أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - قضية اللاجئين الفلسطينيين بين التنكر والتحيز















المزيد.....

قضية اللاجئين الفلسطينيين بين التنكر والتحيز


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 7643 - 2023 / 6 / 15 - 14:29
المحور: القضية الفلسطينية
    


قد تكون قضية اللاجئين الفلسطينيين من بين الأدلة الصارخة الباقية آثارها حتى اليوم أمام العالم على الجريمة التي ارتكبت بحق الفلسطينيين من قبل الحركة الصهيونية ودولتها من بعدها، وبدعم ومساندة من قبل الدول الغربية أو القوى الاستعمارية في ذلك الوقت. تلك الجريمة التي اقترفت بحق شعب كامل، والتي تعد وصمة عار في جبين الانسانية في العصر الحديث، لاتزال حتى اليوم تعاني الانكار من قبل مقترفها، والتجاهل والتحيز لمرتكبها من قبل تلك القوى الغربية. بعد توقيع اتفاق أوسلو للسلام عام 1993، واعتبار قضية اللاجئين من بين قضايا الحل النهائي، التي كان يفترض البت فيها خلال الخمس سنوات التالية على الاتفاق، بقي الوضع الفلسطيني كما كان يشهد على استمرار حالة الاحتلال، ولم تحل أي من القضايا المحورية في حياة الفلسطينيين، على رأسها بقاء نصف الشعب الفلسطيني مشتت لاجئ في أصقاع الأرض، لا يقوى حتى على الوصول لأرضه، وبقي آلاف المعتقلين الفلسطينيين يرزحون في غياهب سجون الاحتلال، دون ذنب أو جريمة. أجيال وأجيال فلسطينية متلاحقة تدفع ثمن ذلك الصمت والتحيز الغربي حتى اليوم، وخصوصا الأميركي القطب الأقوى عالمياً، والمنحاز بشكل أعمى للاحتلال، فإلى متى ستبقى العدالة غائبة في الحالة الفلسطينية؟

قامت المنظمات الارهابية الصهيونية في فلسطين بطرد ما بين 700 إلى 900 ألف فلسطيني من وطنهم نهاية العقد الرابع من القرن الماضي، بما شكل حوالي نصف الشعب الفلسطيني في حينه. وكررت الحكومة الاسرائيلية ذلك عندما طردت أكثر من 400 الف فلسطيني من الضفة وغزة، خلال وبعد احتلالها لما تبقى من أرض فلسطين في العام 1967، بما شكل رحيل ما بين ثلث وربع الفلسطينيين الذين تواجدوا في تلك المناطق في حينه. تلك السياسة الممنهجة التي اقترفتها العصابات الصهيونية أو جيش الاحتلال بعد ذلك، كشفت الوثائق، أنها وضعت قبل تنفيذها بسنوات، منها ما رسم قبل أكثر من عقد على حرب عام 1948، وأخرى حيكت قبل حرب عام 1967 بسنوات. كما كشفت الوثائق كذب الرواية الصهيونية والاسرائيلية من بعدها حول تهجير الفلسطينيين، والتي تدعي أنهم خرجوا من وطنهم بارادتهم أو بتوجيهات من قيادتهم، كما كشف الواقع من قبل أن فلسطين لم تكن يوماً أرضاً بلا شعب، كما ادعت الحركة الصهيونية كمبرر لأخذ فلسطين.

وتكشف الشهادات والوثائق التي لم يحرر الاحتلال الا عن القليل منها، عن استخدام العصابات الصهيونية في نهاية الاربعينات والجيش الاسرائيلي في الخمسينيات والستينيات، المجازر والقتل الجماعي للمدنيين، وعمليات اغتصاب وتمثيل بالجثث. فكشف اللثام فقط عن 70 مجزرة حتى الآن، وكذلك عن تسميم آبار المياة للقرى والمدن الفلسطينية ونشر الأوبئة فيها، وقدر عدد من استشهد في العام 1948 بـ 15 ألف فلسطيني على الأقل. عملت السلطات الاسرائيلية كذلك على قتل كل من حاول العودة من الفلسطينيين لدياره بعد ذلك، ودمرت وحرقت القرى الفلسطينية، لتمنع أي فرصة لعودتهم، ولازالة أي أثر لوجودهم. فتم تدمير 531 قرية فلسطينية بالكامل من مجمل 744 قرية ومدينة في العام 1948، كما أزيلت احياء ومناطق فلسطينية بأكلمها، خلال وبعد حرب عام 1967، مثل حي المغاربة في مدينة القدس، ومنطقة اللطرون بالقرب من المدينة.

لم يتوان هذا الكيان الناشئ بإرادة الغرب عن سن قوانين رسمية لتشريع ممارساته غير القانونية والانسانية والأخلاقية ضد الفلسطينيين، ففي حين سمح قانون العودة الذي صدر في العام 1950 لأي يهودي، أي كان موطنه الأصلي أو عرقه، بالدخول لفلسطين والحصول على الجنسية الإسرائيلية، بينما حرم الفلسطيني من العودة لأرضه وبيته في وطن أجداده. كما سن الكينست في العام 1949 أنظمة طوارئ لمصادرة أراضي الفلسطينيين الزراعية أو تحت حجج تتعلق بالأمن العام، وفي العام التالي صدر قانون أملاك الغائبين، لمصادرة أراضي الفلسطينيين، الذين قتلوا أو طردوا أو منعوا من العودة لوطنهم، وجميعها جزء يسير من تلك التشريعات عموماً التي صدرت في تلك الفترة لتحقيق ذات الهدف. وعملت سلطات الاحتلال بعد ذلك على تطبيق مثل تلك التشريعات وأوامر عسكرية أخرى في الأراضي الفلسطينية التي احتلت بعد ذلك في العام 1967، والتي تتفنن في منع عودة الفلسطينيين لديارهم ومصادرة ممتلكاتهم تحت حجج مختلفة، كاعلانها أراضي عامة أو أراضي دولة أو للتدريب العسكري أو للدواعي الأمنية، وهو ما يزال مطبقاً حتى اليوم.

جاءت كل اجراءات اسرائيل سابقة الذكر في ظل صدور قرار الأمم المتحدة رقم 194 في العام 1949، والذي تأسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين، على أساسه، وكان تنفيذه شرط من شروط قبول عضوية إسرائيل في المنظمة الدولية، والتي استمرت في ممارساتها لطرد الفلسطينيين، ومنع عودتهم ومصادرة ممتلكاتهم بعد صدور القرار، في ظل انعدام النية والرغبة لردعها من قبل هذه المنظمة والمتحكمين في قرارها. تآمر المجتمع الغربي والقوى الاستعمارية على الفلسطينيين، عندما اتفقوا على اصدار قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة في العام 1947، رغم عدم صلاحياتها البت في مثل هذه القضايا، فاقرار ذلك القرار كان الشرارة التي أطلقت جرائم المنظمات الصهيونية ضد الفلسطينيين، كما تثبت الوقائع. وليس هناك حاجة لاثبات تحيز هذه المنظمة الدولية، التي يعد تحقيق الأمن والسلم الدوليين السبب الرئيس من وجودها، فجاء أولى تحركاتها لتفعيل نظام الأمن الجماعي ضمن الفصل السابع الخاص باستخدام القوة، على ندرتها، لردع الجيوش العربية التي تحركت لنجدة الفلسطينيين في العام 1948، وقبلت عضوية دولة اسرائيل بعد الاعلان عن قيامها مباشرة، رغم حيثيات ظهور هذه الدولة.

اليوم وبعد أكثر من سبعة عقود على عملها، فاق عدد اللاجئين الفلسطينيين الخمسة ونصف مليون لاجئ مسجل على قوائم الأونروا، رغم أن عددهم أكثر من ذلك، فنصف الشعب الفلسطيني يعيش خارج أرضه. ولاتزال إسرائيل تتنكر لجريمتها وترفض تطبيق قرار 194، الذي يدعو لعودة اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم، فاستعدت خلال جولات مفاوضاتها مع الفلسطينيين، للقبول بعودة أعداد منهم إلى أراضي السلطة الفلسطينية، ولبضعة آلاف منهم لأراضيهم لأسباب انسانية بشكل متدرج زمانياً، كما اشترطت في موضوع التعويض ربط ذلك بقضية تعويض اليهود الذين تركوا الدول العربية خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، للهجرة لـ "إسرائيل"، مع التأكيد على عدم تحملها عبء التعويض، مقترحة انشاء صندوق دولي لهذا الغرض. وتستمر "إسرائيل" باحتلالها للاراضي الفلسطينية وخرق القواعد الدولية في تعاملها مع الفلسطينيين، وترفض تنفيذ أي من قرارات للشرعية الدولية، متحصنة بدعم أميركي وغربي مطلق، على جميع الأصعدة، وعلى اعتبار أن "إسرائيل" تنتمي للحضارة الغربية، رغم وجودها في الشرق الأوسط. فالولايات المتحدة صاحبة الاستخدام الأكبر للفيتو في مجلس الأمن، تضع على عاتقها مسؤولية حماية "إسرائيل" من صدور أي قرار من المجلس على غير مصلحتها.

بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، الذي لم تنفذ بنوده ولم تلتزم بها "إسرائيل"، بقي الفلسطينيون عملياً يرزحون تحت الاحتلال. تعاونت الولايات المتحدة مع "إسرائيل" طوال السنوات الماضية لافرغ اتفاق أوسلو من مضمونه، وحسم قضايا الحل النهائي، التي حددها الاتفاق، ومنها قضية اللاجئين، لصالح "إسرائيل". بدأت الإدارة الأمريكية تتنصل من الاقرار بحق الفلسطينيين في العودة لديارهم، بعد توقيع اتفاق أوسلو في عهد الرئيس بيل كلنتون، فامتنعت ادارته في عامها الأول عن التصويت لصالح قرار الأمم المتحدة رقم 194 لأول مرة منذ صدوره، والذي يجري التصويت عليه سنوياً، وصوتت ضده فى عامها الثاني، مؤكده أن القرار لم يعد مرجعية للحل بعد توقيع أوسلو، حيث قبل كلنتون بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضي الدولة الفلسطينية فقط، وليس للأراضي التي هجروا منها. في تطور آخر للموقف الأميركي، دعت ادارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش في خارطة الطريق التي وضعتها للفلسطينيين والاسرائيليين، لحل منطقي ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين، في ظل اعترافها بيهودية إسرائيل، وذلك لأول مرة من قبل إدارة أميركية، الأمر الذي حسم موقف الولايات المتحدة بانكار حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهو ذات الموقف الذي تمسك به الرئيس باراك أوباما بعد ذلك.

وفي تطور نوعي آخر، تبنت إدارة الرئيس دونالد ترامب الموقف الاسرائيلي بعدم احتساب الأعداد الحقيقية للاجئين الفلسطينيين، والاكتفاء باحتساب من بقي منهم حياً، وانكار صفة اللاجئ عن أبنائهم وأحفادهم، الذين ولدوا في بلد اللجوء. كما تبنت تلك الادارة في صفقة القرن التي طرحتها موقف "إسرائيل" باقران قضية تعويض اللاجئين الفلسطينيين بتعويض اليهود الذين خرجوا من الدول العربية للهجرة لإسرائيل. وأوقفت ادارة ترامب من بين عقوبات أخرى الدعم الأميركي عن الأونروا، والذي يشكل ثلث ميزانيتها، وعرضت استمرار عمل الوكالة للخطر. ورغم اعلان ادارة الرئيس جو بايدن تراجعها عن السياسات التي تبنتها الادارة السابقة تجاه الفلسطينيين، وهو الأمر الذي لم يتحقق عملياً، الا فيما يتعلق باعادة المساعدات المخصصة للفلسطينيين، بما فيها تلك المحددة للاونروا، الا أن الادارة الجديدة تبنت مقاربة الإدارة السابقة تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين، فوافقت على اعادة مخصصات الأونروا المالية ضمن شروط، عكسها اتفاق اطار، يحد من عدد اللاجئين، ويقيد التوظيف والتعاون وتقديم الدعم على أساس قواعد محاربة الإرهاب الأميركية، ويفرض تدخلاً في محتوى المواد التعليمية في مدارس الوكالة.

إن قضية اللاجئين الفلسطينيين قضية سياسية، ترتبط ارتباط اصيلاً بباقي قضايا الاساسية الأخرى التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، والتي لا يمكن حلها الا مجتمعة، في ظل تطبيق حق تقرير المصير، لشعب عانى من الظلم والصمت الدولي لعقود عديدة.



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسيّرات.. ما بين أوكرانيا وإسرائيل
- منظمة التحرير الفلسطينية في الذكرى ال 59: معطيات ونتائج
- الانتخابات الرئاسية التركية.. معطيات ومؤشرات مُحْدِّدة
- تطورات الصراع العالمي القطبي إلى أين؟
- هل تُغير غزة معادلات الردع مع الاحتلال؟
- ولا تزال النكبة مستمرة لكن إلى حين
- نتائج الانتخابات التركية المؤثرات والمتأثرات
- الانتخابات التركية إلى أين؟
- حرب أهلية في السودان
- هل تتغير معادلات الصراع في فلسطين؟
- التعديلات القضائية ونذير الانقسام في بنيان كيان الاحتلال
- قراءة في وقائع مؤتمر معهد أبحاث الأمن القومي الاسرائيلي
- في ذكرى الغزو الأميركي للعراق: دروس لو نتعلم منها
- عن فرص نجاح الاتفاق السعودي - الإيراني
- الواقع الذي يجب أن يقف أمامه الفلسطينيون اليوم
- مستقبل مبادرات التهدئة في الأراضي الفلسطينية
- مستقبل التحالف الأميركي الأوروبي
- الاستيطان وخدعة الدولة الفلسطينية
- بلينكن… غير مرحب بك عندنا
- الإسرائيليون: في ما بينهم الخطر الوجودي


المزيد.....




- فرنسا: إنقاذ 66 مهاجرا غير نظامي أثناء محاولتهم عبور المانش ...
- مصر.. والدا الرضيعة السودانية المقتولة بعد هتك عرضها يكشفان ...
- السعودية.. عمليات انقاذ لعالقين بسيول والدفاع المدني يحذر
- الغرب يطلق تحذيرات لتبليسي مع جولة جديدة من الاحتجاجات على ق ...
- فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران ...
- في الذكرى الـ10 لمذبحة أوديسا.. اتهامات لأجهزة استخبارات غرب ...
- ترامب يعلق على أحداث -كولومبيا- وينتقد نعمت شفيق
- نيبينزيا: مجلس الأمن الدولي بات رهينة لسياسة واشنطن بالشرق ا ...
- -مهر-: رئيس جامعة طهران يعين زوجة الرئيس الإيراني في منصبين ...
- ‏مظاهرات حاشدة داعمة لفلسطين في عدة جامعات أمريكية والشرطة ت ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - قضية اللاجئين الفلسطينيين بين التنكر والتحيز