أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عيد اسطفانوس - أمه فى القفص















المزيد.....

أمه فى القفص


عيد اسطفانوس
عضو اتحاد الكتاب المصريين ــ شاعر وقاص وكاتب صحفى

(Eid Estafanous)


الحوار المتمدن-العدد: 7798 - 2023 / 11 / 17 - 00:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما يستطيع القانون الوضعى إثبات اقتراف جرم مادى فى حق جسد، لكنه لايستطيع اثبات إقتراف جرم معنوى فى حق نفس أو روح،وهؤلاءـــ بالإضافة لجرائمهم الدموية البشعة ارتكبوا جرائم فى حق النفوس والارواح والضمائر، ضللوها وأدخلوها فى غياهب التأويلات والتفسيرات فأصبحت نفوس حائرة مترددة كقطعان نوق تائهة فى حقول ألغام، واذا كان المصريون قد نجحوا فى وضع الاخوان ومعاونيهم فى أقفاص فالإخوان ومعاونوهم سبق ووضعوا أمة بأكملها ليس فى أقفاص ولكن فى زنازين، سجنوا النفوس والارواح والعقول والضمائر فى تابوهات مصفحة، ونصبوا على أبوابها غابة من اللحى الكثة والجلاليب القصيرة، وهؤلاء كانت مهمتهم المقدسة هى غسيل ادمغة البسطاء وحقنهم بجرعات منتظمة ومقننة من القهر حتى أدمنوه، وتلاعبوا بالضمائر إلى الحد البشع، الحد الذى جعل نساء يعطين أصواتهن لرجال لا يملكون برنامج انتخابى سوىبرنامج قهر المرأة، ونساء يدافعن باستماتة عن (حق المجتمع ) فى منعهن من قيادة السيارة، ويدافعن عن حق الرجل فى الزواج بأربع،والطامة الكبرى يدافعن حتى عن قطع اجزاء من أجسادهن ( حسب الشريعة )، هذه أمثلة للأدمغة المغسولة والضمائر الغائبة التى أدمنت القهر والاستسلام،وفى محاولات يائسة للهروب من تلك الزنازين يغامر بشر بحياتهم على ألواح خشبية فى بحار هائجة وهم يدركون أن المغامرة تستحق، فهم بلا حياه فان نجحوا فى الهروب من تلك الزنازين فقد كتبت لهم حياه جديدة وان لم ينجحوا فهم لم يخسروا شيئا فحياتهم والعدم فى هذه الزنازين سواء.

وعندما ظهرت بوادر احتجاج وتطورت الى ثورات فى بعض هذه البلدان وكسر الناس حاجز الخوف وحطموا قضبان الأقفاص القديمة، توحدت قوى الشر فى هذا الكوكب على هدف واحد وهو أن تعود هذه الشعوب ليس إلى ألأقفاص القديمة بل إلى زنازين جديدة، وفى هذه المرة سخروا أتباعهم الجدد لبناء زنازين حصينة لايمكن اختراقها جدرانها لاهوت سياسى ولاهوت اقتصادى ولاهوت اجتماعى ولاهوت ثقافى ناهيك عن لاهوت رياضى ولاهوت تعليمى ومن يعن له مجرد التفكير فى اختراق أيا من هذه الجدران أو هذه التابوهات الصلدة فالويل كل الويل، ولنا عبرة فى ابن عربى وابن رشد وابن أركون والجابرى ونصرأبو زيد وطه حسين وعبد الرازق ومحمد عبده وفرج فودة وكثيرين وكثيرين قدامى ومحدثين.

وعندما خرج الإيرانيون من قفص الشاه دخلوا زنزانة الخمينى، وعندما خرج التونسيون من قفص ابن على دخلوا إلى زنزانة النهضة ، وخرج العراقيون من قفص صدام إلى زنزانة داعش، وخرج المصريون من قفص مبارك إلى زنزانة مرسى، وخرج السودانيون من قفص نميرى إلى زنزانة الترابى، وخرج اليمنيون من قفص صالح إلى زنزانة القاعدة، وخرج الصوماليون من قفص سياد برى إلى زنزانة ابن تيمية، وخرج الليبيون من قفص القذافى إلى زنزانة الفوضى، ونظرة على العرض اليومى للميديا لغابة المخيمات الكثيفة التى يسكنها جحافل البشر الفارين من هذه الزنازين، ونظرة على جيوش المدمنين وجيوش الملحدين المستترين ونظرة على أسواق العبيد فى اليمن وتشاد وموريتانيا ونظرة عامة على أحوال بقية نصف مليار من البشر ربما يدل على حجم المأساة، مأساة أمة خرجت من الأقفاص ودخلت الزنازين، ولهذه الاسباب وغيرها ربما فضل السوريون البقاء فى ( قفص الأسد ) عن الدخول فى زنزانة المجهول تلك التى جربها الجزائريون من قبل وفضلوا البقاء فى القفص، فربما تتيح فراغات بين قضبان الاقفاص بعض من رؤية وبعض من هواء، لكن جدران الزنازين المسمطة الصلدة الباردة ترى ماهو الأمل المرجو من الحياه فيها سوى شعوب حزينة حزن موجع للقلوب، حزن مزمن، حزن ممزوج بمرارة التعاسة واليأس والإحباط.

وربما يستطيع محام يجيد اللعب على أوتار القانون أن يخرج كل من فى القفص وهذا ما سيحدث، لكن من يستطيع إخراج هذه الشعوب من تلك الزنزانة الضيقة زنزانة العقل الذى أغلقت عليه كل النوافذ ومسحوا من على ذاكرته كل الموروث الحصارى والانسانى، زنزانة ابن تيمية والمودودى وابن عبد الوهاب وغيرهم من غلاة اللاهوتيين وأتباعهم ومريديهم الذين حصنوهم وحولوهم إلى أشباه رسل لايأتيهم الباطل من أى اتجاه، وحولوا أراء بشر إلى نصوص مقدسة الويل لمن يقترب منها مجرد الاقتراب، أم نقدها أو حتى قراءتها بروح العصر فهو الكفر الأعظم.

وأرجو أن يتأمل القارئ معى هذه الفرضية: لو قدر الله ( وهو على كل شيئ قدير ) أن يؤجل تنزيل رسالة الاسلام إلى هذه الايام ويكون هؤلاء الدعاه على الساحة هم المنوط بهم الدعوة لهذا الرسالة، ترى كم من البشر سيدخل الدين الجديد على يد هؤلاء دعاة القتل والكراهية والعنصرية؟ والمؤكد أن مليار البشر الذين سبق وآمنوا بالفطرة والسماحة والتعايش لم يؤمنوا بالرسالة على يد هؤلاء.

وللخروج من الزنازين ضريبة يجب أن تدفع، دفعتها أوربا دماءا ودمارا فى حروب طاحنة، ودفعها الأمريكيون واقتتلوا سنين عده، ودفعها الاتراك والصينيون واليابانيون وأمم كثيرة وعبروا إلى عهد جديد، عهد عدل وحرية وإبداع وابتكار استفادت منه كل البشرية صحة وغذاء وعلم واقتصاد واجتماع وزراعة وصناعة، عهد جديد لبشرجدد من الالفية الثالثة مواطنين كاملى الأهلية يقررون ويختارون مصائرهم وسلوكهم وأنظمتهم وحكامهم بارادتهم الحرة،ارادتهم الحرة التى جبلهم عليهم خالقهم حتى يتمكن من حسابهم (يوم الدين )، حسابهم على ما فعلوه بارادتهم الحرة وليس على ماقرره عليهم سلفا حراس الزنازين، وهنا ننوه بأنه لا يجب الخلط المتعمد الخبيث بين سابق علم الخالق بسلوك خلقه وبين ايهام البسطاء والعوام بأن مصائرهم مكتوبة على جباههم.

أما يحدث فى مصر اليوم فهو نفس الضريبة يدفعها المصريون ثمنا لتحطيم جدران هذه الزنازين، لأنه لاخروج آمن إلى الحرية إلا بثمن، ولا شك ثمن باهظ، لكنه ثمن أخطاء تدفعها الشعوب جزاء السكوت على هذه الجرائم سنين طويلة، سنون ارتفعت فيها جدران هذه الزنازين أمام الجميع، جزاء السماح لتيارات تحتية وافدة بثقافات غريبة نشرتها على مرأى ومسمع من الجميع، ثقافات غيبية دمرت الموروث الحضارى لأمة رصيدها آلاف السنين من الريادة، ثقافة وابداع وابتكار وصناعة وزراعة وسماحة وتعايش، أمة لم يستطع أى من غزاتها أن يدخلها قفص أو زنزانة.



#عيد_اسطفانوس (هاشتاغ)       Eid_Estafanous#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أقواس النصر المفخخه
- لوغاريتم نصف البطل
- بين التاج والعورة من يجسر الهوه
- من جمهوريات الى قبائل ....التطور الطبيعى
- محنة الماضى المستمر


المزيد.....




- وزير الخارجية المصري يدعو إسرائيل وحماس إلى قبول -الاقتراح ا ...
- -حزب الله- استهدفنا مبان يتموضع بها ‏جنود الجيش الإسرائيلي ف ...
- تحليل: -جيل محروم- .. الشباب العربي بعيون باحثين ألمان
- -حزب الله- يشن -هجوما ناريا مركزا- ‏على قاعدة إسرائيلية ومرا ...
- أمير الكويت يزور مصر لأول مرة بعد توليه مقاليد السلطة
- أنقرة تدعم الهولندي مارك روته ليصبح الأمين العام المقبل للنا ...
- -بيلد-: الصعوبات البيروقراطية تحول دون تحديث ترسانة الجيش ال ...
- حكومة غزة: قنابل وقذائف ألقتها إسرائيل على القطاع تقدر بأكثر ...
- الشرطة الفرنسية تفض مخيما طلابيا بالقوة في باحة جامعة السورب ...
- بوريل يكشف الموعد المحتمل لاعتراف عدة دول في الاتحاد بالدولة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عيد اسطفانوس - أمه فى القفص