أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيار الجميل - خطوط التصدّع تصيب حياتنا العربية !!














المزيد.....

خطوط التصدّع تصيب حياتنا العربية !!


سيار الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 1732 - 2006 / 11 / 12 - 09:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد بتنا ننتظر طويلا نصا مبتكرا وروحا جديدة ووعيا معاصرا واصولا رائعة تسديها إلينا الحياة العربية التي نجد أنفسنا مكبلين في خضمها ونحن في بدايات زمن جديد .. ومن المؤلم حقّا انك تجد المجتمعات الحيوية تسعى جميعا ، كلّ بطريقتها ، من اجل إثراء حياتها ، وإخصاب إبداعها ، وتطوير إمكاناتها ، وتقويم أخطائها .. ونحن ومن معنا نقف مذهولين جدا إزاءها ، بل وأنها اختزلت الزمن وأدخلت التكنولوجيا والالكترونيات كل الميادين ، وان ثورة المعلومات والإعلاميات لم تعد حكرا على أناس دون آخرين ، وان الثورة العلمية في الجينات والأمراض والأدوية والجراحة فاقت كل التصورات .. المشكلة ، إننا لا نفكّر طويلا في كل هذا التسارع التاريخي الهائل الذي تضبطه المجتمعات المنتجة التي أخذت ترصد جملة من المشكلات الكبرى للطبيعة والإنسان والبيئة والغلاف الجوي للأرض ومجريات الكون ، علما بأن العرب وشعوبا غيرهم تشاركهم محيطهم أذكياء وليسوا بقاصرين أبدا عن اللحاق بحياة العصر ، ولكن ثمّة أسباب تحول دون انطلاقهم وتشكيل مكانتهم العالمية .
من هنا نتساءل : لماذا أصيبت حياتنا بجملة صاعقة من خطوط التصدّع ؟ لماذا اخفق العرب في مشروعاتهم التي أسموها بالنهضوية والثورية والحضارية ؟ إن علامات حياتنا المتأخرة تتمثل ببطء ولادة الأفكار وتأسيسها في إطارها ، بل وسرعة اختفائها بسبب فوضى التناقضات والاستلابات التي تعم كل أساليبها وممارساتها . إن العرب لم يتوقفوا البتة في استخدامهم آخر مستحدثات تكنولوجيات العصر ، ولكنهم يحاربون كل الايجابيات الصادرة عن العقل والفكر ، بل وان الكسل التاريخي قد فرض نفسه فرضا على الملايين من الناس !
لقد ولدت ابرز خطوط التصدّع جنبا إلى جنب أساليب البناء ، ولكن تلك الخطوط كانت وستبقى دهرا طويلا أقوى من كل البنيويات ، فالإنسان عندنا متعلقّ بتلابيبها .. وما دام يخلط بين المعاني والأشياء ويقحم القيم السامية في مشكلات العصر الراهنة ، فسيبقى يقترف بحق نفسه ومجتمعاته خطايا لا تعد ولا تحصى ! إن المشكلة هنا ذهنية وسايكلوجية وتربوية قبل أن تكون اجتماعية أو سياسية .. إنها مشكلة ذاتية تتمثّل بسوء تعامل مفجع مع متغيرات متداخلة لا حدود لها مع توالي الأيام ! إن حراك العرب الفكري اليوم لا يستوي وعظمة المواريث القيمية والحضارية التي تمتلكها مجتمعاتنا ، والتي تفتخر دوما بأدوارها الناصعة في تاريخ البشرية ، ولكن التصدعّات القوية أصابت كل ثقافتنا وأفكارنا ومناهجنا ( حتى التقليدية منها ) .. وبات كل المبدعين ندرة وسط موجات خليط اجتماعي بائس ومتوحش لا يعرف كيف يقرأ ، ولا كيف يكتب ولا كيف يفكّر ولا كيف ينتج ، ولا كيف يغتنم الفرص السانحة ، ولا كيف يثمّن الزمن ، ولا كيف يستعذب الكلمة ، ولا كيف يؤصل الأشياء ، ولا كيف يدقق المعاني .. مما يسّبب شقاء الوعي للنهضويين الحقيقيين . لقد عّم التأخر والتخّلف الحياة العربية وطغت المشكلات ، وعمّ فيها أشباه المثقفين ، وامتهن الطفيليون أغلب مرافقها ، فأخذت مكوناتها تضمحل شيئا فشيئا .
لقد شهدت الحياة العربية ثلاثة أجيال في القرن العشرين ، إذ كان هناك جيل ما بين الحربين العظميين 1919 – 1949 الذي اتسمت نخبه بالبحث عن الحرية والاستقلال الوطني والبناء الفكري ولكنه سحق ولم تقم له قائمة على يد جيل ما بعد الحرب الثانية 1949 – 1979 الذي تبلور عن ثقافة راديكالية إيديولوجية ثورية تعجّ بتيارات قومية وماركسية أخفقت في مهامها وأهدافها ، مّما ولّد جيل لما بعد 1979 الذي سيقفل حياته في العام 2009 والذي يتمّثل بأحزابه وجماعاته وتياراته الدينية المتشدّدة والتي وصل بعضها السلطة اليوم . واعتقد اعتقادا جازما بأن المثقف الحقيقي هو الذي غاب تماما ولم يعد يجيد اللعب بمهارة فائقة وسط تيه من التناقضات الاجتماعية والانسحاقات السياسية والانغلاقات الفكرية !
إنني اعتقد بأن خطوط التصدّع ستبقى تكتنف حياتنا لثلاثين سنة قادمة ، وستواجه مجتمعاتنا تحديات خطيرة جدا ، فالصراعات الداخلية ستزداد كثيرا وستتقوقع المحليات على نفسها ، وستتضخم المشكلات اليومية وخصوصا في المجتمعات المكتظة بالسكان .. وستضمحل الثقافة أكثر وسط تهريجات إعلامية وانحرافات تربوية وضحالة علمية .. وستنزلق بعض مجتمعاتنا في صراعات داخلية وتسوء الخدمات فيها ، كما ستضعف الارادة بالاستجابة إلى التحديات الصعبة .
إنني أدعو ليس إلى معالجات سياسية أو انقلابات عسكرية بل إلى الوعي بالمشكلات ، وينبغي تنظيم برامج ومشروعات للحياة والاعتراف بالحقائق والابتعاد عن الأوهام والشعارات ، وإيجاد حلول واقعية .. إن معرفة خطوط التصدّع بين الداخل والخارج سيمكننا من التفكير نحو الأفضل .. إن توحش السلطة الاجتماعية وفجاجة القوى السياسية ستبقي حياتنا مكبلة بالأغلال عن كل ما يفكّر به الإنسان السويّ.. إن تأسيس مشروعات تربوية وثقافية وإعلامية متمدنة ستعمل على تنمية التفكير وتأسيس الوعي بالعقل لكل انسان قبل غليان العواطف والهيجان في الشوارع . إن الضرورة تقتضي تأسيس مشروعات كبرى من اجل إعادة تسهيل القراءة والالتزام ، وإصلاح المناهج وفهم الآخر ، والإحساس بالمسؤولية ، وتثمين الزمن ، وتعلم لغات حيوية ، وتنظيم العمل ، والوفاء للمؤسسة ، والمنافسة الشريفة ، والدقة المتناهية ، ومكافأة المبدعين ، والاستفادة من الآخر ، والوعي بقيمة الإنتاج ، ونظافة العلاقات العامة ، وبث الإعلامية السامية ، وتربية جيل عالي الثقافة ، والحوار مع العالم ، واستخدام أساليب طيبة ، وإيقاف هجرة الكفاءات ، واحترام الرأي الآخر .. كلها وسائل تخلص العرب ليس من خطوط التصدّع حسب ، بل من كل الأدران التي تجتاحهم منذ زمن طويل . فهل ستسطع شمسنا على العالم ؟ نعم ، ولكن بعد ليل طويل جدا !!



#سيار_الجميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يبدأ التحديث والتغيير الحضاري ؟
- هل يتغّير العالم نحو الأفضل !؟؟
- فضائيات عدم الاحتراف !!
- الفيدرالية العراقية: سكّة سلامة أم عربة ندامة !
- العراقيون يتساقطون مثل أوراق الشجر !!
- متى يتوّحد العراقيون على مشروع محّبة !؟
- صورة ( وطن عربي ) يتبعثر !!
- حيوية مجتمعاتنا بين انشداد الزمن وكسل التاريخ !
- الشرق الأوسط وهواجس التفكك الداخلي !!
- العراق والتقاسيم : عشّاق وملالي ومجانين !!
- هل ينزلق العراق نحو حرب أهلية ؟؟
- َعلَم العراق : هيبة وطنية أم خرقة سياسية ؟؟
- بلاد الأساطير تنحرها البشاعات !!
- نهاية العراق من دون شهادة وفاة !! كتاب يطالب بشهادات ميلاد ل ...
- حرب بلا نهاية: العراق ليس يوغسلافيا جديدة !!
- رحيل جرجيس فتح الله المحامي.. مثقف موصلي وسياسي عراقي متنوع ...
- روائيون خياليون يرسمون مصير الشرق الأوسط !!
- دعوا لبنان يعيش
- لبنان: حرب نظام أم كسر عظام ؟؟
- الأقليات الدينية في العراق .. لماذا تضطهد ؟؟


المزيد.....




- الإمارات ترد على تصريح نتنياهو عن المشاركة في إدارة مدنية لغ ...
- حركة -لبيك باكستان- تقود مظاهرات حاشدة في كراتشي دعماً لغزة ...
- أنقرة: قيودنا على إسرائيل سارية
- إسرائيل.. الشمال يهدد بالانفصال
- سوريا.. الروس يحتفلون بعيد النصر
- إيران.. الجولة 2 من انتخابات مجلس الشورى
- مسؤول يؤكد أن إسرائيل -في ورطة-.. قلق كبير جدا بسبب العجز وإ ...
- الإمارات تهاجم نتنياهو بسبب طلب وجهه لأبو ظبي بشأن غزة وتقول ...
- حاكم جمهورية لوغانسك يرجح استخدام قوات كييف صواريخ -ATACMS- ...
- البحرين.. الديوان الملكي ينعى الشيخ عبدالله بن سلمان آل خليف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيار الجميل - خطوط التصدّع تصيب حياتنا العربية !!