أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد انعيسى - عودة الى السفسطائية والأفلاطونية الجزءالثالث والأخير















المزيد.....

عودة الى السفسطائية والأفلاطونية الجزءالثالث والأخير


محمد انعيسى

الحوار المتمدن-العدد: 1741 - 2006 / 11 / 21 - 08:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ـ خلاصات عامة عن السفسطائية
من خلال استعراضنا ووقوفنا عند أهم الأفكار التي تنبني عليها الفلسفة السفسطائية،لا يسعنا الا أن ننوه بهذه الفلسفة طبعا لما قدمته من خدمة هامة للبشرية ،يقول البروفسورتسيلر(ان الخدمة الدائمة التي قدمها السفسطائيون للفلسفةهي انهم وجهوا الانظار نحودراسة الانسان وضعوا الأساس للتربية النظامية)(16)كما أن السفسطائيون كانوا منشغلين بالأمور المادية المتعلقة بوجود الانسان،على عكس الفلسفة ذ
الأفلاطونية التي كانت غارقة في عالم المثل ،وكانت تنظر من برج عاجي، وكانها فلسفة الملائكة التي لا تخضع لجاذبية الارض ،وهذا يرجع بالأساس للوضع الاجتماعي لكل فيلسوف ،(فقد كان السفسطائيون فقراء يحترفون التعليم لكل من يدفع لهم أجرا،وكانوا اذن يختلفون عن أفلاطونالمترف الذي كان العبيد يكدحون ليل نهارليكسبوا له المعاش الوفير)(17).
السفسطائيون كانوا منشغلين بقضايا المجتمع والواقع،وكان همهم الشاغل هو تبسيط العلوم ونشرها و تعليم فن السياسةوفن المحاماة والمرافعات امام المحاكم ،وهكذا يمكن ان نقول ان السفسطائيين هم اول من وضعوا الأساس لمهنة المحاماة كما هي عليه الآن ،والمحاماة في حقيقتها ليست الا سفسطةعلى شكل جديد كما يقول الدكتور علي الوردي،وفضل السفسطائيين على البشرية كذلك يعود الى وضعم الأسس الاولى لفلسفة الشك والنسبية،اذ ان الحقيقة دائما نسبية ،وهي في تنازع وتناقض وكل انسان يرى الحقيقة على ما يتفق مع مصالحه واطاره الفكري ،وفي هذا الاطار يقول وليم جيمس :(ان الحقيقة ليست الا فرضية يفترضها الانسان كي يستعين بها على حل مشكلات الحياة. والحقيقة المطلقة غير موجودة وان وجدت فالعقل البشري لا يفهمها او هو لا يريد أن يفهمها لانها لا تنفعه في الحياة)(18). ومادامت الحقيقة نسبية فانه من الاجدر على الفلسفة والعلم ان يبحثا في الامور التي يكون لها نفع على حياة الانسان،وليس كما فعل افلاطون عندما اعتقل الفلسفة في اكاديميته وانعزل على العامة، اذ ان اكاديمية افلاطون تعتبر رمزا لسجن الفيلسوف،يقول دومينيك غريسوني (منذ موت سقراط أصبح الفلاسفة يبخلون بحياتهم فعوض ان يتفلسف الفلاسفة على الطريقة السقراطية في الساحات العامة ويحاورون سائر البشر ،خصص أفلاطون للفلسفة اكاديميته رمزا لسجن الفيلسوف.)(19).
الفلسفة السفسطائية كان همها هو الرقي الاجتماعي ،ودفع المجتمع نحو التقدم والتطورمن خلال اقتصارهم على البحث ودراسة الامور المتعلقة بحياة الانسان ومجتمعه.والفلسفة السفسطائية كانت ذات اهمية لا يستهان بها ويمكن ان نقول ان اعاذة قراءة السفسطائية سيفتح لنا ابوبا كبرى في مجال المعرفة الفلسفية ، وما العلوم الانسانية الحديثة الا فرع من فلروع الفلسفة السفسطائيةلارتكاز هذه العلوم على واقع الانسان ومجتمعه.فاذا كانت الفلسفة المثالية الأفلاطونية تبحث في المسائل المجردة من قبيل العدالة والحرية ، فان الفلسفة السفسطائية ركزت اهنمامها على ما هو عملي ويكون له دخل وفضل على واقع الانسان،وعلم الجتماع مثلا الذي يدرس الظواهر الاجتماعية عمه الاساس هو محاولة فهم الاجتماع الانساني كذا محاولة التخفيف من حدة الظواهر التي تعود على الانسان بالاضرار مثل ظاهرة السرقة ،وعلى هذا الاساس(نزل العصر الحديث بالعلم الى مستوى الشعب وجعله حرفة من الحرف على منوال السفسطائيين قديما،والعلم لا يكوننافعا الا اذا كان واطئا يجاري الناس في أسواقهم وبيوتهم وازقتهم،وبهذا وجدناالتربية الحديثة تدفع تلاميذها الى دراسة المجتمع أكثر مما تدفعه الى حفض المصطلحات الرنانة التي لا تجدي في الحياة شيئا.)(20)
الفلسفة السفسطائية قدمت الكثير لانسانية كما قلنا،وما المفكرين المعاصرين الذين استطاعوا ولوج التاريخ من بابه الواسع ما هم الا سفسطائيون جدد في الحقيقة .فهذا ماركس يعلن ان الفلسفة التي لها هدف لها في الحياة الواقعية لا جدوى منها،فاذا كان الفلاسفة المثاليون قد حاولوا رفع الفلسفة من الأرض الى السماء فما علينا الا ان نعمل جاهدين على انزالها من السماء الى الارض لتعانق هموم الناس،وهذه هي القيمة والهدف الحقيقي لكل فلسفة.وهذا سارتر يخرج في المظاهرات المنددة بالاستعمار الفرنسي للشعوب الاخرى ،وهذا فوكو يتفتح على المجانين والشواذ والمهمشين،وهذا ريجيس دوبري ينتقد الفلاسفة والمثقفون التقليديون...وتقدمت الفلسفة الحديثة ،وأصبح المفكر الحديث متواضعا يصغي الى الناس على اختلاف مواقعهم الاجتماعية ،و اذواقهم ،وألوانهم،واعراقهم،عكس المفكر الافلاطوني الذي يميز دائما بين الناس .فالسفسطائية والافلاطونية باعتبارهما نقيضين فكريين دائما لهما تجليات عبر التاريخ ،وما النزاع الفكري المرير عبر التاريخ الا شكل من اشكال الصراع الفكري بين التوجهين السفسطائي والافلاطوني.ونحن اذ فتحنا باب النقاش في هذه الامور لا يمكن ان نقول أن السفسطائية محقة في أفكارها ونتحيز لها على حساب الافلاطونية أو العكس،بل أردنا ان نؤكد على قيمة السفسطائية التي لم تنصف وينسب اليها كل فكر دائرخارج الواقع.
يقول علي الوردي:(من العيوب التي اتصفت بها السفسطة انها أثارت الشك في ديانة الاغريق القديمة من غير ان تؤسس مكانها دينا جديدا وهذا عيب لا مراء فيه،اذ ان الشك وحده لا يكفي للاصلاح ،ولا بد للمصلح الذي يشكك في صحة نظام قديما أن يأتي للناس بنظام أصح منه)(21)
ونحن نعلم ان مسألة الدين مسألة حساسة جدا لأنها مرتبطة بروح الشعب كما يقول هيجل ، فان السفسطائيين قد اتهموا بالزندقة والالحاد لانهم لم يعيروا الدين أي اهتمام ، وهكذا اقدم افلاطون وامر بحرق جميع كتب الفلسفات السابقة عنه وبالاخص فلسفة السفسطائيين.ويمكن ان نضيف مسألة ثانوية جعلت أفلاطون يضفي شرعية على تهجمه على الفلسفة السفسطائية ،وهذه المسألة تتجلى في كون السفسطائيين سموا انفسهم بالحكماء في حين ان أفلاطون يسمي نفسه بمحب الحكمة ، والحكمة في الاعتقاد اليوناني صفة تتحلى بها الآلهة فقط،وهكذا شن أفلاطون هجوما شنيعا عليهم ،فقد اعتبرهم مغرورين بانفسم لانهم سموا انفسم بالحكماء ،بالاضافة الى هذه المسألة يمكن ان نضيف مسألة اخرى وهي رفض السفسطائيين البحث عن الحقيقة المطلقة ،خاصة وان هذا النقاش كان قد فرض نفسه في المجتمع اليوناني.
لهذا انتصرت الأفلاطونية على السفسطائية كما انتصر النقل على العقل عند المسلمين في عصور من التاريخ،ولكن بعد مدة زمنية ،وبعد ان تقدمت الشعوب وقامت بثورات كبرى استطاع العقل ان يقوم بانقلاب ناجح على مملكة النقل.لكن الحقيقة ان العقل والنقل دائما في صراع مرير وهذا شكل من أشكال الصراع الفكري بين الافلاطونية والسفسطائية.
ـ من هم السفسطائيون في عصرنا؟
العصر الذي نعيشه لا يخلوا من الصراع بين الفكر الأفلاطوني المثالي والفكر الواقعي السفسطائي،فهذا الصراع ان وجد ليس لان الانسانية تحب الصراع بل ان الواقع هو الذي يفرض هذا الصراع وينعكي بالضرورة على الأفكار والقيم.فالسفسطائي هو من يؤمن بالحركم والتطور ويفسح مجالا للعقل ليكتشف المجهول ، ةلافلاطوني من يؤمن بالركود والجمود ويغلق باب الاجتهاد.
رغم ان العصر الذي نعيشه يعتير عصر العقل بامتياز فمازالت هناك عقول افلاطونية تفسر كل الامور بارجاعها الى ما هو غيبي ميتافيزيقي مع ان هذه العقول تعترف بالعلم، والمهزلة ان أغلبهم من المتعلمين حاملين لشواهد عليا ،فان سألتهم مثلا عن أسباب وقوع الزلزال ،فهم لا يترددون في نسبه الى غضب الله على سكان المنطقة التي وقع فيها الزلزال ،وهذا جواب افلاطوني محض .
الخلاصة ان الأفلاطونيين في عصرنا يمثلون التيارات الدينية بمختلف ألوانها ، انصار الجمود والركود ،واعداء التطور والتقدم، اما السفسطائيون فهم أنصار العقل والتقدم .وليس لنا ان نقول ونحن نختم هذا المقال ،ما اجمل ان نكون سفسطائيين ، وانه لشرف عظيم ان نتهم بالسفسطة ،على ان نبقى مستهلكين للأفكار.

المراجع المعتمدة
قصة الفلسفة :ويل ديورانت
ما الفلسفة؟ ما الثقافة:سليم دولة
نظرية التطور وأصل الانسان :سلامة موسى
العلم فلسفة:فيليب فرانك
مهزلة لعقل البشري:علي الوردي



#محمد_انعيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة الى السفسطائية والافلاطونية الجزء الثاني
- عودة الى السفسطائية والافلاطونية الجزء الأول
- في ضرورة النقد والنقد الذاتي:الحركة الامازيغية نموذجا
- الوعي بالذات ،نحو فهم أعمق
- عبد الله بن سبأ في شمال افريقيا دراسة تحليلية لنظرية المؤامر ...
- العلمانية


المزيد.....




- ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق -تيك توك-؟
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث في -عدوان الإم ...
- -عار عليكم-.. بايدن يحضر عشاء مراسلي البيت الأبيض وسط احتجاج ...
- حماس تبحث مع فصائل فلسطينية مستجدات الحرب على غزة
- بيع ساعة جيب أغنى رجل في سفينة تايتانيك بمبلغ قياسي (صورة)
- ظاهرة غير مألوفة بعد المنخفض الجوي المطير تصدم مواطنا عمانيا ...
- بالصور.. رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -الم ...
- -إصابة بشكل مباشر-.. -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مقر قي ...
- واشنطن تعرب عن قلقها من إقرار قانون مكافحة البغاء والشذوذ ال ...
- إسرائيل تؤكد استمرار بناء الميناء العائم بغزة وتنشر صورا له ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد انعيسى - عودة الى السفسطائية والأفلاطونية الجزءالثالث والأخير