أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين كامل عباس - الموسيقا بين المعرفة والأيديولوجيا














المزيد.....

الموسيقا بين المعرفة والأيديولوجيا


حنين كامل عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7798 - 2023 / 11 / 17 - 11:27
المحور: الادب والفن
    


الموسيقا بين المعرفة والأيديولوجيا*
حدّثني والدي عن علاقته بالموسيقا وممّا رواه لي:
"أنا يا ابنتي من مواليد قرية مشلوحة في أعالي الجرد، فقيرة بكلّ شيء ما عدا هواءها العليل وطبيعتها الجبليّة الخلّابة. لمّا أنهيت المرحلة الابتدائية في المدرسة وانتقلت الى الثانوية لم أكن أعرف شيئا عن الموسيقا وفي الصف السابع تعّرفت عليها من خلال مدرّس الموسيقا في صفّنا عندما افتتح الدرس بقول: الموسيقا يا أبنائي علم وفنّ. اكتشفت فيما بعد أنّ لي علاقة بالموسيقا من دون أن أشعر، فأنا أعزف على ناي قصب وبشكل سماعي من أيّام طفولتي أثناء رعي الماعز والغنم في القرية".
كانت قرية والدي تعيش في أجواء الموسيقا دون أن تشعر، أليست زقزقة العصافير وتغريد البلابل في أعالي أشجارها سيمفونيّات موسيقيّة؟ أليس خرير المياه في ينابيعها نغمات موسيقية؟ أليس دوّي الرعد ولمع البرق وزمجرة الرياح في سمائها اوركسترا موسيقية؟
سجّلني والدي وقبل ان أدخل المدرسة في دورة موسيقية في النادي الموسيقي في اللاذقية تحت إشراف أستاذ قدير صديق له زرع في قلبي حبّ الموسيقا، وأشاد بموهبتي وحسّي الموسيقيّ.
تتميّز الموسيقا بأنّها لغة إنسانيّة عالميّة، أسمِع إنساناّ من شرق الأرض مقطوعة حزينة وسوف يتعاطف معها كأيّ إنسان في غربها، أسمِعه نغمة فرحة وسوف يتراقص كيانه حيويّة تماماّ مثل غيره من سائر البشر. حاولَت الفلسفة التحليلية حلّ لغز القيمة الموسيقية لكنّها لم توفّق.
تختلف الموسيقا عن بقيّة الفنون والآداب ( شعر، قصة، رواية ...الخ) في أنّها تجمع بين لغة العقل (المخ) ولغة العاطفة (القلب). في أنّها كما قال عنها مدّرس والدي - رحمه الله - علم وفنّ.
من حيث هي علم فلا تكفي الموهبة للشاب أو الفتاة ذوي الحناجر الذهبية التي تُسمعنا أغانٍ ساحرة، بل لا بدّ من صقلها بالتبحّر في علم الموسيقا، حيث أنّ لكل فرع موسيقيّ علم خاص به ونوتاته وسلالم نغماته مثل الرياضيات تحتاج الى إلمامٍ بها حتماً حتى يصبح الشاب أو الشابّة موسيقيّين لامعين.
من حيث القلب فلا تكتمل الأغنية التي يقدّمها الشاب أو الشابّة دون أن يملك الإحساس المُرهف بما ينشده، عندها يستطيع بموسيقاه رصد تنهّدات الأمهات عند غياب فلذّات أكبادهن أو فرح الآباء في أعراس أولادهم.
إنّ الموسيقا كما أثبتت الدراسات الحديثة توثّر إيجاباً على نموّ الطفل وهو في رحم الأمّ لأنّ جهازه العصبي يتكوّن في مرحلة أبكر بكثير من تكوّن القلب، كما أثبتت الدراسات أنّ سماع الماشية للموسيقا يساعد في هضمها الغذاء بشكل أصحّ ودرّها حليباَ أكثر.
حتى النباتات تتأثّر بالموسيقا وتنمو بشكل أسرع وتعطي حقولها محاصيلاً أوفر عندما تعزف لها موسيقا هادئة.
إن الكون كلّه يتناغم مع الموسيقا، لأنّ الصوت – الذي هو شكل من أشكال الطاقة - جزءٌ سرمديّ من الكون، كان ولا زال وسيبقى، فالطاقة لا تفنى، ولا تُستحدَث من العدم.
تُظهر الأبحاث الحديثة أيضاً ان الموسيقا تؤثّر على هرمونات العقل والحمض النوويّ أكثر من العقاقير الطبّيّة، بمعنى آخر فإنّ احتمال تأثير التركيبات النغميّة على العقل أكثر من تأثير الكيميائيّات، وبدون آثار جانبيّة، وهناك حالات تمّ فيها استخدام الموسيقا كمخدّر في العمليات الجراحية، ومهدّئ في الحالات النفسيّة.
لو أنّ العلم توجّه إلى استثمار الموسيقا بما يفيد الإنسانيّة والمجتمع، لحصد الكثير من التقدّم والحضارة.
لكن كأيّ تفصيل في ثنايا المجتمع، لم تنجُ الموسيقى من دخول السيطرة الطبقية لتخدم طبقة أو فئة معينة، فإذا كان الدين قد انحاز بالنهاية لمصالح الأغنياء - رغم أنّ كلّ الأديان هي فكرة في قلب المؤمن متعاطفة مع الانسان المظلوم و تحضّ على نصرته ضد ظالميه – لكن جرى للعلم ما جرى للدين، و خير دليل على ذلك الأسلحة الحديثة التي اخترعها العلماء لإبادة البشر كما يجري الآن في غزّة.
كما أنّ الدراسات الحديثة تثبت أنّ الموسيقا الصاخبة تخدم الأنظمة حتى في السجون، يتعرّض السجين الى موسيقا صاخبة قد تتلف آذانه وبالتالي هو سلاح مستخدم في السجون من قبل السلطات لإيذاء معارضيها.
السيطرة الطبقية أعلَت الطبقي على الإنساني في كلّ العصور ولا يمكن أن نستردّ إنسانيّتنا إلّا إذا بدأ عصر جديد يُعلي الإنساني على الطبقي، ويقدّر المعاني الإنسانيّة.. كالموسيقا.
..........



#حنين_كامل_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموسيقا بين المعرفة والأيديولوجيا


المزيد.....




- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...
- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين كامل عباس - الموسيقا بين المعرفة والأيديولوجيا