أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - إياد العبدالله - سورية الوطنية..سورية الديمقراطية















المزيد.....

سورية الوطنية..سورية الديمقراطية


إياد العبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 1730 - 2006 / 11 / 10 - 11:51
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لا يشير تاريخ سورية الحديث والمعاصر إلى أن تناغماً من نوع ما قد حصل بين الوطنية والديمقراطية إلا في ما ندر. ورغم أن هذا لا يبدو خاصية سورية محضة تشذ في وقائعها عن محيطها العربي، المشرقي منه خصوصاً؛ فإنه لا ينفي خصوصية سورية ـ أو بعضها ـ من نوع معين.
وإذا كانت بعضاً من جذور هذا الانفصال تعود إلى بدايات القرن العشرين، إلا أن ملامحه المعاصرة تعود تحديداً إلى الدولة الوطنية الاستقلالية، وخصوصاً ما بعد هزيمة العرب أمام إسرائيل عام 1948، التي سترسم إلى حد بعيد تاريخ المنطقة المعاصر على العموم. إذ أن الشعارات التي سيرفعها الفكر العربي، أقله حتى 1967، سوف تدور أغلبها حول ضرورة الوحدة وتحرير فلسطين وإزالة إسرائيل من الوجود، ومن ناحية أخرى أبرزت دور العسكر الذين سرعان ما استولوا على الدولة تحت شعار انجاز ما فشلت الدولة السابقة عن انجازه، من تحرير ووحدة وتنمية...إلخ. وجدير بالذكر أن هذه الأهداف المبتغاة لم تخرج، أيديولوجياً ومفاهيمياً، عن الإطار الذي رسمته حركات التحرر الوطني، وهو إطار تتحدد فيه الذات بالسلب، أي بالضد من طرف آخر، وهو في حالتنا هذه الاستعمار. ولم يشذ مفهوم التنمية عن هذه المعادلة، حيث تمت صياغته عبر مفردات الصراع التي سادت في حركات التحرر الوطني بحيث يظهر الاستعمار و" أتباعه في الداخل " العائق الرئيس أمام انجاز هذه التنمية. وبما أن الاستعمار الأوروبي كان قد خرج، فإن إسرائيل هي التي ستملأ الفراغ، وسيتم التعامل معها على أنها أحد استطالاته. وهو ما أخذ ينعكس على الدولة التي برزت بوصفها القائدة لمشاريع التحديث والتقدم والتنمية، بأنها من حيث الوظيفة والأسس أخذت تشهد انزياحات قاسية تجعل من مفردات الذاتية والصراع والحرب أسساً ثابتة من ثوابتها. وهو ما سيظهر بشكل جلي بعد وصول حزب البعث إلى سدة السلطة في آذار 1963، حيث تم اعتماد الايديولوجيا البعثية وما تتضمنه من مطالب وشعارات قومية بوصفها البرنامج التحديثي للدولة. وعلى الرغم من اصطفاف العديد من المفاهيم التي ترسم اللوحة الأيديولوجية لحزب البعث، كالحرية والاشتراكية والديمقراطية الشعبية..إلخ، إلا أن هذه العناصر تم حشدها وتحديد وظائفها فقط بما يخدم الهوية القومية التي ظهرت هوية سلبية تعرف بنقائضها؛ فهي هوية عربية ضد كل ما هو أجنبي ودخيل، وهي ذات مضمون رسالي روحاني وضد كل ما هو مادي (الشيوعية)، وهي أيضاً وحدوية وتقدمية ضد كل ما يثير التفرقة والتعددية وكل ما هو رجعي...إلخ. وهو ما سيلقي بظلاله على شكل الوطنية التي سيعتمدها حزب البعث الحاكم ويعمل على تعميمها، وهي وطنية في مواجهة إسرائيل ومن ورائها الاستعمار والامبريالية من ناحية، وفي مواجهة " امتداداتهم " في الداخل من جهة أخرى. إن اقتصار الدولة على صفتها الصراعية تلك، شكل القاعدة الأيديولوجية لدولة الطوارئ التي لن تستقيم دون شيطنة الآخر داخلياً كان أم خارجياً، من أجل تحقيق التماسك والتلاحم. وهو ما أسس لحالة من التخارج بين قيم الدولة وقيم المجتمع، إذ إن استئثار الأولى بالقيم الوطنية جعلها تطلب من المجتمع أن يترفع عن قيمه ومصالحه والالتحاق بها، حتى يغدو وطنياً، وهذا ما قلب مفهوم الشرعية، فالمجتمع يأخذ شرعيته من الدولة، لا العكس. وبسبب أيديولوجيا الحرب التي غدت أصلاً من أصول الدولة، أخذت تغلب على النظام مظاهر العسكرة، دافعاً بهويته الحزبية إلى الوراء من غير أن يتخل عنها، فلم يكتف بعسكرة الراهن بكل تعبيراته من خلال نزعة "التثكين" التي طالت مجمل قطاعاته، بل قام بعسكرة الماضي وقراءته عبر مفردات الصمود والانتصار والمؤامرة. ومن ثم قام بقراءة كلاً من الماضي والمستقبل قراءة وحدوية معربة ( الماضي العربي، المستقبل العربي ).
ورغم أن المواجهة مع الآخرـ الغريب الذي ستتسع دلالاته بعد هزيمة 1967 لتشمل الغرب عموماً، وهو ما أخذت تشارك في صياغته قطاعات اجتماعية وثقافية واسعة، إلا أن هذا الأمر سيأخذ بالاستفحال على إثر أزمة الثمانينات في القرن المنصرم، من خلال التسويق لمصطلح "الغزو الثقافي" والتأكيد من ثمّ على الذاتية العربيةـ الإسلامية، وهو أمر لم يكن النظام السياسي السوري ببعيد عنه وخصوصاً أنه أخذ يستقدم المرموز الإسلامي في خطابه بقوة، وهو ما وجد إحدى تموضعاته في مقولة "العروبة والإسلام" التي ظهرت للاستهلاك السوري بحدة خصوصاً في التسعينيات بعد انهيار المعسكر الاشتراكي عبر إعلام النظام السياسي السوري ومنابره الثقافية. وما زالت هذه المقولة حاضرة بقوة حتى الآن في الخطاب الرسمي السوري، وخصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من أيلول عموماً، وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري خصوصاً، وانعكاساتها على المنطقة وعلى النظام السوري تحديداً، حيث غدت هذه المقولة بمثابة العدة الإيديولوجية لخطاب القطيعة "الوطني" مع الغرب عموماً؛ وهو ما ساعد على إحياء تقاليد التخوين والعمالة بشكل لافت اتجاه أي حالة نقدية للنظام السوري من قبل التعبيرات السياسية المعارضة لسياساته والتي برزت إلى الوجود، حديثاً، على إثر رحيل الرئيس السوري حافظ الأسد.
إن هذه "الوطنية" التي نذرت نفسها لمنافحة المستعمر والأجنبي، لم تنجح إلا في استقدامه من جديد، وهذا يعكس الإفلاس الذي أخذ يحيق بها وبخطابها القومي، فلا هي نمّت ولا حررت وهاهي السيادة والاستقلال في خطر. إن هذا النموذج من الأنظمة أضعف الاعتقاد بالفكر القومي وبنجاعته، فأخذت تسري إعلانات موته من قبل البعض. وهو ما بدا واضحاً على إثر انهيار السوفييت وحرب الخليج الثانية اللذان سوف يشكلان نقطة تحول كبرى، في المنطقة ككل، على صعيد الأيديولوجيات والسياسات، إذ ستبدأ الدعوات العروبية التوحيدية بالخفوت لصالح بروز نزعة تروم الاكتفاء بالعناصر المحلية القطرية ورفعها إلى مصاف القومية الكاملة. وإن كان هذا الأمر أخذ بالظهور عند بعض الأنظمة إلى هذا الحد أو ذاك، إلا أنه عند بعض النخب السياسية والثقافية تحول إلى برنامج وخيار. والملاحظ في هذه النخب أنها تعتمد الديمقراطية المطلقة هوية وانتماءاً في مواجهة جميع الأيديولوجيات التي كانت سائدة والتي وسمت بالاستبداد والانحطاط. وسينتظر هذا المزاج الطارئ الذي سيدعي الليبرالية، حتى قيام أحداث الحادي عشر من أيلول حتى تكتمل عناصر كفاحيته التي ستظهر أنها في اتجاه نقيض لما سارت، وما زالت، عليه الوطنيات السلطوية المحاربة، مع من يعضدها أيديولوجياً على الأقل. فإذا كانت هذه الأخيرة حشدية تستعين بما يتيحه "الداخل" من عناصر يمكن تعريبها أو أسلمتها ( تراث وبنى ومؤسسات وجماهير..) في مواجهة "الخارج"، فإن الديمقراطية المكافحة المستجدة هي حشدية أيضاً تستلهم "الخارج" في مواجهة "الداخل" الذي تستوي فيه كل العناصر ( نظم الحكم والمجتمع والتاريخ والثقافة...) بعد وسمها بالتخلف والاستبداد والإرهاب، وهي لذلك متحررة من كل ما هو عربي ومسالمة اتجاه الخارج ومقرعة للداخل. وإذا غدا في خطاب الوطنية السلطوية، ومن يصطف معها أيديولوجياً، ثمة حضوراً كثيفاً لحماس وحزب الله وإيران ( والبعض يضيف صدام حسين والزرقاوي!!) كمحطات لابد من المرور بها للوصول إلى بر الوطنية الخالصة، فإن خطاب الديمقراطية المطلقة سيحرص على تسجيل مدى نفوره من هذه المحطات من حيث أنها تنتصب علماً على أيديولوجيات ( إسلامية وقومية) مستبدة وفاسدة.
لا ينطوي ما تقدم من حديث عن خطاب الليبراليين الجدد على أي حكم قيمة وهولا ينوي تخويناً ولا مزايدة، كما يطيب لأهل النظام الذي جعل من الولاء له بارومتر الوطنية، وإنما يهدف إلى نقد آليات هذا الخطاب وخياراته. وفي هذا السياق هل يصح القول أن هذا الخطاب إنما يستمد محدداته وخياراته بل وشرعيته من العناصر التي استمد منها الخطاب "الوطني" السلطوي وجوده، وذلك من حيث أن كليهما خطاب مواجهة، ويستمد وجوده من هذه المواجهة، لا خطاب بناء؟ أليست، وبعيداً عن التلفيق والابتذال السياسيين، سورية الديمقراطية هي سورية الوطنية كما أن سوريا الوطنية هي سورية الديمقراطية، كما تذهب العديد من النخب السياسية والثقافية الوطنية الديمقراطية في سوريا؟ أسئلة ما زال الاستبداد والسياسات الغربية والإسرائيلية الشرق أوسطية، تمنعها عن التبلور واقعياً.



#إياد_العبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرات من وحي الشهيدة هدى أبو عسلي
- الشباب الجامعي السوري: محاولة تصنيف
- الشباب السوري.. السياسة والانتماء
- الشباب السوري: بين جهاد الإقصاء وجهاد الحضور
- الحوار/المظاهرة... وموضة الإساءة إلى السوريين
- حلفاء الفراغ...
- المجتمع السوري في وعي نخبه


المزيد.....




- إلى ألوان الشفق القطبي.. العاصفة الشمسية النادرة قد تشكل -خط ...
- بوابة تنقل الناس من نيويورك إلى دبلن بلحظة.. شاهد ما يقدمه ه ...
- فستان شفاف جدًا يستحضر زمن الستينيات.. شاهد إطلالة إيل فانين ...
- قصص مؤلمة في كل ركن.. شاهد ما رصدته CNN داخل مستشفى في قطر ي ...
- باريس تطالب إسرائيل بالوقف الفوري لعملية رفح
- الخطاب المثير للانقسام في حملة مودي الانتخابية يثير تساؤلات ...
- تأثيرات تغير المناخ باتت تهدد تعليم ملايين الأطفال في العالم ...
- البرلمان التركي يناقش مشروع قانون لمكافحة التجسس على خلفية ن ...
- بوتين يهنئ أهالي دونيتسك ولوغانسك بالذكرى الـ10 لإعلان جمهور ...
- شركة روسية تصنع قوارب مخصصة لقوات إنفاذ القانون


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - إياد العبدالله - سورية الوطنية..سورية الديمقراطية