أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد قعدان - عن الاستعمار الصهيوني والحمّص














المزيد.....

عن الاستعمار الصهيوني والحمّص


محمد قعدان

الحوار المتمدن-العدد: 7826 - 2023 / 12 / 15 - 00:10
المحور: القضية الفلسطينية
    


"باآنو لإخول حوموص" (لقد جئنا لنأكل الحمّص)
-عن الاستعمار والحمّص

هذا ما كتبهُ المستعمِرين على قبّة مسجد في جنين، لم تكن هذهِ الكلمات اعتباطيّة أو مجرّد مزحة ساخرة من ثقافةٍ عربيّة فلسطينيّة تمتدّ من مآذنةٍ تصدحُ يوميًا، إلى أسواقنا وعاداتنا وطعامنا حتى نصل إلى الفلافل والحمص، هذا الغزو الشموليّ لشعبنا، هو غزوٌ ينتهي برغبةٍ بسيطة، "نُريد أن نأكل الحمّص في شوارع جنين القديمة، في المخيّم، وداخل حارات نابلس القديمة، وما أجمل ذلك، حين يحضّره لنا العربيّ في مطعمٍ ضيّق حاراتيّ".

طموح أكل الحمّص ليس منفصلًا أبدًا عن طموح سلب الأرض، الإبادة الجماعيّة، لأن كلّ ذلك لن يكون لهُ معنًا في حال لم نحتفظ في جزءٍ صغير من الثقافةِ "الميّتة" وتصبح هي ذاتها لنا وماضينا.

أتعلمون، أن العديد من المستوطنين مثلًا يحضر إلى قرى وبلدات عربيّة فلسطينيّة على الشطرِ الثاني من الخطّ الأخضر، يُريد أن نعدّ له صحن الحمّص، أو صحن المسبّحة، ويحاول جاهدًا أن يتمتّع بها كما تمتّع بها جدّي مثلًا (أقول جدّي عمدًا، لا أريد أن أمنح ذاتي هذهِ الميزة لأن أجيالنا الجديدة فقدت حسّ التذوّق الفلسطينيّ) بالنسبةِ إليه هي لذّة الانتصار النهائيّ وإخضاع الثقافة المستعمَرة، في تذوّق طعامها وسرقة لباسها، ليس تشبهًا بها، بل سرقةً.

مرةً لمحتُ مجموعات صور المستعمرات الأولى أوائل القرن العشرين، ستجد المستوطنين الأشكناز يرتدون الحطّة والعقال مثلًا، إيمانًا بأن هذا هو ماضيهم. لم يكن ذلك تماثلًا وحبًا في ثقافتنا، بل هنا سرّ نظرتهم العنصريّة ومفهومهم للتاريخ، هُم الممثّل الشرعي والوحيد لمستقبل هذهِ الأرض وعاداتها وثقافتها، هُم يتقززون منها، ولكنه مؤمنُ في أنّ هذهِ العادات والثقافات هي الجذور تؤسس لمستقبلهِ.

*********

لم أستغرب كثيرًا حينما علمتُ أيضًا أن شارون في خضمّ غزو بيروت، وتحت نار المقاومة، يجلس "مطمئنًا" في أحد مطاعم بيروت الشرقيّة، ليتذوّق الحمّص، لم تكن أيضًا هذهِ الخطوة غير محسوبة أو اعتباطيّة، فهي أيضًا ليست فقط لدواعي رمزيّة، بل هي جُزء من مخطّط الغزو، الدوافع والرغبة في الحمّص هي دوافع غريزيّة عند المستعمِر، أن يصبح مقبولًا بهِ في مجتمع المستعمَر؛ أي التطبيع مع وجوده العنيف. يريد أن يعلم الجميع أنهُ هنا ليبقى، وهذا هو السرّ الذي أخبرتهُ جولدا مائير لبايدن، حينها لم يكن بايدن رئيسًا فقط سيناتور متحمّس في السبعينيّات، قالت لهُ أن "سرّ قوّتنا، هو أننا لا نملك مكانًا آخر لنذهب إليهِ".

وهذا أيضًا يدلي بهِ جميع المستوطنين، هم يريدون دولةً عنصرية تطهيريّة لهم فقط، لأنهم لا يملكون مساحةً أخرى، إذًا يجب على المستعمَر أن يقبل بهم كما هم، غُزاة.

لنعد إلى الحمّص، يوجد لدى فلسطينيي الداخل، نكتةً معروفة عن المستوطنين اليهود وعنصريّتهم، ولاحظتُ أن الجميع يتشارك بها، وكلّ الشرائح تقريبًا حتى أقربهم إلى الاحتلال، حينما يعملُ أحدنا في مطعمٍ أو كليّة أو مصنع ويسألهُ زميله المستوطن اليهوديّ في العمل، "من أين أنت في البلاد؟" أنا من بلد "إكس"، يقول له مباشرةً "أنا أعرف هذهِ البلد جيّد جدًا، أكلتُ حمّص هناك قبل أسبوع عند أبو عادل"، فعلًا بصحن حمّص، أصبح يعرف البلد، ويعرف أهلها، وكلّ النكتة تدور ضمن مشهد كهذا.

كل واحد منّا يمتلك فهمه الخاصّ لماذا شعرَ في العنصريّة في هذهِ اللحظة، هذا الارتباط بينَ أن حضور اليهود من أجل صحن الحمّص وشعورنا بالهزيمة ربّما، فهو ليس سائحٌ عاديّ جاء فعلًا ليأكل حمّص، هو جاء ليعلن عن انتصارٍ تاريخيّ متواصل.



#محمد_قعدان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات على «الإسلام السياسي»: الطروحات والعلاقة مع الاستعما ...
- نقد علاقات الحزب والحراك الشعبي (الشبابي) بالداخل: يوم الأرض ...
- ديناميكيات المُقدس في الدين والرأسماليّة-مُراجعات في فكر الد ...
- ديناميكيات المُقدس في الدين والرأسماليّة-مُراجعات في فكر الد ...
- رسالة: عن النساء، الرأسماليّة والقتل
- ضرورةِ النفي: مُلاحظات عن مُقاطعة الكنيست بالداخل الفلسطيني
- سؤال الحزب بالداخل الفلسطيني(4): حركة أبناء البلد وإشكاليّة ...
- سؤال الحزب بالداخل الفلسطيني(3): عن الحزب الشيوعي الإسرائيلي
- في تناقضات الأطراف: العدوان على سوريا
- سؤال الحزب بالداخل الفلسطيني(2): عن الفقر والجريمة
- سؤال الحزب بالداخل الفلسطيني(1): صفقة القرن وقانون القوميّة


المزيد.....




- مصر.. علاء مبارك يعلق على ما قاله محمد متولي الشعراوي لوالده ...
- -الملكة العذراء-: أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى ...
- البنتاغون يعلن عودة 2000 جندي من قوات الحرس الوطني المنتشرين ...
- يديعوت أحرونوت: نتنياهو أعطى مرونة أكبر لفريق التفاوض
- خبير إسرائيلي: انتقام خامنئي يقترب ومخاوف من عودة الحرب مع إ ...
- حرب أوكرانيا.. لماذا وضعت -مهلة الـ50 يوما- -صقور روسيا- من ...
- ما هي صواريخ “باتريوت” التي تحتاجها أوكرانيا بشدة لصد الهجما ...
- إسرائيل تعد بوقف الهجمات على الجيش السوري جنوبي البلاد
- مهلة -نهائية- لإيران لإبرام اتفاق نووي.. وتلويح بـ-سناب باك- ...
- إسرائيل تنشئ نقاطا جديدة وتُمهّد لبقاء طويل في غزة


المزيد.....

- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد قعدان - عن الاستعمار الصهيوني والحمّص