أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - باسم المرعبي - سيرة بطاقة هوية -7- معجزة كوب الشاي















المزيد.....

سيرة بطاقة هوية -7- معجزة كوب الشاي


باسم المرعبي

الحوار المتمدن-العدد: 7751 - 2023 / 10 / 1 - 00:57
المحور: سيرة ذاتية
    


رامقاً البريد الراكد بخيبةٍ ثاقبة
معبئاً يومي برنين لا يصلني..
برزخٌ بيني وبيني، هو أنا

قصيدة "المفرد في جمعه المشوّه النابح" ـ نهايات 1985

في الفترة "الرسمية"* لتخلفي عن الالتحاق بالخدمة العسكرية التي امتدت لحوالي ثلاث سنوات 1986ـ1989، كنت قد استمررت في اتخاذي من الأكاديمية عنواناً لمراسلاتي، الخارجية بشكل خاص، بمعنى أن كل ما كان يردني من رسائل يصل على العنوان المذكور. كانت المراسلات تتعلق بالصحف والمجلات العربية الصادرة خارج العراق وحتى المؤسسات الثقافية، عند اللزوم، كما هو الحال عند مشاركتي في جائزة يوسف الخال الشعرية، فقد وصلني خطاب إبلاغي بالفوز على العنوان المذكور، وكان ذلك في شهر نيسان أو أيار من عام 1988. أي قبل اعلان أسماء الفائزين بالجائزة بشهرين أو ثلاثة. إن استمرار متابعتي لبريدي هو ما أخذني ذلك اليوم إلى الفخ دون علمي، فقد ذهبت كما كنت أفعل عادةً، أي المرور بين حين وآخر على الكلية، كطالب لا يزال يتمتع بحصانة من هذه الصفة. لكن سرعان ما أصبحت داخل المصيدة. بمجرد دخولي إلى الفناء الداخلي، صادفت، لحسن الحظ، بل الأحرى يُردّ ذلك إلى العناية الإلهية، زميل وصديق لي هو محمد حسين خليل، وهو شقيق الشاعر صاحب خليل إبراهيم. فتلقاني محذراً، وبيّن لي بأن علي الاحتياط والانتباه، أي مغادرة الكلية، فوراً، فهناك من سأل عني، من خارج الكلية، وقد أُثيرت، في الوقت نفسه مسألة فصلي وعدم التحاقي بالجيش. وجدت نفسي، كمن يُعرّى من كل شيء، وكأن العيون كلّها مصوّبة علي. لم يكن هناك من مخرج، كانت بناية الأكاديمية مُحاطة بجدران عالية، خاصة القسم الخلفي منها، وكأنها بناية سجن، أي لا متسع هناك على الاطلاق لتجاوز الجدران، أو مراوغتها. لم يكن أمامي سوى المغادرة من الباب الرئيسي الذي دخلت منه قبل قليل. وهو ما فعلته. كان المدخل عبارة عن استعلامات يحرسه على الدوام شخص متقدم في السن، يُدعى"أورخان"**، وفي هذا المدخل كانت تٌعلق في لوحة الإعلانات قائمة بأسماء من لهم رسائل لاستلامها، وهو تقليد عمَلي. حثثت خطاي للخروج، وقبل أن أتخطى العتبة التي تجعلني خارج الاستعلامات، سمعت من يناديني، بالتوقف. لم ألتفت، كأني لم أسمع شيئاً، على الاطلاق، أسرعتُ في المشي، وانعطفت إلى اليمين ماراً بكشك أبي كامل الشهير لبيع لكتب والمجلات، غاذاً سيري وليس سوى فكرة واحدة تسيطر علي، هي أن أستقل تاكسياً، لأحدد وجهتي بعدها. ابتعدت مسرعاً، عن الفخ، وما ان أصبحت على مسافة معقولة، استوقفت سيارة أجرة وطلبت من السائق إيصالي إلى دارالشؤون الثقافية في "سبع أبكار"، وهو مجمع معروف يضم مجلات مثل الأقلام، آفاق عربية، الطليعة الأدبية والتراث الشعبي، إضافة إلى مطبوع "الموسوعة الصغيرة"، فضلاً عن مطابع الدار. كان مجمعاً ضخماً. أوصلتني سيارة الأجرة إلى مدخل الدار المقابل لثانوية الرسالة وهي ثانوية للدراسة الدينية. أودعت بطاقتي لدى الاستعلامات، ولا أتذكر هل كانت هوية "نادي السينما"، اللندني، الطائر، أم بطاقة هوية معهد السكك. ودخلت قاصداً مجلة الطليعة الأدبية، التي كان يرأس تحريرها وقتها القاص خضير عبد الأمير، وعلاقتي بالمجلة تعود إلى سنوات، مذ كان مقرها في شارع الجمهورية، وقد تناوب عليها أكثر من محرر للشعر، وصولاً إلى زاهر الجيزاني. قصدت المكتب الذي يتواجد فيه زاهر، الذي تشاطره المكان إيمان عبد الحسين، المصممة الفنية للمجلة. كان استقبالاً دافئاً، لكنه دفء لم يُنسني هاجس المطاردة، والقلق المصاحب في موقف كهذا.

معجزة كوب الشاي المنقِذ

كان الوقت شتاءً، ربما نحن الآن في شهر كانون الأول ديسمبر من العام 1988، أو قبل ذلك بشهر أو نحو ذلك. كان النهار عراقيا مشرقاً، كعادة أيام السنة. قدموا لي كوب شاي، وعلى وقع الحديث ارتشفت الشاي، وبعد أن انتهيت نهضت لأغسل الكوب، نوعاً من لياقة، بما انهم هم من أعدوا الشاي وقدموه، فليس هناك من يقوم بهذه الخدمة البسيطة في هذا القسم. خرجت قاصداً الحنفية التي تكون خلف المكتب الذي كنت جالساً فيه ضمن حديقة صغيرة محاذية للمشى. كان يتعين علي أن أستدير قليلاً، بما ان المكتب دائري، فكل من يعرف هذا المبنى الذي يُقال أن الشاعر شفيق الكمالي هو من اقترح تصميمه، يعرف خاصية دائريته تبعاً للقباب التي تعلوه. وهذا ما أنقذني، ففي الوقت الذي أصبحت خلف المكتب، محجوباً تقريباً بانحناء الجدار، قريباً من الحنفية، حانت مني التفاتة إلى المدخل المشترك لمجلتَي التراث الشعبي والطليعة الأدبية، وإذا بالمذكورين من قبل: عبد الكريم السوداني رئيس أو عضو الاتحاد الوطني للطلبة في الكلية ومعه رجل الأمن، ضياء، بملابسهم العسكرية (الزيتوني)، يقتحمان بعيون يقدح منهما الشرر المبنى الذي غادرته قبل أقل من دقيقة، لأجل غسل كوب الشاي!! كانت عيونهم مصوّبة ومنصبّة على المدخل، بحيث لم يريا أي شيء عداه، وهو ما يُفسر لي عدم رؤيتهما لي. يبدو انهما عرفا بأني قصدت مبنى"الطليعة الادبية"، لأن الاستعلامات تسأل عادة عن وجهة الضيف. كمنت في مكاني، متوارياً تماماً بما يتيحه انحناء ضلع المبنى. حتى غادرا وبشكل سريع المكان، إذ انهما في مهمة بحث ومطاردة. انتظرت دقائق في مكاني، حتى تأكدت من مغادرتهما المجمع بكامله، لأنهما لابد انهما يفكران بضرورة اللحاق بي، خارجاً. أعدت الكوب لهما، وغادرت، احتياطاً قسم "الطليعة..."، لكن دون التفكير بمغادرة الدار كلها، حالياً، فقد يكونا، من ناحية أُخرى، يكمنان خارجها في انتظاري. فافتعلت زيارة إلى مجلة الأقلام، وقصدت حاتم الصكر، الذي كان رئيساً للتحرير. كانت علاقتي به طيبة، أيضاً. وأخذنا الحديث، وكنت صممت على البقاء حتى نهاية الدوام، وهو ما كان، حقاً. وخرجنا فعرض علينا الصكر بكرم وأريحية إيصالنا أنا وزاهر الجيزاني. نزلت قريباً من مقهى الزيتونة، قريباً من المكتبة المركزية لجامعة بغداد. ومن هناك إلى منطقة العلاوي، حيث الكراجات، قاصداً مدينتي الديوانية، التي سأكمن فيها لما يقارب الشهرين. وللحديث بقية

* هناك فترتان للتخلف عن الخدمة العسكرية تداخلتا مع بعضهما. في وقفة أُخرى سيتم تفصيل ذلك.
** ظهر هذا الشخص في قصيدة "حياة سامّة"، المكتوبة في 1990/ 1991 ـ مجموعة "الأرض المرّة" ـ 1998.



#باسم_المرعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرة بطاقة هوية -6- مطارَد لا يريد أن يستسلم بسهولة
- سيرة بطاقة هوية -5- حقيبتي في يدي وفي جيبي بضع قصائد
- سيرة بطاقة هوية -4-
- سيرة بطاقة هوية -3- وقائع هروب فاشل
- سيرة بطاقة هوية 2 القرار المكلّف
- سيرة بطاقة هوية -1-
- مأثرة الصفاء الشعري في-مخطوف من يد الراحة- لمُبين خشاني
- بياني الشعري: لئلّا تحكمنا التماثيل، طويلاً!
- الكاتب وصخرة اللغة
- عن علاقتي بمؤامرة محمد عايش 1979!
- -بطنها المأوى- لدُنى غالي: روايةُ وقائع لم تحدث!
- -العذراء على النيل-*: حين تكون اللغة إنذاراً بإبادة مُضمَرة
- شمسُ نهارٍ شتائيّ
- زهير الجزائري -في ضباب الأمكنة-: نشدان أبدية المكان
- مرجعية السيستاني أم مرجعية إرنستو ساباتو؟
- أحلامي: نبوءات، سيَر أدباء وسياسيين
- من أجل الكلمة الوحيدة قصيدتان
- التصدّق بالحرية!
- قاعة المصائر/ نص بلا نقطة أو فاصلة!
- تيودور كاليفاتيدس: وبائي الأول كان هتلر والثاني ستالين


المزيد.....




- الحرس الثوري الإيراني: ردنا سيكون أوسع نطاقا في حال كررت إسر ...
- زاخاروفا تشبه نظام كييف بتنظيم -القاعدة- بعد تصريحات وزير خا ...
- إعلامية مصرية شهيرة تعلن حصولها على حكم قضائي ضد الإعلامي ني ...
- السفير الروسي في سيئول: روسيا وكوريا الجنوبية يمكنهما تحسين ...
- بلينكن يحذر نتنياهو من خسارة فرصة التطبيع مع السعودية
- مصر.. الهيئة الوطنية للإعلام تكشف تفاصيل سقوط أحد موظفيها من ...
- حرب غزة تنسف شعارات الغرب
- زاخاروفا: استنتاجات خبراء العقوبات ضد بيونغ يانغ مبنية على م ...
- صدى احتجاجات الطلاب يتردد في فلسطين
- القوات الإسرائيلية تفجر مباني جامعة الأزهر في منطقة المغراقة ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - باسم المرعبي - سيرة بطاقة هوية -7- معجزة كوب الشاي