أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - مستقبل الانقسام الفلسطيني في عالم متغيّر















المزيد.....

مستقبل الانقسام الفلسطيني في عالم متغيّر


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 7727 - 2023 / 9 / 7 - 13:13
المحور: القضية الفلسطينية
    


لا يمكن فصل حالة الانقسام التي يرزح تحت وطأتها الفلسطينيون عن تحالفات حركتي فتح وحماس العربية والإقليمية، وشدة الاستقطاب في إطار تلك التحالفات، التي يفترض أنها تؤثر على حدود تعميق الانقسام بين الفلسطينيين. تبدلت حدود العلاقة بين الفصيلين المتنافسين فتح وحماس ما بين عهد الانتفاضة الأولى، وظهور السلطة الفلسطينية بعد ذلك في أعقاب توقيع اتفاق أوسلو، ثم حدوث الانقسام الفلسطيني، في إطار المعادلة السياسية الفلسطينية. وتغير تبعاً لذلك مدى تأثير تحالفات هذين الفصيلين العربية والإقليمية، في إطار تغير مستوى المنافسة بين الفصيلين الفلسطينيين داخل الساحة الفلسطينية، وفي ظل تبدل معادلة التحالفات العربية والإقليمية قبل عهد الثورات العربية وخلالها وبعدها.

منذ ظهور حركة حماس ضمن المعادلة السياسية الفلسطينية مطلع انطلاق انتفاضة الحجارة، نهاية عقد الثمانينيات من القرن الماضي، حمل الطرفان المتنافسان، حركتا فتح وحماس، مقاربتين متناقضتين لحل القضية الفلسطينية. تمحورت مقاربة حركة حماس باتجاه المواجهة مع الاحتلال، والتي انسجمت مع رؤية إيران لحل القضية الفلسطينية، في إطار علاقتها العدائية مع الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل. في حين تبنت حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية مقاربة سلمية لحل القضية الفلسطينية، متأثرة بعاملين، الأول يتعلق بالكبوات المتتالية التي لحقت بها، والتي كان أصعبها الخروج من لبنان في العام 1982، والثاني ارتبط بتوجهات مصر والمملكة العربية السعودية، حليفي الولايات المتحدة المقربين في المنطقة، نحو الحل السلمي، وتأثير هذين البلدين على القرار السياسي للمنظمة، في ظل مكانتهما وحاجة الفلسطينيين لدعمهما.

بعد توقيع اتفاق أوسلو العام 1993، ترسخت المقاربة الثانية، المرتبطة بالحل السلمي للقضية الفلسطينية، في ظل تمكين المنظمة وحركة فتح لتحقيقها، من خلال السلطة الفلسطينية التي تأسست في ذلك الوقت، وبدعم ومساندة من الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة على رأسها مصر والأردن والمملكة العربية السعودية. في ظل تلك التطورات، تراجعت مكانة حركة حماس، التي باتت مجرد حزب معارض، تحت إدارة وحكم السلطة الفلسطينية، في ظل توجه دولي وإقليمي لتقويض مقاربتها السياسية، المرتبطة بمواجهة إسرائيل. بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، مطلع الألفية الجديدة، بلورت الولايات المتحدة حالة الاستقطاب الإقليمي في المنطقة، في ظل زيادة تدخلها في المنطقة وتدشينها لحربها على "الإرهاب"، فقسمت المنطقة ما بين دول "الاعتدال" العربي ممثلة بمصر والأردن والسعودية إلى جانب السلطة الفلسطينية، وما بين "محور الشر"، بقيادة إيران، إلى جانب سورية، والذي دعم مقاربة حركة حماس لحل القضية الفلسطينية.

بعد الانقسام، وسيطرة حركة حماس عملياً على قطاع غزة، وفي ظل تلك المعادلة الإقليمية للتحالفات، التي رسمتها الولايات المتحدة رسمياً، ودعم إيران لحركة حماس، بات طرفا المعادلة السياسية الفلسطينية على طرفي نقيض في إطار معادلة التحالفات الإقليمية. رغم بقاء المعادلة السياسية الفلسطينية على حالها، فبقيت السلطة وحركة حماس يدير كل منهما شطراً من الوطن الفلسطيني المحتل، تغيرت المعادلات الإقليمية للتحالفات، سواء في أعقاب الثورات العربية، أو في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تأثرت تحالفات السلطة وحركة حماس تبعاً لتلك التطورات. في أعقاب الثورات العربية، ظهر التحالف القطري التركي، من داخل محور الاعتدال، والذي دعمت حركة حماس من قبله، في ظل عدم خسارتها لدعم المحور الإيراني السوري، بشكل كامل، رغم موقف الحركة من الثورة السورية. وبعد الحرب الروسية الأوكرانية، تبدلت معادلة التحالفات في المنطقة، فلم تبقَ الولايات المتحدة المحدد الوحيد فيها، وتصالحت السعودية مع إيران، وعادت العلاقات إلى طبيعتها بين قطر وتركيا مع دول الاعتدال الأخرى.

ترسخ الانقسام تدريجياً، فرغم عدم اعتراف الدول العربية المركزية المؤثرة على تطورات القضية الفلسطينية، على رأسها مصر والأردن والسعودية، بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة، إلا أنها تعاملت مع الحركة. فمصر تعاملت بحكم موقعها الحساس أمنياً مع غزة، ودورها كوسيط، رغم عدم دعمها للحركة منذ ظهورها. ولم تتخلَ السعودية عن علاقتها بالحركة، وهي التي سمحت بجمع التبرعات الأهلية لدعمها مالياً منذ ظهورها، وتراجع هذا تحت وطأة أحداث الحادي عشر من أيلول، إلا أنها لم تتخلَ عنها، فرغم اعتبارها لانقسام حركة حماس بالانقلاب، ورغم علاقتها المتوترة مع حركة الإخوان المسلمين بعد الثورات العربية، إلا أن ارتباطها بالقضية الفلسطينية، ومساعيها لحل معضلة الانقسام الفلسطيني، تفسر استمرار علاقة المملكة بالحركة وعدم تصنيفها كحركة إرهابية أسوة بتصنيفها لجماعة الإخوان، فبقيت العلاقة بين المملكة والحركة قائمة وإن كان ذلك بشكل متذبذب، إذ ارتبط ذلك بمدى تطور علاقة حركة حماس مع إيران. أما الأردن، والذي تعامل مع حركة حماس عند ظهورها، فقد انقلبت العلاقة تدريجياً مع الحركة بعد توقيعه لاتفاق السلام مع إسرائيل، ولم يرحب بفوزها في الانتخابات التشريعية في العام 2006، ولن يعترف بالانقسام مطلقاً بعد ذلك. إلا أن صعود نظام الإخوان لحكم مصر في العام 2012، فتح الطريق لإعادة تطبيع العلاقات بين المملكة والحركة، وإن ظل ذلك في الحدود الدنيا بعد ذلك.

تنبئ تطورات الانقسام وسياسات حركة حماس وتحالفات المنطقة المتغيرة ببعض النتائج المستقبلية. فسياسات الدول العربية تجاه حركة حماس، تؤكد على الاعتراف بها، وبمكانتها السياسية وإمكانية تطبيع العلاقات العربية والإقليمية معها رغم استمرار الانقسام. وتشير سياسات حركة حماس خلال عهد إدارتها لقطاع غزة إلى مدى براغماتية الحركة، التي أعادت تطبيع علاقتها مع إيران في العام 2016، بعد سقوط نظام الإخوان في مصر في العام 2013، الذي عولت عليه الحركة انطلاقاً من اعتبارات أيديولوجية، وانحصار الدعم القطري التركي في الجوانب المدنية فقط، وعدم تبدل سياسة المملكة العربية السعودية تجاه الحركة، بعد صعود الملك سلمان في العام 2015، وتطبيع العلاقات الإسرائيلية التركية في العام التالي، فوضعت الحركة وثيقة سياسية جديدة ورسخت قيادات مختلفة، تحررها من الارتباطات الأيديولوجية السابقة، وترسم تحالفات جديدة أكثر تحرراً واتساعاً ومرونة. على الجانب الآخر أثبتت سياسة السعودية تجاه حركة حماس مدى ارتباط واهتمام المملكة بالساحة الفلسطينية، إلا أن ذلك تأثر أيضاً بتطور علاقات المملكة بالند الإيراني اللدود، وعليه، فإن تطورات العلاقة بين المملكة وإيران، في حقبة ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية، واتساع مراكز القوى القطبية، سيصب في صالح حركة حماس في الساحة الفلسطينية الداخلية المضطربة. إن ذلك ينطبق أيضاً على الدول العربية الأخرى، التي تبحث جميعها عن مصالحها السياسية والأمنية، دون التخلي عن القضية الفلسطينية، والتي باتت حركة حماس لاعباً أصيلاً فيها. إن ذلك يعيدنا إلى مفصل الأزمة الفلسطينية، الممثلة بالانقسام وحلها، والذي يعتمد اليوم على الحل الفلسطيني لهذه الأزمة، والممثل بالتفاهم بين الفلسطينيين أنفسهم، دون أي تعويل على التحالفات الإقليمية المتبدلة، في إقصاء حركة حماس، فالدول العربية تضع الاعتبار الأساس لمصلحتها، والمصلحة الفلسطينية تكمن في قوة الموقف الفلسطيني، والذي تعكسه وحدته.



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يحدث في أفريقيا؟
- «بريكس وإفريقيا» ونظام عالمي جديد
- لبنان على المحك
- عن مساعي التطبيع بين السعودية و-إسرائيل-
- التزام أميركي لا يتزحزح تجاه -إسرائيل-
- عن اتفاقية الحبوب الروسية الأوكرانية
- قبول تركيا لعضوية السويد في الناتو: انعطافة نحو الغرب أم است ...
- جنين أم الاحتلال!
- اضطراب السياسة الأميركية في زمن الحرب
- قضية اللاجئين الفلسطينيين بين التنكر والتحيز
- المسيّرات.. ما بين أوكرانيا وإسرائيل
- منظمة التحرير الفلسطينية في الذكرى ال 59: معطيات ونتائج
- الانتخابات الرئاسية التركية.. معطيات ومؤشرات مُحْدِّدة
- تطورات الصراع العالمي القطبي إلى أين؟
- هل تُغير غزة معادلات الردع مع الاحتلال؟
- ولا تزال النكبة مستمرة لكن إلى حين
- نتائج الانتخابات التركية المؤثرات والمتأثرات
- الانتخابات التركية إلى أين؟
- حرب أهلية في السودان
- هل تتغير معادلات الصراع في فلسطين؟


المزيد.....




- فرنسا: إنقاذ 66 مهاجرا غير نظامي أثناء محاولتهم عبور المانش ...
- مصر.. والدا الرضيعة السودانية المقتولة بعد هتك عرضها يكشفان ...
- السعودية.. عمليات انقاذ لعالقين بسيول والدفاع المدني يحذر
- الغرب يطلق تحذيرات لتبليسي مع جولة جديدة من الاحتجاجات على ق ...
- فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران ...
- في الذكرى الـ10 لمذبحة أوديسا.. اتهامات لأجهزة استخبارات غرب ...
- ترامب يعلق على أحداث -كولومبيا- وينتقد نعمت شفيق
- نيبينزيا: مجلس الأمن الدولي بات رهينة لسياسة واشنطن بالشرق ا ...
- -مهر-: رئيس جامعة طهران يعين زوجة الرئيس الإيراني في منصبين ...
- ‏مظاهرات حاشدة داعمة لفلسطين في عدة جامعات أمريكية والشرطة ت ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - مستقبل الانقسام الفلسطيني في عالم متغيّر