سُلاف رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 1728 - 2006 / 11 / 8 - 11:09
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
منذ ُ اليوم الذي بدأت فيه أشعرُ بأن عودة أبي الينا ثانية مستحيلة ( رغم أنني كنت
أ ُمني نفسي بعودته كل يوم ) كانت تراودني رغبة أن أرى صدام وأركان نظامه
وهم في حالة من الذل والهوان لا يحسدهم عليها أذل وأهون شخص في تاريخ البشرية ، وأعتقد ليست أنا وحدي منْ تراودها هذه الرغبة ،وإنما جميع من حرمهم
هذا النظام من أعزائهم ،وكنت ُ أرسم في مخيلتي صورا ًلتجسيد فرحي ، وفرح الاخرين الذين أفقدهم هذا النظام ُ أحبتهم ،وكنتُ أ سأ لُ نفسي ، هل تكفي الزغاريد وتوزيع الحلوى؟ أم الرقص وسط الشارع ؟ وهل تكفي أغاني الفرح ؟ أم إيقاد الشموع في كنائس الوطن كله ؟ وفي الحقيقة كنت ُ أتمنى أداء طقوس الفرح هذه كلها ، وكأن أبي يعود ُ حقا ً ، وعندما بدأتْ في الافق تباشير هذا الفرح ، بدى هذا الفرح بلا طعم ولا نكهة عراقية مثلما كنت أحلم به ، كان فرحا للاخرين ، ولم يكن لنا نحن الذين فقدنا أحبتنا ، أختفى صدام وبدأت مسرحية جديدة جمهورها كل الشعب العراقي من الشمال الى الجنوب يضحك ويبكي ويتألم ، وأختفى حلمنا في الفرح ، وجفت أنهار دموع الفرح في أعيننا ، وبدأت تورق شجرة القتل والموت من جديد ،
ويوم عثروا عليه في حفرة ٍ ، منيت ُ نفسي من جديد بفرحها المرتقبْ ، وبدأت أعيدُ
الى مخيلتي طقوس الفرح التي رافقتي طيلة أكثر من عشرين عاما ً ، ولكنني كنت على مايبدو غارقة في وهم الفرح ، وكان عليّ أن أدفنَ بقايا فرحي في دهاليز روحي
ولكنهم بدأوا بفصل جديد من المسرحية ، ربما أرادوا منا أن نضحك على هذا الدونكيشوت والذي هو في قبضتهم ويتوعدهم بالويل والثبور ، أو ربما كانوا يضحكون من سذاجتنا ، ونحن نغرقُ في دوامة من الحزن والاسى ، وصار القتلُ
يملأ ُ برائحته هواء الوطن ومياهه ُ ، وماعادت بنا طاقة للفرح ، لكثرة ما أنتظرناه
أن يأتي ، لقد مللنا الانتظار ، وبعد قرابة العامين رأينا ظل َ الفرح مرسوما بقرار قابل للنقض والتميز ، لقد أغتالوا الفرح وهو لم ينبت على جسده الزغب بعد ُ ، أغتالوا طقوسه كاملة ، ولشد ما حزنتُ عندما سمعتُ رئيس الوزراء يستثني عن عمد أبي ورفاقه الذين أستشهدوا على يدي الجلاد ، والحق أنني لا ولم أنتظر من المالكي ولا غيره أن يمنح وسام الشهادة لأبي ، ولكن كان عليه أن يتذكر الشهداء الشيوعيين ، لانهم بحق شهداء الشعب والوطن .
#سُلاف_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟