أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالله تركماني - مظاهر غدر الثورة السورية














المزيد.....

مظاهر غدر الثورة السورية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 7751 - 2023 / 10 / 1 - 01:11
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


ثمة قضايا ومشكلات وتعقيدات كثيرة اعترضت ثورة السوريين، وأعاقت طلبهم الحرية والكرامة والتغيير السياسي، وساهمت في كل الخراب والتشقق في أحوالهم، والغدر بطموحاتهم. فقد أصبحت المقتلة السورية حرباً بالوكالة، إذ كانت الدول الإقليمية والدولية تتجنب خطر الصدام المباشر فيما بينها، وبالتالي كانت تدفع ميليشيات متنوعة متجنبة الدخول مباشرة في هذه المقتلة.
ومهما كان أمر توصيف الثورة السورية، فإنّ بدايتها كانت سلمية، تنطوي على جهد إنساني جبار، وتحمل مطالب الحرية والكرامة للشعب السوري، إلا إنّ الخيار الأمني للنظام منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي السلمي دفع هذا الحراك نحو اتجاهات لم تكن في حسابه. إذ إنّ النظام رفد الكتائب الإسلامية المسلحة بالعديد من الجهاديين الذين كانوا في سجونه، كي يشغلوا قيادة بعض هذه الكتائب، ويطبقوا وصفات غسيل الدماغ التي أجرتها أجهزته الأمنية المختصة.
وفي هذا السياق يبدو وجود مشروعين معلنين ومتناقضين للثورة على النظام: أولهما، مشروع الثورة المدنية السلمية الذي سعى النظام، بكل قوته، إلى تدمير أسسه، وتشريد حاضنته الشعبية وحوامله من النخب المدنية ونخب الطبقة الوسطى، تنفيذاً لخطته في تصوير الثورة على أنها حركة تمرد طائفية، لعزلها ونزع الشرعية عنها. وثانيهما، مشروع الحركة الجهادية الذي تعزَّز، مع مرور الوقت، وتوافد المجاهدين الأجانب وتوسُّع انتشار الثورة داخل الأرياف والمدن الصغيرة، وتلقِّيها المزيد من المعونات والدعم من المحيط العربي والإسلامي.
ومن جهة أخرى، أدى ارتهان المعارضة السورية الرسمية للقوى الإقليمية والدولية إلى القبول بمناقشة الدستور السوري الدائم، بمعزل عن إنشاء هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، لإنجاز عملية الانتقال السياسي من الاستبداد إلى الديمقراطية. وأيضاً يأتي ضمن المخاطر ضعف قدرة السوريين – حسب تعبير الدكتور برهان غليون - على توليد آلية مناسبة لإنتاج طبقة سياسية، أو مرجعية سياسية، تتولى إدارة أية عملية سياسية انتقالية في البلد. كما عجزت المؤسسات الرسمية للمعارضة عن بناء قنوات تفاعل مع الحراك الشعبي، ومده بأسباب الدعم والاستمرار. ليس ذلك فحسب، وإنما افتقد خطابها إلى القدرة على تحديد مشكلات الواقع وصياغة الحلول المجدية لها، ومتابعة آلياتها التنفيذية. كما اتضح منذ بداية الثورة عدم وجود برنامج متكامل لفعاليات الثورة، وأنّ أغلبها كانت تسيّره دينامية الزخم الشعبي، ولم يكن يصدر عن برنامج موحد يستفيد من هذه الفعاليات ويوظفها لصالح الثورة، أي التأخر في الاستجابة، ونقص المبادرة، والركون للسهل والمعروف، مما دفع الدكتور برهان غليون للحديث عن " عطب الذات ". ومن بين العوامل الذاتية، ضربٌ من اللاعقلانية، أصاب ممثلي المعارضة الرسمية، أو لعلَّه غلب على جزء غير يسير منهم، تجلَّى في الرغبوية والإرادوية والنزعات التبريرية.
وهكذا، نفرَ السوريون من مؤسسات معارضة تعلن أنها تسعى إلى تحقيق طموحات الشعب السوري في الحرية والكرامة، وبناء دولة المواطنين الأحرار المتساويين في الحقوق والواجبات، بينما هي تصرُّ على توزيع المناصب والامتيازات على أساس المحاصصات القومية والطائفية، وليس على أساس القدرات والكفاءات، وأيضاً تبعاً لتعليمات مشغليها من القوى الإقليمية والدولية.
على أية حال ترتبت على وحشية النظام وحلفائه الروس والإيرانيين، وسلبية المجتمع الدولي، والتدخلات الخارجية المضرة، وعطب المعارضة الرسمية إلى: انحسار الثورة السورية، وخروج الوضع من تحت سيطرتها، وتحوُّل سورية إلى ساحة مفتوحة، للصراعات الدولية والإقليمية والعربية على المشرق العربي، بمعزل عن مصالح السوريين. بحيث لم يعد الصراع داخل سورية، وإنما على سورية، بين القوى الإقليمية والدولية لتقاسم النفوذ والمصالح، كما أصبحت الحرب السورية حرباً بالوكالة تقوم بها ميليشيات تابعة للدول المتصارعة على تقاسم المصالح في سورية.
ويبدو أنّ النظام الدولي قد تخلّى عن شعاراته الكبيرة التي رفعها غداة الحرب العالمية الثانية، خاصة بعد نهاية الحرب الباردة، والحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. وهكذا، فإنّ الكل يبحث عن مصلحته السياسية في هذه الكارثة وغير مستعد لإيقافها إلا بعد أن يضمن نصيبه من الكعكة.
ولم يؤدِ إعلان كل الأطراف، المنخرطة في المقتلة السورية، أنه لا يوجد حل عسكري للصراع، على مدى أكثر من اثني عشر عاماً، إلى الحل السياسي الذي تعترضه عدة معوّقات، إذ مازالت المقتلة قائمة في إدلب ومحيطها، كما أنّ تشكيل اللجنة الدستورية تكتنفه الكثير من الخلافات بين اللاعبين الإقليميين والدوليين. كما يبدو واضحاً أنّ المجتمع الدولي مازال يتعامل مع المقتلة السورية بعقلية " إدارة الأزمة "، وليس البحث عن حلول سياسية لها. بل تحولت المسألة إلى تقاسم النفوذ بين الأطراف الإقليمية والدولية، مما يشير إلى عدم توفّر الظروف الملائمة لوضع عربة السياسة على سكة الحل.
ولعلَّ الانعطافة التركية نحو الغرب، والحراك الشعبي السلمي في السويداء وإرهاصاته في المحافظات السورية الأخرى وخاصة في الساحل، ومؤشرات تحرك دولي وإقليمي للتعاطي مع المسألة السورية، تشكل فرصة لإمكانية إطلاق ديناميكية جديدة، بما يفرض على السوريين محاولة استرداد دورهم المفقود، وبالتالي القيام بدور فاعل لتحديد مصيرهم.




#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستحقاقات أمام اللاجئين السوريين في العالم
- دروس تعقيدات وقائع الثورة السورية
- الأسباب العميقة للثورة السورية المتجددة
- الحداثة ومكوناتها في مرآة الضرورة العربية
- حول المسألة القومية وتجلياتها في سورية
- أصول التجزؤ العربي (2 - 2)
- أصول التجزؤ العربي (1- 2)
- توصيف عام للعالم العربي
- بعض مظاهر المحنة العربية (2 - 2)
- بعض مظاهر المحنة العربية (1 - 2)
- في السيرورة التاريخية لربيع الثورات العربية
- سمات البيئة الإقليمية في الشرق الأوسط
- الشرق الأوسط والتحالفات الإقليمية
- الديمقراطية وتجاوز السلطة الدينية في التجربة التركية
- في الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية
- ست وخمسون عاماً من هزيمة العرب الكبرى
- قراءة متمعنة في الفكر السياسي للطيب تيزيني (4 - 4)
- قراءة متمعنة في الفكر السياسي للطيب تيزيني (3 - 4)
- قراءة متمعنة في الفكر السياسي للطيب تيزيني (2 - 4)
- قراءة متمعنة في الفكر السياسي للطيب تيزيني (1 - 4)


المزيد.....




- هنية: اليوم التالي للحرب ستقرره حماس والفصائل الفلسطينية
- نواقص رؤية لحراك 20 فبراير منتسبة إلى الماركسية نقاش مع الرف ...
- رفح والفاشر: حرب الإبادة والتضامن الواجب
- كلمة الرفيق أمين عبد الحميد خلال الندوة الصحفية لجبهة مناهضة ...
- الإمارات تعتمد الإقامة الزرقاء 10 سنوات لذوي الإسهامات الاست ...
- العدد 556 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك من الخميس 16 إل ...
- ألمانيا.. كلبان في مهمة خاصة لحماية البيئة
- انتخابات البرلمان الأوروبى وصعود اليمين المتطرف
- التصريح الصحفي للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع ح ...
- فاتح ماي 2024 كشف زيف خطاب الدولة الاجتماعية


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالله تركماني - مظاهر غدر الثورة السورية