أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - من لا يعرف الشاعر التونسي القدير جلال باباي..أقول..















المزيد.....

من لا يعرف الشاعر التونسي القدير جلال باباي..أقول..


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7762 - 2023 / 10 / 12 - 12:26
المحور: الادب والفن
    


هي سيرة حياة مذهلة،اعتبرها أطول قصيدة كتبها،جبلها من ترابه ورصعها بفسيفساء متقنة اكتنه أسرارها وعبث بألوانها.
بدا لنا كذواقة يلتهم الزمن ويتأنى في تذوقه،ينافس نفسه بصدق وعناد،ويأبى لا ان يقلب حياته على جمر حارق.
أحب الحياة-رغم مواجعه-كعاشقٍ ابدي مهما جانبت توقعاته،وانتصر دوماً على ضعفها وراودها عن اذيّته،وواجهها بملامح ونظرات جُبلت بالتحدي والسخرية والذكاء.
والحياة عنده قطار طويل وسكة ومحطات ولذة ارتحال..والكتابة عنده رحلة لا يرجو منها وصولاً ولا راحة..هي نسق حياة سبحة لا نهائية..ومحطات عديدة،وظل يُكمل بهجة الاستكشاف،يعاند الصعوبات،ويحوّل التعب الى ثمار،والثمار إلى لذة…
هو شاعر قدير-وهذا الرأي يخصني-مثابر مُجدّد،يراهن على الكلمة وامداء وحيها،يصطفيها كميثاق خلاص،يرميها كنردٍ اكيد من ربحه أو يناوشها كأفعى في جحرها.
إن التكامل الجمالي-في قصائد الشاعر التونسي الفذ جلال باباي -يكمن في روح البناء الكلية من حيث الشفافية والعمق والتماسك الجمالي بين الأنساق،فثمة قيمة جمالية في الاندماج والتلاحم بين الأنساق الوصفية والمضافة،مما يرتد على إيقاع -القصيدة-بشكل عام،لاسيما في العلاقات الجدلية التي تعطي جمالياتها على الشكل النسقي التضافري الذي يشكله النص الشعري.
إن خصوصية التجربة الشعرية لذى هذا الشاعر تمتاز باكتنازها بالرؤى والدلالات المراوغة التي تباغت القارئ في مسارها الإبداعي،وهذا يعني أن الحياكة الجمالية في قصائد-جلال- حياكة فنية يطغى عليها الفكر التأملي والإحساس الوجودي،وكشف الواقع بمؤثراته جميعها..وهي ترتكز أساسا على المخيلة الإبداعية،ومستوى استثارتها،الأمر الذي يؤدي إلى تكثيف الرؤى،وتحقيق متغيرها الجمالي.
ذهب في بعض قصائده الى اقاصي العذاب كما الى اقاصي العشق،متقناً شهوة الإسترسال وبراعة الومض…يكتب ويكتب وكأن الكلمات تتوالد وتنساب بسعادة الى ناشره وبسهولة الى القارئ من أصابعه الماسكة بقلم لا ينضب حبره.
لا يحاول -جلال باباي-أن يسترضي قارئه او يستميله.هو يصافح البؤس البشري-أحيانا-، ويروي سقوط الانسان في هاويته،ويفتح بجرأةٍ ستارة تفضح ما نوّد ان نخفي لإراحة ضمائرنا.. يكتب الحياة مشدداً على وجهها المُعتم كي يحتفي ببهائها المتعالي على التراب المُعّفر.
ختاما أقول : مثل ساحر متمكّن يقود الشاعر جلال باباي القارئ في كل قصيدة من قصائده، يقوده سيرا حيناً،وركضا في الكثير من الأحيان.نتابع الكلمات بأجراسها الموسيقية بلهفة الفضول والحيرة ونلتهم الكلمات التهاما،ومن ثم لا نملك فرصة للهرب من فتنة ابداعه الشعري الخلاق،منذ أول بيت في قصائده،حتى آخر نقطة في آخر-بيت-لا نستطيع أن نهرب من فتنة قصيدته المخاتلة أحيانا والمستفزة للذائقة الفنية للمتلقي،حيث تتحول اللغة إلى مجرد أداة، وتصبح بالتالي مثل إزميل النحات أو فرشاة الرسام،ولا تكون محور القصيدة،مثلما تعودنا من بعض الشعراء العرب الذين يهتمون باللغة وزركشتها على حساب البناء الجمالي للقصيدة.
سواء في الشعرأو النثر تكشف لنا أعمال المبدع جلال باباي،الشاعرالتونسي أصيل مدينة أكودة الساحلية من ولاية سوسة (جوهرة الساحل)عن مدى قدرته على الإنتفاع من معارفه الأدبية والثقافية والفكرية،بدون أن يسقط في نرجسية «ذات الكاتب/الشاعر»،التي تقول: «أنا موجود بالقوة».وإنما يستثمر كل ذخائره مراعيا حدود الجنس الأدبي،ومحافظا على الحس الجمالي والأثر الفني للعمل الأدبي.
سألته ذات يوم قائلا: “لقد تمرسنا في صناعة الأمل،و لولاه لقضينا حزنا و كمدا”، كان قد أخذنا لنفس السياق الكاتب الروسي “دوستويفسكي” منذ أكثر من مائة عام ليؤكد أنه ” أن تعيش بدون أمل هو أن تتوقف الحياة”،لماذا هذا الإجماع على قدرة الأمل في مجابهة واقع لطالما تساءلنا عن جنسيته ضمن حدود أحلامنا؟
فأجابني جوابا مربكا حيث قال :"يبدو أنّه علينا أن نخلقَ معادلاً موضوعياً لأزماتنا، الأمل يشكّل هذا المعادل الموضوعي. هذا من جانب، من جانب آخر فإنّ الأمل يحمل في طياته بذور الأمل التي ستنبت يوماً ما في حقول الألم،وشيئا فشيئاً ستتمدد تلك النباتات وهي تطرد أمامها الأشواك حتى تنظّف الأرض منها، وتحولها من أرض يباب إلى أرض غنية الأزهار والفرح. لو عدنا إلى زمن الكاتب الروسي الخالد دوستويفسكي:”أن تعيش بدون أمل هو أن تتوقف الحياة”، سنرى أنّه أطلق مقولته تلك بينما كانت بلاده تعيش أصعب ظروفها، وبعد ذلك بسنوات شهدت روسيا “الثورة البلشفية” عام 1917،تلك الثورة التي غيّرت وجه روسيا والعالم لعدة عقود.."
هوذا الشاعرالتونسي السامق جلال باباي كما عرفته..وعرفته الساحة الشعرية تونسيا وعربيا..
يا لجمال الصورة والتعبير:

من يكتبني اليوم؟

إليٌَ قبل أن يغمرني الفرح
سوف يحين الوقت
لأحيي سعادة الوصول إلى باب الغريب
سوف أعشق للمرة الألف
لأني فاشل في الحب دائما
سأعيد قلبي لذاك الغريب
الذي أتعبه الترحال
سوف أنزل رسائل الحب من فوق رفٌ الكتب
سأقشٌر جميع الصور من المرآة
وأخفي نهائيا تلك الملاحظات البائسة
فمن يكتبني اليوم؟
من يرغب في تحرير موتي؟
من يرسل بريد النوم هذا الصباح؟
هذا فمي أثقله اليباس
وتلك الشجرة لم تكترث بشح السماء
فمن يغازل قحط الأرض؟
من يعزل إلى الأبد هذه الشمس الحارقة؟
بكلٌ ضراوته سيحين الوقت
حتى تهبٌ رائحةُ الغيمة الماطرة
وأروي عطش شِمالي المتكلٌسة
سيحلٌ منتصفَ النهار الغامض
وتتهالك الأحزان على جدران
القصيدة العجيبة.
جلال باباي (تونس) – 14 رمضان 2021

*(اللهم رب الناس أذهب عن شاعرنا الفذ الباس،اشفه وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما) ونقش في رقّ الزمان وجعه بيراع الحزن.


* نبذة عن سيرة الشاعر التونسي:
جلال باباي
من مواليد مدينة أكودة في 30جانفي 1964
أستاذ مميز للشباب.
عضو باتحاد الكتاب التونسيين منذ سنة 2000 .
رئيس ومؤسس الصالون الثقافى " الشجرة" بأكودة.(سوسة).
صدر للشاعر:
1- شطحات على إيقاع العشق / سنة 2000
2- ركض خلف صهيل الريح/سنة 2003
3- مسرٌات وحصار/سنة 2006
4- الأصوات تنفذ إلى مآقي الماء/سنة2009 الذي ترجم إلى اللغة الفرنسية والإنجليزية.
5- المتلألأة برحيق الخزامى(شعر)
6- عيد خرافي ..خريف الغياب(شعر) 2017
7- عزلة(شعر) سنة 2019
عضو الموقع الافتراضي poetas delmundo
* متحصل على الصنف الرابع من وسام الاستحقاق الثقافي(تونس). سنة 2007.
* له تحت الطبع مجموعة شعرية بعنوان:" قلق حامض" / تقديم الشاعرة التونسية: آمال موسى، ستصدر له قريبا عن دار ميسكيلياني للنشر والتوزيع تونس.
* يفكر في إصدار مجموع الكتابات النقدية والمقاربات التي كتبت في شأن تجربته الشعرية.
* يشرف على تنشيط وتسيير مجلس" اتيكودا" الأدبي بدار الشباب أكودة ، منذ سنة 2016
* نائب رئيس فرع اتحاد الكتاب التونسيين سوسة.
* عضو مؤسسة الوجدان الثقافية.
* عضو ديوان العرب للنشر والتوزيع - وطن العرب -على الفايسبوك.
*عضو المنتدى العربي علي الدوعاجي للأدب والفكر.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة تأملية-متعجلة-في قصة قصيرة جدا للكاتب والشاعر التونسي ...
- الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي..شاعر مختلف..فريد في تعاطيه ...
- حين تتجلى بوضوح لا تخطئ العين نوره وإشعاعه..الرؤيا الإبداعية ...
- ..حين تكتب..الكاتبة والشاعرة التونسية المتميزة( د-آمال بوحرب ...
- تمظهرات الصورة الجمالية في قصائد الشاعرة التونسية القديرة د- ...
- قراءة-متعجلة-في قصيدة..-أنا العاشقة- للشاعرة التونسية القدير ...
- قصيدة الومضة.. بين الإستسهال والاختزال والتكثيف
- جلال باباي..شاعر تونسي كبير..بحجم هذا الوطن-نالت منه المواجع ...
- ..حين يسافر بنا الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي داخل ذاته.. ...
- حوار مع الشاعرة التونسية د-آمال بوحرب
- النص الشعري لدى الشاعرة التونسية القديرة أ-نعيمة المديوني يع ...
- اشراقات الصورة الشعرية..وتمظهرات المعنى في قصيدة الشاعرة الت ...
- قراءة فنية..في بعض قصائد الشاعرة التونسية القديرة سعاد عوني ...
- قراءة تأملية متعجلة في قصيدة -عيناك..شعر- للكاتبة والشاعرة ا ...
- قصيدة الومضة.. لدى الشاعرة التونسية المتميزة سعاد عوني : الص ...
- لمن لا يعرف الشاعر التونسي القدير..كمال العرفاوي
- ( تعقيبا على تفاعل المبدعة التونسية د-آمال بوحرب مع مقاربة ن ...
- تمظهرات الإبداع..ولمعانه في شعر الشاعرة التونسية القديرة د- ...
- اشراقات اللغة..وجمالية الإبداع.. لدى الشاعرة التونسية المتأل ...
- الشاعرة والكاتبة التونسية السامقة د-آمال بوحرب* : نبراس يضيء ...


المزيد.....




- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...
- حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - من لا يعرف الشاعر التونسي القدير جلال باباي..أقول..