أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد صلاح الدين - دراسة مكثفة حول -الالتفاف الامريكي والصهيوني على التيار الاسلامي في المنطقة-















المزيد.....



دراسة مكثفة حول -الالتفاف الامريكي والصهيوني على التيار الاسلامي في المنطقة-


عماد صلاح الدين

الحوار المتمدن-العدد: 1731 - 2006 / 11 / 11 - 08:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ نهايات القرن التاسع عشر والمنطقة العربية بشكل خاص والاسلامية بشكل عام هدف استراتيجي للاستعمار الغربي من أجل السيطرة عليها نظرا لماتتمتع به هذه المنطقة من خصائص جيو استراتيجية وما حباها الله عزوجل من ثروات وإمكانات طبيعية هائلة تأتي في مقدمتها الثروة النفطية التي تشكل المنطقة العربية ثلثي الاحتاطي العالمي منه ، لذلك ما فتئت الدول الاستعمارية التقليدية وخاصة الامبراطورية البريطانية والفرنسية في حينها من وضع المخططات والاستراتيجيات من أجل إحكام السيطرة على المواقع الرئيسة والمهمة فيها من ثروات وقنوات مائية وغيرها .

احتلال المنطقة العربية في أجزائها الرئيسية من أجل السيطرة على امكاناتها ومقدراتها لم يكن بالامر الكافي ، خاصة حينما يتعلق الحديث فيما بعد عن الديمقراطية الزائفة التي هي أحد أدوات الغرب في مواجهة العرب ، والتي أعتقد أنهم كانوا يضعون في اعتباراتهم منذ اتفاق سايكس بيكو بتقسيم المنطقة بريطانيا وفرنسيا ، هذا التقسيم الاقطاعي كان الضرورة الاولى استعماريا للتعامل العكسي مع طبيعة المنطقة التي تغلب عليها عناصر التوحد والتكامل وليس الانفصام والتجزئة ، ولذلك فإن الغرب الاستعماري وحتى يكرس هذا التقسيم والتجزيىء المخالف بالطبيعة لوضع المنطقة العربية أصدر وعد بلفور المشؤوم سنة 1917 الذي تصادف ذكراه السيئة هذه الايام ، وفي هذا الوعد أعطى الغرب الاستعماري فلسطين التي لايملكها للحركة الصهيونية السياسية التي لاحق لها فيها كوطن قومي لليهود ، ليكون الامر برمته إنعكاسا لمصالح استعمارية متبادلة ما بين الحركة الصهيونية الاستعمارية من جهة والغرب الاستعماري من جهة أخرى ، الصهيونية السياسية لم تضع في اعتبارها منطقة بعينها وإنما أية منطقة مناسبة يجمع فيها شتات اليهود في إطار ما يسمى بالقومية اليهودية .

في إطار ما سبق ذكره هنالك خطران حقيقيان على الكيان الصهيوني والمصالح الغربية الاستعمارية في المنطقة العربية والاسلامية بشكل عام ، الخطر الاول: هو المشروع القومي العربي ، الخطر الثاني: هو المشروع الاسلامي ، لذلك وفيما يتعلق بالخطر الاول وهو القومي رأينا كيف أن فرنسا وبريطانيا وإسرائيل وبتخطيط من الولايات المتحدة الامريكية عملت على مواجهة المشروع الناصري للوحدة العربية في إطار المشروع القومي ، لأن متطلبات هذا المشروع تتعارض مع غرض الهيمنة الاستعمارية وبالتحديد حينما قام جمال عبد الناصر بالعمل على تأميم القناة وما تلا ذلك من عدوان ثلاثي على مصر سنة 1956 والذي انتهى أي" هذا العدوان " بالفشل سياسيا وإن كانت مصر لم تربح المعركة بالمعنى العسكري الخالص .

الرئيس جمال عبد الناصر في إطار مشروعه القومي العربي المحض دون ربطه بالتوجه والبعد الاسلامي بالاستناد إلى طبيعة التكليف الرباني للجغرافيا والديمغرافيا العربية ممثلة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والجزيرة العربية كانت امكانية مقارعة مشروعه ومحاولة الالتفاف عليه من قبل القوى الغاشمة أمرا ممكنا .

ولذلك في حرب ما تسمى بالأيام الستة تلقت مصر والامة العربية معها هزيمة نكراء يتحسر المرء ويصاب بوعكة من جراء تذكرها ، الخسارة في الحرب لم تكن بالمناسبة خسارة بفعل ميزان القوى بين إسرائيل ومصر ومعها عدد من الدول العربية ، على العكس تماما من يرجع إلى الاحصائيات التسليحية المتعلقة بإمكانية كل طرف سيجد بأن مصر لوحدها كانت على الأقل تتفوق على إسرائيل من جهة الكم بالنسبة للطائرات المقاتلة والآليات البرية وبخاصة سلاح الدبابات ، المشكلة أن عبد الناصر وإن كان وطنيا وقوميا إلا أن هذه الوطنية والقومية تجردت عن البعد الاسلامي المطلوب والذي بدونه لا ينحقق امتلاك الامة لذاتها وبالتالي استقلالها ، سأسوق في هذا السياق دليل. في شهر أيار من عام 67 نفسه أراد عبد الناصر مهاجمة اسرائيل ، حتى إن فرحة الجنود والطيارين المصريين بلغت ذروتها ، لكن الاتحاد السوفيتي سابقا حينما علم بالامر ، طلب من القيادة المصرية إلغاء الهجوم حتى تلقي الضربة الاولى ، لقد عقب أحد القادة العسكريين على هذا الالغاء بقوله " ده الشباب بتنطوطه من الفرحة عشان كنا بدنا نضرب إسرائيل "، وانتظرت مصر بالفعل الضربة الاولى والتي كانت القاضية ، هذا هو البعد القومي المجرد من معنى الرسالة الاسلامية التكليفية ، أصدقكم القول أن عبد الناصر لم يكن لديه والحالة هذه استراتيجية عقدية وسياسية وفوقها عسكرية يراد منها تحرير فلسطين ، وهذا الامر تحدث عبد الناصر عنه بطريقة ربما غير مباشرة .

الإلتفاف على مشروع القومية العربية :
أدت حرب رمضان سنة 73 إلى نوع من الانتصار الجزئي لمصر وحليفتها سوريا ، وبغض النظر عن ما إذا كانت هذه الحرب جدية او تحريكية ، إلا أنه من المهم أن نعرف أن الغرب الاستعماري ومشروعه الصهيوني في حال إذا ما شعروا أن الطرف الذي في مواجهته قد حقق نوعا من الانتصار أو الوعي والادراك في سياق مرحلة من المراحل ، فإن الغرب الاستعماري والصهاينة يلجأون إلى أدوات الالتفاف وتهدئة الجبهات هنا وهناك وتحييد بعض المواقع والمعاقل خشية منهم من حالة مراكمة الانجازات سواء على صعيد النصر العسكري أو على صعيد الوعي والادراك في الشأن العربي .

لذلك فإن الولايات المتحدة الامريكية ومن خلال وزير خارجيتها الاشهر هنري كسنجر استطاع أن يقنع القيادة المصرية عام 77 بشأن التصالح مع إسرائيل وإقامة السلام معها والذي ترجم عمليا من خلال كامب ديفيد سنة 79 والذي سبقته زيارة السادات المفاجئة للقدس ، وبهذا استطاعت امريكا ومعها اسرائيل أن تلتف على المشروع القومي الوحدوي من خلال تحييد الركيزة الاولى في اعمدة البيت العربي ، نعم أرادت أمريكا وإسرائيل تحييد القطر المصري من أجل التفرغ للمقاومة الفلسطينية ولمنظمة التحرير في لبنان حتى تتم هزيمتها واذاعانها للمطالب الاستعمارية الامريكية واداة الاستعمار في المنطقة "اسرائيل" ، وبالتأكيد بهذا التحييد حققت أمريكا وإسرائيل الهزيمة لعرفات في لبنان حتى اضطر عنها راحلا سنة 83 إلى تونس ومن ثم حتى الضغط عليه ومنظمة التحرير من قبل الانظمة العربية وغيرها وصولا لتلبيته وقبوله للشروط الامريكية والاسرائيلية المعروفة ، لذلك فإن ما جرى من اتفاقات مع منظمة التحرير والاردن سنتي 93 , 94 على التوالي كان أمرا طبيعيا بسبب عملية التحييد التي مررت على مصر الشقيقة وأيضا حتى لاننسى ضرب العراق وكسره مبدئيا من قبل التحالف الدولي الذي قادته أمريكا في فاتحة العقد الاخير من القرن الماضي.

ضرب العراق وعملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية كانت فاتحة الشروع بتجزيىء المجزأ على المستوى القطري والوطني ، إنها حالة من التطور الاستراتيجي للولايات المتحدة في التعامل مع المنطقة نتيجة لحالة الجشع والبشع الذي وصلت اليه الشركات والكارتيلات العالمية ، والتي حذر من عواقبها دوايت ايزنهاور الرئيس الامريكي السابق في العام الاول من ستينيات القرن الماضي في خطبة التسليم الرئاسي لخلفه جون كنيدي .

أحداث الحادي عشر من ايلول 2001 المبرر الامريكي والصهيوني الظاهر لتجزئة المجزأ والقضاء على التيار الاسلامي في المنطقة تحت مسمى " الحرب على الارهاب" :

برأي المتواضع أنه حتى لو لم تحدث أحداث ايلول عام 2001 ، وبغض النظر إن كان الذي نفذها تنظيم القاعدة أو ان هنالك مؤامرة بشأنها من قبل الصهاينة والمحافظين الجدد ، فإن المشروع الامريكي والغربي الاستعماري وأداتهما إسرائيل في المنطقة كانوا جميعا ماضيين وعازمين على تحقيق أهدافهما في السيطرة والهيمنة ، فضرب افغانستان والعراق أمران لابد منهما وفقا لرؤيتهم واستراتيجيتهم ومصالحهم وهذا كله مرتبط في المقام الاول بالسطرة على النفط والثروات بالاضافة إلى أغراض أخرى منها تجريب الاسلحة الجديدة في لحوم وممتلكات العرب والمسلمين ، وكانت عملية ضرب والقضاء على إيران وسوريا وحزب الله وحماس وغيرهم آتية في طريقها حسب تصورهم ، وإخضاع ورسم المنطقة برمتها حسب المنظور الامريكي والصهيوني أيضا مخطط له ، لكن الذي حدث على أرض الواقع كان مخالفا ومعاكسا إلى حد كبير ما تشتهيه الرياح الامريكية والغربية والصهيونية ، فالمشروع الامريكي يإيجاد ديمقراطية حسب المقاس الاستراتيجي لمصالحها في المنطقة قد فشل ، فالعراق أريد له حالة من التشتيت العرقي والمذهبي من أجل الإمعان في السيطرة على ثرواته وفي مقدمتها النفط ، لكن هذا التفتيت والتشتيت لم يحقق الغرض المطلوب أمريكيا وغربيا وصهيونيا باتجاه الدويلات العرقية الضعيفة ، بل إن الحالة العراقية التي فرضتها أمريكا وحلفائها من عراقي المنطقة الخضراء كانت نارا على الجميع ولم تغادر ولم تستثني أحدا ، فتحقيق حالة الامن وضبط الاوضاع باتت من المعجزات التي تعجز أمريكا وحلفائها على تحقيقها فضلا عن أن تقوم بها حكومة المالكي وجيشه الميليشيوي .

أما في افغانستان فالتعثر الامريكي ومعه قوات الناتو واضح جدا ، فالتقارير الامريكية نفسها تتحدث عن تنامي قوة طالبان وعن كثرة الاستهدافات والعمليات العسكرية ضد قوات الناتو ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن النفور الشعبي تجاه حكومة كرزاي الفاشلة التي لم تحقق وعودها هي والامريكان بشأن حالة الرفاه والاستقرار والامن التي حدثوا عنها الافغانيين كثيرا ، في مقابل ذلك فان شعبية طالبان عادت لتعود إلى زخمها وامتدادها الشعبي لاسيما في منطقة قندهار إحدى أهم المدن الافغانية وأكبرها .

أمريكا حاولت تغيير الجبهات لصنع الانتصارات على المشروع الاخطر لبث الرعب في قلب عدوها الاصغر :
رغم فشل امريكا في العراق وافغانستان إلا أنها كان لديها اعتقاد عسكري أن حزب الله وإيران وسوريا لازالوا لم يخرجوا عن النمط المعروف والمهزوم للحروب العربية الاسرائيلية والأمريكية العربية أيضا ، وبالتالي حسب اعتقادها كانت ترى أنه بالامكان تحطيم هذه القوى لمنع خطرها المستقبلي على مصالح امريكا في المنطقة وعلى قدرة أداتها"الكيان الصهيوني" في السيطرة على فلسطين وفي العمل من أجل المصالح الامريكية باعتبارها الاداة الاستراتيجية الخاصة للامريكيين والعامة للغرب ، وأيضا من جانب آخر لمحاولة إرعاب وإرهاب قوى المقاومة في العراق وافغانستان وفلسطين وبالتحديد للتمهيد المستقبلي المنظور من اجل القضاء على النفوذ الايراني الشيعي في العراق.

وعلى هذا قرر الامريكان للصهاينة مهاجمة حزب الله اللبناني رأس الحربة الاولى من حركات المقاومة في المنطقة في مواجهة المشروع الامريكي والصهيوني في منطقة ما يسمى بالشرق الاوسط ، هذا التخطيط والاعداد للهجوم على حزب الله كشفه صحافيون في تقاريرهم من بينهم الصحافي الامريكي الشهير سيمور هيرش .

كان من المقرر وحسب التوقع الامريكي والصهيوني أن يؤدي الهجوم الاسرائيلي على لبنان إلى الحاق الهزيمة بحزب الله خلال عشرة أيام أو أكثر من ذلك بقليل على أقصى تقدير ، وكان التخطيط يجري على أن تكون هزيمة حزب الله فاتحة حرب اقليمية تشرك فيها إيران وسوريا، ستضطرإليها الاخيرتان بفعل التحالف السياسي والعقدي ما بين الاطراف الثلاثة إايران ، سوريا وحزب الله ، وكذلك بسبب الوقائع التي سيفرضها الهجوم وما يتمخض عنه من هزيمة لحزب الله وبالتالي ليتحقق الهدف الامريكي في مواجهة وهزيمة الخطر السوري والمنبع الاخطر لمحور الممانعة والصمود "الجمهورية الاسلامية الايرانية" .

لكن الذي جرى على ارض الواقع من صمود اسطوري لحزب الله قلب المعادلة رأسا على عقب ، هذا الصمود الاسطوري هو إحدى ثمار العقيدة المقترنة بالعلم والعمل ، العقلية العربية المتأثرة جدا بالهزائم وعلى وجه الخصوص الانظمة الرسمية ما كانت تتوقع أن يخرج حزب الله صامدا ومنتصرا ، والامريكيون والصهاينة أيضا توقعوا عكس الذي حدث من صمود وانتصار في سياق ما تعود عليه من هزائمنا وانكساراتنا العديدة في مواجهتهم ، أنا شخصيا كعربي متاثر بالهزائم والانكسارات , لم أكن أتوقع هذا الصمود والانتصار الغريب علينا في الوقت المعاصر الذي تحياه الامة ، ولذلك مع بداية الحرب كنت قد أطلقت دراسة استراتيجية عنونتها ب " الحرب الاقليمية في المنطقة باتت مسألة وقت " ، نعم في إطار المعطيات العربية والاسلامية التي تعودنا عليها ، كنت أتوقع أن حزب الله سيصمد إلى حين قريب ، ومن ثم بفعل إمدادات السلاح الايراني للحزب عن طريق سوريا ، ولأن إيران في سياق استراتيجيتها التحالفية العقدية والسياسية مع الحزب لم تكن أبدا لتسمح بأن يهزم ويقضى عليه ، ولذلك توقعنا أن تعمد إسرائيل في سياق الخطة الامريكية لها أن تضرب سوريا بحجة إمداد السلاح وتحت إغراء هزيمة حزب الله ، وفي حال ضرب سوريا بناء على افتراضي السابق ، فإن إيران ستدخل المعركة لأنها ستدرك حينها أنها لايمكن أن تبقى وحيدة وأنها الهدف التالي المباشر، لذلك كنا نسمع في حينها أي "وقت الحرب" وعلى لسان القيادة الايرانية بأنها ستتدخل إذا ما ضربت سوريا ، وسوريا أيضا وفي كل الاحوال كانت ستدخل الحرب في حال قارب حزب الله من نقطة الحرج ، ألم نسمع وقتها وزير الخارجية السوري وليد المعلم يقول في زيارته للبنان وقت الحرب في اجتماع وزراء الخارجية العرب " أهلا وسهلا بالحرب الاقليمية " .

أمريكا وإسرائيل تغير الأدوات من المواجهة مع التيار الاسلامي في المنطقة إلى محاولة الالتفاف عليه :

أمريكا وأسرائيل وبعد الهزيمة لمخططهما الذي كان من المفترض أن تكون بدايته في لبنان ، عادت إلى أسلوب الالتفاف والتحييد والتقييد وطرح مشاريع الفتن في المنطقة ، فما لاتستطيع عليه القوة العسكرية المباشرة مع محور المقاومة والممانعة في المنطقة دفعة واحدة بطريقة التصعيد ، تحاول فرضه والوصول إليه من خلال طرق الالتفاف والاحتيال والتحييد السياسي والعسكري القذرة .

أسلوب الالتفاف على التيار الاسلامي في المنطقة بعد الهجوم على لبنان الأخير كالتالي :

- أمريكا وإسرائيل أرادتا تحقيق أغراضهما وأهدافهما بالطرق السياسية التي عجزت عن تحقيقها بالوسائل العسكرية ولذلك عمدتا وبإسناد أوروبي وعربي وضغط داخلي لبناني من قبل فريق 14 شباط إلى إاصدار قرار من مجلس الامن وهو القرار 1701 ، وكان غرض هذا القرار أمريكيا وإسرائيليا هو تقييد وتحييد حزب الله من أية مواجهة مستقبلية مع إيران وحليفتها سوريا ، صحيح أن القرار ليس للتطبيق من ناحية نزع سلاح حزب الله ومنع تدفق السلاح عليه من إيران عبر سوريا ، لكن الوضع الحالي في جنوب لبنان حيث قوات اليونيفيل المعززة وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب ، وحديث فريق 14 شباط الذي لاينفك عن سيادة لبنان وعدم استخدامها لنزاعات اقليمية ، ربما يؤدي إلى حالة من التضييق على حزب الله في التدخل إذا تم الاعتداء على سوريا أو إيران .
- في الشأن الفلسطيني عمدت أمريكا ومعها إسرائيل وبريطانيا والاتحاد الاوروبي إلى محاولة تحييد حماس والجهاد وغيرها من حركات المقاومة عبر فرض التهدئة على الساحة الفلسطينية ، وفي هذا السياق أوفد الرئيس بوش موفده رئيس الوزراء البريطاني توني بلير لمهمة التهدئة هذه ، هذه التهدئة كان لها ثمن مطلوب دفعه أمريكيا وصهيونيا بفعل حالة الانكسار والهزيمة في لبنان ونتيجة لصمود المقاومة في فلسطين وأسرها لجلعاد شليط ، بل إنه بعبارة أوضح ثمن مطلوب للتعديل في التكتيكات الخادمة للغرض والهدف الاستراتيجي الذي لاتريد أمريكا والصهاينة ولفيف من الغرب الاستعماري التراجع عنه ، هذه التهدئة التي كان عنوانها قبول الاتحاد الاوروبي وأمريكا وإسرائيل بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية مع التحفظ من قبلهم على بعض بنودها بالاضافة إلى ماكان يفترض أن تاتي به التهدئة من تبادل للاسرى ورفع الحصار المالي والسياسي المفروض على الشعب الفلسطيني وحكومته ، نعم هذا هو ثمن التعثر الامريكي والصهيوني في المنطقة ، ولكنه ثمن مؤقت من وجهة النظر الامريكية والصهيونية إلى حين فطبيعة المرحلة تفرض ذلك . لكن لماذا تعطلت قضية التهدئة على الساحة الفلسطينية ؟ السبب في ذلك أن أمريكا والصهاينة استطاعت أن تلعب على التناقضات الداخلية الفلسطينية والعربية العربية ، لاشك أن هنالك اختلاف ليس ببسيط بين الأفرقاء الفلسطينيين وهو أن هنالك تيار الحل الفلسطيني القابل بالشروط الامريكية والاسرائيلية ويريد أن يفرضها على حماس وعلى الشعب الفسطيني ، ولذلك فإن تيار الحل الفلسطيني من الناحية الموضوعية هو أقرب إلى أمريكا وإسرائيل ومطالبهما وبالتالي تعطلت الصفقة أو التهدئة بانحياز تيار الحل إلى ما تريده أمريكا وإسرائيل وبالتالي هم وفروا على امريكا واسرائيل الثمن الذي يراد دفعه ولو مؤقتا ، أما بالنسبة للانظمة العربية الرسمية فالخلاف لديها حول الموضوع الفلسطيني هامشي فهم موافقون على الشروط الامريكية والاسرائيلية ، لكن بعض هذه الانظمة وبعد تجربة لبنان والانتصار الذي حققه حزب الله أرادت أن تحدد مرجعية واضحة للمطالبة بالحقوق الفلسطينية المتمثلة بإقامة دولة على حدود أل67 مع التسليم بالطبع بالاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والارهاب " تجريم المقاومة" والقبول بالتطبيع الكامل وغيره ، هذه المرجعية كانوا يريدونها من خلال قرار من مجلس الامن ، لأن ترك الامر فقط لمرجعية التفاوض المباشر قد ثبت عقمه ، لكن المثلث العربي السعودي والاردني والمصري رفضوا ذلك وقالوا إن المرجعية هي للتفاوض فقط ، وهذا ليس غريبا على هذا المثلث فهو في مقدمة الوكلاء اللذين ينفذون المهمة ، نعم هذا المثلث فقط يقبل بما يقبل به الامريكيون والصهاينة ، فما دام أن أمريكا وإسرائيل ترفض الرجوع إلى مجلس الامن كمرجعية للحل ، وكذلك المثلث العربي لايخالف لهم رأي

- العدوان على بيت حاون والقطاع حلقة من حلقات الالتفاف : بعد ما فشلت الجهود المبذولة لاخضاع الحكومة الفلسطينية بقبولها بالشروط الامريكية والاسرائيلية ووصل هذا الفشل حتى بأداة الانقلاب عبر الاضراب المفتوح والمواجهة الميدانية التي راح ضحيتها أكثر من مئة شهيد وجريح ، تعمد إسرائيل الآن وبموافقة أمريكية مسبقة ومعلنة وتواطىء فلسطيني محلي بالشروع في العدوان على قطاع غزة وبالتحديد هذا الذي يجري الآن في بيت حانون حيث الشهداء بالعشرات والجرحى بالمئات ، هدف هذا العدوان هو إسقاط الحكومة الفلسطينية أو إيصالها على الاقل إلى مرحلة التسليم بالشروط والمطالب الامريكية المعروفة ولو بطريقة غير مباشرة عبر مصطلحات ومفردات سيصطلح عليها تيار الحل الفلسطيني وأعوانه ، الذي يجري في بيت حانون هو بداية فصل يراد تطبيقه على قطاع غزة من أجل كسر شوكة حماس العسكرية وما تشكله من تهديد استراتيجي لأمن الكيان الصهيوني ، ولذلك تتناقل الاخبار بأن هنالك وفد أمني من الضباط الامريكيين على تخوم غزة يخططون لاجتياح القطاع باكمله نظرا لما يرونه خطرا استراتيجيا على أمن اسرائيل لايمكن السكوت عليه والتغاضي عنه ، نعم يراد كسر شوكة حماس وتحييدها واخضاعها لمنهج التسوية الامريكي والاسرائيلي بحيث لايكون لها أي اثر في المواجهة القادمة ضد التيار الاسلامي في المنطقة ، الرئيس عباس ومصر والاردن على علم وتنسيق مع اسرائيل وامريكا حول مخطط القضاء على شوكة حماس في غزة ، فحين جرى الحديث عن نشر 5000 آلاف جندي مصري على الحدود مع غزة لم يخجل احد القادة المصريين المتقاعدين والذي يرأس الآن إحدى مراكز الابحاث من القول من على منبر الجزيرة في لقاء جمعه مع الدكتور عزام التميمي بأن هنالك تنسيق بالقطع مع اسرائيل وعباس ونسي فقط أن يقول مع أمريكا حول نشر الجنود المصريين ، نشر الجنود المصريين لحماية من يا ترى ؟ ! , أما الرئيس عباس فلا أعرف ما حاجته الآن إلى قوات بدر وأل 1500 قطعة سلاح التي جرى الاتفاق بينه وبين أولمرت من أجل ادخالهم وسلاحهم مؤقتا إلى قطاع غزة ، يقولون إن المصادر الفلسطينية تقول إن الرئيس بحاجة إلى هذه القوات لضبط الامن ومحاربة الفلتان الامني ومنع إطلاق الصواريخ ،أنا لا أعرف من الذي يمارس الفلتان الامني غير جماعة الرئيس ودحلان ، حاجة الرئيس الى قوات بدر هو من أجل استلام الامور في قطاع غزة بعد القضاء على المقاومة وحماس على وجه التحديد من قبل إسرائيل ، وبالتالي فرض الذي تريده امريكا واسرائيل في إطار المعازل الكانتونية، الحديث عن إدخال قوات بدر إلى قطاع غزة منشور في الصفحة الاولى من جريد القدس الفلسطينية المحلية السبت 4 – 11 – 2006 ., هم يتوقعون أن يتم تحييد حماس من المواجهة المستقبلية عبر القضاء عليها عسكريا بسبب اختلاف ومفارقة الامكانيات العسكرية والتنظيمية بين حماس وحزب الله ، لكنهم واهمون لأن المقاومة الفلسطينية لديها من التجارب ما يكفي ، وهي وبالتحديد أي حماس ليست ممن يركن إلى وهم السلام كعباس ومن معه ، فحماس لم تتوقف عن الاعداد والتجهيز لحظة واحدة
- تحاول أمريكا ودول تحالفها في العراق الهروب من مسؤولية الفوضى العارمة في العراق وحالة الذبح الطائفي وعدم الاستقرار بإلقاء تبعة المسؤولية على حكومة المالكي ، أمريكا فعلا جادة في مسعاها للهروب من العراق بفعل الموجود على أرض الواقع وثانيا لأنها تريد فعلا التخفيف قدر الامكان من أعبائها الموزعة في أكثر من مكان من أجل التفرغ للقضاء على إيران وبرنامجها النووي التي تعتبر الدولة الاخطر على أمريكا وإسرائيل ، وهي أيضا بهذا تريد تحييد المقاومة الاسلامية في العراق والابتعاد عن نيرانها وعن المواجهة معها في المواجهة المقبلة.
- أما في أفغانستان فتحاول أمريكاأيضا تخفيف الاعباء عنها عبر اشراك الناتو مؤخرا ومحاولة الضغوط على مشرف وتوريطه بمحاربة الإسلاميين من القاعدة وطالبان وغيره ، أيضا هذا لتحييد جزء من المقاومة هناك عن الامريكيين وقواتهم وحلفائهم ، كل ذلك بسبب المشروع الاخطر في المنطقة إيران ومن حالفها من سوريا وحزب الله.

خاتمة:
بناء على ما تقدم ، فهل تستطيع أمريكا وإسرائيل وحلفاؤهم ومن والوهم من الغرب والعرب أن يلتفوا بالطرق القذرة على التيار الاسلامي الصاعد في المنطقة العربية والاسلامية ؟

برأي لا أعتقد ذلك ، لأن نجاحهم في ذلك مع التجربة الناصرية والقومية لايقاس عليها مع التيار الاسلامي في المنطقة ، ذلك لأن أهم ما يتصف به هذا التيار هو أولا الجانب العقائدي فيه ومن ثم انبثاق الرؤية والاستراتيجية من هذا الجانب أولا ، ثم إن الجانب العقدي في الاسلام فيه ميزة مهمة جدا في سياق البناء الاسلامي المراد ، هذه الميزة تتعلق بالاستقلالية وعدم الارتهان لأي طرف مهما كان من عرب أو غرب ، فالبوصلة الموجهة له هو تحقيق الهدف الاستراتيجي أولا المتعلق بتحرير هذه الامة ومن ثم استقلالها للتهيأ فيما بعد للقيام بالدعوة العالمية والانسانية التي كلفت بها ديمغرافيا وجغرافيا المنطقة العربية ابتداء من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، لذلك لا يظنن أحد من أمريكان أو صهاينة أو حتى عرب أنه بإمكانه العمل على تشتيت وتفتيت وحدة التيار الاسلامي تحت التذرع بمسميات السيادة الوطنية والقرار المستقل وغير ذلك ، إنها أمة واحدة شاؤوا ذلك أم أبوه .

إن محاولة الامريكان والصهاينة تحييد الجبهات وفرض القيود عليها سواء بالوسائل السياسية كما في لبنان أو العسكرية كما يجري الآن في فلسطين من محاولة لكسر شوكة حماس في غزة و التي تجري الان على قدم وساق في بيت حانون حيث الشهداء والجرحى بالعشرات والمئات ،أو محاولة الامريكان وحلفائهم للهروب والتهرب من المسؤولية عن الفوضى والدمار والخراب الذي جلبوه إلى العراق وكذلك الامر في محاولاتهم البائسة للالتفاف على التيار الاسلامي في افغانستان والصومال وفي السودان ، هذه كلها محاولات بائسة لسببين أولهما : أن التيار الاسلامي وحركاته ودوله المقاومة والممانعة لن تهزم وهي قادرة على المقاومة والصمود فالنجاح حالف حزب الله في لبنان وأيضا سيحالف المقاومة في غزة بإذن الله ، أما السبب الثاني وهو أن التيار الاسلامي بكافة تشكيلاته لن يستمع ولن يلتفت إلى الدعوات والمبررات المختلفة من سيادة لبنان وعدم العمل لاطراف اقليمية أو القرار الفلسطيني المستقل في فلسطين أو غير ذلك إذا ما تم الاعتداء على الجانب المعول عليه والاستراتيجي في جسم الامة العربية والاسلامية .

لذلك فلايتعب أعداء الامة انفسهم بأساليب الالتفاف والتحييد هنا وهناك ، فهذه المنطقة لم تنتصر ولم تتوحد إلا بالاسلام ، إبتعادها عن الاسلام معناه أن ذلها مضاعف جدا ، وقربها منه معناه أن عزها ومجدها أيضا مضاعف جدا ، وهذا هو السر في التكليف الرباني للمنطقة العربية بجغرافيتها وديمغرافيتها.



#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انهاء وجود السلطة .... كيف يكون؟؟
- حكومة الاعتراف الموحد باسرائيل!!
- جولات عباس فقط ضد الحكومة وحماس!!
- أثر كشف المستور في صحوة من في القبور!!
- بمناسبة اليوم العالمي للفقر
- خطورة توطين لاجئي مخيم الرويشد في كندا؟؟
- ليعلن هنية عن استعداده لمناظرة عباس!!
- من الخاسر الاول من افشال تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية؟!
- عباس بين لفني و رايس بشأن الموقف من حماس
- رسالة عاجلة الى الاخوان
- سر افتتان عباس بالاعتراف باسرائيل
- عباس وفتح لديهما الحل!!
- إنهم يبذلون كل جهد لاخراج امريكا واسرائيل من مأزقهما !!
- في استطلاعاتنا المسيسة : عبد ربه قد يفوق في شعبيته هنية
- امريكا واسرائيل والغرب حسموا الامر وعباس يناور داخليا!!
- ما السر في قبولهم الان بحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية؟!!
- باختصار شديد : هم يريدون ان تعترف حماس باسرائيل
- عباس اذ يريد ان يقيل حكومة حماس
- في نقض مزاعم الذين يطالبون الحكومة الفلسطينية بالرواتب
- القضية الفلسطينية وتقصير الاخوان المسلمين بحقها


المزيد.....




- وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع ...
- -البعض يهتف لحماس.. ماذا بحق العالم يعني هذا؟-.. بلينكن يعلق ...
- مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية (صور+ ...
- سماء غزة بين طرود المساعدات الإنسانية وتصاعد الدخان الناتج ع ...
- الناشطون المؤيدون للفلسطينيين يواصلون الاحتجاجات في جامعة كو ...
- حرب غزة في يومها الـ 204: لا بوادر تهدئة تلوح في الأفق وقصف ...
- تدريبات عسكرية على طول الحدود المشتركة بين بولندا وليتوانيا ...
- بعد أن اجتاحها السياح.. مدينة يابانية تحجب رؤية جبل فوجي الش ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن عدد الضحايا الفرنسيين المرتزقة ف ...
- الدفاعات الروسية تسقط 68 مسيرة أوكرانية جنوبي البلاد


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد صلاح الدين - دراسة مكثفة حول -الالتفاف الامريكي والصهيوني على التيار الاسلامي في المنطقة-