أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - باسم المرعبي - سيرة بطاقة هوية -4-














المزيد.....

سيرة بطاقة هوية -4-


باسم المرعبي

الحوار المتمدن-العدد: 7746 - 2023 / 9 / 26 - 21:42
المحور: سيرة ذاتية
    


بطاقة الهوية الشخصية، التي كانت نوعاً من ترف، أيام الطفولة المدرسية، حيث الولع بشراء نموذج "هوية الطالب"، الذي كان يتوفر لدى باعة القرطاسية، في الستينيات، وتعبئته بالاسم ولصق الصورة الشمسية في المكان المخصص لها، ومن ثم وضعه، أي النموذج، في غلاف نايلوني ملون، يُطوى، قد غدت هذه اللعبة المبهرة للطفل، بعد ذلك بسنوات، هاجساً وعقدة، إزاء حقيقة أن ورقة متقنة بغض النظر عما انطوت عليه من خلفية، تكون هي جواز المرور إلى الحياة اليومية السوية، بكل ما يعنيه ذلك من حرية حركة، مهما كان الوضع السائد.
ولي مع ذلك أكثر من حكاية وحكاية.
بعد نفاد تاريخ هويتي كطالب في أكاديمية الفنون الجميلة، بدأت اللعبة الخطرة في البحث عمّا يسد رمق عيون رجال الدرويات من عسكريين ومدنيين، العيون الجائعة أبداً إلى سطور وكلمات تثبت سلامة موقف حاملها وتقدم عرضاً موجزاً، لوضعه الراهن. وحتى أولئك الرابضين في بوابات المؤسسات الصحفية والثقافية، في ما يُعرف بالاستعلامات، لابد من ورقة تختزلك، تودعها لديهم وأنت تزور القسم المعني من أجل إيصال مادة ما، على قلة ذلك، أو استلام مكافأة عن نص منشور.
حين أصبحت عضواً في نادٍ طائر للسينما!
كنت غريقاً لا يبحث عن قشة يتشبث بها، بل عن ورقة لها وجاهة إقناع مَن يطلبها. في تلك الفترة، أي ما أعقب الشهر العاشر من عام 1987، ومع انتهاء صلاحية الهوية التي أحملها، جاءت هذه القشة أو الورقة المنشودة من مجلة التضامن الأسبوعية، التي تصدر في لندن ويرأس تحريرها الكاتب والصحفي السوري فؤاد مطر، وكانت تدخل العراق بشكل منتظم. لم تفُتني "التضامن" كمتابع شغوف لما يصدر من مجلات عربية خارج العراق، فما من مجلة تصدر هناك إلا وحرصت أن يكون العدد الأول وحتى صفر ـ أي التجريبي ـ من مقتنياتي. ثم بقية الأعداد بالتتابع، وفقاً للإمكانية، خاصة المجلات المهمة والمتميّزة. ما جذبني إلى التضامن ومداومة متابعتها، بالدرجة الأساس، الزاوية الأسبوعية لزكريا تامر، فضلاً عن ما يُعد تحصيل حاصل وما يقع في صلب اهتمامي وانشغالي ألا وهو الصفحات الثقافية، كذلك ما أجده مفيداً ومهماً كصفحات مذكرات السياسيين من العرب والأجانب، التي تُنشر مسلسلة. في أحد اعداد المجلة أُعلن عن اطلاق صفحة نادي السينما ودعت الصفحة، القراء الراغبين في الانضمام إلى هذا النادي بطلب الهوية الخاصة به، فوجدتها فرصةً جديرة بالاغتنام، أنا الباحث عن ظل هوية مهما كان. وصلتني الهوية ولا أتذكر إن كانت تحمل توقيعاً ما أم لا، كان فرحي بها لا تشوبه شائبة، فهي شيء أفضل من لا شيء. وصرت أضعها في جيب الصدر، بشيء من الاطمئنان الزائف. فأنا لم اختبرها بعد في المواجهة الحاسمة مع العيون المدققة المترصدة. لكن هذه المواجهة ما لبثت أن حصلت ذات نهار من نهارات بغداد المرصودة بما لا يُحصى من الأجهزة ومفاجآت دوريات التفتيش الثابتة أو الطارئة. فذات يوم كنت والصديق باسم الأعسم في "فورت" في طريقنا إلى جريدة العراق، كنّا، هو وأنا، ننشر فيها بين حين وآخر، وفي شارع الصناعة المؤدي إلى الجريدة استوقفتنا مفرزة تفتيش، صعد شخص مدني، يطلب هويات الركّاب. هنا حلت ساعة الحسم وما هو مجهول من المواجهة لتبيان صلاحية هوية نادي السينما اللندني، الافتراضي هذا. كما بقية خلق الله أخرجت الهوية من جيبي وناولتها رجل الأمن، كمقامر يلقي بورقة لعب على طاولة مصيره، إما فوز أو خسارة، فنظر إليها متحيراً، ذاهلاً، وأعادها لي، دون كلمة واحدة. كانت الصفحة الأمامية لا تحوي سوى الاسم والصورة، وفي الأعلى بالأخضر، في الزاوية اليمنى، "نادي السينما" بخط ثخين. أما الأفدح فهو ما كان مدوّناً على الوجه الثاني، ولو كان قد اطلع عليه، لعلم الله وحده ما الذي كان سيحدث. في ظهر الهوية كان مكتوباً: تخوّل هذه الهوية حاملها الاشتراك في مسابقات صفحة السينما في المجلة والحصول على الجوائز. باختصار، لم تكن سوى مهزلة.
كان باسم الأعسم، قلقاً أكثر مني، لأنه يعرف أصل وفصل هذه الهوية، وحين انطلقت بنا السيارة من جديد همس لي: لا تُظهِر هذه الهوية لأحد بعد الآن. وهو ما كان، حقاً. وعدت باحثاً عن هوية جديدة تعرّف الوجود القلق، لراهنيَتي في فضاء رعب عراقي يبحث عن عنوان لك كي يصنفك وفق حاجته وأهوائه.
يتبع
5ـ11ـ2022



#باسم_المرعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرة بطاقة هوية -3- وقائع هروب فاشل
- سيرة بطاقة هوية 2 القرار المكلّف
- سيرة بطاقة هوية -1-
- مأثرة الصفاء الشعري في-مخطوف من يد الراحة- لمُبين خشاني
- بياني الشعري: لئلّا تحكمنا التماثيل، طويلاً!
- الكاتب وصخرة اللغة
- عن علاقتي بمؤامرة محمد عايش 1979!
- -بطنها المأوى- لدُنى غالي: روايةُ وقائع لم تحدث!
- -العذراء على النيل-*: حين تكون اللغة إنذاراً بإبادة مُضمَرة
- شمسُ نهارٍ شتائيّ
- زهير الجزائري -في ضباب الأمكنة-: نشدان أبدية المكان
- مرجعية السيستاني أم مرجعية إرنستو ساباتو؟
- أحلامي: نبوءات، سيَر أدباء وسياسيين
- من أجل الكلمة الوحيدة قصيدتان
- التصدّق بالحرية!
- قاعة المصائر/ نص بلا نقطة أو فاصلة!
- تيودور كاليفاتيدس: وبائي الأول كان هتلر والثاني ستالين
- بصمات جيفارا على انتفاضة شباب تشرين العراقية!
- سعدي يوسف في -أوراقي في المهب-: تعرِيَة ثقافة سائدة واستشراف ...
- في الحرب لا تبحثوا عني: أنطولوجيا إيطالية للشعر العربي: الره ...


المزيد.....




- إسرائيل: تغييرات في قيادات الجيش.. ورئيس جديد للاستخبارات ال ...
- -استهداف قيادة الفرقة 91 بثكنة بيرانت-.. -حزب الله- ينشر ملخ ...
- ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار طريق سريع جنوب الصين إلى 48 شخصا
- الأمن المصري يكثف جهوده لكشف ملابسات العثور على هيكل عظمي شم ...
- -كوميرسانت-: تم تفجير جسر القرم بقنبلة وزنها 10 أطنان -تي إن ...
- مسؤول عسكري أمريكي سابق يزعم استخدام السنوار رهائن إسرائيليي ...
- الداخلية الروسية تدرج أمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكرا ...
- الجيش الأمريكي يعلن إسقاط ثلاث مسيّرات حوثية في اليمن
- المغرب يستعد لتسليم أحد أخطر زعماء العصابات المطلوبين لفرنسا ...
- -رويترز- تعيد نشر الخبر عن تصريحات كاميرون بشأن أوكرانيا بعد ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - باسم المرعبي - سيرة بطاقة هوية -4-