أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مسعود عكو - طبول الضياع















المزيد.....

طبول الضياع


مسعود عكو

الحوار المتمدن-العدد: 1732 - 2006 / 11 / 12 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


طبول الضياع لـ "علي شيخو"
اختناق في دخان اللا وعي

القصيدة عبق أريج، وقديماً تفوهوا " إن الشعر، والشعر وحده هو الوثيقة التي تؤدي إلى الحقيقة، وهو المرجع الأوحد، والموثق للتعرف على مآل التقدم الشعوري، والإحساس بالوجود الحسي، وإدراك الأشياء.

بمعنى أخر التقدم في كل جوانبه. الثقافة بملكياتها تلك الكلمة الممتلئة بأدوات كثيرة كالشعر, الموسيقى, الفن التشكيلي... الخ. "

أحاول بعد هذه المقدمة أن أدعوكم لإلقاء نظرة وإماطة اللئام عن ديوان شعري ربما لم يلق الاهتمام المستحق، والسبب طبعاً هو التراكم المضخم للأسماء الشعرية لدرجة أننا لم نعد نستطيع التفرقة بين الصالح منه، والطالح، والذي يستحق الحرق علناً.

لنتصفح معاً هذا الديوان الشعري، ولنلكم هذا المكان، والزمان الشعري الراهن المريض بالسرطان المزمن بكتاب شعري جميل لغوياً حالة الشعور الموهن المسيطر عليها حركة الكلمة القريبة للدغدغة الذاتية، ولنحمل الجرس لنستعرض معاً بستان الحبق، ونستطلع أحوال العدم.

الكتاب هو ديوان شعري مضمخ بالدم, الورد, والذكريات.
اسم الكتاب: طبول الضياع.
اسم الشاعر: علي شيخو.

ما أصعب تلك اللحظات لحظات الإستغراف في تدوين القصيدة والتي تشبه إلى حد ما تدوين السيرة الذاتية لكآبة الشاعر, وحزنه. لحظات الولادة, لحظات الإستغراف في التأمل العميق لما وراء الأشياء. رمي القاذورات إلى مجاميع السطور والتلصص.

أجواء المجموعة الشعرية يغلب عليها ألوان متعددة التعب, الخوف, الحب, الذكرى العنيفة, الضياع " كما سمى المجموعة الشعرية ".

أستطيع القول حينما يقف الإنسان أمام قامة التاريخ يتوقف لحظة ليخرج من جيوب معطفه أوراق الدخول للتاريخ و"علي شيخو" يتناول مجموعته الشعرية من معطفه ليدخل التاريخ غير أن القراءة المتأنية معدومة في العصر المختنق بالمال حيث لا قيمة لشعور إنسان لدى آخر ولو كانت القراءة الحقيقية والمرجوة موجودة لكان الأمر بالعكس تماماً.

يقول في طبول الضياع ص /9/:

صلواتي تعلو
آذان السكون
يسافر الحلم على متن أجفانها
ليسرق زهرة.
والربيع يجمع شتاته
من على أغصان الوقت الثمل
وأنا أتكور في مسافات القهر
أحمل سلاسل الهزيمة
أقرع طبول الضياع.
والشمس تشيعني...

هكذا دون ليبين لنا ضياعه وشتاته ربما يكون ضياعه شعورياً أو ضياعاً يبحث فيه عن حكمةٍ ما - الضياع الذاتي - في خضم المشاجرات الشعورية وحتى البدنية بين الأجناس البشرية ليثبت ذاته النرجسية على حساب إنسانٍ, شاعرٍ يحس حتى بالأشياء الجامدة ويقول أيضاً في طبول الضياع ص /13/:

لتنام عصور الكلام.
وأنا...
أنا في سطور الورق مسافر
أركب موجات الفكر العقيمة
أقتل صمتاً يحبو نحوي...
وأضمد جرحى حروب الظلام.
تتيه خطاي
على دروب الشك
أتعثر بحجارة التحدي...
أقاوم شظايا الركام

وكأنه يخرج ويكشف لنا إرهاقه في سطور الورق ويتمثل بمسافر ولفظة المسافر هي دليل لغوي ترتبط فكرياً ومن ناحية التأويل بالتعب فهو يجتهد ويتأوه حتى في لحظات الفكر الذي عبر عن أنها عقيمة وأبداً يحاول اغتيال الملل والصمت ربما حوله أو حتى ضمن قصيدته التي تأتي بعفوية تنم عن عواطف جياشة أو ضمن عزلته وكهنوته على الضفة الأخرى من الكون.

لا مناص إن أبلغ القصائد وأجملها على الإطلاق هي تلك الحاملة لتأويلات متعددة وهذه السمة تنطبق على قصائد "علي شيخو" تارة تفكر بأن القصيدة التي تقرأها هي عن فتاةٍ ما رآها في موقف الباص ثم لتتحول بطريقة سحرية لا تخرج عن إطار الموضوع أو تشكل شذوذاً ضمن مسار القصيدة تتحول تلك الفتاة إلى الوطن أو حتى إلى نافذة معتمة.

تقرأ القصائد وكأنك تلمح أشجاراً أحياناً ترنوه ظاهراً لك بعريه الشعري التام وأحياناً تجهد ذاتك الفكرية لتبحث عنه فيتولد السؤال تلو الأخر بشكل تلقائي ترى هل هو مختبئ خلف أحد الأشجار - القصائد - أو يا ترى إنه غائب مع الغمامات في الفضاء الربيعي الفاره.

"علي شيخو" لم ينسى الأنثى تلك التي هي الملهمة والتي تهيئ الأجواء للتمرد على كل شيء حتى على الذات في آنٍ معاً الأنثى ذاك التناقض المرير والمروع.

فبدون الأنثى لا تكون القصيدة إلا خواء لاحظوا كلمة قصيدة هي أنثى من قمة رأسها حتى أخمص قدميها فيقول في قصيدة هل تذكرين؟ ص /46/:

هل تذكرين الموعد؟
أم مات غرقاً
في طوفان الأسئلة.

وفي مكان أخر وقصيدة ردك ص/44/

ردك يشير ألف تساؤل
وتساؤل
لكل تساؤل قضية..
ولكل قضية
ألف ديوان شعر
وعلى كل صفحة..
يموت ألف عاشق وعاشق.

ناهيك عن الحس الذي تحمله قصائده التي كتبها للأنثى فهي أيضاً لا تخلو من الحزن الغائب وراء الزمن المبتور حيث يقول في قصيدة ديوان وجدي ص /45/:

كلما أتذكرك
أكتب قصيدة.
وعندما أراك
أكتب ديوان وجدي
وحين الفراق
أحمل نعش أحلامي.

أود أن أذكر القارئ أنه بقدر ما نجح علي شيخو في تخطيط اسمه بين الشعراء فقد حظي بنفس النجاح في رسومه للغلاف واللوحات داخل الديوان.

إن تجربة علي شيخو هي تجربة تتأرجح بين إيقاعات عديدة مع أنها متناقضة إلا أن هذا التناقض هو شعري بامتياز فلولا التناقض لما ولدت قصائد علي شيخو التي تجمع بين دفاتها عناصر جميلة ومدروسة: الملل, التعب, اليأس, والحب.... وأشياء أخرى أكثر جمالاً نجح في صياغتها بلغته الشعرية المتميزة.

فقد يكون هذا الديوان " طبول الضياع " لم يلق من ينجيه من حالة التيه الشعري الضائع في زماننا المهدور وقد يكون شاعرنا علي شيخو فاقداً للوهلة الأولى تلك الدعاية الشعرية اللازمة لنجاح تجربة قصائدية شعرية لكن وبدون أية مبالغة ينتظر علي شيخو زمناً شعرياً يستطيع أن ينافس فيه الكثير من هؤلاء الذين درجت أسمائهم على لوائح الشعراء المتميزين وقصائده ستستمر في العطاء لتكون مع مثيلاتها منهلاً للقادمين.

"علي شيخو" وجع دائم ومحرض على الإبداع وسيبقى كما قال في إحدى قصائده سيبقى وسيضمد جروح الظلام.



#مسعود_عكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنفال ولكن!!!
- انتصار الأغاني
- لا تقل لو!!!
- شعراء العالم
- حروب استباقية, وإسقاطات إقليمية, هل تكرر تركيا السيناريو الإ ...
- لبنان الأخضر... لبنان
- اجتياح لبنان: حرب جديدة, أم تصفية حسابات قديمة؟
- تسلية أمنية وسذاجة كردية
- من صنع الزرقاوي, ومن أتى بنهايته ...؟
- معشوق الله
- الأمم تحتل قامشلو
- محكومون بالأمل - إلى محمد غانم وفاتح جاموس وآخرين...
- إيران النووية وأوراق جديدة للمساومة
- مجازر الأرمن ذكرى ألم متجدد
- حوار مع الكاتب والصحفي مسعود عكو
- أيُّ جلاءٍ نريد؟
- إنهم يقتلوننا... اللهم فاشهد!!!
- نوروزونا كل يوم
- حلبجة الشهيدة عروسة الحجل الحزين
- آذار نامه


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مسعود عكو - طبول الضياع