصحراء التي تحيط بكم ,,, أجدادكم عندما غادروا بقعهم احتاجوا لزمن طويل حتى وصلوا بغيتهم أما أنتم فقد امتصكم الزمن كأنكم كنتم دوما هناك .لكن في زمن ومكان أخر .
وبدأت رحلة البحث عن الطعام والماء واستوجب الأمر أن تنتقل القبيلة بأسرها من مكان إلى أخر بحثا عن واحة أو نبع ماء ، لكن هيهات فلقد نضبت الصحراء منذ زمن بعيد، وطاردت مع القبيلة السراب على أمل أن تجدوا الماء . كان الأمل أن تجدوا الماء ، لهذا لما يئستم من السراب الأول تعلقتم بالسراب الثاني والثالث ، لم يكن باستطاعتكم حط رحالكم لأن هذا معناه الموت لذا تعلقتم بالسراب معبودكم على أمل أن تجدوا ماء .
هلكت المواشي والخيل لم تعد قادرة على الحمل ، وسار الجميع على أقدامهم ، الأطفال والنساء والعجزة بينما الضمأ يكاد يقضي عليكم ، ودب اليأس بين أفراد القبيلة ، ولم يجرؤ أحد على التذكير بالمدينة ، حتى أنت أيها العاقل فقدت الشجاعة في أن تواجه أصحاب الرأي وأن تطالب بالعودة إلى المدينة ، لأنك كنت تعلم أنكم قد تهتم في الصحراء ولا أمل لكم إلا بالعثور على الماء فيها ، وهذا كان يعلمه الجميع ، وهكذا أصبحتم تنتظرون المعجزة ، وحتى أنت بعد أن ضربتك الشمس واشتد ظمأك أصبحت تنتظر المعجزة معهم .
وازداد الأمر قسوة وفقد الجميع قواهم ، في أول الأمر هلك الأطفال ولم يكن باستطاعتكم حتى دفنهم وتركتموهم جثثا منتشرة في الدروب ، وقلت في نفسك ها قد فقدنا الأطفال فقدنا المستقبل ومن لا مستقبل له ليس له ماض . حتى مع هذه المصيبة لم يتململ أحد مطالبا بالعودة إلى المدينة كأنهم لم يعرفوها قط أو اقتنعوا أن هذا هو القدر ، وأنت أيضا كنت دائما في قرارة نفسك قدريا .
وانتهى ماضيكم أيضا فقد بدأ الشيوخ يتساقطون ، وانتم تركضون خلف السراب ومن ليس له ماض ولا مستقبل ليس له حاضر كأنه لم يكن ، وتناقص البشر الذين يلهثون وراء السراب وأصبحتم معدودين على الأصابع . في قرارة نفسك فقدت الأمل بالمعجزة وصرت تتمنى الموت السريع ، بل أنك حاولت أن تتخلف عن البقية الباقية التي تطارد السراب الأخير فلم تعودوا تملكون من القوى ما يمكنكم من مطاردة غيره إلا أن حب الحياة دفعك للاستمرار معهم .
والآن أنت لوحدك بعد أن قضى الجميع نحبهم من العطش تزحف فاقدا قواك وتشم رائحة الماء وتحس برطوبته ، تسرع بالزحف لكنك أبطأ من سلحفاة ، الماء أمامك ولظى الشمس يحرقك تماما وأنت تزحف وتزحف كأنك قد قضيت حياتك زاحفا . الموت قدر من يعود إلى الصحراء كان أخر ما فكر به وأغمض عينيه.



#ابراهيم_حجازين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العولمة المفهوم والآثار وسبل للمواجهة-الحلقة -2
- العولمة المفهوم الآثار وسبل للمواجهة حلقة -1
- رؤيا من سفر الرؤيا
- من أجل كنيسة عربية مستقلة
- موت أو حياة نظرية ...الماركسية في البيئة العربية الحلقة الرا ...
- موت أو حياة نظرية..... الماركسية في البيئة العربية الحلقة ال ...
- موت أو حياة نظرية.... الماركسية في البيئة العربية الحلقة الث ...
- موت أوحياة نظرية ...الماركسية في البيئة العربية الحلقة الأول ...
- العلاقة الأردنية الفلسطينية في ضوء خبرة عصبة التحرر الوطني ف ...
- العلاقة الأردنية الفلسطينية في ضوء خبرة عصبة التحرر الوطني ف ...
- العلاقة الأردنية الفلسطينية في ضوء خبرة عصبة التحرر الوطني ف ...
- العلاقة الأردنية في ضوء خبرة عصبة التحرر الوطني في فلسطين عا ...
- ثمة دواعي لاستقالة الحكومة الاردنية فهل تفعل؟ !


المزيد.....




- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم حجازين - صحراء ورمال