أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد النعماني - مؤتمر لندن للمانحين مؤ تمر الفرصة الأخيرة لليمن















المزيد.....



مؤتمر لندن للمانحين مؤ تمر الفرصة الأخيرة لليمن


محمد النعماني
(Mohammed Al Nommany)


الحوار المتمدن-العدد: 1739 - 2006 / 11 / 19 - 10:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في حقيقة الامر انا ارى ان موتمر المانحين الدي ينعقد لاجل اليمن سوف ينجح في تقديم مساعدات متعددة الاغراض لليمن ولكنها هده المساعدات ستكون عبر صناديق التنميه المتعددة التسميات في دول الخليج العربي والسعوديه اعني بدالك ان هده المساعدات سوف تقدم لليمن بواسطه هده الصناديق العربيه في المنطقه والهدف منها انتشال الاوضاع الاقتصاديه نحو الافضل وتحسين مستوى حياة الناس الى الاحسن على اعتبار ان موشرات الفقر مخيفه جدا بما ينذر بعواقب اخرى قد تسهم في زعزعه الامن والاستقرار في اليمن وانما في دول الجوار لليمن وبالتالي ربما المساعي الان الموجوده على اليمن وفرض الوصايه الاقتصاديه عليها من خلال تقديم لها المساعدات بواسطه صناديق دول الخليج العربي والسعوديه قد يسهم الى حد ماء على مدى عشر سنوات قادمه الى تحسين الاوضاع المعيشيه في اليمن بما يساعدها على الاندماج في دول التعاون الخليجي العربي ولكن الامر من دالك مرتبط بمدا الاصلاحات الدي يمكن ان تشهدها اليمن وبالدات في مجال مكافحةوالحد من الفساد في المجتمع واصلاحات اداريه ومهنيه في موسسه الدوله من خلال وضع الشخص المناسب في المكان المناسب بمواهلاته العلميه والاكاديميه وليس بي بانتماءه الطائفي والقبلي
ارى انا ان موتمر المانحين ربما قد يكون الفرصه الاخيره لليمن في انتشالها الى الافضل وهو اشبه الى حد ماء الى مشروع مارشل الدي جرى تنفيده بعد الحرب العالميه في المانيا ولدالك اعتقد ان على اليمن القيام باصلاحات واسعه تتناسب مع حجم المساعدات الدي يمكن ان تقدم لها وهي بكل تاكيد مربوطه بمدا التزام اليمن بتنفيد ماتم الاتفاق عليه من التزامات سوى كانت اقليميه او عربيه او دوليه

وأنهى مؤتمر المانحين المنعقد في العاصمة البريطانية لندن بشأن دعم تنمية اليمن أعماله اليوم الخميس وأسفر عن تعهدات مالية لدعم اليمن بأكثر من 4 مليار و700 مليون دولار معظمها خليجية ، وهو ما أعلنه الرئيس علي عبد الله صالح للصحفيين

واعتبر الرئيس في مؤتمر صحفي ما حصلت عليه اليمن من تعهدات من المانحين " بمثابة خطوة في الطريق الصحيح لكل ما نسعى إليه" وقال إنه " نقل علاقات اليمن مع جيرانه بمجلس التعاون الخليجي والمجتمع الدولي الى مرحلة الشراكة الحقيقية".


وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي عبد الكريم الا رحبي إن مؤتمر لندن للمانحين حشد 7ر4 مليار دولار لدعم التنمية في اليمن معتبرا ذلك تدشينا لمرحلة من الشراكة الحقيقة بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي والمجتمع الدولي" وإن ذلك "فرصة لليمن للتغلب على المشاكل القائمة".


وذكر الا رحبي أن اجتماع آخر سيعقد بين اليمن والمانحين في شهر مايو القادم لبحث التقدم الحاصل في التنمية الاقتصادية, فيما سيعقد اجتماع موسع بعد عامين لتقييم مستوى التنفيذ والبحث في النتائج المحققة على الأرض .


وكان وزير التنمية البريطاني جارث توماس أكد استمرار حكومته في تقديم الدعم لليمن في المجالات التنموية المختلفة خاصة في مجالي التعليم والصحة, وقال إن "حصول اليمن على ما يقرب من 5 مليارات دولار في مؤتمر المانحين سيساعدها كثيرا على تنفيذ أجندة الإصلاحات خلال الفترة القادمة ".

وتقترب التعهدات المالية المعلنة في المؤتمر من التقديرات التي كان أعلن عنها بشان الفجوة التمويلية للخطة الخمسية الثالثة والتي حددت ب5مليار و800 مليون دولار فيما تقول الحكومة اليمنية عن حجم الفجوة يبلغ 7 مليار و800 مليون دولار .

وسيخضع الوفاء بالتعهدات المالية للمانحين بمدى قدرة الحكومة اليمنية على إجراء الإصلاحات المطلوبة وفي مقدمتها محاربة الفساد ، وكذا المتابعة المباشرة من خلال عمليات تقييم مستوى تنفيذ المشاريع ونتائجها على الواقع .

وكانت جلسات أعمال المؤتمر ليوم أمس استكملت بعد رفع الجلسة بطلب من الرئيس إثر إعلان سلطنة عمان تقديم 100 مليون دولار ، وعلمت الشورى نت أن الصحفيين المرافقين لرئيس الجمهورية منعوا من حضور الجلسة .
طالما كان الدخول إلى مجلس التعاون الخليجي حلماً يراود السلطة اليمنية منذ أمد طويل، وعبثاً حاولت السلطة وخاب رجاؤها وتكسرت محاولاتها على صخرة الرفض الخليجي المتكرر,بالرغم أن الرفض الخليجي غير موضوعي أو منطقي إنما لم يكن من أسبابه الإدراك أن السلطة اليمنية تسعى لرمي ثقل عملية التنمية في اليمن على كاهله واستنزاف المساعدات المقدمة لليمن، خاصة بعد أن اتسع حجم الفساد وصارت (الكعكة) لا تكفي لإشباع نهم الفاسدين.
منذ تحقيق الوحدة اليمنية عام 90م حسب ما قالت الشوري نت استجلبت السلطة اليمنية القروض والمساعدات الخارجية معتمدة على تسويق نفسها كنموذج ديمقراطي في المنطقة، واستفادت كثيرا من خلال مقارنتها بمحيطها الخليجي الخالي من التعددية السياسية والانتخابات، والسلطة الملحية، وفعلاً كسبت السلطة في اليمن كثيرا من وراء الديكور الديمقراطي الموجود وان كان بدون مضمون، الا أن هذه المكاسب لم تنعكس على التنمية.
وبفعل المتابعة العالمية لليمن بدا واضحاً أن غياب التنمية سببه الأساسي الفساد في الإدارة ، والاقتصاد والسياسة، وسجلت اليمن تباعاً لسنوات متوالية معدلات مخيفة في ضعف التنمية، واحتلت مكانة متدنية في التعليم والصحة والخدمات العامة وأشارت تقارير الشفافية الدولية إلى الفساد الكبير وغياب النزاهة وانكشف الديكور الديمقراطي لتتراجع اليمن في بيت الحرية بامريكا عام 2004م من دولة حرة جزئياً إلى دولة مستبدة وفشلت تباعاً في قبولها في برنامج تحدي الألفية الامريكي، وتقلص دعم البنك الدولي، وصندوق النقد لليمن ولم تجدي محاولات التجميل خاصة مع التقارير الدولية في مجال حقوق الانسان والحريات حيث انتقدت منظمة العفو الدولية كثيرا من الممارسات الرسمية اليمنية في مجال حقوق الانسان، واعتبر عام 2004م عاما سيئا للصحافة اليمنية وسمي 2005م بالعام الأسود للصحافة وفي 2006م صنفت اليمن في تقرير مراسلون بلا حدود أنها ضمن أسوأ 20 دولة في العالم بالنسبة لحرية الصحافة وتراجعت 4 نقاط عن 2005م مسجلة الرقم 149 بعد الصومال وجيبوتي.
وبرزت حالة حدة التدهور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي بحيث لا يمكن إخفاءها وترافقت مع اتهامات للسلطة في اليمن بالضعف، والتواطؤ في بيع الأسلحة أو تهريبها لدول الجوار، وهروب سجناء القاعدة من سجون الأمن السياسي، وتوالى سفر يمنيين لتفجير أنفسهم في العراق وتضاعفت حالة التململ الداخلي مترافقة مع زيادة الضغوط على الرئيس علي عبدالله صالح من أمريكا والبنك الدولي بسبب انعدام الشفافية وضرورة الإصلاحات وكذلك ضغوط دول أوروبية في نفس الاتجاه ، واتضح أن تفقد السلطة اليمنية مصداقيتها والثقة بها عالمياً، أعلن الرئيس في عام 2005م انه لن يرشح نفسه لانتخابات الرئاسة واضعاً الخارج أمام خيارين لا ثالث لهما استقرار اليمن بوجوده أو صوملة اليمن، وكان يعرف مسبقاً اهمية استقرار اليمن , والخوف من عواقب انهياره لدى امريكا كصاحبه مصالح في محيط اليمن، وأنها لا تريد ان تتحول اليمن إلى ساحة وممر للقاعدة والإرهاب في وقت الإدارة الأمريكية ليست مستعدة لمواجهات وتكاليف، وضحايا جدد في مكان آخر خاصة في ظل الفشل بالقبض على ابن لادن في أفغانستان، وأيضا الفشل بالعراق... إذا فهم الخارج رسالة الرئيس واوحى له باهمية بقائه ....ورشح الرئيس نفسه بعد مسرحية قال عنها احد التقارير الأمريكية مؤخرا أنها أخرجت ببراعة. وحاول الرئيس إرضاء الجميع بإبعاد بعض الوزراء المتهمين بالفساد في الحكومة الأخيرة، وإلقاء خطب رنانة عن الفساد وتعليقه لوحات كبيرة في الشوارع عن مكافحة الفساد لكنها جميعا لم تضع حداً ولم تؤد إلى نتيجة.
ترشح الرئيس وخاض الانتخابات معتمداً على نفس نقطة النجاح في أقناع الخارج وهي الاستقرار معي أو الصوملة بغيابي، استخدمت ورقة الارهاب، في الحملات الانتخابية اما يوم الاقتراع فقد استبيح الصندوق ولم تجد المعارضة التي ابلت حسناً وافزعت الرئيس بمنافس شريف ونزيه، واداء سياسي متماسك، والتحام حقيقي لقضايا بالشارع – لم تجد- بداً من التسليم بشرعية الغلبة والامر الواقع، في بلد يدفع فيه المواطن حقوقه ورزقه وربما حياته ثمنا للاستقرار.
قبل الانتخابات اعلن الرئيس عن كثير من الوعود وتراجع عن مقولته الدائمة بان الاصلاحات بدأت منذ التسعينات في اليمن، ومع اقتراب الانتخابات تحدث عن هيئة لمكافحة الفساد، وهيئة للمناقصات، وقانون الذمة المالية، وانتخاب للمحافظين ومدراء المديريات، وفي الحملات الانتخابية تعهد بانه سوف يستبعد- كل من يستغل نفوذه لتحقيق مكسب شخصي.
ومنذ وقت مبكر اعلن عن مؤتمر المانحين، وفي الحملات الانتخابية بشر الرئيس صالح بالتنمية الموعودة,متكئا على وعود بسد الفجوة في التمويل والحقيقة ان الرئيس صالح لم يكن يتحدث من فراغ فالرجل يعلم جيداً ان الادارة الامريكية ابلغت جيران اليمن الخليجيين في وقت سابق بان اليمن توشك على الانهيار وحذرت من مخاطر انهياربلد يسكنه تسليم أكثر من 20 مليون ، وهو مادفع مجلس التعاون لايفاد امين العام إلى اليمن للتشاور مع اليمن حول تأهيلها ، تلى ذلك زيارة للقادة السعوديين والخليجيين، ومباحثات صبت كلهافي اتجاه تقدير احتياجات اليمن التنموية واولوياته، والموافقة على الأشتراك في مؤتمر المانحين وكانت دول مجلس التعاون في المقابل صريحة مع السلطة اليمنية بانها غير مستعدة لتسليم الحكومة اليمنية أي مبلغ للمساعدات انما ستقوم هي بتمويل المشاريع، معلنة بذلك عن انعدام الثقة بالحكومة، ومتفقه مع المانحين حول فساد السلطة اليمنية، والخوف من انهيار ا ليمن ونتائج انهياره عليهم، ولكن المساعدة لا تعني انضمام اليمن لمجلس التعاون كما أوضح وزير الخارجية الكويتي ومسؤول خليجي آخر.
السلطة اليمنية سلمت بانعدام الثقة بها ومع اقتراب التحضير لمؤتمر المانحين صرح الرئيس علي عبدالله صالح (اننا لن ندخل فلساً إلى جيوبنا) متجاوزاً العقدة التي حالت دون تقديم مساعدات تنموية لليمن لسنوات، ومحاولاً اظهار الامر كما لو ان مقترح الاشراف والتنفيذ للجهة الممولة هو مقترح يمني.وفي الطريقة إلى مؤتمر المانحين اعلنت اليمن عن اجندة وطنية للاصلاحات، ومكافحة الفساد، كانت مخاوف الارهاب والقاعدة غير بعيدة عن التحضير حيث لفت أنظار المراقبين السياسيين إعلان بيان من القاعدة باليمن يحذر من عمليات في الخارج، ولم يخفي الرئيس اليمني خشيته مما اسماها حالة استقطاب الشباب لتفجير انفسهم في عمليات وصلت إلى الصومال، وهي رسالة واضحة للمقيمين، فسرت سبب زيارة الرئيس لجامعة ا لايمان والاشادة بطلابها قبيل السفر إلى لندن
أذا عقد مؤتمر المانحين بهدف سد العجزفي فجوة التمويل بمبلغ تقدر 5.5 مليار دولار، وتعهدات رسمية يمنية بتنفيذ الاصلاحات وانتظر المانحين رئيس الجمهورية شخصياً لتأكيدها علنا امام المؤتمر وهو ما فسر سبب رءاسته للوفد اليمني لمؤتمر المانحين.
التقديريات المعلنة لاحتياجات اليمن هي 48 مليار دولار، والسعي للوصول إلى متوسط تنموي 4.8% ومعدل تنمية سنوي 7.1% في اطار الخطة التنموينية الثالثة 2006-2010م وتاهيل اليمن للاندماج في مجلس التعاون عام 2015م.
في اليوم الاول للمؤتمر حصلت اليمن من السعودية والامارات وقطر وعمان على 2.1 مليار دولار، اما بريطانيا فاعلنت انها ستزيد مساعداتها لليمن إلى مبلغ 60 مليون دولار سنوياً..
ولاحظ المراقبون ان المبلغ المقد م من الدول الخليجية يساوي مبلغ الاعتماد الاظافي الذي طلبته الحكومة مؤخراً من مجلس النواب، والذي تم توفيره من الزيادة في اسعار النفط وصرف فعلاً ومعلوم ان البرلمان سيصوت عليه حسب العادة سنويا رغم كل تحفظاته التي يعلنها.
التعويل على الصناديق العربية والاسلامية والدولية هي المعول عليها لتوفير 3.4 مليار دولار ولن تكون جميعها مساعدات وانما ضمنتها قروضاً ميسرة .. في ختام المؤتمر أعلن أن مشكلة التمويل حلت وتم سد الفجوة بمبلغ يقدر ب4.7 مليار دولار ضمنها قروض.. لكن السؤال هل مشكلة اليمن فعلاً هي مشكلة تمويل؟ واذا كانت وفورات اسعار النفط التي تذهب اعتمادات اضافية تساوي ماقدمته دول الخليج في مؤتمر المانحين فماذا كسبنا؟ الم يكن توفير المبلغ وترشيد الانفاق والحد من الفساد وحفظ ماء الوجه اجدى وانفع؟
اذا كانت القروض هي عبء اضافي للاجيال القادمة اما كان احترام الحقوق والحريات، واستقلال القضاء ومكافحة الفساد اخف عبئاً، وافضل واجدى للحاكم والمحكوم و... الوطن... بتمويل أو بدونه ستبقى مشكلة اليمن طالما بقي الفساد مسيطراً على البلد طالما بقيت سلطة تعتقد ان نجاحها هو الوصول إلى وليمة شحاته.
هذه التساؤلات وغيرها تبدو ساذجة لو أمعنا النظر بمزاعم الإصلاحات.. فمثلا القضاء ما يزال تحت سيطرة الرئيس حتى وإن لم يكن رئيس مجلس القضاء فما يزال صاحب القرار الأول والأخير، والسلطة التنفيذية هي المهيمنة، قانون الذمة المالية ومكافحة الفساد يتم تكييفها بحيث لا تستطيع محاسبة اي فاسد ,وترتبط بالتوجيهات من السلطة ذاتها ومن الصعب الجزم أن سلطة تحاسب ذاتها الآن دولة أرسطو وعموما مجلس النواب لم يقبل مشروع القانون إياه.
هيئة المناقصات تسير بذات الاتجاه .. والنظام السياسي في اليمن غير محدد الهويه، وصلاحية الرئيس مطلقة والإدارة مشلولة يطغى عليها الفساد ومجلس النواب ضعيف ، والحكومةتظم موظفين بناء على معيار الولاء وليس الكفاءة.. والفساد هو الحقيقة الأوضح، التي تصيب بالإحباط ولا تترك مجالا للثقة والتفاؤل
بعيدا عن التشاؤم بل والواقعية أيضا.. لنقل أن المؤتمر كان مؤتمر الفرصة الأخيرة وحصلت اليمن على 4.7 مليار وانتهت كل الحجج لغياب التنمية.. فماذا بعد؟,هل تتوجه السلطة نحو تلافي التدهور والاعتذار من الشعب اليمني بأصلاح الاوضاع؟ ...أم تكتفي بتسجيل المبلغ ضمن سجل إنجازاتها وتتتصل عن التزاماته ؟؟؟ا فأنها بذلك تكون فقط أهدرت أمكانية أي تنميةوأكدت قدرتها على أستثمار آلام شعبها الصابر,...وأختارت أن تصل بالوطن الى المجهول.وأكدت ان المشكلة هي السلطة وليس التمويل وأن المشكلة ستبقى طالما الفساد مسيطر والسلطة تعتقد أن نجاحها يكمن في الوصول إلى وليمة شحاتة.

وتحاول الحكومة اليمنية جاهدة استقطاب ولو القليل من الثقة في الداخل بان شيئا ما سيتغير في الأوضاع العامة ، والزعم بان المستقبل واعد . وقد تفرغت خلال الأسابيع القليلة الماضية لضخ المزيد من المراهنات الكلامية بتسويق ما ترسمه في أذهان الناس كما لو كان بابا سحريا سيفتح لإخراج البلاد من محنة اقتصادية عميقة باتت على مقربة من أقدامها .لكن المزيد من المعاناة تتسرب إلى حياة اليمنيين، وأسوأ ما كان متوقعا عقب الانتخابات الرئاسية والمحلية التي جرت في 20 سبتمبر الماضي أن يترك الناس في مواجهة منفردة مع موجة غلاء للأسعار اجتاحت السلع الأساسية منها ، ناسفة وعود طالما عزفتها السلطة الحالية بأن المستقبل سيكون أفضل .
ورغم الوعود التي أطلقتها حناجر مسؤلين بينهم رئيس الجمهورية بمعالجة الحال إلا أن الأمر ازداد سوءا وشهدت الأسعار ارتفاعا مطردا لعله جاء نتيجة جتمية لسياسة حكومية أفضت إلى ذلك.
لقد ضبطت السلطة في اليمن ساعة يقظتها على موعد انطلاق مؤتمر المانحين المقرر عقده في العاصمة البريطانية لندن يومي الأربعاء والخميس المقبلين ، ومنه إعلاميا تحاول خلق أوهاما جديدة لمواطنين باتوا أقل ثقة بان شيئا جيدا سيتحقق بالنسبة لأوضاعهم المعيشية .
وستهبط طائرة الرئيس علي عبد الله صالح مطار هيثرو الدولي غدا الثلاثاء ، وحال بدء برنامج المؤتمر فان الرئيس سيبدو متأهبا لإلقاء كلمة قد لا تكون مختلفة عن خطابات أخرى أصغى لها اليمنيون في بلدهم بكثرة دون أن يتحقق شيئا مبشرا ، رغم ان لندن لاتحبذ ذلك النوع من الخطابات .
وربما بالفعل ذلك ما ينتظر أسماع المتابعين في المؤتمر ، وقد أعلن رسميا وفق أخبار الصحف الحكومية أن الرجل " سيستعرض نجاحات التجربة الديمقراطية والإصلاحات الوطنية وجهود مكافحة الإرهاب وخطة الحكومة لتعزيز النجاحات الاقتصادية ومتطلبات برامج مكافحة الفقر والبطالة ومشروعات التنمية " وقد خلا الخبر من إشارة لمكافحة الفساد رغم أن ذلك لا يبدو مهما من الناحية العملية .
وقد يكون في الأمر ضرورة دبلوماسية لسلطة تزعم إنها " جاءت بما لم يأت به الأوائل " لكن المشكلة تبدو اكبر بالنسبة للمانحين ، فهم أكثر من يدرك إن إصلاح البلد لا يحتاج إلى خطب أضافية وان إنقاذها يحتاج تحركا جادا بطريقة مغايرة تماما لما سلكته السلطة طيلة عقود !!
وهم يدركون أن السلطة التي جاءت إليهم باحثة عن العون والمساندة لتمويل مواجهة تبعات فشلها الداخلي في بناء تنمية حقيقية يجب أن تتخفف من وهم الانجاز لترى الأمور على حقيقتها رغم أن المؤتمر يوفر دليلا ملموسا عن بلد تحول إلى حالة مرضية تقلبها الأيادي بحثا عن فرص شفائه.
بالنسبة لدول الخليج التي تبنت المؤتمر فقد كانت هي صاحبة الدعوة لانعقاده لتأهيل اليمن للانضمام " مستقبلا" إلى النادي الغني ، وجاءت الدعوة بناء على نصيحة أمريكية لانتشال البلد الذي يعتقد أنه يشكل بؤرة مشاكل لجيرانه من حالة انهيار قد ينتهي إليها بفعل انتشار الفقر والبطالة والضعف الاقتصادي الكبير .
ما أصبح مؤكدا أن المخاوف الدولية من تأثير الفشل المحتمل لليمن على محيطه النفطي الذي يزود العالم ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية بالطاقة ، هو الدافع الرئيس لعقد مؤتمر للمانحين لخفض التوقعات على الأقل بانهيار البلد . إنها مخاوف مرتبطة بالحرب على تنظيم القاعدة والإرهاب ومحاولة لمنع تحول البلد إلى بؤرة لتجمع الإرهاب وساحة لسيطرته .
ولم يكن للنصيحة أن ترى النور دون تململ من الطرف الذي يعتقد أن الامر بحاجة لأن يساند المريض نفسه .
إن خبرة سابقة للخليجيين بالطريقة التي تدار بها المشاريع التي تمولها المساعدات كبحت جماح الحماس الخليجي،ودفعتهم إلى إعادة الكرة في مرمى الأطراف الدولية الضاغطة بـ"النصيحة" بجعلها جزءا من المؤتمر وهو ما ترجم بنقله من اليمن كما كان مقررا إلى لندن ، ومنح نقل المؤتمر إشارة بأن المحاولة الخليجية جاءت بغرض الحصول على التزام يمني أكبر أمام شركاء دوليين لانخفاض ثقتهم بالسلطة اليمنية .
ولعل حضور الرئيس المؤتمر على رأس الوفد اليمني يشير إلى ن الإلحاح الخليجي ربما بلغ المطالبة بالتزام شخصي من الرئيس صالح على الرغم من التمثيل المنخفض لدول مجلس التعان الخليجي الى المؤتمر لا يتجاوز أرفعها مشاركة وزراء الخارجية ، بالإضافة إلى مشاركة مرتقبة لممثل عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية .
يأتي المؤتمر بعد ما يقرب من العام على بدء الإعداد ، وقد أفرزت لقاءات تحضيرية للاجتماع الوزاري اليمني الخليجي المشترك في الرياض وصنعاء قرارات أهمها تولي الجانب اليمني الإعداد لتقديم خطط ودراسات إلى المؤتمر بشان المشاريع التي ستغطي الفترة من 2006 م إلى 2015 م لتأهيل اليمن اقتصاديا للانضمام إلى التجمع الخليجي فبل أن يتم اعتماد تغطية الخطة الخمسية الثالثة فقط .
وكشف الطلب عن عجز حكومي في معالجة الأمر إذ ظهر جلياً افتقادها للمعلومات والبيانات المفترض بناء الخطط عليها وكان ذلك أول مؤشر سلبي يخفض التوقعات بتغيير ما في الإدارة اليمنية .
ولمس الخليجيون قدراً من التخبط اليمني خلال الاجتماع الأخير للجانبين في صنعاء نهاية أكتوبر الماضي وظهر ذلك جلياً في التقديرات اليمنية المرتبكة بشأن حجم الفجوة التمويلية التي يقتضي من المانحين سدها.
وبعد مراجعات ثبت للخليجين بناء على الخطة الخمسية الثالثة 2006-2010م أن الفجوة تبلغ 5 مليار و800 مليون دولار خلال خمس سنوات فيما لازال الطرح اليمني متمسكا بان الفجوة تبلغ 6مليار و800 مليون دولار بعد التراجع الكبير في التقديرات بدات من 17 مليار دولار .
تقف اليمن في لندن على مؤشرات باعثة للمزيد من المخاوف، فآخر تقرير أمريكي يحذر "من انزلاق اليمن إلى هاوية الدمار"، بينما جاءت اليمن في تقرير منظمة الشفافية للعام الجاري بين الدول الاسوأ بالنسبة للفساد وهي المشكلة التي اضطر البنك الدولي نهاية العام الماضي بسببها إلى تخفيض المساعدات للبلد بنسبة 34%.
وتراجعت المرتبة التي احتلتها البلد في قائمة الدول التي شملها التقييم هذا العام قياسا بالعام الماضي 21 درجة اذ حلت في المرتبة الـ119 من بين 163 دولة على مقربة من الدول التي صنفها التقرير بالفاشلة كالعراق .
والمشكلة الأهم بالنسبة لليمن تحول الفساد إلى أداة للحكم ما جعل من عملية مكافحته أمرا بالغ الصعوبة، ولا يتعدى حدود الخطب الحماسية للرئيس.
وقد تسبب ذلك بشكل مباشر في سوء استغلال موارد البلاد، وغياب التخطيط وشيوع مظاهر الفوضى والسطو على حقوق الغير وسيطرة المتنفذين المحسوبين على المراكز القريبة من السلطة وتدمير منظومة القيم في المجتمع بجعل الممارسات الخارجة عن القانون أمرا عادياً، بل ومحل مفاخرة.
وتبعث أول دراسة أجريت وفقا للمعايير العلمية الدولية عن الرشوة في اليمن بمؤشرات مقلقة اذ يوافق حوالى 55% من اليمنيين بان من يستولي على المال العام أو يستغل الوظيفة العامة ينظر له باحترام.
ويشير تقرير منظمة الشفافية الدولية للعام الماضي بان اليمن يضرب تعتيما على المعلومات بشأن تصدير النفط وأسعاره وكميات الإنتاج الفعلي، وان فوارق أسعار النفط تذهب إلى جيوب المسئولين.
وربما تواجه البلد ذي الواحد والعشرين مليون نسمة مشكلة في ضآلة الموارد لكن كل مشكلاته مرتبطة الفساد وسوء الإدارة.
ويوضح تقرير للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن الحساب الختامي لتنفيذ الموازنة العامة للدولة للعام 2004م حجم المشكلة التي تواجهها اليمن في هذا الجانب.
يؤكد التقرير الصادر عن الجهاز الذي يتبع مباشرة رئيس الجمهورية أن هناك سوء إدارة للقروض والمساعدات الخارجية.
ويقول أن إجمالي القروض التي حصلت عليها اليمن خلال الأعوام 2001م- إلى2004م بلغ مليارو 700 مليون دولار إجمالي المستخدم منها فقط (126.5) مليون دولار ما يكشف أن قدرة الإدارة الحالية على استيعاب واستغلال القروض والمساعدات لمصلحة التنمية متدنية وتتدحرج إلى مستوى الصفر.
لكن هل تشهد لندن تحولا مغايرا في أداء صالح وحكومته؟!
هناك لن يكون إطلاق الوعود مستحباً للرئيس سيما وان في السلة الكثير.
سينتظر المانحون بالتأكيد التزاماً واضحاً’ وقد يظفر صالح بتحقق سد الفجوة المالية المطلوبة ، غير أن السؤال: هل سيغير صالح جلد إداراته التي أوصلت البلد إلى طاولة لندن على حافة الانهيار؟!
ما تطلبه اليمن لسد الفجوة المالية لم يكن يحتاج إلى مانحين، وكان توفر إدارة رشيدة للبلد كفيلا بتلبية ذلك من فوارق أسعار النفط .
وفق دراسة لاقتصادي يمني فإن مبالغ تصل إلى 5,5 مليار دولار أجمالي فوارق أسعار النفط عبث بها الحكم طيلة خمس سنوات ماضية .
وقبل أن يذهب الرئيس إلى لندن فقد تكرر سيناريو "الفارق الذهبي" للأسعار وقد أقرت الحكومة نهاية الأسبوع الماضي اعتماداً إضافيا بأكثر من 422 مليار بالموازنة العامة للعام الجاري وهي مبالغ فوارق أسعار النفط ستقول الحكومة إنها قد صرفت قبل أن يقرها مجلس النواب كما دأبت على ذلك لسنوات رغم المخالفة الصريحة للدستور.

لم يخرج اليمن كما يقول ناجي جميل من حرب او يصاب بكارثة زلزالية كي يجتمع الشقيق والصديق في لندن في الخامس عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري لتضميد جراحه ومساعدته علي تعويض ما خسره في احدي الكارثتين. وان كان الامر شديد الشبه بالحالتين من حيث فشل الاقتصاد اليمني في ان يقف علي قدميه وهو في العقد الخامس من عمر ثورتين كان هدفهما التغيير في كل مناحي الحياة.

انه يعيش سلاما واستقرارا نسبيا علي السطح منذ انتهاء الحرب الاهلية عام 1994 وباستثناء حروب صعدة التي شنها مقاول حرب لاسباب مالية تفيد اكثر من طرف وتقوية مركزه باستثمار اي ازمة صغيرة يمكن حلها سلميا وبالحوار بدلا من القوة العسكرية كلما احس بضعف موقفه وتناقص قدرته علي الاعتراض علي سياسة التوريث في اليمن الجمهوري شعورا منه بانه الاحق في الخلافة الجمهورية وان انتماءه للعائلة، التي تتنكر لنسبه اليها احيانا، والي القريه وهو مؤكد بالتسمية، يؤهلانه لان يكون الاوفر حظا في ان يكون حاكم اليمن القادم.

ولو اضفي المانحون القليل من المصداقية علي الخطاب الحكومي لطالبوا حكامه بمد يد العون لشعوب اخري تئن تحت وطاة الجوع والفقر والمرض الذي اصبح بالنسبة لليمن تاريخا (في الاعلام الرسمي فقط) وللتذكير هذا الخطاب يتحدث دوما عن منجزات اسطورية يحسدنا عليها آخرون، اختصرت في احدي الخطب بـ ان اليمن في خير وبان اليمن في نعمة.

الخير والنعمة في اي شعب تعنيان ان الدخل الفردي مرتفع ولا يقل عن متوسط دخل مواطن في دولة متوسطة الثراء علي الاقل.

اما اليمن الذي لم يخرج من عنق الزجاجه ولا يزال يصنف من الدول الاقل نموا فان متوسط الدخل الفردي فيه لا يتجاوز 260 دولارا مع نسبة مرتفعة للفقر تصل الي 40% تشتد في الريف الذي لم يتغير كثيرا ويعاني من نقص في الخدمات التعليمية والصحية والكهرباء والمياه وكافة مرافق البنية التحتية وفساد السلطة المحلية التي تنهب فقراءه كما كان الحال في العهد الملكي.

باختصار ان معدل النمو الحقيقي صفر ولا اعتداد بمؤشر التنمية الحكومي الذي يقول ان معدل النمو السنوي 5%، المانيا احد المانحين لليمن نموها يصل الي 1.5% ولو تحققت صحة هذا الرقم فانه سينعكس علي الناتج الاجمالي المحلي الذي يساوي الناتج المحلي الاجمالي الاردني تقريبا حيث يبلغ في اليمن تسعة بلايين دولار لاثنين وعشرين مليونا من البشر وفي الاردن ثمانية بلايين وثمانمئة مليون دولار.

وهاكم مؤشر آخر لبؤس المواطن اليمني هو الدخل القومي الاجمالي يبرز تفوق الاردن ذات الملايين الخمسة فدخلها وفقا لاحصاءات 2001 بلغ 8.8 مليار دولار بينما يبلغ الدخل القومي الاجمالي اليمني 3.8 مليار دولار، ثم يخدر الشعب بكلمات لا تسندها بطن شابعة ولا وباء تم القضاء عليه ولا فساد اعلنت سياسة لمحاربته، بعمل مؤسسي مستقل وبعيد عن الخطاب الرسمي الذي يعد ولا يفي.

الحكام وحدهم في خير ونعمة لانهم المتمتعون بالثروة والخطاب الحكومي يعبر عن سعادتهم وحدهم وليس عن سعادة الشعب الذي يمصون دمه ويزداد فقرا وهم يكدسون الثروات في الخارج.

تشير مؤشرات التنمية الي ان اليمن فشلت في تحقيق الحد الادني من العيش الكريم لمواطنيها. وقد خفض البنك الدولي مساعداته لليمن بسبب تلكؤ النظام في محاربة الفساد الذي نبه الي تجاوزه الحدود رئيس البنك الدولي السابق جيمس وولفنسون في عدن وليس في مالطا في شباط (فبراير) 2005 قائلا باستحالة التنمية مع تفشي الفساد، ولكن لا حياة لمن تنادي.

وخفضت الولايات المتحدة مساعداتها لذات السبب ولعدم وفاء اليمن باهداف الالفية وقد قيل ذلك صراحة للرئيس اثناء لقائه الاخير بالرئيس بوش في واشنطن.

ما لا يعرفه معظم الناس ان هناك سياسة غير معلنة تحارب التنمية لان النظام السياسي لا يريد تنمية اقتصادية ينتج عنها حراك سياسي واجتماعي يهدد هيمنة الاقلية غير المنتجة التي لا تضيف شيئا يذكر للرفاه العام وتبتز السلطة لمنحها اموالا لا تستحقها هي اموال الشعب كله، وترجمت هذه السياسة عمليا عند اغلاق مكاتب الشركات الاجنبية بعد حرب 1994 ونقلها الي صنعاء من عدن وتعيين عسكري لادارة المنطقة الحرة بعدن كي تفشل منذ البداية.

هذه العقلية وثقافة الهيمنة ليست جديدة وهي سابقة علي الوحدة ففي الستينات عقد اتفاق مع الاتحاد السوفييتي لانشاء صناعات منها صناعة الاسماك والصلصة وارادت نفس العقلية ان تكون في صنعاء البعيدة عن مناطق الصيد وانتاج الطماطم بمائتين وخمسين كيلومترا، وقد بقي احد المصنعين في ميناء عصب الاثيوبي حتي اصابه الصدأ.

وهذه العقلية الجهوية هي وراء انشاء مصانع في العاصمة التي لا يوجد بها ماء كاف للشرب لانها لا تريد ان يبتعد مسؤولوها وهم فلذات الاكباد عنها.

مثال آخر: اراد احد البيوت الاستثمارية والصناعية المعروفة بناء فندق في مدينة تعز التي لم يكن يوجد بها فندق مناسب وقد قوبلت هذه الرغبة بالاستنكار والالحاح علي بناء الفندق في صنعاء.

التنمية بمفهومها الشامل خطر كبير علي هذه الهيمنة يذكرنا بتوجس الامام احمد من اي نصيحة سمعها لاصلاح اوضاع اليمن واخراجه من شرنقة التخلف وكسر اسوار العزله.

نفس العقلية لا تزال مهيمنة برغم الحديث العفوي بعد سقوط الخدن الحميم صدام حسين عن وجوب ان نحلق لانفسنا قبل ان يحلق لنا الامريكيون وانزال صور سرعان ما عادت اضعاف اضعافها في الشوارع وتشاهد مئات المرات يوميا في المناسبات الوطنية علي التليفزيون اليمني.

الخطبة هي الخطبة والجمعة هي الجمعة، ولو كانت نوايا الاصلاح قائمة لوضعت التعهدات باجرائها موضع التنفيذ عقب انتهاء الحرب الاهلية عام 1994 عندما توهم البعض ان خطاب الرئيس في جامعة صنعاء قد يتضمن شيئا عن محاربة الفساد وصون المال العام وتخفيف سلطاته والحد من هيمنة اسرته علي المؤسسة العسكرية والامنية والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات.

لقد كان من اسباب هذه الحرب رغبة طرف بالاستحواذ علي كل شيء كما كان يفعل قبل الوحدة وكأن الوحدة اضافة كمية لسلطاته وليست مدعاة لتغيير كيفي في ممارساته.

هذه هي جمهوريتنا ووحدتنا التي دفعنا ثمنا غاليا من اجلهما ومن اجل الخلاص من الحكم الاسري الذي كان الهدف الاستراتيجي الاول لثورة ايلول/ سبتمبر المغدورة ومن الاستعمار البريطاني البغيض لذلك لم يكن عجيبا ولا غريبا ان يعبر بعض من شاركوا في انقلاب عام 1948 ضد الامام يحيي وبعض الضباط والمدنيين الذين شاركوا في ثورة 1962 التي اطاحت بالنظام الملكي عن ندم عميق وصادق علي ما فعلوه بعد ان آلت الامور الي ما آلت اليه من استبدال اسرة باخري.

ولتذكير القراء اليمنيين ولتنوير القراء العرب فان النظام اليمني لا يستخدم كلمتي النظام الملكي وانما يستخدم محلهما كلمتي النظام الامامي لكي لا يردد اليمنيون مثلهم الشهير ديمه وقلبنا بابها اي مطبخ وغيرنا بابه فقط ولم نحدث اي تعديل في نظامه ومحتوي ما يقدمه من طعام.
ويعبر عن هذه الوضعية بوضوح ملحق الطبعة اليمنية من مذكرات الاستاذ محسن العيني رئيس وزراء اليمن الاسبق (خمسون عاما في الرمال المتحركة ـ قصتي مع بناء الدولة الحديثة في اليمن) الذي وردت فيه اشارة الي الجدل الذي كان دائرا حول شروط الامامة في المذهب الزيدي الذي كان عماد او ايديولوجية النظام الملكي، عفوا الامامي، لان كلمة الملكية اصبحت محظورة في اليمن الجمهوري لانها تذكر الناس بالعهد الجملوكي الجديد وكأن الامام كان امام جامع فقط، ولم يكن حاكما دينيا وسياسيا. يقول المرحوم القاضي عبد الرحمن الارياني رئيس المجلس الجمهوري في الفترة من عام 1967 وحتي عام 1973 ردا علي المرحوم السيد احمد الشامي عضو المجلس الجمهوري ووزير خارجية الملكيين الذي كان يشدد علي ضرورة توفر الشرط الرابع عشر في المذهب الزيدي في من يتولي الامامة وهو ان يكون علويا فاطميا، في رده علي الشامي الذي كان يتمسك بهذا الشرط ثم تنازل عنه، قولوا للسيد احمد لقد تنازلنا عن الشروط كلها..! ومنها ان الامام يكون عالما وعادلا، في اشارة ذكية الي الواقع الجملوكي في اليمن الذي لم يعد يجعلنا نصر علي شيء لانه اصبح نظاما اماميا بدون امام. ثم يوجه المرحوم الاديب الشامي سؤاله الي الاستاذ العيني قائلا لقد تمنيتم ان يحكم اليمن حاكم اسمه مسعد او صالح او سعيد، تري هل وصلتم الي ما تمنيتم؟ يرد العيني في ملحق مذكراته انه برغم كل ما تحقق فانه يبقي امام اليمن شوط طويل.. طويل.. لتحقيق الدولة الحديثة، دولة المؤسسات، دولة العدل والنظام والقانون والامن والاستقرار واحترام حقوق الانسان والخلاص من كابوس القبيلة، والسلاح، والثأر، والقات، واكوام القمامة في المدينة والريف.

ماذا يعني هذا الكلام من رجل في قامة الاستاذ العيني؟ يعني ببساطة ان هناك فشلا ذريعا في تحقيق اهداف الثورة والوحدة وان حوالي نصف قرن من عمر الثورة واكثر من عقد ونصف عقد من عمر الوحدة ضاعا هباء ولم يتحقق فيهما الا القليل جدا.

ان موارد اليمن علي محدوديتها لا توظف لتحسين مستوي المعيشة ولو كان الامر كذلك لما انفقت عشرات المليارات من الريالات ـ الدولار يساوي 200 ريال ـ لشراء الاصوات في انتخابات الرئاسة مما ولد ارتفاعا في الاسعار وصل 40 % ذهب الي خزائن التجار الذين ارادوا استعادة ما دفعوه للرئيس في حملته الانتخابية من رزق المواطن المطحون، ولما اهديت خلال الانتخابات من المال العام 351 سيارة صالون لاند كروزر من احدث طراز ثمن الواحدة منها 45 الف دولار بثمن اجمالي يبلغ ثمانية عشر مليون دولار امريكي. ولما خصصت مرتبات ومخصصات لمشايخ حشدوا قبائلهم في مظاهرة 25 حزيران/ يونيو لمطالبة الرئيس بان يتراجع عن قراره بعدم ترشيح نفسه مكافاة لهم لانهم بيضوا وجوهنا كما قيل علي اعلي مستوي.

ولان الاقتصاديين لا يستشارون في ظل احتكار فردي للقرار فان كل هذا الانفاق العبثي كان سيتبعه اختلال حتمي ادي الي حدوث اسرع تضخم في تاريخ اليمن نتيجة المليارات التي اهدرت من المال العام لجيوب خاصة ووجد المنعم عليهم وهم ليسوا محدثو نعمة لانهم سبق لهم ان اغتنوا من ذات المصدر مالا وسيارات لم تأتهم من ثروة يكدحون لتوليدها او ورثوها، انه لا بد من صرفها فاتجهوا الي السوق للشراء مما ادي الي ارتفاع في الاسعار اكتوي بناره الفقراء وهم اغلبية الشعب الذي سموه الجرعة السعرية غير المعلنة.

اننا نعيش وضعا عبثيا فنحن نهدر اموالنا ثم نذهب لاستجداء المانحين. اليس الاولي بنا ان نرتب بيتنا وان نكون عند القسم الدستوري الذي اداه الرئيس ثماني مرات وغيره اكثر من مره وينص علي الحفاظ علي مصالح الشعب؟ اين سيهرب هؤلاء من عقاب الله علي حنثهم باليمين وافقار الناس؟

مؤتمر لندن هو الرابع من نوعة فقد عقد في لاهاي مؤتمر للمانحين عام 1996 وفي بروكسل مؤتمر ثان عام 1997 وفي باريس مؤتمر ثالث في عام 2002 ونتمني ان يكون هذا هو الاخير وان يحسن الحاكم التصرف بالامانة وبادارة اموالنا وان يخاف الله اذا كان يؤمن به حقا ويلتزم بكتابه ويخشي عذاب الآخرة جزاء تعذيبه للشعب في الدنيا.

نقول في الختام كفوا ايديكم عن المال العام
ولتكن هناك بداية جديدة وانتم تملكون من الثروة اكثر من التي سيمنحها المانحون في لندن واكثر مما تحتاجه مئات الاجيال من احفادكم. وهي اولا واخيرا ملك للشعب .
ربما تكون هذه الفرصة الأخيرة في لندن لإنقاذ البلد الذي يحتاج إلى سد فجوة عميقة أخرى في إدارة الحكم، ومن يقرر مصير الداخل، هو من يرسم صورة الوطن لدى الخارج,

لنتشبث بالأمل إذا ولو في حدوده الدنيا وذلك متاحنا الوحيد



#محمد_النعماني (هاشتاغ)       Mohammed__Al_Nommany#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا التعاون مع اوروبا على أساس المعاملة بالمثل,, وتشكي ا ب ...
- روسيا وامريكا .. وهل هناك صفقة.. حول إيران ومنظمة التجارة ال ...
- العلاقات الأمريكية الروسية غير مرشحة للتحسن
- مجلس الحياليات العربيه في روسيا!! كم من الاطفال يجب ان يقتلو ...
- هل سينجح الرئيس بوتين في كسر مقاومة الموظفين المفسدين.. هذا ...
- قرغيزيا ثورة ام انهيار دوله
- اليمن!! الرئيس والمعارضة إلى أين ؟
- حليف جديد لكاسترو وتشافيز وللاشتراكين في اليمن والعرب ... أو ...
- جين نوفاك في اليمن !! تغطية الفشل بالأزمات واستهداف الديمقرا ...
- عودة نفوذ روسيا في الشرق الأوسط؟
- قرغيزي !!!موسم -الثورات لون الثورة احمر
- ملامح جديدة في العلاقات الروسيه المصريه
- انا مع الرئيس ..واعدروني ؟
- ريشارد بولان !!وعولمة تجارة الجنس والدعارة
- االيمن والتحديات القادمه
- الاسلام والعولمه والتحديات القادمه
- الاسلام والعولمه نظرة تاريخيه
- اليمن؟؟ من اطفال شوارع الي حكام وحكم شوارع ؟؟
- خصخصة الفضاء
- انقلاب فاشل في اليمن


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد النعماني - مؤتمر لندن للمانحين مؤ تمر الفرصة الأخيرة لليمن