أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - تكريم العقل .....تخصيب لرحم الحرية















المزيد.....

تكريم العقل .....تخصيب لرحم الحرية


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 1742 - 2006 / 11 / 22 - 08:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يومه السبت 17 نونبر 2006، ينتهي تكريم اليونسكو للمفكر الفيلسوف محمد عابد الجابري. ولو أن التكريم يأتي في عاصفة نقد مزدوجة، تكاد تتحول إلى إعصار مثلث ما بين الديني والإثني والقومي....فكأن تنين المشرق ينفخ ما عنده من غضب ليصل لهيب ثورانه أرض الغرب الإسلامي بكيفية أخرى. كيفية مشابهة.

فقد اطلع قراء الأنترنت على ما يفوق 30 صفحة من الردود بمقالات أطول من مقالة الجابري الأصلية (ماقيل إنه "رفع" أو "سقط" من القرآن")، بلغ عددها 211 ردا في الموقع الالكتروني لفضائية العربية. رياح هوجاء هبت ولم تكد تهدأ، حتى ارتفعت حملة من فرنسا والمغرب...من جانب الجمعيات الأمازيغية ضد هذا المثقف الأمازيغي المولد واللغة (فكيك)، باعتباره مثقفا ارتكب "خطيئة" "التراجع الفظيع عن الصرامة الأخلاقية التي تتسم بها الفلسفة" (مليكة مزان: الحوار المتمدن، 5/11/2006)، إذ بلغ موقف الجانب الأمازيغي حد اعتبار التكريم "إهانة للمشاعر الوطنية والقومية للشعب الأمازيغي داخل بلاد تامازغا وخارجها"....

فما بدأته المقالة المشار إليها أعلاه (المنشورة أصلا في جريدة الاتحاد الإماراتية خلال رمضان)، وهي ليست سوى تأملا في تاريخية تعامل المسلمين أنفسهم مع النص القرآني كبشر، شغلتهم حروب الردة بعد وفاة الرسول (ص)، وترتيبات الخلافة، وبدأ العمل بنظام الدواوين الإدارية، وجمع صحف القرآن، في ظروف معروفة، ليس أقلها "الإرهاب" الذي ذهب ضحيته ثلاثة من بين أربعة خلفاء راشدين...أتي التكريم ليكمل اقتلاع ما تبقى من هدوء من حول الفيلسوف المفكر الذي يفتخر به المغرب والمغاربة حيال المشرق والغرب معا...مع ما قد يتولد من التكريم نفسه من توليف ملف ترشيح لتكريم أدق من مثل ما قد يتبادر إلى ذهن اللجن الثقافية الدولية، مثل لجنة تقييم العطاء الثقافي والعلمي على الصعيد العالمي، مثل جائزة نوبل، مثلا...والتي ستدخل الجامعة المغربية إلى نادي الجامعات التي تتبارى في شنغهاي كل سنة...

إن الزوبعة التي تحركت من حول محمد عابد الجابري أمر طبيعي بالنظر إلى عمق الحفر الذي ينجزه عقل الجابري في تربة تراثنا الثقافي، وفق أسس علمية ثاقبة.....مما يعيد زلزلة المواقف المختلفة من حوله...وتلك طبيعة الجديد في كل حقل من الحقول الرمزية الصلبة...والمتكلسة...في كثير من الأحيان...

إننا لا نجزم بحقيقة العدوى بين المشرق والمغرب، لكننا أمام تشابه ما بين الحقل الثقافي والحقل السياسي. فكما اجتمعت كلمة المسيسين للدين وأنصار بعث الوطنية الإثنية ضد القومية العربية على صعيد العراق، قصد الاجتثاث والإعدام...من باب صيغة الانتقام الضارب في نفسية المشارقة...فالأمر سيان في فورة السجال ضد رأي وتكريم ليس إلا....

وهذا لا يمنعنا من التعاطف واحترام رأي أولئك وهؤلاء على حد سواء، بسبب الاقتناع بمحدودية الفكر والسياسة من المشرب الليبرالي...الذي اتجه لتلبية مطالب الأقوى في العالم، أوربا وأمريكا، وترك الأهل الأجدر بالاعتبار من الزاوية الديمقراطية ومن باب تعزيز الهوية (التيموس بتعبير فوكوياما)..ومن هذه الزاوية، واعتبارا لمساندة الأضعف/ الأقوى أمسك الجابري العصا من الوسط. إذ خفض من غلواء خصوصيته الأمازيغية وش بل شد أزرها بما اكتسبته من قوة عبر المحيط اللغوي والاثني المجاور لها...بما لا يقطع مع المحيط الموجود شمال البحر الأبيض المتوسط...بالنظر إلى أفقه الأممي الاشتراكي....الداعي إلى السلم في العالم....بناء على التجربة المريرة للاشتراكية الوطنية التي أفرزت النازية في ألمانيا....مثلما أفرزت الليبرالية المطلقة نقيضها الاحتكاري في الولايات المتحدة حتى أصبحت الليبرالية رمزا لليسار الأمريكي المعتدل الحريص على تقليم أظافر الأغنياء عبر الضرائب (جوهر التنافس بين الجمهوريين والديمقراطيين في الانتخابات الامريكية)...بدل ترك التنين الاحتكاري مطلق الحركة...يدوس كل من صادفه في طريقه..

وإنه لمن المنذر أن تعلن اليونسكو تكريم محمد عابد الجابري، في نفس السنة التي تكرم فيها المفكرة الأمريكية، اليسارية ذات النفس التقدمي العادل، والتي احتجت على زيارة ابن غوريون، باعتباره أول زعيم صهيوني يزور الولايات المتحدة سنة 1948، رفقة العالم الفذ، ألبير انشتاين، بسبب التقاطهما الطابع العنصري للفكر الصهيوني وللجذر الحربي الذي نبتت فوقه اسرائيل....

إن الانبثاق من الأزمة في وسط المنطقة العربية الإسلامية هو الذي عمم نفسية ما رددته أم كلثوم "أكاد أشك في نفسي"...لتصبح التجمعات الإثنية عبر قرون من الكيانات السياسية والحضارية الموحدة، خزانا لغبن الأقليات من طرف "الأغلبيات"....مما حرك أمواج البشر اعتمادا على مكنونهم المحذور أو المهمش أو الممارس ضده التمييز العنصري من طرف المتحكمين في مراكز القرار....وهذا لم يمنع التفكك السياسي حتى في أوربا نفسها...لكن ذلك لم ينجح سوى في الكيانات التوحيدية المصطنعة من طرف القوى الكبرى في أوربا، روسيا وألمانيا، عندما تجمعت الإثنيات المتجاورة لخلق دول وسيطة تتلقى الضربات العسكرية على خطوط التماس بدل الدول الكبرى نفسها....مثل التشيكيا وسلوفاكيا....مقابل بلع شعوب بكاملها في أوربا بتواطؤ جماعي مثل الحالة التي كانت عليها الأمة البولونية إلى حدود الحرب العالمية الأولى

إننا اليوم بصدد الغرب الذي يهيئ لنفسه شروط المنازلة مع الصين في ربع القرن الحالي....مما يدفعه إلى صنع متاريس وخطوط اعتراض...فيبادر إلى ذلك....في مجالات الاقتصاد والسياسة ويستعمل من أجل تحصين مكاسبه معنا تارة بالدبلوماسية وتارة بالحرب...وفي الحالتين لا نملك سوى سياسة افتعال الموت....سواء في ساحة الدبلوماسية كما هو الأمر بالنسبة لأغلب الأنظمة العربية....أو في ساحة الحرب....كما أصبحنا نعيش على وقع التفجير الانتحاري في قلب محارب المساجد حتى....طمعا في الجنة....

فإذا لم يكن بيننا أمثال محمد عابد الجابري...لاستكمال أدوات الاشتغال الاستراتيجي...للبحث في الذات قصد ادخار الرأي الأصوب لمواجهة أو محاورة الآخر....إن في الدبلوماسية أو في الحرب..."فالرأي قبل شجاعة الشجعان"....وهنا لا يمكن..نسيان الدراسات التي تواكب حالة الاستشهاد المنتشرة بيننا.....حد تفجير الذوات في المساجد...بما يكاد يحول الاستشهاد من استثناءات كارزمية نموذجية تقود المقاومة السلمية العنيدة إلى موت يومي يكاد يحيل الحية نفسها إلى عبث لا معنى له...

وإذا الرأي الغالب في العالم كله، سينتصر لفائدة الشعوب التي تجد كرامتها تحت الصفر بكيفية "مندمجة" و"عضوية" مع انتشار "مؤسسات" مفيوزية في الغرب وروسيا ...مقابل انتشار الفقر بين سكان المدن حد بلوغ عدواه الطبقات الوسطى، فتكثر الإفلاسات بين عيادات الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين....فالرد المتوفر في غياب سلاح العلم وانتشار وباء الأمية والجهل....يصبح ارتفاع نفسية القرف والغبن نحو شباب الطبات الغنية. وقد نشر الباحث الإيراني كتابا حول القضية سنة 2002...ليفسر...انتشار ظاهرة الشهداء الجدد....و"دمقرطتها" بين مختلف شباب العالم من خلال الاستقطاب المعولم، بفعل الكسر النفسي الذي أصاب الضمير العالمي في ظل اللبيرالية المتوحشة.....وانهيار دور المؤسسات السياسية القائمة...


إن تكريم عقل محمد عابد الجابري اليوم بمثابة حقنة قوية في رحم الحرية...ما دام الجابري موجها لعقل الشباب المسلم والعربي للحفر في ما دأبنا على قبوله...والاستئناس به وإليه...وبالتالي فهو سند لكل عقل منتج فعال...خصوصا إذا كانت القضايا عادلة في جوهرها...يعاب على أهلها التسلح فقط بالسجال...بينما العقل هو السلاح الأكثر ضمانا...للجميع...لأصحاب القضايا العادلة ولخصومهم المغرر بهم، من فوق أو من تحت.....



#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قاتل أعداءك بسلاح الحب
- عقوبة الإعدام بين الترتيب الدولي للمغرب ورسالة فيكتور هيغو ح ...
- من أجل أفق آخر للعلاقات المغربية الجزائرية
- ضعف القدرة التوقعية لدى القيادات الحزبية
- سلوك النخب السياسية موقع اللقاءات الموازية في صناعة الاختيار ...
- بين روحانية رمضان وجمالية الجسد
- خلق الحدث السياسي
- مقاربة الإصلاح في أميركا اللاتينية
- الوجه السلبي من البونابرتية في السياسة الخارجية الجزائرية
- المغرب:الانتقال من من بناء -القوة- إلى بناء الثقة
- تحت سقف الاستراتيجية الديمقراطية أي دور لحزب العدالة والتنمي ...
- فوق نفس الرقعة: ربح العرب الضامة وربحت أمريكا الشطرنج
- 2006-1996 عشر سنوات بعد الاصلاح الدستوري في المغرب أي أفق
- منبعنا مشترك سواء في لبنان أو روما
- الانتقال من الوطنية الى المواطنة
- ثلاثة ملايين مهاجر مغربي كتلة لإنتاج قيم الديمقراطية والتقدم
- تركيا: حجر الزاوية في حوار المتوسط
- من يستفيد من حرية الصحافة الأنظمة أم الشعوب؟
- الجدل الصاخب بين شبق الهوية وعبق الحرية


المزيد.....




- فيديو مخيف يظهر لحظة هبوب إعصار مدمر في الصين.. شاهد ما حدث ...
- السيسي يلوم المصريين: بتدخلوا أولادكم آداب وتجارة وحقوق طب ه ...
- ألمانيا تواجه موجة من تهديدات التجسس من روسيا والصين
- أكسيوس: لأول مرة منذ بدء الحرب.. إسرائيل منفتحة على مناقشة - ...
- عباس: واشنطن هي الوحيدة القادرة على إيقاف اجتياح رفح
- نائبة مصرية تتهم شركة ألبان عالمية بازدواجية المعايير
- -سرايا القدس- تعرض تجهيزها الصواريخ وقصف مستوطنات غلاف غزة ( ...
- القوات الأمريكية تلقي مساعدات منتهية الصلاحية للفلسطينيين في ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- وسائل إعلام تشيد بقدرات القوات الروسية ووتيرة تطورها


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - تكريم العقل .....تخصيب لرحم الحرية