|
الشر كله بأتي من المستشارين الثعالب
عزالدين معزة
كاتب
(Maza Azzeddine)
الحوار المتمدن-العدد: 7732 - 2023 / 9 / 12 - 11:43
المحور:
كتابات ساخرة
يحكى أنه كانت هناك غابة في زمن ما جميلة، ازهارها مختلفة الالوان ،خضرة اشجارها براقة ،مياهها عذبة و سكانها مسالمون جدا وهادئون وراضون بما كتب الله لهم ،كان الاسد ملك الغابة ،لكنها غابة ديموقراطية فيها حرية التعبير والفكر قضاتها عادلون لا يظلمون أحدا ،وفيها انتخابات حرة ونزيهة تقدم مترشح ثاني للرئاسة ،كان المنافس للأسد هو الحمار، وصل الحمار الى سدة الحكم ،احتار الجميع من نتيجة فرز الاصوات كيف وصل الحمار ومن انتخب عليه ؟،لكنهم لم يعترضوا رغم غرابتها، فرح سكان الغابة بملكهم الجديد ، وباركوا له فوزه ، الحمار المسالم والطيب، رئيسنا المهم أنه لا يظلم لا يعتدي لا ينهب البرسيم ولا يسرق ولا يكذب ولا يتكبر او يتجبر ، ومرت اول سنة من حكمه بسلام... ولكن يقول الغراب الحكيم أن الرئيس او الملك بمستشاريه ، ان صارحوه سارت المملكة بسلام وغن كذبوا عليه وزوروا له التقارير اضلوه وعم الفساد والنهب وساد قانون الغاب ، اصبح الثعلب اكبر مستشاري الرئيس، قام بأعمال خيرية لفائدة الحيوانات الضعيفة ،دفع رشاوي للحيوانات ذوات المراكز الحساسة في الغابة ، وبدأ صيته يذاع بعد صبر و جهد، ا فاستضافه الرئيس ذات يوم على العشاء. استغل الثعلب الفرصة الذهبية واختار أحسن الكلام لمخاطبة الرئيس الحمار فهو يؤمن بحكمة من كان رئيسا صرت له عبدا، حمل معه هدية ثمينة للرئيس المبجل، وأكثر من الانحناء بين يدي الملك حتى أصبح مثل دائرة، وسمعت له طرطقة عند اعتداله وجلوسه على طاولة العشاء. كان الحمار الرئيس ينظر اليه بأعجاب شديد أحس بالسعادة لمديح الثعلب له. تكررت الدعوات وأصبح الثعلب مقربا جدا من الحمار الرئيس حتى قرر في يوم ان يجعله وزيره الاول وأكبر مستشاريه. حيوانات الظل جلس الاسد والنمر على ضفة الوادي الذي كانت مياهه أكثر نقاء من نقائها في هذا اليوم، تأمل الاسد تلك الخطوط القاتمة على جلد النمر، كان حارس الغابة الامين. _أترى كيف اصبحت غابتنا الجميلة، انها تفقد جمالها يوما بعد يوم يا صديقي. _فعلا سيدي. _لماذا انت قليل الكلام؟ _ليس لدي الكثير لأقوله سيدي. _ماذا عن صفقة السيوف الجديدة المستوردة من غابة "مفاي مفاي"؟ _لقد عاينت مجموعة من السيوف ،تبدو متقنة الصنع لكنها مغشوشة ،تتحطم عند اول منازلة ،لكن الملك الحمار يصر على اتمامها فكبير مستشاريه اوهمه بجودة السيوف ،وهو لم يعد يصغي لاحد سواه. _تبا لهما، سنخسر معركتنا ،خاصة ان غابة "يهوكا" اعلنت الحرب علينا. _لا تخف سيدي ،لي خطة محكمة ،سأدافع عن غابتنا الى آخر قطرة في دمي ،ينبغي علي الانصراف سيدي. _ثقتي بك كبيرة. يوم قبل الحرب لم يكن النمر قائدا عاديا، كان صديقا لكل الحيوانات، جمع كل جنوده، خاطبهم بهدوء يعرفونه جيدا: لا تعتمدوا على السيوف انها غير صالحة، اعتمدوا على قوة اجسامكم وذكائكم، حاولوا ان تخدعوهم ثم جردوهم من اسلحتهم، ستساعدكم سرعتكم وضعف الرؤية في الظلام، سنباغتهم ليلا، وقد ارسلت اخبارا باننا سننتظر قدومهم الينا، بينما سنهاجمهم ليلة غد على حين غرة. ارتاحوا جيدا فوراءنا يوم صعب. عاد الى ضفة الوادي، جلس وحيدا يتأمل ضوء القمر المنعكس على المياه الصافية، سأتحمل مسؤوليتي كاملة وسأحمي الغابة، كان هناك من يتأمله من بعيد، لكن النمر لم يحس بوجوده. ثمن كسب الحرب! بعد هجومهم على معسكر الاعداء، لم تدم المعركة أكثر من ساعات، عاد جنود ه سعداء، غانمين، قوبلوا بتحيات حارة من كل الحيوانات، وكان الكل سعيدا الا الثعلب، اشار الى النمر بغضب وامره بان يتبعه. جلس الثعلب وجلس النمر، نظر الثعلب الى النمر وقال له بلؤم: قف، من امرك بالجلوس. وقف النمر بكل هدوء: حسنا. _لماذا لم يستعمل الجنود السيوف؟ _لأنها غير صالحة للحرب. _لا تعد هذا الكلام على مسامعي ،يجب ان تخبر الملك بان هناك جنودا اتلفوها فقد وصل خبر عدم اعتمادكم عليها اليه، اختر لي اسماء. بقي النمر صامتا، ينظر ببرود الى الثعلب. _اذا لم تنفذ الامر ،سأحملك المسؤولية. _فليكن. ابتسم من كان خلف الستار يستمع بهدوء الى حديثهما، كان سيتفاجأ جدا لو ضحى النمر بأحد جنوده، لكنه لم يفعل بل فضل ان يضحي بمركزه. تقدمت مجموعة من حراس الملك للقبض على النمر، وسط نظرات الحيوانات، جميعهم يدرك جيدا انه ضحى بنفسه كي لا يدفعوا ثمن صفقة الثعلب المغشوشة، رفعوا ايديهم وحيوه بتحيتهم العسكرية: عاش النمر. وارتفعت في ارجاء الغابة اصوات من كل مكان، عاش النمر، عاش النمر. حتى وصلت الى اذني الحمار. الثورة _هل هذه ثورة؟ سأل الحمار. اجاب الثعلب بخبث: لا يا سيدي مجرد اصوات. سنسكتها. اعاد السؤال بعد ايام: ما هذه الاصوات، اهي ثورة علي؟ كرر الثعلب نفس الاجابة: اصوات تعلو بسبب صفقة السيوف، وسنسكتها. _كانت فكرتك ،لم اكن بحاجة الى اموال اكثر ،طمعي و مشورتك السيئة اوصلاني الى هنا. _لا تخف ،انا مسيطر تماما على الوضع. كانت اخر مرة راي فيها الملك الثعلب، عرف ان نهايته ستكون سيئة لو لم يتنازل عن العرش، أعلن الحمار استقالته، وغادر الغابة دون ان يعلم أحد وجهته. العدل _تفضل سيدي. هكذا استقبل النمر الملك الاسد، رفض ان يستلم الحكم وأخبر الحيوانات بقراره: يجب ان يلعب كل واحد منا دوره ويتحمل مسؤولياته، انا رجل حرب، لا أصلح لغير ذلك، اما الحكم فاتركوه لحاكمكم العادل، الاسد، رأينا كيف انه سهر على ان يسود العدل والامن والعيش الكريم لكل سكان الغابة، رأيتم حين امسك بزمام الامور حمار اخذها الى الخراب وطمع في خيرات غابتنا الاعداء. وعاشت حيوانات الغابة في سعادة، ساد العدل، وفرحت الحيوانات بعودة ملكهم القوي والحكيم. يحميهم النمر ويسهر على امنهم. _هل تتحمل مسؤوليتك مثل النمر؟ _اجل، ولكن لم افهم، لماذا اراد الثعلب والحمار ان يخسر جنودهم المعركة وايضا هل الحمار غبي ام لا؟ أخبرني أحد حيوانات الغابة، بان الحمار بقي يمشي مطأطأ الرأس كعادته، يحمل ثروته على ظهره، ويبحث في كل مكان عن الثعلب ولما وجده رفسه رفسة قوية قتلته، بعدها دخل الى اول مزرعة وجلس يأكل بعض العشب ويتذكر انه كان ملكا في يوم من الايام، وعاش مسالما لبقية حياته. منقول بتصرف
#عزالدين_معزة (هاشتاغ)
Maza_Azzeddine#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تبحثوا عن نار الحقيقة
-
زوال المثقف العربي
-
موت المثقف العربي
-
الجمهوريات الملكية العربية
-
العراق المخدوع
-
أنا الافريقي الحزين
-
أنا وأنت وهو لسنا نحن
-
جاذبية السلطة عند العرب بين التكليف والتشريف
-
المثقف العربي بين المطرقة والسندان
-
المسؤول عندنا والمسؤول عندهم
-
إشكالية الديمقراطية وحقوق الانسان في الفكر والثقافة العربية
-
الكذب لم يعد عيبا
-
الكذب لم يعد عيبا
-
إشكالية حرية التعبير والصحافة في العالم العربي
-
حرب الذاكرة بين الجزائر وفرنسا
-
جيجل تحيي الذكرى 41 لاغتيال الديبلوماسي الفذ رجل السلام العا
...
-
العالم العربي موجود بغيره لا بذاته
-
وصية ثعلب حكيم لابنائه
-
الحياة في العالم العربي والإسلامي
-
يوم 22فيبراير 2019 الذي انتظره الجزائريون بشوق
المزيد.....
-
-الزمن الهش- للإيطالية دوناتيلا دي بيتريانتونيو تفوز بأرفع ا
...
-
مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات
...
-
الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و
...
-
-أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة
...
-
الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
-
“من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج
...
-
المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ
...
-
بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف
...
-
عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
-
إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|