الوصف الأكوستيكي للصوائت العربية بناء على النظام الصوتي لدانيال جونز

أندلا بنجامين برتراند

الحوار المتمدن-العدد: 7798 - 2023 / 11 / 17 - 14:02
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

لا تخص الصوائت المرجعية لغة بعينها، ولكنها تستعمل كنفاط مرجعية لوصف أي صائتة في أي لغة من لغات العالم. تهتم الدراسات الأكوستيكية بين اللغات بمعرفة قوانين صوائتها ونظامها. وهي من أهم الوسائل المعرفية في هذه العصور المتأخرة حيث أنها تعتمد على الأجهزة الصوتية لتحليل الأصوات البشرية وغيرها، وبإنتاج الأطياف التي تساهم في وضع المنهج التعليمي للغات الأجنبية. فالدراسات الطيفية التي تظهر قيم النطاقات الرنينية مهم جدا لمن يريد أن يدقق الفروق الموجودة بين لغة وأخرى لتسهيل تعليم اللغة التي يرغب فيها، أو التي يريد أن يتعلمها أو أن يتعمق فيها.
الكلمات المفتاحية: الوصف الأكوستيكي، الصوائت
المقدمة
لقد اهتم العلماء اللغويون بمختلف فروع علم اللغة العربية منذ القدم. إلا أن هذا العصر عرف بقلة من يقوم بدراسة علم اللغة الأكوستيكي من خلال تحليل الأطياف الذي يهدف إلى سهولة تعليم اللغة العربية أو تعليم أي لغة في العالم، ووضع المنهج التعليمي للغات أجنبية لغير ناطقيها. ولا شك أن الدراسة الأكوستيكية التي تؤدي إلى المعرفة وبيان النطاقات الرنينية تساهم كثيرا في تعليم اللغات. ولكن ما يخص بصوائت العالم اللغوي البريطاني دانيال جونز، ستسُتخدم لوصف الصوائت العربية؛ وذلك أنها تثمل الصوائت اللغوية لجميع اللغات العالم. وهي تتكون من الصوائت الأساسية أو المرجعية والصوائت الثانوية. فما من نظام صوتي إلا أنه يعتمد عليها لوصف صوائتها وموضع وقوعها. وعلى الضوء ما سبق، تمسك الباحث بهذه صفة بالغة، ليقوم بالدراسة التقابلية بين الصوائت العربية وصوائت دانيال جونز على الناحية الأكوستيكية. وبعد قراءة بعض المقالات العلمية والكتب اللغوية العربية والأجنبية المتعلقة بالأصوات، انتهى الباحث إلى قرار اشتغاله بالموضوع المعنون: "الوصف الأكوستيكي للصوائت العربية وصوائت دانيال جونز: دراسة تقابلية".
فأسأل الله - تبارك وتعالى- أن يجعل هذه المقالة مفيدا للباحثين ولعامة الناس.
أهداف البحث:
أهداف الباحث لاختيار هذا الموضوع يمكن تلخيصها كالآتي:
- رغبة الباحث في التعمق في دراسات علم الأصوات الأكوستيكية
- الباحث من الذين يدرِّسون اللغة العربية في المدارس الثانوية الأهلية وإجادته بوصف عميق الصوائت العربية يجعله أقدر في مجال التعليم.
حدود البحث:
يقف البحث عند حدود ظاهرة من الظواهر اللغوية العامة وهي الصوائت؛ ولتحقيق ذلك يهتم البحث بالآتي:
- التعريف بعلم الأصوات الأكوستيكي والصوائت
- عرض نظام صوائت دانيال جونز
- تقتصر الصوائت المدروسة في الصوائت القصيرة فقط
المنهج المتبع في البحث:
سوف يسير الباحث على المنهج التحليلي التقابلي، الذي يعتمد على عرض البانية الأولى والثانية (F1 et F2) لصوائت اللغة العربية وصوائت دانيال جونز.
خطة البحث:
يحتوي هذا البحث على: مقدمة، وثلاثة مباحث، وخاتمة. وتفصيل ذلك كما يلي:
المقدمة: وفيها وأهداف البحث، وحدوده ومنهجه
المبحث الأول: مفهوم علم الأصوات الأكوستيكي وترجمة موجزة لدانيال جونز
المبحث الثاني: عرض نظام صوائت دانيال جونز
المبحث الثالث: مقابلة البانية الأولى والثانية (F1 et F2) بين صوائت دانيال جونز والصوائت العربية
الخاتمة
المبحث الأول: مفهوم علم الأصوات الأكوستيكي وترجمة موجزة لدانيال جونز
سيتناول هذا المبحث تعريف علم الأصوات الأكوستيكي الذي هو فرع من فروع علم الأصوات ثم الترجمة للعالم اللغوي دانيال جونز.
أولا: مفهوم علم الأصوات الأكوستيكي
يطلق على علم الأصوات الأكوستيكي علم الأصوات الفيزيائي وهو مسمى آخر له، وهو فرع من الفيزياء ومن ثم كانت الإشارة إليه أحيانا بمصطلح علم الأصوات الفيزياء من باب إطلاق العام ولكن المراد به هو الخاص.
هو علم الذي يهتم بدراسة الخصائص الفيزيائية لأصوات الكلام. وصف هذا الفرع من فروع الأصوات ك «الهواء الخارج من الرئتين، وبفعل اعتراض الأعضاء النطق له يتدافع في شكل موجات صوتية تأخذ في تحريك الهواء خارج الفم وهو يشبه إلقاء حجر في ماء راكد؛ فيؤدي إلى حدوث اضطراب فيه، ويبدو ذلك الاضطراب في شكل دوائر مختلفة الاتساع» . ولا يختص هذا الفرع من علم الأصوات على دراسة الأصوات وتحليلها فقط في هذا العصر بل تمتد دراستها إلى التخصصات الأخرى مثل الهندسة، والحاسوب.... هذا يدل على أهميته وشدة اعتنائه من قبل الدارسين والباحثين. وذلك أنه ينتج النتائج الدقيقة تقترب من الصواب خلاف «الدراسات الصوتية التقليدية التي تعتمد منهجا نطقيا يقوم على قدرات الباحث وحساسية أذنه لا يمكن الاعتماد عليها كمرجعية دقيقة دائما خاصة عند التصدي لدراسة لغة غربية في نظامها الصوتي عن اللغة الأم للباحث اللغوي»
ثانيا: الترجمة الموجزة لدانيال جونز
نسبه
هو العالم اللغوي دانيال جونز البريطاني، أحد علماء علم الأصوات في العالم. ولد بلندن اليوم الثاني عشر من شهر سبتمبر سنة ألف وثمانمائة واحدة وثمانين من الميلادي
تربيته:
نشأ دانيال جونز محبا لعلم الأصوات شغوفا به. وكان همه منذ نعومة أظافره التعمق في الدراسات الصوتية وتدوينها.
أساتذته
كغيره من علماء عصره لم يقف الباحث على المصادر الكثيرة تذكر بشكل منفصل أنه ارتحل إلى الأمصار العديدة لطلب العلم ومشافهة العلماء في مجاله والتلقي عليهم. ولكن بعد أن حصل على درجة البكالوريوس في الرياضيات، رحل إلى باريس للدراسة تحت، وأشرف عليه بول باسي أحد مؤسسي الجمعية الصوتية الدولية. وتلقى بعض الدروس الخاصة على يد عالم الصوتيات البريطاني هنري سويت .
تلاميذه
عندما وهب دانيال جونز لعلم الأصوات كان له تلاميذ وطلاب وباحثون كثيرون، يدرسون ويتعلمون منه ويرون عنه ويتأثرون به غير أنمهم لم تذكر أسماؤهم في المراجع وفي ترجمته.
مؤلفاته
كان دانيال جونز من المكثرين في التأليف، وخصوصا في فنون علم الأصوات؛ فمن مؤلفاته:
- نطق الإنجليزية
- موجز الصوتيات الإنجليزية
- قاموس نطق الإنجليزية
وفاته
توفي دانيال جونز يوم الاثنين 4 ديسمبر سنة 1967م بغررردس كراس.

المبحث الثاني: عرض نظام صوائت دانيال جونز
توصف الصوائت العربية من الناحية الأكوستيكية والمخارج حسب الأوضاع المختلفة للسان. وهذا الوصف لا يقوم إلا باعتبار الوضع العمودي للسان، أي ما يقع في الحنك الأعلى، ثم باعتبار الوضع الأفقي، أي ما يقع في المحور الأمامي الخلفي للفم، ووضع الشفتين في نطق الصوائت .
والمعلوم عند اللغويين وخاصة المتخصصين في الصوتيات، صعوبة الدقة في وصف صائتة بأي لغة بالاعتماد على لغة أخرى. ولحل هذه الصعوبة يعتمد أكثر الباحثين على نظام الصوائت المرجعية لدانيال جونز. وهو نظام الذي ما زال تستخدم في العصر الحاضر على رغم بعض الانتقادات التي وجهت إليه.
الصوائت المرجعية لدانيال جونز التي تسمى بالإنجليزية (Cardinal vowels) هي مجموعة من الصوائت التي يستخدمها علماء الصوتيات كنقاط مرجعية يحددون على أساسها مواقع الصوائت الأخرى. ابتكر هذا النظام العالم لللغوي دانيال جونز. وتمثل هذه الصوتيات أقصى درجات التطرف في اتجاه من الاتجاهات التي يمكن أن يتحرك فيها اللسان أثناء إنتاج الصوائت . ويثمل كذلك هذا النظام جميع أصوات لغات العالم، ومن خلاله يمكن وصف أي صائتة من أي لغة ؛ قال شوبغا (M. SCHUBIGER) في هذا الصدد حسب ما نقلت من أمين محمد: «هو نظام مرجعي تطبيقي مناسب لوصف الصوائت للغة معينة [.....] ومازالت هذه الصوائت أن تقدم خدمات جيدة، وكذلك استعملت كنظام مرجعي في علم الأصوات الأكوستيكي» .
وسيصف الباحث الصوائت العربية من الناحية الأكوستيكية استنادا إلى نظام الصوائت المرجعية (Cardinal vowels) لدانيال جونز، وذلك أنه تقنية وصفية للأصوات ومجالها يعتبر فنا أكثر من كونها علما. ولذلك يوضح لديفوغي (LADEFOGED) أن هذا النظام يعمل جيدا عندما يقول: «أي متخصص في علم الصوتيات الذي يرغب في بيان الاختلاف الدقيق بين حركتين مختلفتين يقدر أن يفعله طالما أن هناك نقاط محددة. في الوقت الحالي، أفضل طريقة لتسهيل هذه النقاط المحددة، هو استخدام الصوائت المرجعية» .
المبحث الثالث: مقابلة البانية الأولى والثانية (F1 et F2) بين صوائت دانيال جونز والعربية
تتضمن الصوائت المرجعية لدانيال جونز نوعين من الصوائت: أحدهما الصوائت الأساسية أو الرئيسية، والآخر الصوائت الثانوية. وتقع الصوائت العربية جميعها القصيرة والطويلة في الفئة الأولى وهي الصوائت الرئيسية. والمقارنات التي سيقوم بها الباحث بين الصوائت العربية وصوائت دانيال جونز ستكون على دراسة الأطياف فقط لا غير. وسيعتمد الباحث على النتائج التي حصل عليها من خلال تحليل الأطياف وقيم النطاقات الرنينية (F2 وF1). وأما وزن النطاقات الرنينية للصوائت المرجعية لدانيال جونز، فقد حصل عليها الباحث من كتاب مارتينيز سيلدران . والنطاقات الرنينية للغة العربية حصل عليها الباحث من خلال الدراسة الطيفية لِبِلْقايِد التي ذكرها فهد سالم ترفاس في مقالته . وتنبني تلك القيم البواني للعة العربية على اللغة الفصحى (arabe littéraire) المتناولة في المدارس والإدارات والهيئات العالمية. وسيهتم الباحث بالصوائت القصيرة دون الطويلة.
- الصوائت الأمامية
لا يوجد سوى صائتة أمامية واحدة في اللغة العربية وهي الكسرة (ــِــ) /i/. وهي مغلقة غير مدورة في جميع أوضاعها أي في بداية الكلمة ووسطها وفي نهايتها. بالمقارنة مع الصوائت المرجعية، الكسرة في العربية (ــِــ) /i/ تقابل حركة /i/ للرقم الأول للصوائت الأساسية لدانيال جونز (VCP) . ولوصف المميزات المخرجية لهذين الصوتين ولنظر نوع العلاقة التي يوجد بينهما، سيحلل الباحث أطيافهم التي ستوفر وتزود للباحثين بيانات مهمة.
الصائتة F1 F2
/i/ للعربية 290 1980
/i/ VCP) ) 230 2700
من خلال مقارنة مقدار البواني بين النظامين للصوائت العربية والأساسية لدانيال جونز، يلاحظ أن الكسرة (ــِــ) /i/ في العربية منفتح أكثر من/i/ VCP)). وأما وضع اللسان يوجد فرق بينهما بشكل واضح. فالحاصل أن الكسرة (ــِــ) /i/ في العربية أكثر أمامية من /i/ VCP))، البانية الثانية F2 للغة العربية سجلت ترددا أدنى من /i/ VCP)).
- الصوائت الخلفية
لا يوجد سوى صائتة خلفية واحدة في اللغة العربية وهي الضمة (ــُـ) /u/. وهي مغلقة ومدورة في جميع أوضاعها أي في بداية الكلمة ووسطها وفي نهايتها. بالمقارنة مع الصوائت المرجعية، فإن الضمة (ــُـ) /u/ في اللغة العربية تقابل حركة /u/ للرقم الثامن للصوائت الأساسية أو الرئيسية لدانيال جونز VCP) (. والقيم الأكوستيكية التي توجد في تلك الصوائت للعربية والرئيسية هي في الجدول التالي:
الصائتة F1 F2
/u/ للعربية 340 995
/u/ VCP) ) 227 740
يظهر في الجدول أعلاه أن درجة الانفتاح لمخرج الضمة (ــُـ) /u/ في اللغة العربية أكبر من حركة /u/ للصائتة الأساسية لدانيال جونز VCP) (. وأما وضع اللسان، فإن الضمة (ــُـ) /u/ في اللغة العربية أكثر أمامية من حركة /u/ للصائتة الأساسية أو الرئيسية لدانيال جونز (VCP).
- الصوائت المركزية
لا يوجد سوى صائتة مركزية واحدة في اللغة العربية وهي الفتحة (ــَــ) /a/ وهي مفتوحة غير مدورة في جميع أوضاعها أي في بداية الكلمة ووسطها وفي نهايتها. بالمقارنة مع الصوائت المرجعية، فإن الفتحة (ــَــ) /a/ في العربية تقابل حركة /a/ للرقم الرابع للصوائت الأساسية لدانيال جونز VCP) (. والجدول التالي يبين ذلك:
الصائتة F1 F2
/a/ للعربية 400 1640
/a/ VCP) ) 720 1320
من خلال مقارنة مقدار البواني بين النظامين للصوائت العربية والأساسية لدانيال جونز، يلاحظ أن /a/ في الصائتة الأساسية لدانيال جونز VCP)) منفتح أكثر من الفتحة (ــَــ) / a / للغة العربية. وأما وضع اللسان فيوجد فرق بينهما بشكل واضح. فالحاصل أن /a/ للصائتة الأساسية لدانيال جونز VCP)) أكثر مركزية من الفتحة (ــَــ) /a/ للغة العربية، وسجلت البانية الثانية (F2) لدانيال جونز ترددا أدنى من اللغة العربية.
الخاتمة
يعد أن وفقنا في إكمال هذه المقالة، تلاحظ سهولة وصف صوائت اللغة العربية بالاعتماد على صوائت دانيال جونز التي لا يستغني عنها الباحثون والمتخصصون في علم الأصوات في العالم كله. وما يخص اللغة العربية، فإن الصائتتين /u/ و /i/ منفتحتان أكثر من دانيال جونز. وهذا يدل على أن ناطق كلتا الصائتتين للغة العربية سيكون فمه أكثر انفتاحا من نطق صائتتي دانيال جونز؛ بخلاف صائتة /a/ التي تكون أكثر اغلاقا في اللغة العربية. خلاصة القول، إن الصائتين الاثنتين للغة العربية: الكسرة (ــِــ) / i/، والضمة (ــُـ) /u/، تبقى الشفتان ممد ودتين وليس لهما المشاركة النشيطة في المخرج، وفي الناحية الأخرى، تتسع الشفتان تدريجيا من عدم استدارة الفتحة (ــَــ) /a/ إلى استدارة الضمة (ــُـ) /u/. وجدير الذكر، البانية الأولى يدل على انفتاح الفم عند نطق الأصوات والبانية الثانية تدل على مخرج الصوت.
المراجع والمصادر العربية
1) نجيدة و لهاصي، الأصوات الذلقية في اللغة العربية: دراسة تطبيقية مخبرية، جامعة أبي بكر بلقايد، كلية الآداب واللغات، 1434م
المراجع والمصادر الأجنبية
1) Fathi Salem Terfas, A propos de formants des voyelles : approche acoustique et géolinguistique, université de Tripoli-Libye, Décembre 2018
2) E. MARTINEZ CELDRAN: Fonética, (con especial referencia a la lengua castellena) 2a ed., Teide, 1986, p.276
3) AMINOU MOHAMADOU, estudio contrastivo entre el espagnol y el Fulfulde desde el punto de vista fonetico y fonologico, universidad complutense de Madrid, 1994
مواقع الإنترنت
1) https://www.qatar.geogetown.edu du 26 / 10 / 2023
2) www.ar.wikipedia.org du 27 / 10 / 2023
3) www:hptt//ar.m.wikipedia.org, du 12/08/2023

#أندلا_بنجامين_برتراند (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات