أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفوت فوزى - وكان مساء














المزيد.....

وكان مساء


صفوت فوزى

الحوار المتمدن-العدد: 7752 - 2023 / 10 / 2 - 14:04
المحور: الادب والفن
    


الشمسُ تُمسِك بأذيالِ اليوم. تلوِّح بيدها مودِّعةً، والظلام يرشح في الحاراتِ والأزقَّةِ الضيِّقة. تختفي الأشياءُ في العتمةِ الزاحفةِ. مضى النهارُ، وأغلق الناسُ بيوتَهم. أطلقتِ البخورَ ينداحُ بين الجدرانِ الصامتةِ. أعدتْ حمَّامها بفرحٍ. خلعتْ ملابسَ تيبَّسَتْ بالعرقِ والمَشَقَّةِ. سكبتِ الماءَ على جسمِها. جفَّفَتْهُ بعنايةٍ وعلى مهلٍ. تجلو المرآةَ المُعلَّقةَ على الحائطِ. أمامها تقفُ. تميلُ بجذعِها، تتأمَّل استدارةِ وجهَها المنسيِّ في الضوءِ الخافتِ . تمرر أصابعها على تقاسيم الوجه برقة بادية . جميلة، رأتْ نفسَها، رغم الحزنِ الساكنِ في العينيين ، والعزلة الصامتة التى تحكم حلقاتها حولها . ابتسامةٌ مراوغةٌ اغتربتْ روحَها وفقدتْ كبرياءَها في الزحام، طفلٌ أدمنَ الحبوَ حتى اعتادَهُ ونَسِيَ المشيَ، لكنَّ سلامًا مع النفس كان يترقرقُ في حناياها. ينضح جسدها رائحة توق وبخور . تفردُ ظهرَها الذي انحنى حاملًا أملًا تحجَّرَ واستقرَّ. تصفِّف شعرَها الطويلَ المبلولَ، تدندنُ بأغنيةٍ مرحةٍ. انسابَ لحنٌ بديعٌ يتجدَّدُ طازجًا بهيًّا، له رائحةُ ذكرياتٍ بعيدة، تنداحُ بعطرِ سنين خلتْ وحنينٍ غامضٍ. وحده كان يستدعي الشمسَ من مخبئِها، يسامرُ القمرَ والنجومَ في الأمسياتِ الطويلةِ، يبدرُ الحكايا فيزهر الوادي ورودًا ورياحينَ. تتفتح أزهارُها في كفِّه العطوف. دافئا كان صوته ، صحوا ، له طعم الفجر حين يقبل بعد ظلمة ليل طويل ، يشق طريقا ، يفرد جدائله على الكون . أمرّغ رأسى فى حضنه الوثير . وحدها أنامله تجيدُ العزفَ على منابتِ الروحِ. تتقافز الـ"دو" في بهجةٍ ودلالٍ، تحتضنُ الـ"ري" فيما تتوقُ الـ"صول" للوصالِ. تتقافزُ النغماتُ مرحةً، تحلِّقُ في فراغِ الحجرةِ عصافيرُ خضراءُ يتضوَّعُ عبيرُها في الزوايا والأركان. تشاركُنا الجدرانُ الفرحةَ، والليل الذي يوغلُ في البرودةِ. يصحو الحنينُ فتيًّا، فتشتهي أجسادُنا مساحاتٍ من الدفءِ والعناقِ، نغيبُ معها في ضحكةٍ نشوانةٍ. تتفتح فى الروح صناديق مغلّقة منذ عقود . تتطاولُ روحانا، تلمس السماءَ، ونعودُ معًا، وقد غادرنا صقيعَ الشتاءِ، دافئَيْن، ومشتعلَيْن، والكون من حولنا يتلألأ حبورًا.
دونٍ دلال تمشي، وبحزنِ أنثى تتوقُ إلى الاكتمالِ تبارحُ المرآةَ. زفرةٌ ساخنةٌ ارتعشتْ على شفتَيْها، تضجُّ بحزنٍ مكتومٍ لا يبوحُ إلا لنفسِه. حانتْ منها التفاتةٌ لصورتِه المُعلَّقةِ على الحائطِ، يجلِّلُها شريطٌ أسودُ. وضعتِ المنشفةَ جانبًا، وبكتْ.
__________________



#صفوت_فوزى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لما أنت ناوى تغيب على طول
- انتظار
- طائر فى الملكوت
- الذين مروا من هنا
- للموتى أجنحة بيضاء
- سفر
- والصبح إذا تنفس
- يوم آخر
- أم الغريب
- تخطى العتبة
- الآن أبصر
- قشر البطاطا
- الغريب
- عزف منفرد
- أول الفقد أول الوجع
- همس الحيطان
- فى حضرة الغياب
- امرأة
- عبور الممر الضيق
- رجع الصدى


المزيد.....




- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة
- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل
- موجة أفلام عيد الميلاد الأميركية.. رحلة سينمائية عمرها 125 ع ...
- فلسطينية ضمن قائمة أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم.. تعرف عل ...
- أفلام الرسوم المتحركة في 2025.. عندما لم تعد الحكايات للأطفا ...
- العرض المسرحي “قبل الشمس”
- اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية.. احتفال باللغة وال ...
- المدير التنفيذي لمعجم الدوحة: رحلة بناء ذاكرة الأمة الفكرية ...
- يعيد للعربية ذاكرتها اللغوية.. إطلاق معجم الدوحة التاريخي


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفوت فوزى - وكان مساء